النظام الإيرانى يفشل فى إخماد التظاهرات فى كل الأقاليم المذحجى: سياسة طهران الإجرامية وراء انتفاضة الشعب ضد النظام فى فبراير 1979، سقط نظام شاه إيران محمد رضا بهلوى، وأسس آية الله الخمينى جمهورية الملالى، ووفقًا لوثائق سرية كشفت عنها وكالة الاستخبارات المركزية، عن سعى الخمينى منذ اللحظة الأولى لاعتلائه سُدة الحكم فى طهران لتصدير ثورته للبلدان المجاورة له، واختراقهم مجتمعيًا لبسط النفوذ «الشيعى» بتلك البلدان، فى البداية وجد صعوبة، لكنه نجح بعد ذلك فى اختراق العديد من البلدان مثل البحرين واليمن ولبنان والعراقوسوريا. الأيام القليلة الماضية شهدت انتفاضة غير مسبوقة للشعب الإيرانى ضد نظام الخمينى، كان شعارها الأول مطالبة النظام بالخروج من العراقوسوريا وكل الدول التى تستهلك الأموال الإيرانية، علاوة على مطالبتهم لنظام الملالى بالاهتمام بالشعب الذى أصابه الفقر جراء تلك التصرفات والتدخلات فى شئون الدول الأخرى. وفى محاولة للوقوف على مستقبل الحركات التابعة لإيران فى بلدان الشرق الأوسط، كان ل«الصباح» عدد من الحوارات مع مجموعة من المسئولين، إذ قال قاسم المذحجى، الإعلامى الإيرانى ورئيس وكالة تُستَر الأحوازية، إنه على الرغم من القمع المتواصل والاعتقالات المستمرة، تواصل الشعوب غير الفارسية وبما فيهم الشعب الفارسى التظاهرات الاحتجاجية والمنددة بسياسة دولة الملالى فى إيران، مضيفًا أن النظام لا يستطيع إخماد هذه الثورة الشعبية العارمة التى انطلقت فى كل الأقاليم والمدن، فقد كان للشعب الآذرى والعربى الأحوازى والكردى والبلوشى الدور الأكبر فى انطلاق هذه الثورة التى نصفها بثورة الجياع فى إيران نتيجة لسياسة طهران الإجرامية. وأضاف: «أعتقد أن التظاهرات ستستمر لحين إسقاط النظام، وهذا لا يعنى أن النظام لا يستخدم كل قواه لإخماد هذه الثورة، لكن إرادة الشعب القوية ستنتصر فى آخر المطاف، فهناك تنسيق على أعلى المستويات بين الطوائف داخل إيران لمواجهة أى تحديات تواجه هذه الثورة بما فيها استمرار التظاهرات والاحتجاجات فى جميع المدن فى آن واحد لتشتيت قدرات النظام الأمنية، فضلًا عن التنسيق الإعلامى العالى الذى يقوم به الإعلاميون الناشطون من الشعوب غير الفارسية فى الخارج لتوصيل مجريات الأحداث للمؤسسات الدولية. وأكد أن النظام يملك القدرة على إخماد أى مظاهرة تحدث، وخير دليل مظاهرة الحركة الخضراء فى عام 2009 بعد الانتخابات الرئاسية، لكن هذه المظاهرة تختلف عن سابقاتها فالظروف الداخلية والأوضاع الإقليمية والتأييد الدولى يعطيها الدافع فى الاستمرار، حتى وإن ضعفت لفترات لكنها ستستمر ولن تتوقف لأنها تتصاعد بشكل أفقى نحو المواجهات المباشرة بين قوات النظام والشعب. واستطرد: «لا يخفى على المتابع للشأن الإيرانى أن المعارضة تخشى من موقف الشعوب غير الفارسية فى عدم مشاركتهم، لأن لتلك الشعوب مطالبها القومية والتى لا تتوقف عند إسقاط النظام بل تصل لمطلبهم بالاستقلال عن إيران، فبلا شك أن نظام ولاية الفقيه استخدم ميليشياته فى إخماد مظاهرات وانتفاضات عدة حصلت سابقًا فى إيران، واليوم تشهد مدينة الأحواز دخول عناصر من الحشد الشعبى لإخماد أى تحرك للمتظاهرين، وقد أصدرت جهات أحوازية بيانات فى هذا الخصوص تناشد السلطات العراقية وشيوخ عشائرها بوقف مشاركة الحشد فى قمع الأحوازيين». وأضاف: «المنطق يقول إن هذا النظام لن يتوانى فى تحريك أذرعه وخلاياه النائمة فى منطقتنا وخاصة فى دول الخليج العربى، لأنه يمتك القدر على زعزعة استقرارها، وذلك لتخفيف الضغط الداخلى عليه وتحويل الأزمة إلى الخارج». ومن إيران إلى سوريا حيث قال الضابط السابق بالجيش السورى والمحلل الاستراتيجى «صلاح قيراطة»، إن ما يحدث فى إيران هو نسخة من المسلسل السورى، فالحكومة وبدلاً من أن تستجيب للمطالب صعدت واتهمت المواطنين بالارتزاق من قوى خارجية، بل دفعت بمؤيديها للساحات الرئيسية، لكن حتى الآن الأمور تحت السيطرة، وحرسهم الثورى رغم أنه مسئول عن تصدير الثورة خارج الحدود، إلا أنه يحظى بقبضة أمنية استثنائية يشاركه فى هذا «الباسيج» فله قوة وصلاحيات أسطورية، مضيفًا أن تجربة إيران فى قمع الانتفاضات لها قدرات جهنمية فهى من نصح الإدارة السورية بما رأينا ونعيشه، فما يحدث فى إيران ليس له تأثير فى سوريا، فهى تدفع بمرتزقة شأنها شأن روسية الاتحادية وتهدف بهذا لعدم استفزاز الداخل، لتوحى للعالم المقابل أنها لا تقدم خسائر. وأضاف أن تأثير تلك التظاهرات سيظهر بعد عام، والحركات التى تمولها إيران فى سوريا تصرف عليهم من استثمارات حصلت عليها فى سوريا نفسها، مؤكدًا أن إيران ستتراجع فى سوريا لكن ليس بسبب الأحداث الجارية فى طهران، لكن بسبب ضغوط أمريكية-إسرائيلية، فالاسرائيلى والإيرانى يشتركان فى قتل السوريين، إلا أن دولة الكيان الصهيونى لا تأمن جانب إيران. فيما شهدت البحرين تدخلات إيرانية كبيرة لتصعيد الاحتجاجات بها فى فترة سابقة، إذ قال الصحفى العراقى مروان الجبيلى الخبير بالشأن البحرينى، إن البحرين نجحت منذ مدة طويلة فى كبح وإيقاف الحركات الراديكالية المرتبطة بإيران، فأغلب تلك الشبكات وقعت بقبضة العدالة وبعض رموزها فارون للعراق وإيران وبريطانيا، مضيفا أن المملكة تشهد استقرار أمنى واقتصادى كبير والشارع الشيعى بالمملكة يعى تمامًا خطورة السيطرة الفارسية على بلده فعنده أمثلة كثيرة ومنها العراق ولبنان واليمن، نعم الثورة الشعبية فى إيران ستجعل النظام الإيرانى يتقوقع على نفسه وسنراها فى قادم الأيام وبالأخص بعد اتساع رقعة الانتفاضة فى عموم إيران. واستطرد: «فى العراق لا تزال السيطرة والسطوة للميليشيات الإيرانية، فالوضع فى العراق مختلف تمامًا عن البحرين وخاصة أن من يحكم العراق هو مرتبط عقائديًا وسياسًا بطهران بل القرار السياسى والأمنى بات يأتى من إيران، لكن بالمجمل فإن انتفاضة الشعب الإيرانى المطالَب بالحرية من نظام الملالى سيلقى بظلاله على نفوذ ميليشيات إيران فى العراق، فالشارع الشيعى العراقى يشهد تحركات من أجل الخلاص من حكم الأحزاب الدينية فى بلاد الرافدين التى جلبت الدمار والخراب للبلد». وأضاف، أنه سيكون هناك تأثير للثورة على دعم تلك الجماعات، فأحد المطالَب الجماهيرية فى إيران هى الكف عن دعم تلك العصابات الخارجة عن القانون والتى استنزفت الخزينة الإيرانية وتعدى الأمر إلى خسائر بشرية كبيرة فى العراق وخاصة الحرس الثورى، مضيفًا أن الشارع الإيرانى يطالب حكومة روحانى وقبله حكومة نجاد بالنظر لواقع الداخل الإيرانى المتهالك، خاصة أن نسبة الفقر فى إيران وصلت لنسب عالية وغير مسبوقة بفعل دعم جماعات الحوثى وحزب الله والميليشيات فى العراقوالبحرين. وأوضح أنه إذا نجحت الثورة فستكون كل الجماعات التى ذكرتها فى وضع حرج جدًا فطهران هى الداعم لها من كل النواحى، فهى من تموّل حتى محطاتها الفضائية فى العراق وهذا كله من قوت الشعب الإيرانى، وستخسر إيران دول أنفقت عليها كل جهدها الاقتصادى والعسكرى والبشرى من أجل بسط نفوذها، فنجاح الثورة فى إيران يعنى استقرار دولنا العربية. وأكد أنه على أرض الواقع، لم تتراجع التحركات المدعومة من إيران، لكن هناك تخوفًا لدى تلك الجماعات من زوال النظام الحاكم فى إيران، وأعلنت تلك الجماعات بشكل صريح وواضح أنها ستقف مع النظام هناك، ولن تسمح بسقوطه، ولأنها تعى أن سقوط نظام الملالى هو نهاية حكم تلك الجماعات فى كل المنطقة وزوالها وللأبد.