المناظرة بين عمرو موسى وأبوالفتوج دخلت التاريخ فهى الأولى من نوعها التى يشاهدها المصريون لكن أخشى أن تكون الأخيرة!! إن الاكتفاء بمناظرة اثنين من المرشحين دون غيرهما يعنى ببساطة حصولهما على فرصة أكبر للظهور الإعلامى، وتفضيلهما عن بقية المرشحين، وهو ما أخل بشرطى العدالة والمساوة بين المرشحين والناخبين. من جانب آخر فإن عدم تنظيم مناظرة جديدة يعد بمثابة إعلان مبكر بالفشل فى استكمال التجربة، التى تعتبر إحدى أهم آليات الانتخابات الرئاسية الديمقراطية. وأتصور أن مشكلة تنظيم مناظرات جديدة ترتبط بمخاوف المرشحين الباقين للإعادة، فقد حفل النقاش العام باستنتاجات وانطباعات متسرعة وتقييمات خاطئة عن المناظرة الأولى وتأثيرها الكبير، نتيجة عدم الاعتماد على استطلاعات موثوقة لقياس تأثير المناظرة فى آراء الناخبين. لا بد من تنظيم مناظرات جديدة وفى أقرب وقت ممكن، يشترك فيها مرسى وشفيق، مع الاعتماد على آلية جديدة فى التنظيم والإدارة تتنافى كل سلبيات وأخطاء المناظرة الأولى، وفى هذا السياق من الممكن الاستفادة وليس النقل من التجارب الأجنبية فى تنظيم وإدارة المناظرات، لأن لكل مجتمع خصوصيته وتجربته الديمقراطية التى تعكس أوضاعه التاريخية والثقافية، وقد لا ندهش مثلاً إذا عرفنا أن بعض الدول الديمقراطية تمنع المناظرات كما تمنع الإعلانات التليفزيونية المدفوعة للمرشحين، بينما ترحب الولاياتالمتحدة بالإعلانات والمناظرات، وقد صاغت تجربتها على أساس تشكيل لجنة من الحزبين الجمهورى والديمقراطى لتنظيم المناظرات cda، ويمكن أن نبتكر فى مصر تجربتنا الخاصة، ونناقش كيفية وضع آلية لتنظيم وإدارة المناظرات الرئاسية، وأقترح هنا: 1- سرعة تشكيل لجنة لتنظيم المناظرة والتوافق على شروطها تتكون من نقيب الصحفيين وممثل عن كل مرشح رئاسى. 2- أن تعمل اللجنة المقترحة على أسس غير ربحية فلا تلجأ لبيع حقوق بث المناظرات للقنوات التليفزيونية العامة والخاصة، أو بيع الوقت أثناء المناظرات لوكالات الدعاية والإعلان. وتلتزم اللجنة بإتاحة فرص متساوية وبالمجان لكل القنوات المصرية العامة والخاصة بتغطية وبث المناظرات بالمجان. 3- عدم تدخل اللجنة فى صياغة الأسئلة التى ستطرح على المرشحين، وأن يقتصر دورها على تلقى وتنظيم الأسئلة من المواطنين والإعلاميين، ويكون من حق اللجنة أو أغلبيتها الاعتراض على بعض الأسئلة ومنعها شرط إعلام الرأى العام عن نوعية تلك الأسئلة وأسباب رفض اللجنة لها. 4- أن يقتصر دور مدير المناظرة على طرح الأسئلة ومنح الوقت والتدخل لمراعاة احترام المرشحين للوقت المخصص لكل منهما، وفق نظام تحدده اللجنة. 5- إجراء مناظرتين على الأقل بين المرشحين للرئاسة، وعدم الاكتفاء بمناظرة واحدة قد تسىء للمرشحين وتضرهما أكثر مما تفيدهما، وعلى المرشحين فى جولة الحسم إبداء قدر أكبر من احترام عقل ووقت الناخبين، والابتعاد عن التجريح والهجوم الشخصى، والأهم قبول المشاركة فى مناظرتين خاليتين من الإعلانات ومن أى تحيزات فى اختيار وطرح الأسئلة، فكل الأسئلة يجب أن تكون من الناخبين.