خلال الفترة الماضية شن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين، هجومه علي حكومة الدكتوركمال الجنزوري، رئيس الوزراء السابق نتيجة اللجوء لسياسة الاقتراض من الخارج ورفض معهم السلفيون قروضا من البنك الدولي وصندوق النقد وقيل وقتها أن الفوائد حرام شرعا وأن سياسة الاقتراض تغرق مصر في الديون، فيما جاءت تصريحات الحزب الرسمية في مارس الماضي لتؤكد عن رفضه القاطع للإصرار الحكومي على الاقتراض من البنك الدولي، ورفض سياسة المسكنات في علاج المشكلات والأزمات الاقتصادية الأمر الذي يُثير العديد من علامات الاستفهام، خاصة أن لدينا موارد مالية عديدة يمكن الاعتماد عليها قبل اللجوء للاقتراض الخارجي من البنك الدولي أو من غيره. الدكتور علي السالوس، عضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، تحفظ على فكرة الاقتراض التي تتعارض مع المشروع الإسلامي الذى نادى به الرئيس محمد مرسي وجماعته مؤكدا أن هناك أفكار أخرى لحل العجز في الموازنة وعلاج تراجع الاحتياطي النقدي بدلا من الاقتراض الخارجي. وتساءل "السالوس" هل من المعقول أن نبدأ مشروع النهضة بقرض ربوي يدمر اقتصاد بلادنا وهل هذه البلاد فقيرة وليس بها من الموارد التى يمكن استغلالها لتدر عليها ما يجعلها فى مقدمة الدول الكبرى؟. وتابع: "واليوم يختار الرئيس محمد مرسي الطريق الأسهل حيث لا يطلب القرض الذي طالبت به حكومة الجنزوري من قبل، بل يرفع القرض إلى ما يقرب من 5 مليارات والفائدة بلا شك ستزيد عن 1,1% لافتا إلى أن زيادة القرض لا يعني أن الخزانة المصرية ستتلقى عقب التوقيع 5 مليارات دولار، بل على دفعات متباعدة وهذا يعني رفع إجمالي الديون الخارجية ومن ثم بحسب السالوس، فإنه بات يتضح للجميع أن كل ما قاله الإخوان وحزبهم تراجعوا عنه بجرة قلم. هنا تكشف المعلومات أنه فى آواخر عام 1960 اقرض البنك الدولى دولة الإكوادور قروضاً كبيرة وخلال الثلاثين عام التى تلتها تصاعدت نسبة الفقر من 50 % إلى 70 % وتزايدت البطالة من 15% الى 70 % ارتفع الدين العام من 240 مليون دولار الى نحو 16 بليون دولار، وانخفضت حصة الموارد المخصصة للفقراء من 20 % الى 6 %. وتساءلت الدكتور كريمة كريم، أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر، ألم يكن هناك حلولاً أخرى بدلا من الاقتراض من البنك الدولي، ألم يكن أمامنا النموذج الأندونيسى والذى نهض فيه رئيس وزرائها، مهاتير محمد باقتصاد بلاده فى فتره وجيزة وبدون الاستعانه بصندوق النقد الدولى وصارت أندونسيا علي راس دول النمور الآسيوية رافضة كريمة الحلول الوقتيه التى تكبل الأجيال القادمة بديون لا ذنب لهم بها إلا أن الجيل الحالي فشل فى حل أزمته فقرر الاقتراض والطريق السهل. وأشار الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق إلي ضرورة إعادة هيكلة الأعباء على جانب الموارد في الموازنة العامة بما يعطي وضعا متناسبا لقوى المجتمع المختلفة وعلى رأس هذه النقاط إعادة هيكلة النظام الضريبي، الذي يتحمل أغلب عبئه العاملون بأجر مقابل نسبة أقل للشركات والقطاع الخاص، وهما المستفيد الأول من النشاط الاقتصادي عموما ويندرج تحت هذا البند فرض ضريبة على الثروة 10% تطبق لمرة واحدة على كل من يمتلك ثروة تزيد على 50 مليون جنيه (وهذه الضريبة مقترحة من أحد أكبر رجال المال في مصر) علي حد قوله. وتوقع فاروق أن "تولد" هذه الضريبة مليارات الجنيهات، فضلا عن إلغاء الدعم الموجه للصناعات كثيفة استهلاك الطاقة والمضرة للبيئة برفع سعر المليون وحدة حرارية إلى ما بين 6 و 8 دولارات بدلا من ال4 دولارات التي أعلنت الحكومة عن تطبيقها، وهو إجراء لن يؤثر على معدلات ربحية هذه الشركات (في قطاعات الأسمنت والحديد والأسمدة والسيراميك، وبعضها احتكاري وبعضها يمتلكه الأجانب بشكل شبه كامل). مع ضبط الأسواق لضمان عدم رفع الأسعار وتفعيل القوانين والعقوبات المواجهة للممارسات الاحتكارية في الإنتاج والتجارة. وينتظر أن يوفر هذا الإجراء وحده بحسب فاروق، 10 مليارات جنيه سنويا مع إعادة التفاوض مع إسبانيا والأردن بشأن تصدير الغاز الطبيعي إليهما لرفع أسعار التصدير لتقترب من الأسعار العالمية (سعر 12 دولار يوفر لنا من التصدير للأردن وأسبانيا ما يوازي حوالي 13 مليار جنيه). وأضاف "فاروق" أن رفع الأسعار يساهم في زيادة تدفقات العملة الأجنبية مما يدعم احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية بالإضافة إلي فرض ضريبة تصاعدية على الدخل تصل بشريحتها العليا إلى أن35% كما هو الحال في الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو ما قد يوفر ما يصل إلى 10 مليارات جنيه إضافية للموازنة سنويا وتفعيل الضريبة العقارية على الأغنياء مما يخدم ترشيد الاسكان الترفي وأسعار العقارات، مؤكدا أنه في نفس الوقت يضخ مابين 3 إلى 4 مليارات جنيه سنويا للموازنة يدفع معظمها قاطني الاسكان المترف في المجمعات السكنية الفاخرة على أطراف القاهرة وملاك المنتجعات السياحية في الساحل الشمالي (الذي هو معفى من الضريبة حاليا)، فضلا عن الدعم السياسي للعمل الدبلوماسي والشعبي الهادف لإسقاط الديون، والاستفادة من العروض المقدمة من بعض الدول لوقف سداد أقساط الدين وفوائدها تقديراً للثورة المصرية، الأمر الذي فعلته دول مثل الإكوادور سابقاً وتونس حاليا. ومن جانبه طالب الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، بأهمية البحث عن بدائل أخري قبل تكبيل الأجيال القادمة بمزيد من الاستدانة وكل ما يهم المواطن المصري بعد مرور ما يقرب من عامين علي ثورة 25 يناير هو وضوح سياسات الدولة الرامية إلي ضبط الأسعار وتنظيم الأسواق وتحسين الظروف المعيشية وتطوير منظومة التعليم والرعاية الصحية والقضاء علي الفقر والبطالة وغير ذلك مما يخفف أعباء الحياة عن ملايين المصريين. كارثة الاقتراض من صندوق النقد الدولي.. هكذا أطلق عليها الدكتور مصطفي الوكيل، عضو الهيئة العليا لحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي الذي يرفض وبشده اتباع سياسة الاقتراض، خاصة من قبل صندوق النقد الدولي وبدون اعلان تفاصيل أو شروط الاقراض ومن حقنا أن نعلم كل هذه التفاصيل لاننا نحن من سيتحمل تبعات هذا الخطأ في وجهة نظري وأيضا الاجيال القادمة وفي دول مماثله اقترضت من صندوق النقد كان هناك تدخلا في السياسات الداخليه بحجة أن يضمن الصندوق قدرة هذه الدول علي تسديد القرض فيشترط تقليل النفقات فيتم رفع الدعم شيئا فشيئا ويتم الابتعاد عن طريق العدل الاجتماعي والذي يتحمل نتائج ذلك ليس سوي المواطن البسيط . ويشترط الصندوق أيضا ما يسميه اصلاحات اقتصاديه ولكنها طبعا تكون موجهه لمصالح الدول المانحه للصندوق وبعد كل ذلك لا تستطيع الدول سداد القرض وتظل سنين طويلة تسدد فقط ما يسمي بخدمة الدين يعني الفوائد فقط وتقترض مرة أخرى ويتم وضع شروط اخري وهكذا حتي نصل في النهايه الي ان نفقد حرية اتخاذ القرار وتتدخل الدول أياد خارجيه في سياساتنا الداخليه ولكن لو كان هناك ضروره للاقتراض كما يقولون لسد عجز الموازنة. وهذا ما لن يحدث لأن عجز الموازنة عندنا أصبح مزمناً فلابد قبل التفكير في هذا الأمر أن يتم وضع سياسات ورؤي لاستغلال هذا القرض واستثماره وبحث امكانيه تحديد أفضل المشروعات التي تدر عائدا يساعد في عملية السداد ومن ثم لابد من وضع خطط قصيره ومتوسطة الاجل ويتم دراستها جيدا قبل الاقتراض. كما طالب الدكتور مصطفي كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بتقليل عدد المستشارين والخبراء الذين كانوا معيينين لعلاقاتهم مع سادة النظام السابق وبذلك سنوفر أكثر من 10 مليارات سنويا مع تحديد أملاك الدوله مثل الاراضي ويتم تخصيص عدد كبير منها للمصريين المقيمين بالخارج، مقترحا أن تكون أراضي سيناء لها نصيب الاسد وبذلك سوف نوفر مبلغ جيد من العمله الصعبه وأيضا المضي قدماً في طريق تنمية سيناء. وأضاف "السيد" ضرورة التأكد من وصول الدعم لمستحقيه لان 90%من الدعم يصل لمن لا يستحقه ويتم رفع الدعم عمن لا يستحق. وفي تقرير لجريدة "فاينينشال تايمز" حول حصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولي بلغت قيمته 4.8 مليار دولار أمريكي، تقول الجريدة على لسان السيدة لاجارد مدير صندوق النقد الدولي أنه"منذ شهور طويلة وهناك مفاوضات بين الفريق الفني لصندوق النقد الدولي والحكومة المصرية حول شروط القرض المحتمل والذي سوف يبدأ في غضون أسابيع. وأضافت الجريدة أن صندوق النقد الدولي يريد من مصر خططاً واضحة حول تخفيض العجز في الميزانية عن طريق زيادة العائدات، وذلك من خلال تقليص الدعم على القطاع العام، بما في ذلك دعم الطعام والوقود، كالغاز والبنزين والسولار وأضافت أنه يجب على مصر أيضاً ضمان التمويل من مؤسسات الإقراض الأخرى كجزء من شروط القرض. واقتبست الصحيفة من تصريحات رئيس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل حول أن مصر ستكون المسئول الأول عن تحديد كيفية التصرف وإنفاق القرض، مؤكدا أنه بشروطه تلك صفقة جيدة جداً لمصر حيث أن القرض لمدة خمس سنوات بفائدة 1.1% فقط اتفاقية القرض اعتمدت على الشراكة بين الطرفين، كما أن والأحكام، وتلك الشروط والأحكام ستكون ملزمة للدولة الموقعة على العقد. بينما يقول المحللون أن تلك الشروط من الممكن أن يتم عرقلة قبولها من جانب حكومة إسلامية ذات مزاعم بتقليل الفجوة بين الفقراء والأغنياء ومن ناحية أخرى فإن صندوق النقد الدولي قد يسمح ببعض المرونة بسبب المخاوف الكبري من أن الاقتطاع من دعم القطاع العام قد يسبب ضرراً كبيراً للاقتصاد المصري.