ثلاث ساعات قضاها كريم الشاعر، الناشط السياسى والمدوّن، داخل مبنى قسم شرطة عابدين، لتحرير محضر حول واقعة اختطافه.. انتهت بعدها رحلته التى قضاها خارج منزله منذ السبت قبل الماضى، مختطفاً على يد مجهولين اقتادوه إلى منطقة ريفية بالصعيد، وحاولوا انتزاع اعترافات منه حول تمويل أو خطط تسليح لثوار الاتحادية الذين اعتصموا أمام قصر الرئيس معلنين رفضهم للإعلان الدستورى، وكان كريم واحداً منهم. «الوطن» رافقت كريم ورصدت قصة اختطافه التى استمرت قرابة 8 أيام متتالية، حيث أكد أنه خرج من منزله السبت 22 ديسمبر، فى حوالى الرابعة والنصف عصراً، واعترضته مجموعة من الأشخاص المسلحين، حوالى 6 أو 7، أمام سينما روكسى، وكانوا يرتدون الملابس المدنية، وطلبوا منه بطاقته الشخصية، وعندما سألهم عن هويتهم قالوا إنهم من رجال المباحث، فطلب تحقيق شخصيتهم، فرفضوا والتفوا حوله، وأخرجوا حافظة نقوده من الملابس عنوة، ثم أخذها أحدهم وترجل بعيداً وعاد إليه وهو يحمل «نصف كيس حشيش وشريط برشام»، وقال له: «الحاجات دى لقيناها معاك ولازم تيجى معانا القسم». أضاف كريم أنه اعترض على إلصاق المواد المخدرة به، ثم فوجئ بعدها بسيارة جيب سوداء حضرت ووقفت إلى جانبه، وأكد أنه كان قد رأى تلك السيارة وهو يخرج من منزله لكنه لم يشغل باله بها، وتابع: «ركبونى العربية وغموا عينيا وبعدين مشيت بينا نصف ساعة على أسفلت عادى، وبعدها بدأت تدخل على مدقات تقريباً فى منطقة جبلية لأنى ماكنتش سامع صوت عربيات حواليا، لمدة 5 أو 6 ساعات، وبعدها لقيت نفسى فى بيت ريفى، ومش عارف مكانه بالظبط لحد دلوقتى». وشرح كريم ما حدث له وقال إنهم كانوا بهذا المنزل من بينهم 2 أو 3 ملتحين، وكانوا فى مجملهم حوالى 23 شخص منهم 7 ثابتين معه والباقى يتبادلون الحضور له، وقال إن هناك 3 منهم كانوا مستمرين فى الجلوس معه فى نفس الغرفة، وكانت مهمتهم جميعاً محاولة انتزاع اعترافات منه وأنهم «اعتدوا علىّ بالضرب فى اليوم الأول بشكل قاسٍ جداً، وبعدها بدأوا فى علاج الإصابات التى حدثت فى وجهى بتعليمات وصلت إليهم حتى لا تظهر آثار اعتدائهم علىّ». وأضاف: «كانوا بيصورونى فيديو بكاميرا ديجيتال وطلبوا منى اعترف إن فيه سلاح مع المعتصمين عند الاتحادية وإنهم كانوا بيخططوا لاقتحام القصر، وأنا طبعاً قلتلهم مفيش كلام من ده، وكانوا مصممين إنى اعترف لهم بحاجات ما حصلتش، وبعدها جالهم تليفون مهم وكان باين من اهتمام الجميع إنهم يعرفوا إيه الأوامر اللى صدرت لهم، ودخل اللى كان بيتكلم فى التليفون وقالهم ده لازم يمشى فوراً عشان مكانا اتعرف والدنيا هتتقلب عليه». وأوضح أنهم انقسموا ما بين موافق على رحيله وبين معارض، وأنه سمعهم وهم يتناقشون بحدة خارج الغرفة فى هذا الأمر، إلى أن اتفقوا على أن يحضروا إيصالات أمانة ويوقع عليها فى مقابل عدم إبلاغه عن الواقعة و«بالفعل وقعت لهم على 5 إيصالات على بياض، وركبونى نفس العربية فجر الأحد، ورجعوا بيا من نفس الطريق ونزلونى فى منطقة فى حلوان، وبعدها ركبت تاكسى ورجعت». وقال كريم إنه أثناء عودته حدثت له واقعة غريبة حيث استوقفه كمين شرطة أثناء استقلاله التاكسى، وطلب منه الضباط البطاقة الشخصية فشرح لهم الواقعة التى تعرض لها باختصار، وأخبرهم أنه تم الاستيلاء على كافة متعلقاته وطلب منهم مساعدته، فطلبوا منه الانصراف، وقالوا له «مالناش دعوة»، فطلب من أحدهم هاتفه ليتصل بأى من أقاربه ليحضر ويقابله، فرفض وقال له «ارجع اركب التاكسى واتكلم من تليفون السواق». وأوضح الشاعر أنه تلقى معاملة عادية أثناء احتجازه باستثناء اليوم الأول حيث تعرض للضرب، وتوقع أن يكون توقف التعذيب أو الضرب حدث بناء على أوامر صدرت للمختطفين، وهو ما يؤكده محاولاتهم لعلاج إصابات وجهى طيلة الفترة الباقية، وأكد أنهم كانوا يحضرون له الطعام والشراب إلا أنه كان موثقاً بالحبال طيلة الوقت، وكان يراهم يصلون دائماً فى جماعة ويحرصون على صلاة قيام الليل، ويطلبون منه الصلاة. وقال إن من كانوا يقومون بالتحقيق معه كانوا يتعاملون بطريقة غير حرفية «ساذجة» ووصفهم بأنهم «إرهابيين حاولوا تطبيق ما كان يتم معهم فى أمن الدولة على خلق الله لكنهم ساذجين جداً وأنا عارف شكلهم واحد واحد لكنى ما شفتهمش قبل كده.. بس لو شفت حد منهم تانى هعرفه كويس»، وأكد أن المنزل الذى كان يقيم فيه كان فى منطقة ريفية لأنه كان يسمع أصوات بهائم فى فترة ما بين العصر والمغرب. وأرجع كريم سبب اختطافه لانضمامه لاعتصام الاتحادية، مؤكداً أنه تلقى عدة رسائل تهديد قبل الواقعة على هاتفه المحمول بالاعتداء عليه وزوجته وكانت تصله على حسابه على تويتر وفيس بوك، وأكد أنه نشر بعضها من قبل، وقال إن تلك الرسائل وصله بعضها من ناشط بحركة «حازمون» يدعى شريف، وآخرين، مشيراً إلى أنه سيطلب خلال التحقيقات تتبع أصحاب تلك الحسابات والوصول لهم لصلتهم بعملية اختطافه، بالإضافة إلى طلب تتبع الهواتف المحمولة التى كانت ترسل له رسائل التهديد منها من خلال شركة الاتصالات التى كان يتعامل معها قبل الاستيلاء على هاتفه وقت الاختطاف. وقال كريم إنه يتهم رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى بشخصه وصفته، لمسئوليته عن السماح بوجود ميليشيات مسلحة تابعة لجماعته تقوم بسحل وقتل المتظاهرين والتنكيل بالمعارضين له، وأيضاً النائب العام لتقصيره عن التحرك وفحص البلاغ الذى تقدمت به أسرته وقت اختطافه، بالإضافة إلى رئيس جهاز الأمن الوطنى لمسئوليته عن ترك تلك الجماعات المسلحة وعلمه بوجودها وعدم التصدى لها. وأكد كريم أنه تلقى معاملة محترمة داخل القسم إلا أنهم كانوا يجرون الاتصالات بالقيادات لمعرفة مصير المحضر قبل تحريره، وأضاف أنه تم تحرير المحضر فى النهاية وحمل رقم 53 أحوال عابدين، وتمت إحالته لقسم شرطة مصر الجديدة، مكان واقعة الاختطاف، وحمل الرقم 11228 لسنة 2012 وتقرر إحالته للنيابة للتحقيق معه وأخذ أقواله.