الأطياف تتراوح بين: الأحقية المطلقة والتأييد التام والتأييد المشروط والمعارضة والرفض والعداء التام ولوازم التنافس الديمقراطي علي عكس الانطباع العام الذي يعطيه المؤيدون لترشيح المشير السيسي للرئاسة من ان هناك إجماعاً وطنيا علي هذا الترشيح فان كل المؤشرات السياسية تؤكد ان هذا الترشيح لم ينج - ولم يكن بوسعه النجاة - من حالة الاستقطاب السياسي الحاد الذي تشهده مصر منذ حكم الاخوان الأخرق والاقصائي والذي لم تنجح للأسف موجة 30 يونيو الثورية في إنهائه كما كان مأمولا . سبعة أطياف سياسية يرصدها هذا المقال في مواقف القوي السياسية المصرية التي لم يكن لديها جميعا مانعا من الإطاحة بنظام مرسي -اي من دون حساب جماعة الاخوان وحلفاءها من جماعات القتل وإلتفجيرات - تتفاوت في حجمها ووزنها الجماهيري تفاوتا كبيرا تفاوت علمتنا الثورة في سنواتها الثلاث المتقلبة انه قابل للتغير بل والانقلاب في غضون شهور وأحيانا أسابيع قليلة . تتراوح هذه الأطياف بين الأحقية المطلقة.. والتأييد التام .. والتأييد المشروط .. والمعارضة.. والرفض .. والعداء التام .. ولوازم التنافس الديمقراطي . الطيف الاول : الجيش والسيسي كممثل له هما صاحبا الحق المطلق في الترشح والفوز بالرئاسة: هذا الطيف هو الأكثر تشددا وهو مكون أساسا من نخبة عسكرية طموحه وممرورة في نفس الوقت تري ان الجيش هو الذي تحمل كل أعباء ثورة 25 يناير و( ثورة ) 30 يونيو وان قادته سواء بقيادة طنطاوي في الاولي او بقيادة لسيسي في الثانية هم الذين وضعوا رقابهم تحت المقصلة عندما انحازوا الي الشعب في مواجهة رئيسيين ( مبارك ومرسي ) يفترض ان ولاءهما لهما وأنهما في كلتا الحالتين تلقوا بدلا من الثناء والمديح انتقادات عنيفة من الثوار وصلت الي حد [يسقط حكم العسكر] في حالة طنطاوي و[التأسيس لدولة بوليسية جديدة ] في حالة السيسي . ولا يقف الامر عند تجاهل هذا الطيف لحقيقة ان الجيش كان ضد مشروع التوريث ولكنه اخفق في منعه لولا ثورة الشعب في 25 يناير او ان مشروع الاخوان كان تفكيك الدولة الوطنية وعلي رأسها مؤسسة الجيش وانه لولا نزول الملايين في 30 يونيو ما استطاع الجيش ولا تجرا قادته في خريطة طريق 3 يوليو علي الإطاحة برئيس منتخب . . ولكن هذه النخبة العسكرية تتلقي دعما مدنيا من نخبة اما سياسية و إعلامية تعودت منذ عهد مبارك علي ركوب كل موجة عالية والاستفادة من ثمارها واما من نخبة سياسية تبدو دون قصد وكأنها تختصر الوطن في الدولة وتعبد الدولة بعد الله وهي هنا تعيد توظيف خبرات تاريخية صحيحة في سياق سياسي مختلف يدعم فكرة ان رئيس مصر القادم لابد ان يكون عسكريا ومن مثل هذه الخبرات الدور المحوري للجيش المصري في بناء الدولة المصرية الحديثة ودور قادة من جذور عسكرية في اهم فترات صعود واستقلال ونهضة مصر مثل محمد علي و جمال عبدالناصر( يتجاهل هذا التحليل التاريخي ان الامر لا علاقة له بتكوينهم العسكري المهني بقدر ما هو مرتبط بتكوين الاول القيادي والاستراتيجي وانحيازات الثاني الاجتماعية والعروبية بدليل ان قادة اخرين من جذور عسكرية كانو رمزا لانحدار وتبعية وتخلف مصر ( السادات ومبارك ) . ) . الطيف الثاني : هو طيف التأييد التام غير المشروط لترشيح المشير السيسي والعداء التام لأي مرشح اخر يفكر في منافسته وهو مكون وياللغرابة - من معسكرين متصارعين ومتناقضين اجتماعيا بل ان الصراع الطبقي علي مصر القادمة يدور وسيشتد بينهما . المعسكر الاول هو أغلبية من فقراء المصريين يرون في السيسي منقذا لهم من فقر وعوز مبارك الذي تعمق بسنوات فشل الإدارات الانتقالية ( المجلس العسكري والإخوان ونظام مابعد 30 يونيو ) وحكوماتها الخمس المتتابعة من شفيق وشرف والجنزوري وهشام قنديل وصولا للببلاوي . باختصار يأملون ان يكون ناصرا جديدا ينحاز لهم بعد أربعة عقود ونصف من انحياز الحكام لأعدائهم او سارقي عرقهم من الأغنياء والطبقة الراسمالية الكبيرة . هؤلاء الأغنياء وهذه الطبقة الراسمالية بالذات الذين لم ينزلوا اوحتي يوافقوا علي النزول في 25 يناير هم القسم الثاني من هذا الطيف وهم يمثلون الماضي والعودة للوراء بامتياز ويعتقدون ان سعيهم لان ترسو الثورة علي مجرد إصلاحات ( ليبرالية شكلية ) دون تغيير في جوهر النظام الاجتماعي وسياسات الراسمالية الكمبورادورالتابعة للرأسمالية العالمية وبالتالي ان يحافظوا علي كل ما نهبوه من المال العام واراضي الدولة والخصخصة والاستيلاء عل الجزء الأكبر من الإنفاق الحكومي ومناقصات الدولة في الأربعة عقود ونصف هو مرهون بإلقاء كل ثقلهم وراء ترشيح المشير السيسي وهم يقاتلون بكل ما أوتوا من نفوذ العلاقات مع مراكز الدولة الحساسة و المال الوفير والفضائيات المملوكة لهم المسخرة لهذا الترشيح - ان لا يكون ناصرا جديدا .راجع تحذيرات المثقفين والإعلاميين التابعين لهذه الطبقة للسيسي من الاقتداء بعبد الناصر والتي وصلت الي حد ( ابعد يا سيسي عن كل ماهو ناصري او ثوري ) . وعبر منهج قاده أعلام طبقة ضيقة وأنانية ولكن واعية لمصالحها تمكن من الفصل بين يناير ويونيو واعتبار يونيو هي الثورة الحقيقية ( راجع الخطاب السياسي لحملات تعبر عن هذا الطيف وينفق عليها رجال الاعمال بسخاء مثل مصر بلدي وبأمر الشعب الخ ) وكرس فهما مفاده ان ثورة 25 ينايرنكسة او وكسة كانت نتيجة تامر دولي علي نظام مبارك ( الوطني ) قام به عدد من النشطاء المأجورين بالتعاون مع الاخوان المسلمين منذ البداية في رواية أو مكن الاخوان من سرقتها لاحقا في رواية اخري . الطيف الثالث : التأييد المشروط : هذا الطيف لا ينتمي لنظام مبارك وهو اقرب للثورة وشارك غالبا في يناير ويونيو وهو في تركيبته الغالبة من الأجيال فوق الخامسة والأربعين وان كان فيه شباب أيضاً ولكن بدرجة اقل وهو يبدأ من عدم المجادلة في ترشيح المشير وهم يعتبرونه مرشح ضرورة وطنية وأحيانا تاريخية وكل ما يطرحونه هنا ليس بالاختيار بينه وبين غيره ولكن بربط تأييدهم المسبق له بتبني برنامج واضح يحقق ما في وسعه من أهداف الثورة . وهذا التيار الذي يضم ماركسيين وناصريين وآخرين من تيارات مختلفة يعتبرون ان المهمة الاولي المطروح علي جدول الاعمال الوطني هي مواجهة الارهاب وجماعة الاخوان اي هي استعادة الدولة بقوتها وهيبتها لكي تتمكن من تحقيق الامن وتحريك الاقتصاد .المبادرة التي كان عنوانها ( مستقبل وطن ) وأعلنت عن نفسها في مؤتمر صحفي بمركز أعداد القادة الأسبوع الماضي هي مثال لهذا الطيف السياسي الذي يبدأ من المشير ولكن لا يعطيه شيكا علي بياض ويشترط عليه عدم العودة لنظام او رموز مبارك . هذا الجيل له ملاحظات علي المرشحين المدنيين الآخرين وعلي جيل الشباب الذي تشظي الي اجزاء متناثرة وأصاب بعضه في رأيهم الغرور وال نرجسية ومرض الظهور الاعلامي بل وفسد بعضهم وضاعت بوصلته بسبب علاقته ببعض منظمات المجتمع المدني الأجنبية . الطيف المعارض : هذا الطيف الرابع يعترف للجيش وللمشير بدورهما التاريخي في حماية مصر من خطر الحرب الأهلية في حال وقوفه محايدا بين الشعب والاخوان الذي يمتلك التحالف الجهادي معه كل قدرات وأدوات العنف كما ثبت ولايزال يثبت حتي الان من سيناء للدلتا للقاهرة نفسها بشكل يومي . ولكنه يري ان قرار السيسي بالنزول للانتخابات تكرار للسابقة الخطيرة التي أضعفت الاخوان شعبيا او كانت بداية ألانقلاب عليهم الا وهي ترشحيهم الشاطر ومن بعده مرسي للرئاسة بعد ان كانوا تعهدوا علنا للشعب بعدم المنافسة علي الرئاسة . ولما كان السيسي قد تعهد للمصريين عند تحركه في30 يونيو بتعهد مماثل بعدم ترشح قائد من الجيش للحكم والرئاسة فان نكوصه عن هذا التعهد سيكرر المأزق الأخلاقي في تأكل المصداقية .. ويدعم زعم الاخوان والقوي الإقليمية والدولية الداعمين لهم ان ما حدث في 30 من يونيو كان انقلابا كلاسيكيا في بلد من افريقيا لجيش طامع في السلطة علي رئيس منتخب ديمقراطيا . ويري هؤلاء ان ترشيح السيسي يتعارض مع أهداف ثورة 25 يناير وأيامها ال18 المجيدة في ان تحكم مصر ديمقراطيا من رئيس مدني بصلاحيات بشرية تكون محكومة بتوازن ورقابة برلمان قوي وسلطة قضائية مستقلة وحكومة لديها تفويض سلطات واضح . وان انتخاب السيسي لن يسمح بهذا التطور الديمقراطي نحو دولة حديثة ومدنية[ لا دينية لكن أيضاً لا عسكرية] . ويفضل هؤلاء مع أطياف اخري دورا للجيش يقوم فيه بحماية الانتقال الديمقراطي وعدم التدخل المباشر في السياسة .. ودورا للسيسي يواصل فيه اعادة اللحمة للقوات المسلحة وتطوير تسليحها وتدريبها بعد 34 سنة ( منذ معاهدة السلام مع اسرائيل ) سمح فيه نظام السادات ومبارك لإسرائيل ان تتفوق علي كل الجيوش العربية مجتمعة . الطيف الخامس : هذا الطيف المتمسك بتحالف 30 يونيو ويرفض اي تحالف مع الاخوان الظاهرين او المتخفيين يرفض من حيث المبدأ ترشح المشير موافقا بها علي كل ملاحظات الطيف السابق ولكن يضيف اليها ان السيسي ليس مرشح الثورة ليس فقط بسبب غموضه السياسي والاجتماعي واحتمال ان يكون اعادة محسنة للنظام القديم ولكن أيضاً بسبب الممارسات المخالفة للثورة التي تميزت بها الفترة منذ 26 يوليو وحتي الان والتي شملت سيطرة فلول ورموز نظام مبارك علي المشهد الاعلامي وأحيانا السياسي وتواجدهم الملحوظ في احتفالات ومناسبات المجلس العسكري الحالي بعد 30 يونيو وتجاوز الدولة المصرية خاصة الشرطة لتفويض محاربة الارهاب الي انتهاك الحريات العامة والخاصة وانتهك حرية التعبير التي انتزعتها الثورة بدماء شهدائها الزكية بل والانقضاض علي شباب الثورة أنفسهم وحبس بل وأحيانا قتل بعضهم ( مثلما حدث في احياء ذكري 25 يناير الثالثة ) ما يجعل احتمالات العودة الي الدولة القمعية مع ترشحه رئيساً لفترة او ربما فترتين احتمالات مرجحة . هذا الطيف السياسي لا يطلب فقط من المشير عدم الترشح بل أيضاً لديه اليقين ان هناك من يستطيع التعبير عن الثورة وتمكينها من الدولة ووضع الدولة في خدمة أهداف الثورة بطريقة افضل ويستطيع ان يقيم علاقة صحية بين الدولة المدنية وجيشها الوطني . وهم يجادلون ان مرشحا للثورة يمكن لكل القوي الثورية والشبابية الاتفاق عليه هو هدف يمكن الوصول اليه وان مقولة استحالة التوافق الثوري علي مرشح واحد هو محاولة لإحباط هذه القوي وزيادة الاختلافات فيما بينها لصالح الثورة المضادة وان مقولة ان شعبية السيسيسي ستظل علي قوتها حتي اجراء الانتخابات وان فوزه محسوم هو أيضاً مقولة خاطئة تتجاهل التغير الحاد في المزاج الشعبي خلال السنوات الثلاث التي تلت الثورة بل وبمقارنة المستوي الحالي من شعبيته وبعد اداء حكومة الببلاوي المتواضع مقارنة بشعبيته الجارفة في الشهر الاول ببعد 30 يونيو . العداء التام : هذا الطيف السادس هو طيف معادي تماماً لترشيح السيسي ..يتخطى بكثير تخوفات وملاحظات الطيف السابق وهو يعلن انه لم يعد بعد 3 يوليو وخريطتها للطريق جزءا من تحالف 30 يونيو وان نظام ما بعد 3 يوليو هو مثل نظام الاخوان والمجلس العسكري بل ونظام مبارك . باختصار هم يرون ان السيسي يرأس الان - وإذا ترشح سيواصل - نظاما للثورة المضادة معاد للحريات العامة في التعببير( التظاهر و التعبير والتنظيم الخ ) وانه سيكرس ما يسمونه استمرار دولة العسكر منذ يوليو 1952 وكما كانت المفارقة واضحة في معسكر التأييد التام للسيسي بين أفقر الفقراء واغني الأغنياء فان معسكر العداء التام يضم أقصي اليمين من بقايا مدرسة الاخوان الفكرية والسياسية ( وليس التنظيمية ) وأقصي اليسار من منظمة وأحيانا من تيار الاشتراكيين الثوريين . بل ان التحليل السياسي لدي هؤلاء يكاد يكون قام بدورة كاملة اذا استبدل التناقض الرئيس مع الاخوان واليمين الديني في سنة حكمهم بتناقض رئيسي مع الجيش والعسكر . هذا الفريق غير المتناغم عقائديا ينقسم في علاقته بانتخابات الرئاسة الي اتجاهين الاول سيقاطع وسط تحليل متشدد مفاده ان الجميع الذين سيترشحون امام السيسي ام مجرد ديكور يتيح استيفاء الشكل الديمقراطي لانتخابات محسومة سلفا او جزاءا من صفقات ستعقد بين قوي العسكر والنظام القديم من ناحية وإصلاحيين او ثوريين لحقهم الإجهاد والتعب وتوقفوا عن النضال . والاتجاه الثاني سيشارك ولكن بشروط صعبة للغاية تريد من مرشح ينتمي الي الثورة ان يتبني خطاب هذا الطيف الذي يبدوا احيان وكأنه معادي للجيش وليس مختلفا مع قائده او معادي لفكرة الدولة وليس ساعيا الي تثويرها. الطيف السابع هو طيف محايد اذا صح التعبير تجاه ترشيح او عدم ترشيح السيسي وكل ما يطلبه هو لوازم الديمقراطية والانتخابات الديمقراطية من منافسة عادلة وحياد دقيق من مؤسسات الدولة وأجهزة الاعلام وفرص متكافئة في الإنفاق والوصول للناس لجميع المرشحين وهي لوازم تعني في حالة ترشح المشير قلق يعبر عنه هذا الطيف السياسي من حالة الانحياز شبه الكامل للقنوات العامة والخاصة والجرائد العامة والخاصة للفريق السيسي وما تظهره مؤسسات سياسية ودينية واجتماعية من تعبئة لصالحه بما يخل في نظرهم بقواعد اللعبة الديمقراطية واحترام حق الجمهور في الاختيار الحر بين برامج وسياسات رشيدة . &&في الخلاصة هناك أغلبية ( يتفاوت تقديرها من محدودة الي جارفة ) تدعم ترشح السيسي حاليا وليس هناك إجماع . والأغلبية قلقة ومتحركة وقابلة للتغير بل والتبدل كل يوم خاصة مع رد الفعل المعاكس وال متزايد لإلحاح الاعلام وترخص الدعاية وهي عموما كغالبية اقرب كناخبين لجيل مابعد الأربعين وهي فئة غيرمبادءة وبطئية في حين يقف الناخبون من ال18 وال35 عاما معارضين اومتحفظين علي ترشيحه وهم فئة مباداءة ومتحركة وقادرة علي إقناع فئات مترددة بالانضمام إليهم في التحفظ والمعارضة . حسين عبد الغني اعلامي وكاتب مصري