سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اعتداءات وضرب وإصابات.. هذا ما جنته «الوطن» من «الدستور» صحفيون ومصورون وموزعون طالتهم الاعتداءات بسبب تغطيتهم للمرحلة الأولى من الاستفتاء على الدستور والاعتصامات والاتحادية والتحرير
مع صباح يوم الجولة الأولى من الاستفتاء.. رتب كل منهم أفكاره واستنشق شهيق المثابرة والصبر على المتاعب.. كل واحد حمل أمتعته وأدواته، مولياً وجهه نحو قبلة عمله المكلف به، بعضهم قضى ليلته قاطعاً مئات الكيلومترات.. مسافراً يترنح بين أمواج الهواء السقيع.. وآخرون استيقظوا قبل بزوغ الشمس آملين فى فجر مسقبل جديد ومختلف، «خيراً تعمل شراً تلقى».. هذا ما جناه صحفيو جريدة الوطن، الذين انتشروا بين اللجان والمجمعات الانتخابية لمتابعة وتغطية أخبار الاستفتاء على الدستور، متمسكين برسالتهم وملبيين لرجاء المجتمع فيهم، تصطدم توقعاتهم بالخيبة ويُخذل تفاؤلهم بالمفاجأة، فريق البحث عن الحقيقة ونقلها يتعرض لكافة أشكال الإيذاء النفسى والبدنى دون سبب واضح، على يد رجال الأمن فى اللجان تارة، ومن المدنيين الموجهين والمنتمين للفصيل الإسلامى مرات كثيرة، وذنبهم الوحيد أنهم ملتزمون بالحياد ونقل وجهات النظر المتقابلة. فى بؤرة الأحداث بمحافظة الإسكندرية، تعرضت الزميلة مها البهنساوى وطاقم صحفيى «الوطن» المرافقين لها، لإيذاء وتعدٍ من سيدة ترتدى الخمار، أثناء إجرائها حديثاً مع إحدى الناخبات الواقفات فى الطابور.. فوجئت صحفية «الوطن» بالسيدة تتجاوز الطابور وتأتى من نهايته، لتهديها «لكمة» باليد فى وجهها بدون سبب واضح، تقول «مها البهنساوى» إنها لم تسبق لها معرفة السيدة التى تعدت عليها «جات وقالتلى انتوا اللى بتصوروا وضربتنى بعنف بدون مقدمات»، لم تيأس الصحفية واعتبرت التعدى عليها دَفعة قوة لإكمال مهمتها، ففى ذهنها مقولة تلهمها الصبر على المشقات: «لا تلقَى بالأحجار إلا الشجرة المثمرة». احتُجزت «بهنساوى» موفدة «الوطن» لتغطية الاستفتاء بالإسكندرية، بسبب عدم رضا الإسلاميين عنها، وزميلاها الصحفيان «عبدالله الدالى» و«مصطفى محمد» فى مدرسة الشيخ زايد بعد مشادة مع أحد السلفيين المتعصبين والموالين للرئيس محمد مرسى، موضحة: «خللى الناس تقوم علينا عشان عاوزنا نصور ونسجل مع الإسلاميين المؤيدين للدستور بس»، مؤكدة أنها لم تستجب لرغبته الفئوية ومضت فى مزج موضوعاتها بين أطراف مؤيدة ومعارضة، تدخلت قوات الأمن وقاموا باحتجازنا داخل المدرسة تجنباً للوقوع فى يد الإسلاميين وتوعدهم الفتك بالصحفيين. اليوم السابق للاستفتاء.. تعرض فيه «هيثم الشيخ» مدير مكتب الوطن بالإسكندرية، لاعتداء همجى من بلطجية الدفاع عن الدستور فى ميدان محطة مصر، الصحفى كان يتابع مظاهرة المعارضين للدستور أمام المجلس المحلى بالإسكندرية، فلحقت به أيادى وعصيان البلطجية الذين جاءوا لتخويف المشاركين فى المظاهرة، تكتل عليه 15 بلطجياً وأبرحوه ضرباً.. وانتهى الاعتداء بإصابته بضربة سكين فى وجهه «7 غرز»، لم يستطع صحفى «الوطن» الإفلات منهم إلا بالهروب ودماؤه تسيل على وجهه.ورغم ذلك، رصد الأحداث بعين واحدة ولم يتخل عن دوره، بمرارة يقول «هيثم الشيخ»: «لما عرفوا إنى صحفى كنت زى الفريسة ولما جريت، جروا ورايا». من الإسكندرية إلى أسيوط الموقف واحد، «سعاد أحمد» مراسلة «الوطن» بمحافظة أسيوط.. نالها من مصائب الاستفتاء نصيب، بمناسبة تغطيتها مسيرة تأييد للدستور فى منطقة «غرب البلد» بأسيوط، وأثناء أدائها عملها والتعرف على آراء المشاركين فى مسيرة الإسلاميين، هجم عليها عدد كبير من السلفيين والإخوان المسلمين المشاركين، وهددوها بالضرب.. وحسب صحفية «الوطن»: «نقيب المعلمين أخد من إيدى اللاب توب بتاعى وكسروه وقالوا إنتى جاية تكتبى ضدنا»، تقول «سعاد» إنهم يرفضون ألبتة ذكر أى رأى آخر مخالف لهم أو مختلف معهم، مؤكدة أن ما يثبت عليهم الواقعة اتصال قيادات الإخوان بالمحافظة واعتذارهم لها شخصياً. «حرمة المسجد لم يأخذها الإسلاميون فى الاعتبار» يؤكد ذلك ما حدث مع مراسل «الوطن» بالدقهلية «أسامة الجمل»، حيث تعرض لهجوم ثلاثة من شباب الإخوان داخل جامع السلاب بمنطقة «المشاية» فى مدينة المنصورة، داخل المسجد حدثت مشادات واشتباكات بين إمام وخطيب المسجد عقب صلاة الجمعة السابقة للاستفتاء، فالإمام يدعو للتصويت بالموافقة على الدستور، مما أثار حفيظة معارضى الدستور، وسط تطور التلاسن بالألفاظ ومحاولة التطاول بالأيدى بين المؤيدين والمعارضين داخل صحن المسجد. قام «الجمل» بالتصوير وتسجيل الحدث، فاعترض الشيخ وحاول أنصاره الاستيلاء على الكاميرا، فرفض وخرج بمساعدة معارضى الدستور، متجهاً إلى قسم الشرطة لتحرير محضر بالواقعة، موضحاً: «جهتين سياديتين اتصلوا بيا وعرفوا منى الموضوع». «شيماء جلهوم» محررة «الوطن» تكرر معها مشهد الاحتجاز داخل اللجنة، ففى لجنة مدرسة الزهرات بالدرب الأحمر اعترضها عقيد شرطة داخل المدرسة بسبب التصوير، واحتجزها ساعة ونصف داخل فناء المدرسة، مبرراً أنهم تلقوا تعليمات بعدم رغبة جهات الأمن خروج رجالهم فى «كادر» التصوير، محاولاً جذب الكاميرا من يد الصحفية، فلجأت إلى صاحب الاختصاص الأصيل فى اللجنة وهو القاضى، الذى تفحص الكاميرا فوجدها خالية فبُهت ضابط الشرطة على ادعائه غير الحقيقى، الصحفية «شيماء جلهوم» تقول: «ظابط الشرطة هددنى وقالى الأوضة دى هحطك فيها ومش هتطلعى إلا لما أشوف الكاميرا»، وأمام رفضها القاطع كان يلوح أفراد الأمن باستخدام العنف ضدها لإرهابها فى حين وقف آخرون يهادنون - حسب روايتها. تعنت واعتراض وتضييق، عقبات قابلت صحفيى جريدة «الوطن» يومى الاستفتاء والجمعة السابق له، أمام وداخل اللجان تعديات متنوعة وقعت عليهم، رجال التيار الدينى كانوا أبطال معظم حالات إيذاء الصحفيين بشكل مقصود؛ لأنهم رافضون منهج عمل الاستعانة بالرأى الآخر المقابل لهم، الإسلاميون يرون أنهم على صواب ومن دونهم «من أهل الباطل»، أمام مدينة الإنتاج الإعلام بمدينة 6 أكتوبر.. تعرض «عبدالعزيز الخطيب» محرر الوطن للاعتداء عليه من أنصار حازم أبوإسماعيل، بينما كان «الخطيب» يغطى ويتابع أخبار الاعتصام تعرف عليه واحد من أبناء أبوإسماعيل.. فاعترضه بحجة أنه منتمٍ لجريدة «الوطن».. وأبرحوه ضرباً، معتقدين أن الكثرة والتغلب على شخص أعزل بمفرده شجاعة. السيناريو نفسه حدث مع «حسين العمدة» محرر «الوطن»، الذى ذهب الجمعة الماضى إلى أولاد أبوإسماعيل لمتابعة وقفتهم الاحتجاجية بميدان لبنان، هناك علم أحدهم أنه موفد جريدة «الوطن»، أحضر له مجموعة وأوسعوه ركلاً بالأقدام وصفعاً بالأيدى، ويؤكد المحرر أنهم استولوا منه على الموبايل الشخصى وجهاز اللاب توب: «واحد من المنطقة لقانى واقع، فسألنى مالك ولما قلتله.. توسط عندهم وأقنعهم يرجعولى اللاب توب والتليفون المحمول وبعدها تحركوا على جريدة الوفد وحرقوها». طاقم التصوير الصحفى لم يفلت من بلطجة الاستفتاء وأحداث التداعيات السابقة لعملية الاقتراع، المصور الصحفى بجريدة الوطن «محمد عمر».. تعرض لاعتداء بدنى فى شارع محمد محمود على يد رجال أمن فى زى مدنى، بعد انتهائه من تصوير الاشتباكات فى ذكرى أحداث محمد محمود.. اعترضته مجموعة بملابس مدنية وهو فى طريق العودة، ربطوا يديه واستولوا على الكاميرا، هشموها تماماً وانهالوا عليه بالضرب الذى أسفر عن إصابته بجرح قطعى «4 غرز» وكدمات فى أنحاء الجسم المتفرقة. فى ذات المحيط، تعرض المصور الصحفى ب«الوطن» «محمود صبرى» للاعتداء من بلطجية الشرطة.. ممن يرتدون ملابس عادية، كانت الواقعة يوم الثلاثاء 20 نوفمبر الماضى بمناسبة الاعتراض على الإعلان الدستورى بشارع قصر العينى، أصيب المصور الصحفى بجذع فى الكتف والكوع الأيسر وعدة كدمات وتجمعات دموية فى القدم والصدر، تم استهداف «صبرى» وهو بين المتظاهرين يجرى أمام مدرعة الشرطة المطاردة للمحتجين. «فادى عزت» مصور صحفى.. ذهب لمتابعة أحداث اعتصام الاتحادية، فتزامن معه هجوم الإسلاميين المؤيدين لمرسى على المعتصمين أمام القصر الرئاسى، تعرف أحدهم على «عزت».. عندما أبرز له الهوية وعلموا أنه مصور صحفى منتمٍ للوطن، فهجموا عليه بشراسة وانتزعوا منه الكاميرا وأخذوا منها «كارت الميمورى»، تعدى الإسلاميون على «عزت»، مما أدى لإصابته بكدمات وجروح خفيفة فى الجسد، أما «عمر زهيرى» مصور صحفى أيضاً، فطاله الإيذاء أمام محراب العدالة وعلى يد حراسة حاميها، وقع الاعتداء على «زهيرى» أمام دار القضاء العالى أثناء تصويره النائب العام «طلعت إبراهيم» وهو خارج بعد استقالته، حاول الحارس الشخصى انتزاع الكاميرا منه، فرفض، فلكمه فى وجهه وذراعيه، يقول «زهيرى»: «كان هيكسر إيدى عشان ياخد الكاميرا ومخدهاش برضه». أما «كريم عيد»، مشرف توزيع جريدة الوطن بالإسكندرية، فتعرض للتطاول من أحد السلفيين أثناء تأديته العمل المنوط به، فى محطة مصر.. يخاطب «كريم» بائع الصحف عن أحوال مبيعات الوطن.. فتدخل الرجل السلفى بالسب والإهانة ضد الجريدة والمهنة ورموزها «اتهم الصحفيين بأنهم كدابين ومنافقين ومفيهمش واحد محترم»، تطور الاشتباك لدرجة التعدى على موظف الوطن باليد، تدخل المارة وانتهت «الخناقة» بعدة جروح وخرابيش فى جسد ووجه «كريم»، يروى «مسئول التوزيع» تهديد السلفى له «إحنا معانا سلاح وهنوريكم شغلكم». جميع محررى «الوطن» الذين طالهم إيذاء الاستفتاء فى إطار القيام بعملهم الصحفى، لم يتقاعسوا عن إكمال مهامهم.. فيوم الاستفتاء كانت شبكة محررى الجريدة مكتملة ومنتشرة فى أماكنها المكلفين بها من مجلس التحرير، مواجهين العصا بالقلم والإساءة بالحياد والعدل، فمبادئ المهنة وحب «الوطن» لا يفسده أفعال أقلية فردية أو فئوية لها أهداف «آفكة» تتشدق بالإسلام والشريعة الإسلامية بريئة منها تماماً.