داعشيات «قص الشعر» يحتللن مترو الأنفاق وفتاة تتعرض للسب بسبب شعرها وأخرى يُنتزع حجابها كعادتها استيقظت مبكرًا، ارتدت ملابسها وصففت شعرها ورفعته «ديل حصان» حتى لا يزعجها بسبب ارتفاع حرارة الجو توجهت إلى محطة مترو الأنفاق وهى تحمل شنطة بيدها وباليد الأخرى تحمل هاتفها المحمول، ورغم انتظارها للمترو المكيف الذى تأخر لتأخذ المترو العادى، وفى صمت توجهت إلى المقعد الشاغر وأخذت تتابع صفحتها بالفيسبوك، مرت دقائق لم تحسبها سناء، حتى تفاجأت بسيدة أمامها تنظر لها باحتقار وتهمهم بكلمات لا يكاد أحد يسمعها، توقفت سناء عن متابعتها حتى لا تفتعل مشكلة أو تدخل فى جدال رغم تعجبها من تلك النظرات التى لا مبرر لها. بعد قليل توجهت المرأة التى كانت ترتدى حجاب فضفاض ويكسوها عباءة ضخمة تشبه فى تصميمها إسدال الصلاة إلى باب النزول، وقبل أن تلتقط سناء أنفاسها عقب تحرك تلك المرأة الغامضة من أمامها حتى تفاجأت بها تسحب تلك المرأة لشعرها من فتحات الشباك الذى كانت تعطيه سناء ظهرها، وفى انفعال شديد أخذت المرأة بسبها ونعتها بأحط الألفاظ مؤكدة لها أن مقعدها فى جهنم ينتظرها نتيجة لتلك الخصلات التى تتطاير على ظهرها، ولم تستطع سناء فعل شىء كونها ليست فى مواجهة تلك السيدة التى بأعجوبة تركت شعر سناء بعدما تقطعت بعض خصلاته نتيجة شدها بقوة وتحرك المترو من المحطة. السطور السابقة ليست سردًا لمشهد سينمائى من أحد الأفلام، وإنما واحدة من عشرات القصص التى تشهدها محطات مترو الأنفاق، والتى تتعرض لها بعض الفتيات والسيدات يوميًا، والتى اقتربت من التحول لظاهرة نتيجة لتكرارها أكثر من مرة. لم تعد الفتاة التى لا ترتدى حجابًا فى مأمن، وباتت معرضة للهجوم من «مجهولات» انتشرن مؤخرًا يرصدن الفتاة غير المحجبة ويتعدين لفظيًا وبدنيًا عليها محاولات فرض آرائهن المتشددة عليها. ولم تكن حالة سناء الأولى من نوعها حيث قال لنا «أحمد.ع» أحد بائعى المناديل داخل محطات المترو، والذى يتواجد بالمترو، تكرار هذا المشهد أمامه، منوهًا إلى أن هناك سيدة نزعت حجاب فتاة كانت تخرج بعض خصلات شعرها من أسفل الحجاب، واشتبكت معها حيث أخبرتها أنها بذلك تهين الحجاب ولا تحترم دينها وأنها لا تستحق أن تكون مسلمة وأنها سُبة فى جبين المحجبات. أضاف أحمد أن أحدًا لم يدافع عن الفتاة، واكتفى الجميع بالنظر فقط، لكن الغريب فى الأمر أن بعض السيدات أبدين موافقتهن على موقف السيدة المنقبة التى هاجمت الفتاة. كذلك سرد أحمد موقفًا لسيدة أخرى دخلت المترو، وكانت ترتدى «إسدال» أسود مثل ذلك الذى ترتديه المنتقبات وخطبت فى السيدات وقدمت لهن نصائح على ضرورة ارتداء الحجاب وعدم التشبه ب«المتبرجات»، مضيفًا أن تلك السيدة تصادف رؤيته لها أكثر من مرة تقوم بنفس الأمر. الأمر نفسه أشارت إليه أم عمرو إحدى عاملات النظافة بمحطة مترو، والتى أكدت أن أمر الاعتداء لفظًا على غير المحجبات تكرر أكثر داخل عربة السيدات، مضيفة أن السيدات اللاتى يقمن بهذا الأمر يستخدمن تقريبًا نفس الكلمات عن المتبرجات وعقابهن فى الآخرة وأنهن لا يستحققن نعمة الإسلام. استطردت أم عمرو، أنه رغم قلة تلك المواقف إلا أن تكرارها بات أمرًا ملاحظًا، مشيرة إلى أن الفتيات يشعرن بحرج خاصة أن تلك السيدات يقمن بالهجوم والسب بعد هبوطهن من المترو. أضافت أنها تتذكر أنه قبل شهر رمضان بأيام قليلة شهدت محطة مترو المرج خناقة كبيرة بين سيدة شدت فتاة من شعرها وبين أخريات شاهدن الموقف حيث هاجموها وأكدوا لها أنها مخطئة، وأن الفتاة أفضل منها، وكانت إحدى الفتيات ترغب فى اصطحابها لمدير المحطة حتى تحرر ضدها محضر، لكنها استطاعت الخروج. وعن دور الأمن فى هذه الحالة، قالت أم عمرو إن الأمن يتدخل حال وجود أى شجار، لكن عادة تلك الأمور تحدث والمترو يتحرك، ويكون من الصعب للفتاة أن تشتبك مع من تجذب شعرها هذا بخلاف أن البعض يخشى الدخول فى مشاكل لا علاقة له بها مما يجعل الفتيات يصمتن فى غالب الأمر. مشيرة إلى أن مترو الأنفاق تظهر فيه أمور غريبة ثم تتحول إلى حديث الشارع مثلما حدث مسبقًا مع الأوراق التى انتشرت فى الشوارع، والتى كانت يكتب فيها «هل صليت على النبى اليوم» حيث إن أول ظهورها كان فى محطات المترو، الأمر نفسه مع حالات الاعتداء على غير المحجبات ظهر فى المترو، ولا يستبعد أن يظهر فى أماكن أخرى خاصة أن السيدات اللاتى يقمن بتلك الفعلة يستخدمن نفس الكلمات. حالات الاعتداء على غير المحجبات فى محطات المترو سبق الحديث عنها بعدما كشفت الصحفية رحمة سامى عن محاولة إحدى السيدات قص شعرها فى المترو ومهاجمتها، وكذلك الصحفية سمر عبد الله التى حاول أحد الأشخاص ضربها وجرى وراءها وهددها أنها سيكوى جسدها فى حال لم ترتدى الحجاب الأمر الذى بات ينذر بالخطر خاصة أن تلك النماذج من الصعب إلقاء القبض عليهن. من جانبه أكد الدكتور على محمد الأزهرى عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، أن تلك الأفعال لا يمكن أن تكون مصادفة بل إن بعض المجموعات تعمل على تشويه صورة الإسلام ونشر الفتن والتطرف، وحتى يقال إن الدين الإسلامى دين إرهاب، هذا بخلاف أصحاب الفكر الداعشى الذين يجب مواجهتهم بكل قوة، داعيًا الجهات الأمنية للتصدى لتلك النماذج قبل أن تتفشى فى المجتمع، وكذلك الشيوخ الذين يقع عليهم عاتق نشر وسطية الإسلام وسماحته. منوهًا إلى أن الأزهر فطن لتلك الأزمة وأرسل الوعاظ إلى محطات المترو منذ رمضان الماضى، حيث يقدم الشيخ أو الواعظ محاضرة مطولة عبر إذاعة المترو وأيضًا الرد على الأسئلة الفقهية والتحذير من التطرّف والتشدد.