أبدت سبعة منظمات تخوفها من عدم جدية الحوار المجتمعي الذي تقوم به الجمعية التأسيسية للدستور حول مشروع الدستور الجديد، وذلك عقب مشاركتها في جلسة استماع نظمتها لجنة الاقتراحات والحوارات والاتصالات المجتمعية بالجمعية التأسيسية وأوضحت المنظمات في بيان لها امس الثلاثاء ان جلسة الاستماع تلك ترتب عليها تولد انطباع لدى الحضور بأن المسألة شكلية في المقام الأول ترتبط بعمل اللجنة الداعية للاجتماع باعتبارها من لجان العلاقات العامة التي أسندت إليها مهمة التواصل مع شتى الشرائح الاجتماعية والمجموعات بما فيها المجتمع المدني للوقوف على الآراء من ناحية، وللتأكيد على الصفة التمثيلية للجمعية التأسيسية من ناحية أخرى. وقد عزز هذا الانطباع ما يتم تداوله الآن من أخبار ومعلومات بأن غالبية مواد الدستور جاهزة بصياغة نهائية، وأن الدستور برمته سيعرض على الشعب في استفتاء خلال شهر ونصف من الآن. واعربت المنظمات عن خشيتها من ان هدف اللجنة من عقد اجتماعات وجلسات استماع شكلية هو تحسين صورة الجمعية التأسيسية للدستور وإعطاء انطباع بأن دستور مصر القادم قد شارك في وضعه كافة أطياف الشعب ومن ضمنهم المنظمات الحقوقية، الأمر الذي ظهر جلياً في طرح السادة أعضاء اللجنة أجندة مقترحة لجلسة الاستماع تميزت بالعمومية وعدم التركيز على جانب الحريات والحقوق، بحيث اشتملت على أسئلة خاصة بمستقبل شكل نظام الحكم ووضع مجلس الشورى في الدستور الجديد والعلاقات المدنية-العسكرية ووضع رئيس الجمهورية في مواجهة المؤسسة العسكرية علاوة على الحريات والحقوق كبند أخير ورد ضمن الأسئلة المقترحة لجلسة الاستماع. واشار البيان إلي الخلط الذي حدث بين أوساط المدعوين حيث لم يظهر بوضوح ما إذا كانت الدعوة قد وجهت إليهم للحديث عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في دستور البلاد ما بعد الثورة، أم أنها قد وجهت إليهم بوصفهم ممثلين عن المجتمع المدني المصري على اتساعه لإبداء آرائهم في مختلف القضايا المستقبلية للبلاد، وعلى رأسها المسائل السياسية لا الحقوقية بالأساس، وحتى انتهاء جلسة الاستماع لم تتم الإجابة على هذا السؤال. وهو أمر بالطبع إن ثبتت صحته يعتبر غاية في الخطورة، كما يعد امتدادا لذات العوار الذي عاب الحوار السياسي والنقاش المجتمعي برمته في الفترة الأخيرة من حيث تركيز الاهتمام على القضايا السياسية الماسة بطبيعة نظام الحكم وشكل الدولة على حساب الاهتمام القضايا الحقوقية. وشددت المنظمات في بيانها على ضرورة أن يضمن دستور مصر القادم مبدأ استقلال القضاء، وعلى وجه الخصوص المحكمة الدستورية العليا، وذلك عن طريق حظر تدخل السلطة التنفيذية في عملها من حيث تشكيلها، بالإضافة إلى نقل صلاحيات التفتيش على أعضائها للمجلس الأعلى للقضاء الذي يقوم بتسيير كافة شئون العدالة باستقلالية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، مؤكدة على حق المواطن في المحاكمة أمام قاضيه الطبيعي، وإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، وحق المتهم في التعويض عن أخطاء العدالة، بالإضافة إلى وضع القيود على إعلان حالة الطوارئ وتقليص دور السلطة التنفيذية في استخدامها للرقابة على الإجراءات، وحالات فرضها من المجالس النيابية المنتخبة، اضافة إلي ضرورة أن يضمن دستور مصر القادم استقلالية وحياد المؤسسات الدينية عن السلطات السياسية بحيث لا يتدخل كل منهما في عمل الأخر. ولفتت المنظمات الي نقطتين رئيسيتين الأولى هي أن مواد دستور 1971 الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية متقادمة وغير كافية، علاوة على إغفال ذكر حقوق راسخة في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كالحق في السكن الذي لم يرد بحال في الدستور الملغى ، كما أن ثمة جيلاً جديداً من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد نشأ في الثلاثين سنة الماضية، كالحق في المياه والحق في الأرض والسيادة الغذائية وغيرها مما لم يرد به ذكر من قريب أو من بعيد في دستور 1971 ، وطالبت المنظمات بالأخذ في الاعتبار التجارب الدستورية لبلدان كجنوب إفريقيا والبرازيل وبوليفيا. أما النقطة الثانية فهي الحاجة الماسة للتفصيل والإسهاب عند صياغة النصوص الدستورية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بحيث يتم ذكر التزامات الدولة إزاء المواطنين على نحو من الوضوح والتفصيل مما يمكن المواطنين من الاستناد لهذه المواد في مطالبتهم الدولة الوفاء بحقوقهم. شددت المنظمات أيضاً على ضرورة تضمين الدستور الحقوق الخاصة بالفئات النوعية المختلفة من النساء والأقليات وذوي الاحتياجات الخاصة.