أثار قرار الرئيس محمد مرسي الصادر أمس ،الاحد، بتحصين الجمعية التأسيسية للدستور وتحويلها لشخصية اعتبارية مستقلة بعيدا عن أي مؤسسة من مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة الرئاسة ذاتها الجدل بين أوساط القانونيين وفقهاء الدستور والساسة والحزبيين لدرجة أن وصفه أحدهم بالقرار الباطل دستوريا، حيث يلعب "مرسي" بأخر أوراق الضغط السياسى ولكن السؤال الذي تطرحه "الوادي" هنا هل المجلس العسكرى سيهزم الرئيس قضائيا أم سينتزع صلاحياته من "العسكري"؟ كما جاء تصديق رئيس الجمهورية على القانون رقم 79 لسنة 2012 الخاص بتحديد معايير الجمعية التأسيسية للدستور استنادا علي نصوص المادة رقم 60 من الإعلان الدستورى بانتخاب الأعضاء غير المعينين فى مجلسى الشعب والشورى جمعية تأسيسية من مائة عضو، لإعداد مشروع دستور جديد فى البلاد. كما ينتخبون خمسين عضوا احتياطيا تخضع قراراتهم للرقابة على دستورية القوانين والقرارات البرلمانية، مع تمتع الجمعية التأسيسية بالشخصية الاعتبارية والاستقلالية التامة عن كافة أجهزة ومؤسسات الدولة بما فيها رئاسة الجمهورية ويراعى فى تشكيل الجمعية تمثيل كافة أطياف المجتمع. وفي حالة عدم إجراء الانتخاب فى الاجتماع المشترك الأول يدعو رئيس الاجتماع إلي اجتماع أخر لإتمام العملية الانتخابية ودعوة الاجتماع المشترك الجمعية التأسيسية بعد انتخابها إلى اجتماع فى موعد غايته سبعة أيام من انتخابها وللجمعية التأسيسية دون غيرها وضع لائحة خاصة بها تنظم أعمالها . وهو ما وصفه الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس بالمتسرع والتصادمي، حيث إنه من المتوقع فى جلسة المحكمة الادارية لحل اللجنة التاسيسية العليا وهنا يجب ان نتوقف قليلا أمام البند الخاص باللجنة التاسيسية فى الاعلان الدستورى المكمل والذي استند إليه "الرئيس" في قراره الأخير، حيث ينص في مادته 60 مكرر علي أنه "إذا قام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسية لعملها، شكل المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال أسبوع جمعية تأسيسية جديدة تمثل أطياف المجتمع لإعداد مشروع الدستور الجديد خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض مشروع الدستور على الشعب لاستفتائه فى شأنه خلال 15 يوما من تاريخ الانتهاء من إعداده، وتبدأ إجراءات الانتخابات التشريعية خلال شهر من تاريخ إعلان موافقة الشعب على الدستور الجديد. إذن فنحن امام صراع جديد من قبل الرئيس للحفاظ على اخر اوراقة السياسية وهى اللجنة التاسيسية للدستور ويصطدم ذلك برغبة المجلس العسكرى فى حل تلك اللجنة وتشكيل لجنة تاسيسية بمعرفته علي حد قوله. ولكن السؤال الذي تطرحه "الوادي".. هل يتغلب "مرسي" تلك المرة قضائيا أم يحدث العكس فيقول "زهران" إن العسكرى وترزية قوانينة اثبتو بالدليل العملى القاطع أنهم الاحرف والامهر فى ترزية القانون وتفصيله بشكل مغلق بلا ثغرات قانونية ويستغلون جيدا اندفاع الرئيس المستميت لنزع تلك الاستحقاقات السياسية من المجلس العسكرى. كما يستخدمون الآلة الاعلامية ليضعوا دائما "مرسى" بشكل سئ وانتهازى له ولجماعة الاخوان وهذا يجعلة فى وضع نزيف شعبى مستمر ودائم لهذا فكالعادة وبعد هذا الضجيج والطحن القانونى من قبل مسشارى القانون لمحمد مرسى . ومن ثم فإن ترزية قوانين العسكرى سيفوزون فى النهاية كالعادة حسبما يروي "زهران" وستهيج الامور قليلا وسينتهى ببيان ل"مرسى" باحترام قرارات القضاء كما حدث بعد حكم الدستورية العليا بشأن حل البرلمان، موضحا أن الصراع الدائر علي الساحة صراع استحقاق سياسى من الدرجة الاولى ولكن الفائز فى النهاية سيكون للفريق الذي يفهم رجاله القانون الدستوري جيدا. وقال الدكتور ابراهيم درويش، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة إن أعضاء الجمعية التأسيسية هم برلمانيين معدومى المراكز القانونية، خاصة أن مادة تأسيس عمل اللجنة الدستورية هى ماده مستفتى عليها واللجنة الدستورية الحالية برمتها هى لجنة معدومة المراكز من تاريخ انشاءها لانها منبثقة عن مجلس شعب منعدم الوجود. وأضاف "درويش" أنه في حالة ما إذا كان البرلمان منحل وغير منعدم كان من الممكن تحصين اللجنة الدستورية لأنه وقتها يوم أن تم اختيار اعضاؤه كانوا يتمتعون بمراكز قانونية برلمانية سليمة، لكن البرلمان منعدم طبقا لحكم المحكمة الدستورية العليا وهذا ما يعني ان الانتخابات البرلمانية كأن لم تكن ومن ثم فلا أعضاء البرلمان اكتسبوا أى مراكز قانونية برلمانية من الاساس ولا يجوز تحصين المنعدم لانه عدم ولم يولد من بادئ الامر حتى يموت او يكتب له الحياة. وعلي صعيد أخر أبدي المستشار محمد عيد سالم، الامين العام لمجلس القضاء الاعلي ترحيبه بقرار الرئيس بغض النظر عن الجدل القانوني الذي يستتبع ذلك القرار من الناحية العملية ولكن الاستقرار أمر ضروري للبلاد في تلك الفترة العصيبة . وأوضح "عيد" ان الصراع الجاري علي الساحة حاليا هو صراع علي السلطة وليس صراع علي القانون، فرجال القانون تسعي لحشد أسلجتها الدستورية من أجل الانتصار لرأيه علي حساب قيم العدالة، مشيرا أنه لا سبيل لنهضة مصر إلا بالبعد عن الخلافات والنزاعات والصراعات الشخصية . وأضاف أنه ليس من حق المحكمة الدستورية العليا أن تختصم في أي قضية بدون دعوي قضائية مقدمة إليها للفصل في مدي دستورية الدعوي طبقا لطريقة الدفع التي تسير عليها المحكمة ومن ثم فإذا رأت جدية الدعوي وبعدها عن شبهات العوار الدستوري تفصل فيها من ظاهر الأوراق والقواعد القانونية المتعارف عليها قانونا. ومن جانبه أشار المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الاسبق إلي أن اللجنة التأسيسية الجديدة بها كثير من العوار الدستورى والقانونى الا ان قرار الرئيس محمد مرسى بتحصين تلك اللجنة بالاضافة الى انسحاب كافة أعضاء مجلس الشورى من عضويتها قد فوت الفرصة على المجلس العسكرى من التدخل لتعيين اعضاء اللجنة التأسيسية لوضع الدستور القادم بناءا على احدى مواد الاعلان الدستورى المكمل التي أصدرها المجلس العسكرى ورفضته معظم القوى السياسية والدينية. وأشار "الجمل" إلي حكم المحكمة بحل التأسيسية الاولى بحسب المادة 60 التى نصت على أن "يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشورى في اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها ويُعرض المشروع، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده على الشعب لاستفتائه في شأنه ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء " . بينما أوضح الدكتور جابر نصار، أستاذ القانون الدستورى وأحد أعضاء اللجنة التأسيسية الجديدة أن المشكلة الحقيقية تكمن فى الترتيبات العشوائية لهذة المرحلة الانتقالية، فمنذ اصدار حكم المحكمة فى العاشر من أبريل الماضى بحل اللجنة التأسيسية دون أن يحرك البرلمان ساكناً وفجأه انتفض مجلس الشعب حينما ادرك الخطر بإشارة من المجلس العسكرى الذى امهله 48 ساعة فقط. فبدأ الاجتماع والتشكيل وتحديد ال1800 اسما واختيار 150 شخصا وبناءا على الحكم الاول، مؤكدا أنه اذا رفع اى شخص دعوى ببطلان التأسيسية الجديدة سيكون مصيرها نفس مصير الاولى، خاصة لان سبب حل الاولى هو ذاته سبب حل الثانية وبقرار "مرسى" فان اللجنة ستستمر فى عملها الا اذا كان للعسكرى راى اخر. بينما أفاد عفت السادات، رئيس حزب مصر القومى أنه كان يتمنى أن يحترم أعضاء حزبى الحرية والعدالة والنور السلفى أحكام القضاء بتعيين أعضاء اللجنة التأسيسية من خارج البرلمان ولكن للاسف لم يطبقون النسبة التى تعتمد على المشاركة ولكنها اعتمدت على المغالبة بنسبة 50 % وباقى النسبة من الخارج مع الإستعانة بعدد كبير من الشخصيات السياسية والقامات الازهرية وبعض الاحزاب ذات المرجعية الاسلامية، وبالتالى فان لفظ المغالبة هوة التعريف الادق لموقف الاخوان المسلمين . فى المقابل قال الدكتور محمود عامر، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة إنه من الطبيعى الا تعبر اللجنة التأسيسية للدستورعن جميع طوائف الشعب المصرى نظرا للتشعب الكبير فى مختلف الطوائف والحرف والتخصصات وبالتالى فان اللجنة التأسيسية لمراعاة ذلك قد وضعت مجموعه من اللجان الفرعية تعد المهام الرئيسية لها للتعبير بشكل واضح عن تلك الطوائف التى لم تساهم فى تشكيل اللجنة الام . بالاضافة الى عمل موقع الكترونى ساهم خلال ساعات قليلة اكثر من عشرة الاف مواطن للتعبير عن ارائهم فى تشكيل اللجنة ووضع توصيات بذلك لتحقيق الاستفادة الكاملة من رأى كل مواطن من مشاركة كبار مثقفى مصر المتواجدون باللجنة التأسيسية.