دعي أهالي جزيرة القرصاية وعدد من نشطاء الثورة وبعض التيارات الحزبية والحقوقيين إلي تنظيم مؤتمرا شعبياً مساء الجمعة بشارع البحر الأعظم بالجيزة وعلي بعد خطوات من الجزيرة التي كانت حديث الساعة خلال الأيام الماضية، نتيجة قيام عدد من سكان القرصاية بإقتحام الأرض التي يخيم بها الجيش عند مدخل الجزيرة، وتصدى الجيش لهم وقُتل أحدهم واعتقال 26 آخرين وتحويلهم لمحاكمات عسكرية وتأجيل قضيتهم إلي جلسة الرابع عشر من الشهر الجاري في محكمة شرق القاهرة العسكرية . وبين السلطوية العسكرية بالدستور والمحاكمات العسكرية للمدنيين من أهالي الجزيرة ووجود المادة 198 التي تسمح بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية خرج الأهالي عن صمتهم وقرروا استكمال المسيرة بدعم مباشر من شباب الثورة. وطالب الأهالي بسرعة استرداد أرضهم والإفراج عن ذويهم المعتقلين، وعودة الجيش إلي ثكناته وتسليم الأرض التي تحت أيديهم إلى الأهالي، والتي تتعدي الخمسة أفدنة من أصل 25 فدان هي اجمالي مساحة الأراضي التابعة للقوات المسلحة حسبما تؤكد مصادرهم العسكرية، وإلا فإنهم يهددون بقطع الطريق الدائري والتصعيد ضدهم مجددا. الأهالي بدورهم ازداد داخلهم مخزون الغضب وتفجر بركان الصمت الذي كان يسكن قلوبهم طوال السنوات الخمس الماضية بعد دخول قوات الجيش في 2007 لأرض الجزيرة من أجل نزع ملكية خمسة فدادين عند مدخل القرصاية من الأهالي، بزعم أنها تابعة للجيش ومسجلة كأرض عسكرية في الشهر العقاري. كانت القوات المسلحة قد استغلت قطعة أرض بالجزيرة، تبلغ مساحتها نحو خمسة أفدنة من أصل 25 فدان، هي إجمالي الأراضي التي يمتلكها الجيش في الجزيرة حسب تأكيدات المصادر العسكرية، وتم تحويلها لثكنة عسكرية ومخيمات خاصة بالجيش، إلا أن الأهالي استعادوها مرة أخرى خلال الأسبوعين الماضيين ورفضوا إخلاءها، وهو ما استفز قوات الجيش ودفعهم للاستعانة بقوة شارك فيها ضباط مديرية أمن الجيزة، بالتنسيق مع القوات المسلحة، ومداهمة قطعة الأرض لإخلائها بالقوة، إلا أن أهالي الجزيرة تصدوا لهم، ورفضوا إخلاءها، ووقعت اشتباكات بين الطرفين، مما أسفر عن مقل أحد سكان الجزيرة ويدعى محمد عبده عبد الموجود وإصابة 5 مجندين، وعدد من الأهالي بإصابات بالغة. تبلغ مساحة القرصاية نحو 117 فدان، منها 35 فدان خاصة بالقرية الفرعونية، تأخذ الجزيرة وحدها نصيب الأسد حيث تبلغ 78 فدان ويعيش فيها أكثر من خمسة آلاف مواطن مقسمين بين الصيادين والفلاحين والموظفين، تلك الأرض التي كانت ملك ورثة كلا من عبد المجيد رضوان وشقيقه عفيفي باشا رضوان منذ أكثر من 75 عاما. الحاج مجدي يوسف جمعة، من كبار رجال الجزيرة والمتحدث باسم الأهالي طالب الرئيس مرسي بالتدخل السريع لحسم أمرهم وحمايتهم من الخطر العسكري الذي يعسكر علي بعد أمتار قليلة من منازلهم، فضلا عن احتلاله لأراضيهم التي حكم القضاء فيها لصالحهم في الحكمين القضائيين الصادرين من مجلس الدولة في الخامس من أغسطس لعام 2008 والإدارية العليا في الخامس من فبراير 2010 والذي ينص على عدم نزع ملكية تلك الأراضي من الأهالي، وإلزام الحكومة بأخذ الإيجارات منهم مرة أخري وأحقيتهم في تملكها بعد تقنين أوضاعهم. الأهالي لا يمتلكون قرارات مسجلة بالأراضي أو المنازل في الشهر العقاري، فقط يستندون على حكما القضاء في أن أراض الجزيرة أملاك دولة ولا يجوز طردهم منها، فضلا عن تمليكهم إياها بموجب عقود مسجلة في الشهر العقاري. وأشار "جمعة" إلى أن الأهالي لن يفرطوا في شبر واحد من أراضيهم بالجزيرة قائلا "اللي فيه الخير يقدمه ربنا ولو مُتنا 100 مرة، لكن لو هنرضي بالظلم فالثورة قامت ليه علشان كل واحد قائد كتيبة أو رتبة في الجيش يفرض سيطرته وعضلاته علي الناس ويطردهم من أرضهم ومساكنهم بره". وطالب "جمعة" القوات المسلحة بالرجوع إلي ثكناتها وحماية حدود مصر بدلا من الانشغال بمثل هذه الأمور التي تشعل نار الصراع في بر مصر والاعتداء علي الفلاحين والأهالي بالجزيرة بالرصاص وقنابل الغاز والخرطوش، مشيرا إلي أنهم يدا واحدة ضد الظلم والانتهاكات والعدوان. وقال محمد عبد المعطي، أحد سكان الجزيرة إن تلك الأرض أملاك دولة وضع الجيش يده عليها منذ 2007 تحقيقا لمشروع القاهرة 2050.. ذلك المشروع السياحي القديم لخدمة رجال الأعمال والجيش في المقام الأول علي حساب السكان الأصليين للقرصاية. وعن مصلحة القوات المسلحة في أرض الجزيرة حدثنا الفنان التشكيلي محمد عبلة، أحد أهالي القرصاية قائلاً "وأي مصلحة حينما يتحكم في أكثر من 40% من اقتصاد مصر ومن ثم فإننا نتحدث في مليارات في يد منظمة غير مقننة أو تدخل في موازنة الدولة وهذا ما يفتح الأبواب أمام مافيا الفساد في ظل انعدام الشفافية ولا يخفي علي أحد أن كافة الأراضي المصرية التي منحت لهم خلال السنوات الماضية لا تتم بدون المرور علي الجيش . وأضاف "عبلة" أنه بعد الثورة ظن الأهالي أنهم تخلصوا من الطبقة الفاسدة فأتجه الأهالي نحو وزارة الزراعة وهيئة التنمية الزراعية فإصطدموا بالجيش وضرورة أن تأتيهم تعليمات من وزارة الدفاع للموافقة، مشيرا إلي أن قضيتهم الأساسية كانت معهم ومن ثم صار الجيش هو الحكم والخصم في نفس الوقت فألتزم الأهالي الصمت من وقتها لأنهم كانوا يتحكمون في كل شبر في مصر حتى جاءت الأحداث الأخيرة وقتل أحد سكان الجزيرة ويدعي محمد عبد الموجود وتم إلقاء جثته في النيل - علي حد قوله - فكانت تلك القشة الأخيرة التي قصمت ظهر الجيش هناك. "لحد أمتى هيرموا بلاهم علي الناس وياخدوا حقوق مش ليهم".. هذا ما استنكره أحمد علي، أحد الأهالي في الإشارة إلي تصريحات المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع التي قال فيها أن هذه الأرض عسكرية وملك الجيش ومسجلة في الشهر العقاري باسم القوات المسلحة قائلا "هم يتعاملون مع الشعب المصري وكأن كلامهم منزل من السماء ومصدق من عند ربنا والعياذ بالله. ومن جهته استنكر الناشط السياسي محمد الباقر المحاكمات العسكرية لأهالي القرصاية وتضخم وضعهم بالدستور الجديد فقال ساخرا "لقد عسكرتم الدستور، فدسترتم العسكر، فظلمتم حين بررتم لماذا يجب أن يحاكم المدنيين عسكرياً، فدلستم حين قلتم مجلس الدفاع الوطني ذات أغلبية مدنية، فأفسدتم حين وضعتم وزير الدفاع، القائد العام وليس رئيس الأركان، فكذبتم حينما ذكرتم بالبرلمان والدستور أنكم أسقطم الوصاية العسكرية، فانبطحتم حين خفضتم رؤوسكم أمام البيادة العسكرية التي حكمتنا 60 عاما، فخدعتكم حين روجتم للشعب النموذج التركي للوصاية ونحن أقرب للباكستاني، فكذبتم للمرة المليون حين إنتهكتم السلطة التشريعية والرقابية بتقييدها بموازنة الجيش وتشريعاته، فأخطأتم حين كتبتم كارثية الدستور الكومبو بين مجلس أمن قومي ومجلس دفاع وطني". وقال سالم محمد، أحد الأهالي أن أبرز من تم اعتقالهم اقتحمت عليهم قوات الجيش منازلهم بدون ذنب أو تهمة ثابتة ضدهم ومنهم ماهر يوسف جمعة الذي كان أيضا ضمن ال13 شخصا ممن قام الجيش باعتقالهم بعد واقعة الاقتحام الأولي في 2007 بنحو 12 بلاغ وتهمة مقدمة ضدهم، أبرزها "الاشتراك في تنظيم خاص يسعي لقلب نظام الحكم، ضرب بالآلي واستعمال القوة ضد القوات المسلحة" . فيما أكد شقيق محمد عبده عبد الموجود، الذي قُتل يوم 19 نوفمبر الماضي، والبالغ من العمر 20 عاما أن أخيه مات برصاصة عسكرية دخلت في منطقة الحوض وتسببت في تهتك المثانة وخرجت من الناحية الثانية، فضلا عن رصاصة أخرى في ذراعه ثم بعد ذلك القوا بجثته في مياه النيل وهذا ما دفعه لمطالبة الرئيس مرسي بالقصاص لشقيقه لأنه لن يترك دم أخيه يضيع هدرا، لأنهم يدافعون عن أرضهم بحكمين قضائيين صادرين في 2008 و2010، ضد نظام غبي يتعامل مع المصريين بعقلية وفكر الرئيس المخلوع "مبارك"، متسائلا ما ذنب أخي الذي قتلوه بدماء باردة وكان على وشك الزواج . ومن ناحية أخري نفي مصدر عسكري في تصريحات خاصة ل"الوادي" قيام القوات المسلحة المصرية بالتعدي على أرض الجزيرة كما يشاع إعلاميا، فالجيش يمتلك فقط مساحة 25 فدان من إجمالي 130 فدان هي اجمالي مساحة الجزيرة تقريبا، وأنها فقط حاولت إعادة السيطرة عليها كمنطقة محورية للجيش في وسط الجيزة. وأضاف المصدر نفسه أن القوات المسلحة المصرية تمتلك هذه المساحة بموجب عقد رقم 1965 في الشهر العقاري بتاريخ 12 / 7 / 2010 وتستخدمها القوات ضمن مراكز الارتكاز في تأمين العاصمة. ونفى المصدر تماما أن يكون اللواء توحيد توفيق، قائد المنطقة المركزية العسكرية قد أبلغ المتظاهرين أنه كان لا يعلم بأن الأرض ملكهم وأنه سيرفع الأمر إلى وزير الدفاع كما يشاع ويتردد في وسط القرصاية والإعلام لأن القوات المسلحة وقوات الحراسة والشرطة العسكرية لا تخرج إلا أن تكون تعرف هدفها جيدا ولديها ما يثبت حقها. ورجح المصدر أن يكون هناك اجتماعا في وزارة الدفاع لبحث تلك المسألة يوم الأحد القادم يضم قائد المنطقة المركزية وقيادات القوات المسلحة المعنية بالأمر، مؤكدا أن بعض العمليات غير الأخلاقية والتي أقل ما توصف بالبلطجة والتي انتشرت عقب الثورة، هو ما حفز البعض لأن يأتي بمثل تلك الأمور، محذرا الجميع أن يحاول أحدا الاعتداء على أراضي القوات المسلحة لأنها ستتصدى بمنتهى القوى والحزم له.