18% من إجمالي حوادث التحرش الجنسي ضد الأطفال.. و35% من الحوادث الجاني قريب الطفل الضحية.. و200 ألف طفل في العالم يتعرضون للتحرش سنويًّا.. جمال فرويز: الترامادول والكبت الجنسي وراء التحرش الجنسي والاغتصاب بالأطفال المتحرش بطفل هو في الأصل تمت ممارسة التحرش ضده في الصغر إنها لصرخات مكتومة تأتى من بعيد من أحد الأماكن المهجورة أو المنازل التى غاب عنها الأب والأم لطفل صغير برىء يمارس ضده أبشع أشكال الانتهاكات الجنسية من تحرش جنسى واغتصاب وهتك عرض، يحاول أن يستغيث لينقذه أحد من بين يدى هذا الوحش البشرى، ولكن لا مجيب، والأنكى أن يكون هذا الذئب أحد أقارب الأسرة أو العم أو الخال، جريمة تعكس الانحطاط الأخلاقى الذى وصل إليه المجتمع. ولكن كعادة المجتمع المصري دائمًا يتخذ من دفن الرءوس فى الرمال الحل للتغطية على كافة مشكلاته وعواره الاجتماعي والأخلاقي؛ لتكون الدراسة الأولى والأخيرة منذ عام 2005 التى يرصد فيها معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل، وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية أشارت الدراسة إلى أن النسبة هي 35% من الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة بالطفل الضحية، وفي 65% من الحالات لا توجد بينهم صلة قرابة.. 200 ألف طفل في العالم يتعرضون للتحرش سنويًّا، 70% من أطفال العالم يتعرضون لنوع أو أكثر من التحرش، 27% ممن يتعرضون للتحرش تعرضوا له قبل سن العاشرة. "البديل" يفتح ملف الجريمة المستترة المسكوت عنها؛ لتتعرف على جوانبها وأبعادها النفسية والاجتماعية والقانونية فى حلقتين متتالتين، خاصة بعد انتشار حوادث الاغتصاب والتحرش والقتل للأطفال فى الفترة الأخيرة على غرار مقتل الطفلة "زينة" ببورسعيد، سواء هدى بالمنيا، أو طفل الشرقيةن وما خفى كان أعظم. يحلل الدكتور جمال فرويز – استشاري الطب النفسي بجامعة القاهرة – جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي للأطفال، موضحًا أنه لا يمكن أن نطلق عليها لفظة ظاهرة؛ لأن مقياسها أن تتم ممارستها في 25% من المجتمع، ولكن هي جرائم انتشرت في الفترة الأخيرة بطريقة ملحوظة في ظل حالة الفوضي والانفلات الأمني التي تعاني منه البلاد؛ مما أعطى الفرصة لانتشار الترامادول؛ ليكون في متناول أيدي المراهقين وجميع الأعمار. وأضاف فرويز "من الأسباب الأخري أننا ما زلنا نعيش في مجتمعنا حالة من الكبت الجنسي والحرمان العاطفي، ويقوم الفتيان بتفريغ طاقاتهم السلبية بالتحرش، سواء بسيدات ناضجات أو أطفال، خاصة مع تناول هذه المواد المخدرة التي تجعل الشخص غير واعٍ لتصرفاته اللحظية؛ ليتطور سوكه العداوني إلى اغتصاب أو اعتداء جنسي علي أطفال، سواء أبناؤه أو أقاربه، مشيرًا إلى أن الشخص المتحرش بطفل صغير هو في الأساس تعرض للتحرش الجنسي في صغره، وأصبح يعاني من الاغتراب والشذوذ الجنسي. وقال فروير إن التحرش الجنسي للأطفال يعني الاعتداء الجنسي على الطفل من خلال استخدامه لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق، وهو يشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي، ويتضمن غالبًا التحرش الجنسي بالطفل من قبيل ملامسته أو حمله على ملامسة المتحرش جنسيًّا، ومن الأشكال الأخرى للاعتداء الجنسي علي الطفل المجامعة وبغاء الأطفال والاستغلال الجنسي للطفل عبر الصور الخلاعية والمواقع الإباحية. أما عن الأعمار التي يتعرض فيها الأطفال للتحرش الجنسي، فأوضح فرويز أنه قد يتعرض الطفل أو الطفلة في السن الصغيرة من 2 إلي 5سنوات علي يد أقرب من يتولون رعاية الطفل كالمربية والسائق والخدم والمراهقين في العائلة الذين قد يترك معهم الطفل لأوقات طويلة، أو أطفال الجيران والأقارب الذين قد يترك معهم. وهناك السن من 5 إلي 12 سنة، وقد يتعرض الطفل / الطفلة للتحرش من كل من يمكن أن يختلط بهم دون رقابة، من الأصدقاء وأبناء الجيران والجيران والأقارب والسائقين والخدم، لافتًا إلى أن إغواء الطفل في هذه السن قد يكون مصحوبًا بتهديده بتعرضه للضرب أو العقاب أو القتل إذا باح لأحد، وهو ما وصلت إليه بعض الحالات الأخيرة، حيث يخاف الجاني من افتضاح أمره. وبسؤاله عن كيفية كشف الأسرة أن طفلها تعرض للاعتداء الجنسي أو التحرش، قال إن الطفل تظهر عليه عدة أعراض سلوكية ونفسية، كالانطواء والاكتئاب أو التخوف أو رفض الذهاب إلي مكان معين أو البقاء مع شخص معين، والتعرض لمشكلات في النوم، مثل القلق والكوابيس ورفض النوم وحيدًا أو الإصرار المفاجئ علي إبقاء النور مضاءً. وأضاف أن هناك أعراضًا جسدية، كالتبول الليلي ومص الأصابع، والخوف والقلق الشديد من زيارة بعض الأقارب، وتغير مفاجئ في شخصية الطفل، وظهور بعض المشكلات الدراسية المفاجئة و"السرحان"، والهروب من المنزل. أما عن كيفية حماية الأسرة المصرية لأطفالها، قال إنه لا يجب أن يترك الأطفال فترات طويلة ودون رقابة مع غرباء أو أقارب، ويجب توعية الطفل أو الطفلة بضرورة أن يروي للوالدين كل غريب يتعرض له، مع تعويده على رواية أحداث يومه لأسرته بانتظام وبصورة يومية، بالإضافة إلى إشعار الطفل بالأمان التام في أن يروي تفاصيل أي موقف دون عقاب أو زجر. كما يجب إشعار الابن بالأمان التام من العقاب من قِبَل الوالدين، من خلال نقل الشعور إليه بأنه مجني عليه وليس جانيًا؛ لينقل بصورة واضحة ما تعرض له من مؤثرات دفعت به إلى هذا السلوك، أو يصف ما حدث له من اعتداء جنسي؛ حتي تتم معالجته عند الطبيب النفسي بطريقة صحيحة. وقال علاء الراعي – المحامي بالائتلاف المصري لحقوق الطفل – إن ظاهرة الاغتصاب والتحرش الجنسي بالأطفال توجد بالمجتمع المصري منذ قديم الأزل، وكانت تعتبر من القضايا الشائكة والمسكوت عنها، ولكن في الفترة الأخيرة حدث تحول نسبي، وبدأت هذه القضايا تتسرب إلى يد الإعلام، بالإضافة الى مزيد من جرأة بعض الأهالي في الإفصاح عنها، بعد أن كانت تمثل فضيحة يجب التستر عليها وكتمانها. وأضاف الراعي أنه يجزم لو لم تكن الطفلة زينة أو هدي أو غيرهما ماتت، لما كشفت الأسرة عن القضية، وكانت تكتمت عليها؛ خوفًا من الفضيحة، مشيرًا إلى أن المجتمع المصري يعاني من خلل كبير في التعامل مع هذه القضايا حتى الآن، وما خفي كان أعظم من قضايا، فلا توجد إحصائيات محددة تسجل هذه الاعتداءات الجنسية للأطفال، ومن ثم فالعشرات يذهبون يوميًّا ضحايا التحرش الجنسي وهتك العرض والاغتصاب والقتل أيضًا. وأكد الراعي أن الحلول الواقعية للقضاء علي هذه الظاهرة تتمثل في عدة محاور أولها: تفعيل قانون الطفل المصري الذي يحمي النشء عن طريق توعية الأب والأم لأطفالهما بالأضرار التي يمكن أن يتعرضوا لها في المجتمع، مثل تعامل الأطفال مع الآخرين، سواء في النادي أو المدرسة أو الشارع، مشيرًا إلى أن هذه التوعية لن تحدث إلا عبر فهم الأب والأم لمعنى التربية الجنسية لأطفالهما؛ لأن غياب هذه التوعية هو التي يجعل الأطفال فريسة لأطفال آخرين كلاهما يحاول أن يستكشف الجنس وجسده، ويستخدم الطفل الأكبر سلطته في السيطرة على الطفل الأضعف والأصغر سنًّا. وطالب بضرورة التعاون بين المجلسين القومي للمرأة والطفولة والأمومة؛ لتنظيم حملات توعية للآباء والأمهات فيما يتعلق بالتوعية الجنسية للأطفال وكيفية حماية الأطفال لأنفسهم من التحرش الجنسي؛ لأن هذه الحملات لا تقل أهمية عن حملات التطعيم ضد شلل الأطفال، والتوعية بخطورة ختان الإناث؛ لأنه أصبح لدينا مصيبة اسمها "الاعتداءات الجنسية من الأطفال للأطفال كقضية زينة وهدي والأخريات". وأوضح الراعي أن المحور الثاني للتصدي للظاهرة الخطيرة هو تقعيل ما ينص عليه قانون الطفل من عدم تعريض الأطفال للخطر، بداية من الأب والأم، فأول خطوات المحاسبة تبدأ بالتوعية، فعند توعية الآباء بأهمية حماية الطفل وعدم تعريضه للخطر بألا يتركه على سبيل المثال في الشارع يلعب ويلهو دون حماية، وهو نفس الموقف الذي حدث مع واقعة الطفلة "زينة"، فإذا كانت الأم عيناها 24 ساعة علي الطفلة لما تمكن الكلاب البشرية من الوصول إليها والقيام بجريمتهم، وهذا لا يعني تبرير الجريمة، ولكن الوقاية خير العلاج، وأولى خطوات المصارحة والمكاشفة أن يتم وضع كل الأطراف أمام المحاسبة، ويتحمل كل طرف المسئولية. أما المحور الثالث فهو تشديد العقوبة علي من يتولي رعاية الأطفال، أي كل شخص يكون الطفل في رعايته، سواء مدرس في مدرسة أو مدرب بالنادي، حيث وقع حادث اعتداء مدرب سباحة على طفلة لديه، أو إخصائي اجتماعي بإحدى دور الرعاية أو بالمؤسسات العقابية، أو كان الوصي خالاً أو عمًّا، وسوف تمكن العقوبة الرادعة من تقليل حدة هذه الجرائم الوحشية ضد الأطفال. وأكد الراعي أنه يجب التوعية بضرورة تعامل الأسر مع هذه القضايا بأنها ليست فضيحة ولكنها جريمة مخالفة للقانون، ولا بد أن يحصل الجاني على عقابه ويفتضح أمره؛ حتى يكون عبرة لغيره؛ لأن التكتم على جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال سوف يؤدي إلي تفاقمها وانهيار المجتمع، خاصة عندما يكون طرفا الجريمة طفلين، سواء الضحية أو الجاني، فكلاهما لا يعلم شيئًا عن الإثارة الجنسية ولا هذا العالم الكبير، ويجب مع التوعية الحقيقية بأبعاد هذه الظاهرة مصاحبتها بتشريع وطني قوي رادع، بحيث يشكلان معًا قاطرة التنمية الحقيقية لأي مجتمع، وسوف يساعدان على التغلب على الظاهرة. فيما ذكرت آلاء الشيخ – مؤسس مبادرة توعية الأطفال لخطر التحرش وكيفية مواجهته – أنها لا تجد أسبابًا محددة للتحرش الجنسي بالأطفال ولا توجد قاعدة واحدة يمكن القياس عليها، مشيرة إلى أن كل حالة كانت مختلفة عن الأخرى، فكثيرًا ما يكون التحرش من داخل الأسرة نفسها، وفي حالات أخرى من مدرسين لطلبة ومن بائعين ومن زملاء لبنات صغيرات في السن بل أطفال. وأضافت الشيخ أن الحماية هي الأهم للتصدي لهذه الكارثة من الانحطاط الأخلاقي الذي يعاني منه أطفالنا، أولها يبدأ مثلما فعلت دول الخليج، والتي عانت من هذه الظاهرة لسنوات كثيرة، من خلال منهج تعليمي يضم توعية الأطفال في جميع مراحله، بالإضافة إلى اجتماع شهري للأمهات والآباء؛ لتوعيتهم، وهذه الطريقة حاولت تعميمها على المدارس في مصر عند تأسيس المبادرة في 2012، ولكن لم يتحمس لها أحد من المسئولين، رغم نجاح هذه التجربة في دول الخليج التي كانت يتعرض أطفالها للاعتداء الجنسي بضراوة، سواء من الخدم أو السائقين، إلا أن الظاهرة تقل بشكل كبير الآن بسبب التوعية. وأكدت الشيخ أن التوعية بالمدارس هي البداية الناجحة والصحيحة، يليها الإعلام الذي يخترق كل منزل الآن، ويستطيع رفع وعي المواطنين بالقرى والأقاليم الذين يعاني كثير من أطفالهم من التسرب من التعليم، بالإضافة إلى تكاتف منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الطفل وضرورة نزولها الميداني إلى الشارع والنجوع للتوعية. وأوضحت أنها درست مناهج التعليم للتوعية بإحدى دول الخليج كالسعودية؛ للتصدي لظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال، حيث كان 25.5% من الأطفال السعوديين يتعرضون للتحرش، مشيرة إلى أن المنهج مقسم إلى 3 مراحل؛ لتكون المرحلة الأولى من الصف الأول إلى الرابع الابتدائي، ويتم تعليم الأطفال في هذه المرحلة بالأماكن الحساسة في أجسادهم، وأنه من الممنوع إطلاع أحد عليها، أو يقوم أحدهم بإمساكها، وكيفية استغاثتهم حال اقتراب أحد من أجسادهم بطريقة غريبة أو يحاول إمساكهم من أحد الأماكن الحساسة، وأن يقوم الأطفال بالصراخ أو استخدام وسائل الدفاع عن النفس. أما من الصف الرابع إلى السادس فيتم تعليمهم على كيفية أن يجلسوا بمسافة معينة عن أي غريب في الأماكن العامة، ويتم تحذيرهم من الذهاب مع شخص غريب أو حصولهم على هدايا أو حلويات من شخص لا يعرفونه. أما المرحلة الثالثة فيتم تعريف البنت فيها على أنوثتها وجسدها، وكيفية عدم انسياقها لإغراء الشباب نحوها، وكيفية الحفاظ على نفسها من كبار السن الذين من الممكن أن يتحرشوا بها. وكل هذه المعلومات تكون مفيدة، وتزيد من ثقة الأطفال في أنفسهم. وأشارت إلى أن كل هذه الوسائل غير مطبقة في مصر، بل عندما حاولت توعية الأمهات في مقر مبادرتها بدكرنس بالمنصورة، تلقت ردود فعل غاضبة من إحداهن قائلة "إحنا ليه نفتح عين بناتنا؟"، ورغم محاولاتي لإقناعها أن الفتيات يتعرضن للتحرش يوميًّا في المواصلات ومع المدرسين أو الباعة، ولا يعرفن بطبيعة ما يحدث لهن إلا عند الكبر، وتكون نتائجة سلبية عليهن، حيث يصبحن أكثر كراهية للمجتمع. وأكدت الشيخ أن الجهل هو السبب المشترك في كل الحالات التي يتعرض فيها الأطفال للاعتداء الجنسي، من جهل الأهالي وعدم اعترافهم من الأساس بما يسمى تحرش بالأطفال أو اغتصابهم، وجهل الأطفال بطرق حماية أنفسهم، فضلاً عن غياب قانون رادع، وتركيز الإعلام علي هذه القضايا بشكل وقتي للإثارة الإعلامية فقط. بينما يرى أيمن ناجي – مؤسس حركة "ضد التحرش"- أن التحرش الجنسي يعتبر من الظواهر التي يتم السكوت عنها بشكل عام، فما بالنا عندما تحدث بين الأطفال؟ وهو الأمر الذي يؤدي الى تطوره إلى الاغتصاب والقتل في ظروف كثيرة، مشيرًا إلى أن التحرش الجنسي بالأطفال نابع عن خلل في نفسية المتحرش وشذوذ يمارس فيه عنفه على شخص ضعيف ليس في يده حيلة للاعتراض أو معرفة الانتهاك الذي يحدث له. وأضاف ناجي أن مصر تضم تابوهات كثيرة من الجرائم، وهي زنا المحارم الذي يحدث داخل الأسرة نفسها، وهتك العرض والاغتصاب الذي يمارسه الأقارب ضد الطفل، أو من يكون مخولاً لهم رعاية الطفل، مثلما حدث في واقعة اغتصاب الطفلة زينة أو هدى أو الميكانيكي الجار الذي اغتصب طفلاً في الشرقية. وأكد ناجي أن التوعية بالمدارس والجامعات وتنظيم الندوات وورش العمل للأسر بالأقاليم والصعيد أمر هام، خاصة أن هذه الجرائم تنتشر في مثل هذه المناطق التي يغيب فيها الوعي وينتشر فيها الجهل والأمية، معربًا عن أنه يجب أن يتوازى قانون رادع لتجريم التحرش الجنسي بشكل عام مع التحرش والاعتداء الجنسي بشكل خاص ضد الأطفال.