«مواطن شريف»: كفاكم ارتزاقاً وتربحاً على حساب مصلحة الوطن. ألم يقل رئيس الوزراء البريطانى تعليقاً على أحداث الشغب والعنف التى شهدتها بلاده فى 2011: «عندما يتعلق الأمر بالأمن الوطنى، لا تحدثنى عن حقوق الإنسان»؟ «حقوقى»: أولاً، ديفيد كاميرون لم يقل هذا أبداً. ثانياً، السفارة البريطانية نفت هذا الكلام جملة وتفصيلاً، بل ووزعت أيضاً نص الخطاب الذى ألقاه رئيس الوزراء غداة تلك الأحداث. ثالثاً، يجب أن تعرف أن هناك من اختلق مثل هذه الواقعة، ويحرص باستمرار على ترديدها، لكى يتخذ منها ذريعة لارتكاب انتهاكات بحق حقوق الإنسان. «مواطن شريف»: دعك من كلام «كاميرون»، لكننا جميعاً نعرف أن دول الغرب تتشدق بالحديث عن حقوق الإنسان، لكنها ترتكب أفظع الجرائم. ألا تعرف شيئاً عن «جوانتانامو»؟ ألم تسمع أخبار سجن «أبوغريب»؟ وماذا عن أحداث «فيرجسون»؟ وقيام واشنطن بالتنصت على المواطنين وقادة الدول الأجنبية؟ كيف يجرؤ هؤلاء على توجيه انتقادات لمصر بشأن حقوق الإنسان، ولديهم هذا السجل المشين العفن؟ «حقوقى»: لديك حق طبعاً فى معظم ما سردت من وقائع. نحن نعرف أن دولاً غربية متقدمة ترتكب انتهاكات حادة لحقوق الإنسان، بل إن مصر نفسها سبق أن انتقدت أداء السلطات الأمريكية عندما قامت بقمع متظاهرى «فيرجسون». لكنك تعرف أن ارتكاب الآخرين لأخطاء ليس ذريعة لنا لارتكاب الأخطاء نفسها. «مواطن شريف»: ماذا تريدون بالضبط؟ الاختراق الأجنبى، والتمويل المشبوه، وتثوير الأوضاع، وغل يد الشرطة والجيش، ومساعدة الإرهابيين والدفاع عنهم، أليس كذلك؟ «حقوقى»: على العكس تماماً، نريد قانوناً كفؤاً عادلاً نافذاً لتنظيم عمل المجتمع المدنى، ونريد محاكمات شفافة تُخضع من يتجاوز هذا القانون للعقاب. وندين كل يد تمتد بسوء لأبناء الوطن فى الجيش والشرطة، ونعتبر الاعتداء عليهم من أخطر انتهاكات حقوق الإنسان. وننبذ الإرهاب، وندينه، ونعمل من أجل حرمانه من أهم مصادر دعمه وإنعاشه؛ أى الظلم، والقسوة، وغياب سلطة القانون. «مواطن شريف»: أنتم ترددون ما تقوله المنابر المعادية سواء فى الإقليم مثل قطر وتركيا، أو فى الداخل مثل «الإخوان» وأنصارهم، أو فى الخارج مثل الدول الغربية، أليس كذلك؟ «حقوقى»: فى أحيان كثيرة يتصادف أن بعض الانتقادات التى يوجهها حقوقيون مصريون تتشابه مع ما توجهه تلك المنابر المعادية، لكن هذا لا يعنى طبعاً أن تلك الانتقادات مشبوهة أو خاطئة بالضرورة. علينا أن نبحث كل حالة على حدة، وأن نعترف بالخطأ بصرف النظر عن مصدر الانتقاد، وأن نسعى لإصلاحه لأن ذلك يصب فى مصلحتنا. «مواطن شريف»: وما الذى تريدونه تحديداً؟ «حقوقى»: أن تقر الدولة بأن لديها مشكلة اسمها «الحريات وحقوق الإنسان»، وأن تعلن رؤية متكاملة، واستراتيجية متماسكة، وخطة بتوقيتات ملزمة، لعلاج المشكلات الحقوقية الملحة؛ وعلى رأسها وقف الحملات المنهجية ضد حقوق الإنسان والعاملين فى المجال الحقوقى، وإصدار قانون الجمعيات الأهلية، ووقف استخدام الحبس الاحتياطى كعقوبة، وإصلاح أحوال أماكن الاحتجاز، والإفراج عن الشباب الذين حُكموا بالسجن من دون أن تتلطخ أياديهم بالدماء أو يشاركوا فى أعمال عنف، ووقف الحبس فى قضايا الرأى والتعبير، وكشف غموض حالات الاختفاء القسرى، ومحاسبة المخطئين مهما كانت مواقعهم، وإصدار القوانين المكملة للدستور فى مجال الحريات وحقوق الإنسان. نريد كل ذلك دون أن نتوقف لحظة واحدة عن محاربة الإرهاب وضربه بكل قوة ممكنة. «مواطن شريف»: وما الذى سنجنيه إذا حدث ذلك؟ «حقوقى»: سنكون قد حققنا ما تريده وتدافع عنه؛ أى مصلحة الوطن، وتعزيز سيادته، وغل يد أعدائه عن النيل منه والكيد له.