تحركات «مشبوهة» بدأها الجانب الأمريكى مطلع مارس الجارى بمناورات إسرائيلية- أمريكية على الأراضى الفلسطينية، تمهيدًا لخطوات كبرى تتوازى مع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، منها الإطاحة نهائيًا بالمبادرة العربية للسلام2002، والتى تقتضى بحل الدولتين على حدود ما قبل 1967 المعترف بها دوليًا، ووضع رؤية بديلة للأزمة باشتراطات أمريكية تتعلق بفرض السيطرة الأمريكية الكاملة على القدسالشرقية باعتبارها عاصمة الكيان الصهيونى المحتل، والجلوس بعدها للتفاوض على الوضع كما هو عليه أو الاستمرار فى دعم الكيان الصهيونى لمواصلة عمليات الاستيطان. التحركات الأمريكية تقابل بتحركات عربية أوروبية حيث تجرى لقاءات على مستويات متعددة مع الجانب الأوروبى كشف عنها وزير الخارجية الفلسطينى ناصر القدوة، وتهدف إلى إفشال المساعى الأمريكية الإسرائيلية، المعلومات المؤكدة التى كشف عنها عدد من الخبراء فى الشأن الإسرائيلى والفلسطينى تشير إلى أن صهر الرئيس الأمريكى جاريد كوشنير هو الذى يدير «صفقة القرن»، فيما يتعلق بملف فلسطين تحديدًا، وهو من يملى على ترامب الرؤى المتعلقة بالقضية انطلاقًا من علاقته الوطيدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو. د. خالد سعيد مدير مركز الدراسات الإسرائيلية قال إن العلاقة بين صهر ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى تشير إلى دوره المباشر فى إدارة الملف الفلسطينى الآن، وأنه هو الذى يقف وراء القرارات التى يعلنها ترامب، مضيفًا أن «كوشنر» تربى على الصهيونية الإسرائيلية وتربطه علاقات قوية بعدد من القيادات الإسرائيلية، وهو ما أهله للعب هذا الدور الذى ينفذه «ترامب» أمام العالم فيما يبقى هو صانع القرار، خاصة أنه يعد داعمًا كبيرًا للجانب الإسرائيلى على المستويين المادى والسياسى. وأوضح سعيد أن المبادرة العربية لم تعد تمثل أى محورية بالنسبة للجانب الأمريكى أو الإسرائيلى لأنها ولدت ميتة، فالمساعى الحالية تسير نحو فرض سياسة الأمر الواقع والحديث بعده عن أى سيناريوهات للحل. ملمح آخر كشفته صحيفة «إندبندنت» البريطانية، فى مقال للكاتب روبرت فيسك قال فيه نصا: «قد يكون «كوشنر» المستثمر فى العقارات «صانع صفقات موهوبًا»، لكن لم يتوقع أحد أن يكتشف». كما قالت «نيويورك تايمز» الأمريكية، إن شركة عائلته للعقارات حصلت على نحو 30 مليون دولار استثمارات من شركة «مينورا ميفتاشيم»، وهى واحدة من أكبر شركات التأمين والاستثمار الإسرائيلية، ولم يتم الإعلان عن الصفقة، وليس هناك دليل على أن «كوشنر» متورط فيها بشكل مباشر، ولا يبدو أن هناك خرقًا لأى قوانين فيدرالية. التحركات المقابلة التحركات الأمريكية تجاه القطاع قوبلت بتحركات عربية وفلسطينية بالتنسيق مع الجانب الروسى والأوروبى لوقف التحركات الأمريكية والعبث بأوراق القضية الفلسطينية وطرح مسارات أحادية الجانب. من ناحيته قال ناصر القدوة، الناطق باسم حركة فتح إن الوقت قد حان للتنسيق الكامل مع الجانب الأوروبى، وأن هناك تحركات وشراكة استراتيجية أوروبية عربية الآن للتحرك ضد السياسة الأمريكية، وسيتم تحديد الخطوات التى يمكن أن يتخذها الجانب الأوروبى للعمل المشترك فى الفترة المقبلة. وأضاف، أن القرار سيؤدى إلى إشعال الداخل الفلسطينى ضد القرار الأمريكى الذى تعامل باحتقار مع الشعب الفلسطينى والعربى وتجاهل كامل للمواقف العربية، موضحًا أن التصعيد سيكون على مستويات مختلفة داخليًا وخارجيًا، وأن الجانب السياسى ستكون له خطوات كبيرة خلال الفترة المقبلة. وتابع: «الإفلاس الأمريكى واستخدام القوة بديلاً عن القانون الدولى أمر لا يمكن أن يستمر، خاصة أن الأمر فى الفترة المقبلة ستنحدر فيه الهيمنة الأمريكية المعادية للشعب الفلسطينى الذى لن يقبل أى ممارسات وضغوطات من أى جانب لا تعطيه حقه المشروع. فيما كشف وزير الخارجية الإسبانى السابق ميجل مارتينوس، أن الفترة المقبلة يمكن التحرك فيها بشكل قوى من خلال التنسيق العربى الأوروبى، خاصة أن أوروبا يمكن أن تكون لها خطوات مهمة فى القضية الفلسطينية الفترة المقبلة. وتابع: «المبادرة التى طرحها الرئيس الفلسطينى محمود عباس لم يتم استثمارها بشكل جيد، وعلى العرب أن يبذلوا جهدًا مضاعفًا خلال الفترة المقبلة بالتنسيق مع القوى العالمية لوضع الخطط اللازمة للتصدى للقرارات الأمريكية، خاصة أن أزمة عدم الثقة التى كانت بين الأوروبيين والعرب يمكن تغييرها بخطوات جادة وفعالة وتمكين العمل المشترك الحقيقى وعدم التركيز على أن الحل بيد الجانب الأمريكى فقط». فيما قال السفير حازم أبوشنب القيادى بحركة فتح، إن التنسيق مع الجانب الأوروبى بات مهما خاصة أنه يعطى انطباعًا جيدًا فى الوقت الراهن أكثر من الجانب العربى حيث يمكن التعويل على الخطوات الجادة التى يمكن أن يتخذها الجانب الفلسطينى خلال الفترة المقبلة.