ضربت أزمة الوقود الفلاحين والمزارعين وعطلت موسم حصاد القمح وزراعة الأرز، وداهمت المشكلة الركاب والمسافرين بعد رفع السائقين للأجرة لتعويض خسائرهم بسبب غياب البنزين، كما بدأت الأزمة تنعكس على أسعار الخضراوات والمحاصيل بالأسواق بعد أن تضاعفت تكاليف رى ونقل المحاصيل بين المحافظات. يقول نصر إبرهيم، مزارع، إن السبب فى هذه الأزمة هو إلغاء محطات الرصيف التى كانت تحمل عبئاً عن أصحاب المحطات الرئيسية، لأنها كانت منتشرة بالقرى لخدمة الفلاحين، مشيرا إلى أن الحصول على السولار أصبح مشكلة حقيقية بعد تجارة السوق السوداء، مطالبا المسئولين بإنزال سيارات محملة بالوقود إلى القرى كما يحدث بالنسبة للبوتاجاز. وقالت سحر سعيد، رئيس النقابة المستقلة للفلاحين بالقليوبية، إن اختفاء السولار زاد من شكاوى المزارعين من عدم توافر الكميات اللازمة لتشغيل الآلات الزراعية، خاصة الجرارات وماكينات الرى، مما أدى إلى تعطل الحصاد، الأمر الذى أدى إلى زيادة أسعار الرى، حتى وصل سعر رى الفدان الواحد فى بعض المناطق إلى 350 جنيهاً، ولم تقف الأزمة عند هذا الحد، بل تسببت أيضا فى ارتفاع أسعار المواصلات بأغلب المدن والقرى، وتضاعفت أجرة سيارات السرفيس ببنها لتصل إلى نصف جنيه، والسيارات المخصوص ب10 جنيهات، لمسافة لا يتعدى سعرها ال5 جنيهات. كما ارتفعت تعريفة الركوب على خطوط السفر فى كل المحافظات، وكانت الفئة الأكثر تضرراً هم الطلاب وأولياء أمورهم.. وأكد خالد شكرى، محاسب من القليوبية، أن ارتفاع أسعار المواصلات أثر على تنقلات أولاده لدروسهم وامتحاناتهم، وهذا لا يقدر على تحمله، مطالبا بضرورة التدخل السريع لحل الأزمة. وامتد أثر الأزمة إلى المخابز، خاصة التى تعمل بالسولار بالقرى، حيث توقفت محطات التموين عن مدهم بحصصهم، بحجة عدم كفاية الكمية الموردة للمحطات، فتوقفت مخابز بالمنياوالدقهليةودمياط، وفى القليوبية بمناطق الخانكة، وشبين القناطر، وهذا تسبب فى ازدحام الأهالى على المخابز، وشهدت المدن التى تعمل فيها المخابز بالغاز الطبيعى نزوح الأهالى إليها لتوفير احتياجاتهم من الخبز البلدى، فيما قدم عدد كبير من أصحاب المخابز المتضررة بلاغات للشرطة، ضد أصحاب محطات التموين واتهموهم بالابتزاز، ورفع السعر دون وجه حق. من جانبه أكد الدكتور محمد البلتاجى، عضو مجلس الشعب بشبرا الخيمة القيادى الإخوانى البارز، على صفحته الشخصية ب«فيس بوك»، أن أزمة السولار تضرب موسم الزراعة عند الفلاحين، وتأخر زراعة أكثر من 200 ألف فدان بالأرز لتوقف ماكينات الرى، وأن الغرض منها إجبار الفلاحين على التصويت للفريق أحمد شفيق فى انتخابات الإعادة. وأفسدت أزمة الوقود على فلاحى الدقهليةوالمنيا موسم حصاد القمح، وتجهيز الأرض لزراعة القطن، وأصبح الفلاح بدلا من أن يقضى معظم وقته فى أرضه ليجمع محصوله، أصبح واقفاً هو وأبناؤه فى طابور ليحصل على جركن سولار. يقول نسيم البلاسى، نقيب الفلاحين بالدقهلية: «نعتمد على السولار فى كل شىء، ونتيجة للأزمة هذا العام فقد رفض عدد كبير زراعة الأرز مبكراً، رغم أنها تساعد فى زيادة الإنتاج، لأنه يحتاج إلى الرى كل أربعة أيام، وإذا توافرت المياه، لا يتوافر السولار». وأضاف البلاسى: «يتكلف حصاد فدان القمح 150 جنيهاً، وأصبح على الفلاح أن يوفر لماكينة الحصاد صفيحة سولار، وهو ما يمثل عبئاً جديداً». ويضيف المهندس حازم عثمان، مهندس زراعى، أن التأخر فى الزراعة يتسبب فى انخفاض المحصول من 4.5 طن للفدان إلى 3 أطنان، وهذا بسبب العجز فى السولار وتوقف معظم ماكينات الرى والطنابير. وتعدت الأزمة إلى أصحاب المزارع السمكية فى دمياط حيث قال محمد عبده فياض: «إن معاناتنا بدأت مبكرا منذ ظهور أزمة السولار، ولا بد من تغيير المياه يوميا، حتى ينمو السمك بشكل طبيعى، ومع عدم وجود الوقود أصبحنا نغير المياه كل يومين أو ثلاثة أيام ونعلم خطورة ذلك، إلا أنه ما باليد حيلة، فالسمك إذا ظل أربعة أيام، ولم يتم تغيير المياه له يموت ونخسر كل شىء». وتأثرت سيارات النقل الثقيل أيضا بالأزمة حيث تنتظر دورها بالساعات، وهو ما تسبب فى ارتفاع أسعار مواد البناء ونقل البضائع، وكذلك تأخر الشحن، وهذا ما يؤكده محمد النشار «سائق» فيقول: «أصبحت أقضى نصف وقتى فى عملى الذى كنت أقوم به فى الأيام العادية قبل الأزمة، وبقية الوقت أقضيه فى الانتظار بالمحطات». وفى مدينة المنصورة تم رفع قيمة المواصلات الداخلية بنسبة 100% خلال الأزمة، وأصدر اللواء صلاح الدين المعداوى قراراً بالتعريفة الجديدة للركوب، أمام ضغوط السائقين. وشهدت مدينة عزبة البرج والشيخ ضرغام بدمياط أسبوعا أسود، حيث تعطل عدد كبير من المراكب، نتيجة اختفاء السولار، فى الوقت الذى يتركز فيه كبار مهربى السولار بمصر فى هذه المدينة التى يعمل ما يقرب من 80%من أهلها بمهنة الصيد، ويتركز فيها ما يزيد على 60%من أسطول الصيد بعزبة البرج. أما محطات البنزين فى مدن المنيا فقد تحولت لساحات كبيرة لأداء صلاة الجمعة بسبب انتظار الآلاف من السائقين وأصحاب السيارات أمام المحطات لانتظار وصول الحصص، وحرصهم على عدم الانصراف، حتى لا يضيع دورهم فى طوابير الانتظار. وطالب المئات من المزارعين بصرف حصص ثابتة لهم بموجب الحيازات الزراعية حتى لا تموت أراضيهم عطشاً، ورفع سائقو التوك توك تعريفة الركوب، لتعويض الفارق فى الأسعار بين المحطات والسوق السوداء التى يعتمدون عليها، فيما اكتشف السائقون أن الصبية يقومون ببيع بنزين مخلوط بالمياه، وهذا ما تسبب فى تعطل سياراتهم.. وقال جمال دسوقى، صاحب سيارة ربع نقل، إنه اضطر إلى تغيير طلمبة الجاز لسيارته بسبب هذه المشكلة.