دخلت التخفيضات التلقائية في الإنفاق الحكومي حيز التنفيذ بعد أن فشل الديمقراطيون والجمهوريون في التوصل حتى الآن إلى تسوية ترضي الطرفين. وقد حمل الرئيس الأمريكي باراك أوباما الجمهوريين المسئولية عن التخفيضات التلقائية في الإنفاق الحكومي ووصفها بأنها حمقاء وقال إن الفشل في تجنبها لا يغتفر..بينما جدد رئيس مجلس النواب جون بينر معارضة حزبه لزيادة الضرائب في إطار صفقة لتجنب التخفيضات، مشددا على أن مشكلة عجز الميزانية الأمريكية تكمن في حجم الإنفاق الحكومي.
ورغم جهود الحزبين الديمقراطي والجمهوري لكسب الحرب الإعلامية وتحميل الطرف الآخر المسئولية عن الوقوع في هذه الأزمة المالية الجديدة، الخاصة بتقليص الإنفاق الحكومي بشكل تلقائي التي لم يكن المقصود منها سوى أن تكون إجراء عقابيا تكتيكيا فقط لإجبار الطرفين على التوصل إلى اتفاق متكافئ لخفض عجز الميزانية، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى أنها ترسخ لدى المواطن الأمريكي العادي احساسا متزايدا بالإحباط تجاه السياسيين في واشنطن من الحزبين.
وتشمل التخفيضات في الإنفاق العديد من القطاعات وستمتد على مدى 7 أشهر حتى نهاية العام المالي الحالي في سبتمبر المقبل لخفض الميزانية بمبلغ 85 مليار دولار.
وأكثر القطاعات تأثرا بهذه التخفيضات هو قطاع الدفاع الذي ستنخفض ميزانيته بنسبة 9%، أما باقي القطاعات فستنخفض ميزانيتها بنسبة 5%، وقد حذرت الرئاسة الأمريكية من هذه الاقتطاعات التي قالت إنها ستؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الموظفين وخلل في تقديم الخدمات العامة، ولا تملك الوكالات الحكومية حرية توزيع الاقتطاعات في الإنفاق فجميع الخدمات من أكثرها إلى أقلها أهمية ينبغي أن توفر المال بشكل موحد.
ففي وزارة الدفاع، سيحصل نحو 800 ألف موظف على إجازة إلزامية بواقع يوم في الأسبوع وستتقلص رواتبهم بنسبة 20% اعتبارا من نهاية أبريل القادم..كما سيحد سلاح البحرية الأمريكية من فترة بقاء سفنه في البحر في الوقت الذى تم فيه إلغاء نشر إحدى حاملات الطائرات..كما سيتم تقليص ميزانية صيانة القواعد والمعدات، مما سيؤدي إلى تسريح عدد من العاملين لدى المتعهدين الثانويين، ولكن لن يتم الاقتطاع من رواتب العسكريين.
وقالت متحدثة باسم البنتاجون إنه اعتبارا من الليلة ستكون هناك تخفيضات تصل إلى 42 مليار دولار لتصل إلى 46 مليار دولار بنهاية العام المالي.. كما أن هناك 50 مليار دولار أخرى ستؤثر على تدريب وجهوزية القوات الأمريكية والقدرة على الحفاظ على القواعد، مشيرة إلى أن هذه الاقتطاعات ستكون بنسبة 9% من جميع حسابات البنتاجون التي تبلغ حوالى 60 إلى 70 حسابا ولا يمكن نقل التخفيضات من حساب إلى آخر.. ولن يكون هناك أي برنامج بوزارة الدفاع لا يتأثر بهذه الاقتطاعات.. إلا أن القوات الأمريكية في أفغانستان ستحصل على كل ما تحتاج إليه من تجهيزات وأسلحة وتدريبات.
وأوضح رئيس هيئة الأركان العامة للقوات الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي أن جهوزية الجيش الأمريكي ستتراجع خلال 4 اشهر.. ومع مرور الوقت وخلال عام لن يكون الجيش على نفس مستوى الجهوزية.
وفي مجال التعليم، ستقلص الحكومة الفيدرالية الأمريكية من مساعداتها للمدارس بما يوازي رواتب 10 آلاف معلم و7200 أخصائي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.. وسيحرم نحو 70 ألف طفل دون سن الخامسة من برنامج "هيد ستارت" للحضانة المخصص للفقراء، كما سيتم إلغاء 14 ألف وظيفة تعليم أخرى.
وفي قطاع النقل، وخاصة في المطارات سيزداد الوقت الذي يمضيه المسافرون في الانتظار في الجمارك بما يتجاوز 4 ساعات في أوقات الذروة في المطارات الرئيسية.. وستطول طوابير التفتيش الأمني نظرا لتجميد إدارة أمن قطاع النقل للتوظيف وإلغاء العمل لوقت إضافي وإلزام موظفيها بالحصول على إجازات إجبارية قد تصل إلى 7 أيام.
كما سيتعرض المراقبون الجويون وغيرهم من موظفي المطارات لعمليات تسريح مؤقت، مما سيؤدي إلى تأخير في الرحلات الجوية صيفا وإغلاق أكثر من 200 مطار صغير وفقا لما تقرره إدارة الطيران الفيدرالية.
ورغم هذه التخفيضات في مختلف القطاعات، إلا أنها اثرت بشكل إيجابي على سوق المال الأمريكي الذى كان يرغب في خفض الإنفاق الحكومي رغم تأثيره على قطاعات أخرى، فقد ارتفعت مبيعات السيارات الأمريكية خلال شهر فبراير، حيث ارتفعت مبيعات شركة فورد بنسبة 9.1% ومبيعات كرايسلر بنسبة 4.1%، كما ارتفع الإنفاق الشخصي للمواطن الأمريكي بنسبة 0.2% في نفس الشهر، ويمثل إنفاق المستهلكين أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي في الولاياتالمتحدة.. وقد ارتفعت اليوم أيضا جميع المؤشرات الرئيسية للأسهم الأمريكية.