قبل جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها يومي 16 و17 يونيو المقبل، بين الفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسي يخشى المصريون من اعادة صياغة وثيقة السلمي من جديد وعسكرة الدولة في حالة تولي شفيق منصب الرئيس المنتخب أو جعل الدولة دينية وتقييد صلاحيات المجلس العسكري في حالة تولي مرسي منصب الرئيس. وحول ذلك كانت هذه آراء الخبراء السياسيين في هذا الشأن، حيث أكد اللواء محمد قدري سعيد المستشار العسكري بمركز الدراسات الاستراتيجية بالاهرام بأنه لا يوجد في مصر سوى دستور 1971 الذي وضع في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وبعد ثورة 25 يناير حدثت تعديلات بسيطة وقد وافقنا عليها باستفتاء شعبي في شهر مارس 2011". وسوف يحدد الدستور الجديد صلاحيات الرئيس المنتخب وعلاقته بالقوات المسلحة وحتى يتم ذلك سيكون هو القائد الاعلى للقوات المسلحة سواء كان الفريق أحمد شفيق أم الدكتور محمد مرسي، لأن مصر تخضع حتى الآن للنظام الرئاسى طبقاً للدستور المصري وبالتالي ستكون له صلاحيات كثيرة بهذه الصفة. وبغض النظر عن كون أحمد شفيق أحد أفراد القوات المسلحة وخاض معارك حربية كأحد قياداتها وعمل بها لسنوات طويلة أو كان الدكتور محمد مرسي الذي لا يعلم أحد شيئاً عن موقفه من الجيش حتى الخدمة العسكرية ربما لم يقضيها لكونه الابن الوحيد ومع ذلك اذا فاز سيصبح هو القائد الأعلى للقوات المسلحة. وأشار قدري الى أن وثيقة السلمي لها مواصفات وشروط تم مراجعتها قبل خوض الانتخابات ورفضت المادة التاسعة والعاشرة المتعلقة بالمجلس العسكري وخرجت من المناقشات بمجرد طرحها. وسوف يسعى مجلس الشعب لطرح وثيقة حديثة بها أجزاء من وثيقة السلمي لإرضاء المجلس العسكري ولكن يجب أن تعرض على استفتاء شعبي وقد يرفضها كما رفضها من قبل. هاني رسلان الخبير بمركز الاهرام الاستراتيجي صرح بأن التعديلات الدستورية ليست واضحة في ظل التأخير المتعمد للجمعية التأسيسية للدستور والتي كان عليها أن تضع الدستور الجديد قبل الانتخابات الرئاسية وخاصة المتعلق منها بالشروط الواجب توافرها في الرئيس المنتخب وصلاحياته وقد كانت هناك شكوك متعلقة بتعديل الدستور حسب توجهات الرئيس وانتمائه السياسي ولكن بعد الأداء الرفيع للقوات المسلحة الذي أكدت فعلياً من خلال حرصها على تأمين الانتخابات الرئاسية بأنها سوف تسلم السلطة للرئيس المنتخب وتعود لمهمتها الاساسية وهي الدفاع عن حدود والوطن. العميد حسين حمودة الخبير الأمني صرح بأن التعديلات الدستورية تتوقف مع الأسف على هوية أعضاء اللجنة الدستورية وانتمائاتهم السياسية والطريقة التي سيتم بها اختيارهم ولا علاقة لها بمن هو الرئيس المنتخب سواء كان شفيق أو مرسي. واذا تم اختيارهم بموضوعية وشملوا جميع أطياف الشعب المصري ستكون اللجنة حيادية والدستور لن يتم فيه وضع قوانين مجاملة لبعض الأطراف. ولكن اذا تم اختيارهم دون ذلك فسوف يختلف الحال مع الرئيسين بمعنى أنه اذا تولى شفيق منصب الرئيس فهذا يعني أن الدولة سيتم عسكرتها لأنه سيعطى للقوات المسلحة سلطات ومميزات خاصة في الدستور الجديد لأنها ساندته حتى حصل على منصب الرئيس ولكونها حامية الشرعية والمتحكمة في نسبة 5% من الدخل القومي لمصر. وبالتالي سيتمكن شفيق من الهروب من العقاب هو ورجاله وكذلك المشير طنطاوي ايضاً وربما يكون هذا هو الاتفاق المبرم بين المجلس العسكري وشفيق. أما في حالة تولي مرسي منصب الرئيس فستكون الدولة ذات مرجعية دينية رغم محاولات الاخوان المسلمين اخفاء ذلك ورغبتهم في الانتقام من المجلس العسكري الذي شوه صورتهم أمام الشعب وسوف يوافقون على اجراء تعديلات دستورية ترضي الشعب وتحد من سلطات المجلس العسكري. وهناك اجماع شعبي الآن على أن تكون الدولة مدنية ذات مرجعية دينية وبعيدة تماماً عن العسكر. اللواء دكتور نبيل فؤاد أستاذ العلوم الاستراتيجية أكد بأن المشير طنطاوي أكد على عدم نيته في طرح وثيقة السلمي مرة اخرى والتي تعطي القوات المسلحة مميزات كثيرة والدليل على ذلك انه قدم مشروع قانون يقضي بمنع تحويل المدنيين للمحاكم العسكرية بقرار من رئيس الجمهورية كما كان يحدث من قبل وسلبه هذا الحق. وقد كانت هناك مطالب بعد الثورة مباشرة بتطبيق النموذج التركي العسكري في مصر ولكن هذه المطالب اختفت تماماً بعد القبض على عسكريين أتراك سعوا لعمل انقلاب في الحكم مما أكد على فشل هذا النظام. واشار فؤاد الى أنه في حالة تولي شفيق منصب الرئيس سيسعى لإعادة صياغة وتنفيذ وثيقة السلمي من جديد كي يضع ضمانات في موازنة القوات المسلحة وتكون له سلطات مستقلة ويتخذ وحده قرار اعلان الحرب ويسلب هذا الحق من رئيس الجمهورية ومجلس الشعب. ولذلك يجب على شفيق أن يجري اصلاحات جزرية في الدولة حتى يمحو فكرة أنه ما زال يتبع الفلول ونظام مبارك ويقدم تنازلات بعيدة عن القوات المسلحة والسلطات الرئاسية ويقوم بتطهير واصلاح في مؤسسات الدولة لامتصاص غضب الشعب. أما اذا تولى مرسي منصب الرئيس فسوف يمكن الاخوان المسلمين من الحكم ولكن ليس بصورة مباشرة فما زال لديهم أمراض من ماضيهم وقد بدا ذلك واضحاً حينما شكلوا اللجنة الدستورية التي رفضها الشعب.