عمرو أديب: الأيام الحالية أثبتت إن إزالة الأشجار في مصر كانت جريمة    بوريل يدين بشدة الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات للنازحين بغزة    الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة الغربية ويعتدى على فلسطينيين (تفاصيل)    المصري يستأنف تدريباته الجماعية استعدادا لمواجهة الزمالك بالدوري    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    عمرو أديب يطالب الحكومة بوقف تخفيف الأحمال بأسوان حاليا: اعتبروها محافظة سياحية    إصابة 23 شخصًا في حادث انقلاب «ربع نقل» على طريق العلاقي بأسوان    "البنات كلها عايزاني".. سفاح التجمع يروي قصه حبسه في أمريكا    مواعيد سفر قطارات عيد الأضحى 2024 بعد انتهاء أيام الحجز    الموسيقيين ترد عن صفع عمرو دياب لأحد المعجبين    رئيس قصور الثقافة يفتتح مهرجان فرق الأقاليم المسرحية في دورته 46    آسر ياسين يروج لفيلمه الجديد ولاد رزق 3    فضل صيام العشر من ذي الحجة 1445.. والأعمال المستحبة فيها    الأحد أم الاثنين؟.. الإفتاء تحسم الجدل رسميا بشأن موعد عيد الأضحى 2024 في مصر    بشرى سارة من التربية والتعليم لطلاب الثانوية العامة بشأن المراجعات النهائية    قصواء الخلالي: رأينا ممارسات تحريضية ومخالفات إعلامية مهنية عن الوضع فى غزة    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل في مستشفى أبو كبير المركزي    رشا صالح: الأناقة هي السمة الأساسية في رواية «أنا وعمي والإيموبيليا»    ورش ولقاءات توعوية للأطفال في احتفالات اليوم العالمي للبيئة بأسيوط    منتخب مصر يتوج ب14 ميدالية في بطولة العالم لليزر رن بالصين    هيئة الدواء تكشف حصيلة حملاتها الرقابية في المحافظات خلال شهر مايو    "جهز نفسك".. أجر صيام يوم عرفة 2024    «زراعة القاهرة» تحصل على شهادة الأيزو الخاصة بجودة المؤسسات التعليمية    لمرضى السكر.. 8 فواكة صيفية يجب تضمينها في نظامك الغذائي    معيط: نستهدف بناء اقتصاد أقوى يعتمد على الإنتاج المحلي والتصدير    هالاند يقود هجوم منتخب النرويج فى مواجهة الدنمارك وديا    تقارير: حارس درجة ثانية ينضم لمران منتخب ألمانيا    تقارير: نيوكاسل يضع حارس بيرنلي ضمن اهتماماته    معلومات حول أضخم مشروع للتنمية الزراعية بشمال ووسط سيناء.. تعرف عليها    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    المصري يطرح استمارات اختبارات قطاع الناشئين غداً    مصر تواصل جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة "صور"    #الامارات_تقتل_السودانيين يتصدر "لتواصل" بعد مجزرة "ود النورة"    سناء منصور تحتفي بنجيب الريحاني في ذكرى وفاته: «كوميديان نمبر وان»    وزير العمل يشدد على التدخل العاجل لحماية حقوق العمال ضحايا الإحتلال في فلسطين    كيف تحصل على تعويض من التأمينات حال إنهاء الخدمة قبل سداد الاشتراك؟    محافظ الشرقية يشارك في اجتماع المعهد التكنولوجي بالعاشر    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    وزير التعليم يتسلم نتيجة مسابقة شغل 11 ألفا و114 وظيفة معلم مساعد فصل    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية دمشاو هاشم لمدة يومين    لماذا يحتاج الجسم لبكتريا البروبيوتيك؟، اعرف التفاصيل    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    أول ظهور لكريم عبد العزيز بعد وفاة والدته    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    وزير الأوقاف: لا خوف على الدين ومصر حارسة له بعلمائها وأزهرها    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    الفوج الثاني من حجاج «المهندسين» يغادر إلى الأراضي المقدسة    التشكيل الحكومي الجديد| وزراء مؤكد خروجهم.. والتعديل يشمل أكثر من 18 وزيرًا.. ودمج وزارات    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عفيفي.. الساخر الساحر الذي أنكره تلاميذه ولصوصه!
نشر في الصباح يوم 31 - 10 - 2012


"أنا لست متواضعا، فالتواضع هو شيمة الكبار فقط"!
هذه العبارة اللامعة، المركبة، بشئ من براعة "السفسطائيين" القدامى في اللعب بالألفاظ، واحدة من بنات أفكار الكاتب الساخر الراحل محمد عفيفي (1922- 1981)، الأب الروحي لجيل كامل من الكُتّاب الساخرين، والمتساخرين، الجدد في مصر الآن، مع تفاوت القامات، من بلال فضل إلى عمر طاهر إلى أحمد العسيلي، وحتى أحمد خالد توفيق.
هؤلاء جميعا تأثروا بعفيفي أو "انتحلوه" بشكل ما، فمنهم من تلبس بروحه وتقمصه، ومنهم من أجرى عمليات "تمصير" لكتاباته على طريقة الكبيرين نجيب الريحاني وبديع خيري قديما، بل إن منهم من "اقتبس" منه جهارا نهارا، وكأن كتاباته وكالة من غير بواّب.
ووصل الأمر حد أن كاتبا شهيرا من نجوم الصحافة المصرية حاليا، يرأس مجلس تحرير صحيفة أسبوعية ذائعة الصيت، استحل تراث عفيفي في أكثر من موضع، لكنه وقع بلسانه وسجل في أحد كتبه عن النكتة السياسية "اقتباسة علنية" من عفيفي عندما قال نصا في صفحة من الكتاب المطبوع 8 طبعات "وقلت مرة أخرى في برنامج (تليفزيوني) آخر: لا أتصور أن أمامي فرصة لأصبح مليونيرا، فمن الصعب على رجل تجاوز الأربعين مثلي أن يبدأ في تعلم السرقة".
وهذه الجملة التي أذاعها الكاتب على الهواء مباشرة، باعترافه، هي استعارة غير مكنية مع شئ من التصرف لعبارة عفيفي "يبدو أنني سأعيش وأموت فقيرا، فمن الصعب على رجل في الخمسين مثلي ان يشرع في تعلم السرقة"!
ولكن، لماذا لم يشتهر عفيفي، وأصبح كما قال عنه خيري شلبي، "الكاتب الذي نسيه القوم، وغدرت به ذاكرة التقدير، كأنه لم يكن"، في حين أن بعض تلاميذه الساخرين من قامات أقصر، طبقت شهرتهم الآفاق؟
واقع الحال أن مشكلة عفيفي، في حياته ومماته، أنه كان كاتبا لامع العقل وحاد اللسان و"مثقفا" أكثر من اللازم، في بلد بليد العقل، ومداهن، ولا يقرأ. كما أن الرجل لم يلق من أصدقائه الكبار في شلة "الحرافيش" بزعامة نجيب محفوظ، من الوفاء والتقدير ما يحيا به ذكره وذكراه، حتى أن محفوظ نفسه الذي كان معروفا بتهذيبه الشديد، وصف عفيفي بشكل غير لائق في مذكراته التي سجلها رجاء النقاش، حينما قال عنه بعد وفاته إن "مشكلته كانت هي إدمان الخمر الرخيص".
وما كان لمحفوظ الذي كتب روايته الشهيرة "ثرثرة فوق النيل" عن أحداث حقيقية دارت في عواّمة كان يسكن فيها عفيفي، ما كان له أن يفضح صديقه وهو راقد في مثواه الأخير.
وعلى الرغم من ذلك، كان محفوظ هو أدرى الناس بقيمة وقامة الرجل، فقد قال عنه ذات مرة "كانت السخرية محور حياة عفيفي، ينبض بها قلبه، ويفكر بها عقله، وتتحرك بها إرادته، فهي ليست بالثوب الذي يرتديه عندما يمسك القلم، وينزعه إذا خاض الحياة، ولكنها جلده ولحمه ودمه وأسلوبه عند الجد والهزل".
وكانت مشكلة عفيفي، فوق ذلك، في المحيط العام، أنه رجل تشبع بتراث السخرية الأوروبية الرفيعة، فلم يتدن إلى مستوى "الردح" في كتاباته ليرضي الذوق العام، لقد كان "الوجه المثقف" للكتابة المصرية العربية الساخرة، التي كان وجهها الآخر المقابل هو الراحل الكبير محمود السعدني، الذي كانت سخريته مزيجا من "عصير الحياة" العذب.
أما عفيفي فكان أقرب إلى "الصنايعي" الماهر، ذلك الساخر الساحر، الذي تعلم استقصاء مفارقات الحياة بعقل بارد، مثل جوناثان سويفت نوعا ما، والذي تخرج منه السخرية قاسية، لمّاحة، مفارقة للمألوف، وكأن "الطبيعة التي تداوي نفسها بنفسها، كما يقول أحمد أمين، رأت البؤس داء فعالجته بالضحك دواء".
ولأنه كان عازفا عن الشهرة، زاهدا في الوجاهة الاجتماعية، وكان يفضل الجلوس متوحدا في ظلال الأشجار، لم يحظ الرجل بما يستحق من الشهرة، وأصبحت كتاباته التي يعرفها القليلون مستباحة لكل من هب وكتب.
ولم يسلم عفيفي من كبار الكُتّاب، وصغارهم أيضا، وكان أنيس منصور أحد هؤلاء الكبار الذين استحلوا تركة الرجل من العبارات القصيرة البارعة، خاصة في مجال السخرية من الزواج والمتزوجين، وهذه هي بعض العبارات التي نقلها "أنيس" حرفيا، أو تصرف فيها، ونشرها في "أهرام الجمعة" على مدار سنوات طويلة:
• الفرق بين الحب الفاشل والحب الناجح، أن الأول يؤلمك شهرا، في حين الثاني يؤلمك مدى الحياة
• لا تحزن إذا فاتك قطار الزواج، فلئن يفوتك خير من أن يدهسك
• سر متاعبنا لا يكمن في أن الأشياء غير موجودة، بقدر ما يكمن في أنها موجودة في مكان آخر.
• سيظل الناس يتزوجون إلى الأبد، ما دام الرجل يتوهم أن حظه سيكون أحسن من حظ الآخرين.
هذا هو غيض من فيض عفيفي، الذي عاش ومات متعففا، كريم النفس، فلم يلق التكريم الذي يستحق، ولم يعترض على سرقته، حيا وميتا!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.