القمة كشفت عن شروخ عميقة بين القادة العرب تجلت فى عبارة ملك الأردن «الرسول محمد الهاشمى » قمة «الرياض» تحولت إلى سلاح جديد لتجنيد «الدواعش» ومنحت الإرهاب قبلة الحياة «أردوغان» رفض حضور القمة حتى لا يكون تحت راية السعودية
أكد سمير غطاس عضو مجلس النواب، أن الرياض تكتب نهايتها إذا فكرت فى الاقتراب من إيران، وهذا ما يحدث على يد ابن ولى العهد السعودى، الذى قال: «قد نضطر لنقل المعركة لقلب إيران»، وهى الجملة التى تمثل بداية النهاية للسعودية. وقال «غطاس» فى حواره ل«الصباح»، أن القمة السعودية الأمريكية كشفت عن «شروخ عميقة» فى التحالف الذى تحاول الرياض تشكيله ضد إيران، فضلًا عن أنها مدت الإرهاب بسلاح جديد يضمن له زعزعة استقرار المنطقة العربية طوال القرن القادم، فعمليات تجنيد الشباب من أجل القتال مع داعش أو أى تنظيم إرهابى، ستعتمد على اللعب بعقولهم عن طريق رسم صورة سيئة للحكام العرب، الذين أعطوا للصلبيين من أموال الشعوب، وتركوا الفتات للفقراء، وإلى الحوار.. * كيف تفسر اهتمام «ترامب» للحشد إلى القمة الإسلامية؟ - «ترامب» لديه أزمة داخلية شديدة على كل المستويات، خاصة على المستوى السياسى وعلاقته بروسيا، بعد إقالته للنائب العام، وانتشار معلومات ترجع سبب الإقالة إلى رفض طلب وقف التحقيقات حول تورط مستشار الأمن القومى، الذى عينه ثم استقال، فى علاقة مع الروس، حيث اقترح حزب «ترامب» تشكيل لجنة محايدة لبحث تلك القضية، فضلًا عن عدم تحقيقه أى تحسن فى الوضع الاقتصادى، وبالتالى كان مضطرًا للذهاب إلى السعودية بحثًا عن مخرج لتحسين هذا الوضع. * وما هى مكاسب «ترامب» من القمة؟ - الرئيس الأمريكى رفع أسهمه لدى المجمع الصناعى العسكرى، والذى يتضمن شركات السلاح، حيث حصل على 110 مليارات دولار من السعودية، وهى تعد من أكبر صفقات التسليح، إلى جانب ما حصل عليه من الإمارات، وهو رقم كبير لا يتحدث عنه أحد، إلا أنه باع صواريخ لها مقابل 440 مليار دولار، فى حين تحدث عن توفير مليون فرصة عمل من وراء تلك الاستثمارات داخل الولاياتالمتحدة، وتعتبر تلك الوظائف إنجاز مهم جدًا يقوى وضعه الداخلى فى مواجهة كل الذين ينتقدونه. * وفى المقابل ما الذى حصل عليه العرب؟ - حصل العرب على «لا شىء» تقريبًا، رغم أنه لبى للسعودية ما كانت تريده تجاه إيران، خاصة أن ردع طهران ليس مطلبًا سعوديًا فقط، لكنه مطلب إسرائيلى فى الأصل، حيث تصور إيران على أنها العدو الأساسى، ولابد من التوحد ضدها، لأنها تعد الخطر الأساسى فى المنطقة، وهو ما أكدته تصريحاته بعدما وصل إلى إسرائيل عقب القمة. * ماذا عن أهم المشاهد التى تابعتها فى القمة؟ - كان المشهد الأبرز هو بدء الملك عبدالله حديثه، بالسلام على الرسول العربى الهاشمى، وكأنه يقول إن حق الأردنيين التاريخى مازال قائمًا فى السعودية، وهنا رد عليه الملك سلمان على الفور، قائلًا: «الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين»، وكأنه يؤكد أن الرسول ليس الهاشمى فقط، وإنما رسول الجميع، ومن هنا ظهرت نقاط اختلاف داخل الائتلاف الذى تحاول أن تقيمه السعودية ضد إيران، أما الرئيس السيسى فلم يذكر «إيران» نهائيًا فى خطابه، وبعيدًا عن تلك المشاهد فإن المحصلة فى النهاية هى عودة «ترامب» بحصيلة هائلة من الدعم المالى، وبالمقابل ضمنت السعودية أن يكون لها حليف يساعدها فى مواجهة إيران، ويقلص دورها فى المنطقة، خاصة أن الرئيس الأمريكى تبنى كل المطالب، ومنها نزع سلاح حزب الله فى لبنان. * فى رأيك ما المكاسب التى حصلت عليها مصر من القمة؟ - مصر لم تكسب شيئًا من تلك القمة سوى حضورها وتمثيلها بخطاب متزن وقوى، خاصة أن كلمة الرئيس حازت على إعجاب الجميع، ووصفوها بالمتزنة ذات الرؤية السياسية والعلمية فى مواجهة الإرهاب، وبالنسبة للحضور كانت تلك الكلمة مهمة، لأنها طرحت رؤية تعتمد على أسس صحيحة، وكان مفادها أن الدولة الوطنية إذا لم تكن مدنية ديمقراطية، فهى الوجه الآخر للدولة الفاشلة، والدولة الفاشلة والفاشية أيضًا يصنعان الإرهاب، لتوصيل رسالة تؤكد على أن تفكيك الدول المتماسكة تحت قبضة القمع يصنع بيئة ملائمة لنمو وتفشى الإرهاب. * كيف ترى القضية الفلسطينية فى هذا التناغم «السعو أمريكى»؟ - القضية الفلسطينية لا يوجد لها حل، لأن «ترامب» لا توجد لديه رؤية شأنه شأن كل الرؤساء الأمريكيين، فكلهم يضمنون أمن إسرائيل، وتفوقها عن كل أقرانها فى المنطقة، وتلك مسألة التزام على كاهل كل رؤساء أمريكا، ولو نظرنا إلى «ترامب» نجده يتحدث حول السعى إلى السلام، رغم أنه لم يذكر خيار حل الدولتين، ولم يتحدث عن معاناة الفلسطينيين، أو عن حلول أخرى للقضية، لكن اكتفى وزير خارجيته بالإعلان عن قمة ثلاثية مرتقبة، ولم يحدد موعدها، وأكد ل«أبو مازن» أنه لا توجد شروط، وأن المطلوب منه هو طرح رؤيته فقط، وكذلك الطرف الثانى، على أن يحدد البيت الأبيض الخطوات القادمة، وهذا معناه أن أمريكا تطلق عملية السلام من جديد، والتى كانت معطلة، لكن ليس بهدف الوصول إلى حل، خاصة أن «ترامب» جامل إسرائيل باعتبار «حماس» إرهابية. * وماذا عن دور قطر بعد اعتبار «حماس» حركة إرهابية؟ - حديث «ترامب» عن حماس، يطرح العديد من التساؤلات حول دور قطر، باعتبارها الحليف الأساسى لأمريكا فى المنطقة، حيث ذكر رئيسها أن لديه آلاف الجنود فى قاعدة السيلية، فهل يعنى اعتبار حماس حركة إرهابية، أن تفك قطر ارتباطها بالإخوان؟ أو بالحركة الفلسطينية، فضلًا عن دورها الغامض فى الائتلاف الذى تشكله السعودية ضد إيران. * ما تفسيرك للموقف القطرى بعد انعقاد القمة؟ - ما قاله «تميم» لم يكن مفاجأة لى على الإطلاق، لأنه يعبر عن السياسة الرسمية المعتمدة للمشروع القطرى، منذ أن أطيح بالأب «خليفة»، وكان هذا هو السيناريو المطروح لهذه الدويلة، وتحليل ما حدث يتلخص فى مسألتين، الأولى دولة صغيرة تريد أن تلعب دورًا إقليميًا كبيرًا، وهذا الدور لا يمكن أن يأتى لها إلا بوسائل عديدة أبرزها الإعلام، إلا أن قطر تخشى من أن تكون السعودية تحت الرعاية الأمريكية، والثانية أن قطر مهمتها إثارة قلاقل فى المنطقة العربية باستمرار لصالح المشروع الأمريكى، وهذا الكلام مثبت فى وثيقة ويكيليكس وتحديدًا الوثيقة 425 الصادرة فى 7/2009، والوثيقة 677 الصادرة فى 9/11/2009، حيث تكشفان العلاقة بين الأمريكان والدور القطرى فى المنطقة، فضلًا عن تسريب وثيقة ويكيليكس حول حوار رئيس قناة الجزيرة والسفيرة الأمريكية فى قطر. * لكن ما دافع «تميم» لإحداث هذه البلبلة فى الوقت الراهن؟ - دافعات، أولها حدوث تغيير فى الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تدركه الإدارة القطرية جيدًا، فالآن ستعود قطر إلى حجمها الطبيعى، وهى لا تقبل ذلك بعد أن عاشت فترة طويلة على أنها قوة إقليمية كبيرة تتحدى مصر ودول المنطقة، وتتأمر على العراقوسوريا وليبيا وحتى مالى، وبعد هذا التحالف الذى حدث تعود قطر أدراجها دويلة صغيرة تسبح فى فلك السعودية، وهو أمر لن تقبله القيادة القطرية، أما السبب الثانى فيتلخص فى أن المؤتمر كان لحساب قطر على ما كانت تقوم به فى المنطقة، فهناك شخص اسمه «النعيمى» ثرى جدًا، ويمثل يد قطر لتمويل الإرهاب، وهو مدان بأدلة من الخزانة الأمريكية، تتضمن شيكات وأوراق تكشف التمويلات التى منحها للتنظيمات الإرهابية فى العراقوسوريا، حيث كانت القمة بداية لمحاسبة مصادر التمويل وتجفيفها، لذلك لم يعد متاحًا لقطر أن ترسل سلاحًا إلى ليبيا أو أموال لسورياوالعراق. * حدثنا عن تقييمك للقمة؟ - القمة تعد أحد أهم الأسلحة التى امتلكها الإرهاب فى المنطقة، فلابد أن نتصور أن عمليات تجنيد الشباب من أجل القتال مع داعش أو أى تنظيم إرهابى، ستعتمد على اللعب بعقولهم عن طريق رسم صورة سيئة حول الحكام العرب، الذين أعطوا للصلبيين من أموال الشعوب، وتركوا الفتات للفقراء، لذلك فإن هذا المؤتمر يعد واحدًا من أهم الأدوات والمنابع التى ستبقى الإرهاب قائمًا فى المنطقة لقرن قادم. * ما تحليلك لوجود زوجة «ترامب» وابنته فى القمة؟ - هذا يعبر عن شخص يطأ عنقك بحذائه دون أى مبالاة، وعلى العكس أنت لا تبدى اعتبارًا لما يحدث، فلو حضرت زوجته مجازًا رغم عدم حضور أى قرينة لرئيس، فما أسباب حضور ابنته، وتحت أى بند وبأى مناسبة حدث ذلك، الأمر غير مقبول أو مبرر. * هل كتبت تلك القمة نهاية سوريا؟ - غير صحيح، على العكس الولاياتالمتحدة عادت إلى الشرق الأوسط، لكنها منذ فترة لم تعد اللاعب الوحيد فى الشرق الأوسط، ولا فى سوريا، ولا يستطيع «ترامب» أن يمس الإيرانيين، والسعودية تكتب نهايتها لو فكرت فى الاقتراب من إيران، وابن ولى العهد يكتب على يديه نهاية المملكة، باعتدائه على منصب ولى العهد وتهميشه، فعندما قال: «قد نضطر إلى نقل المعركة لقلب إيران»، فهو بذلك يعجل بنهاية السعودية، فلابد من الاعتراف بأن إيران أمة قوية، رغم أننى أكثر شخص يهاجم طهران، لكن أعرف مدى قوتها فهى أمة وقوة عسكرية ضخمة ووراءها روسيا والصين ودول كبرى وأوروبا الغربية، ولن يستطيع أحد أن يحاصرها اقتصاديًا، لأن أوروبا لها مصالح اقتصادية مع إيران، والدليل على ذلك أن «ترامب» لا يستطيع إلغاء صفقة طائرات البوينج التى عقدتها إيران مع الشركة الأمريكية. * وماذا عن الغياب التركى؟ - السعودية تريد أن تقول «أنا زعيمة الأمة العربية والإسلامية»، والأتراك لن يسلموا بهذه المسألة، مع العلم أن تركيا عقدت صفقة سلاح ضخمة جدًا مع السعودية، لذلك ترى أن الزعامة لها هى، مما دفع أردوغان لرفض حضور القمة تحت راية السعودية، لأنه يؤمن أنه ليس جزءًا من تلك الأمة، بالإضافة لدخول تركيا فى مشاكل مع الأمريكان حول تسليح الأكراد، لأن الأمريكان يسلحون الأكراد لإنجاح مشروعهم بإعلان ولاية كردية داخل سوريا، وهذا لا يتوافق مع سياسة «أردوغان»، الذى يملك بدائل استراتيجية، باعتباره لاعبًا قويًا فى المنطقة، لذلك لا يقبل أن يكون تحت ولاية «آل سعود».