مع استمرار تواجد "الخادمة ومربية الأطفال" بشكل شبه دائم في المنزل، تلجأن الأمهات إلى الاعتماد عليهن بنسبة كبيرة، وترك الأبناء معهن لفترات طويلة، إلا أن ذلك قد يسبب العديد من المشكلات والأزمات التي يصعب اكتشافها في وقت مبكر، ومن بينها عدم الاستقرار النفسي والعاطفي للطفل، فضلاً عن الشك والتوتر نتيجة اختلاف التربية وتنقله بين الأم والعاملة بالمنزل، بحسب ما أكدته الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية. وتابعت "فايد"، في تصريح ل"الوطن"، أن عددا من الدراسات العربية والأجنبية وصلت لنتيجة أن تواجد الطفل لفترات مع العاملات بالمنزل يؤدي إلى تشوهات واضطرابات نفسية بعد نمو الأبناء، وخاصة الأطفال الأقل من 5 سنوات الذين يتولد لديهم شعورًا برفض الأم، إذ إن تلك العلاقة تكون شديدة الحساسية ولا تحتمل وجود طرف ثالث بها لشدة احتياج الطفل لوالدته. وأشارت "فايد"، إلى أن الخطورة تزداد في حالة كان الطفل ذكرًا فيتعلق بالمربية بشكل كبير في ظل غياب الأم والأب، وخاصة إذا كانت تعامله برفق، ما يدفعه رغما عنه إلى الارتباط بها عاطفيًا وجنسيًا في مرحلة المراهقة. وشددت "فايد"، على ضرورة القضاء على هذه العادة في المجتمع المصري، لزيادة مخاطرها عن مكاسبها، مشيرة إلى أنه في حالة اضطرار الأم إلى ترك أبنائها من الممكن أن تلجأ إلى جهات أخرى أكثر أمنًا.وأكدت الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة الزقازيق، أن تربية الأبناء مسؤولية كبيرة وشديد الخصوصية بالنسبة للأمهات والآباء، وليس قاصرا على النساء فقط ما يعني أهمية تحديد النسل قبل الزواج لضرورة العناية السليمة بالأطفال، لافتة إلى أنه من الممكن طلب المساعدة من المؤسسات المنوطة بالتربية كالحضانات المرخصة والتي يتوافر لديها عنصر الأمن والرعاية الجيدة والتعليم والمختصين بذلك، قائلة إن "الوقاية خير من العلاج" لتجنب حدوث مشكلات لدى الطفل، والأم بدورها بعد اكتشاف المشكلات. وأوضحت "زكريا" أن تواجد الطفل مع الخادمة يؤثر سلبًا على شخصيته، فضلًا عن احتمالية تعرضه بنسبة كبيرة لاعتداءات جسدية وجنسية، والتي من الممكن عدم اكتشافها بسهولة، لذلك تحتاج للمتابعة باستمرار، مؤكدة أهمية عدم نوم الخادمة بجوار الأطفال ليلاً أو تعليمهم. ووافقها في الرأي، الدكتور هاني هنري، أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، بضرورة عدم تواجد الأبناء مع العاملات بالمنزل لفترات طويلة وخاصة في أوقات النوم أو تلقينهم التعليم، لاختلاف المستوى الاجتماعي والثقافي بين الأم والمربية، خاصة لكون الأطفال يهوون تقليد الكبار، ما يولد خللًا وفجوة ثقافية ونفسية بين الأطفال والآباء والأمهات. وأضاف "هنري"، أن استمرار تواجد الخادمة مع الطفل في المنزل يولد التصاقًا كبيرًا بينهما يصعب فيه فصل الابن عنها، وفي حالة تغيير الخادمة والاستغناء عنها قد يؤدي ذلك إلى أزمات نفسية، لافتا إلى أن الأطفال ذو العامين يحتاجون لاحتواء شديد من قبل الأم لهم لذلك يجب عدم تركهم لأي شخص آخر في هذه الأثناء. وأردف أن وجود الخادمات داخل المنازل أمر يقتصر على الطبقات الاجتماعية الغنية وهو سلوك خاطئ، وفي حالة الحاجة الماسة له يجب اختيار واحدة تمتلك خبرات وتجارب سابقة وحصلت على دورات تدريبية مكثفة لفترات قليلة للأبناء الأكبر من ذلك السن.