الجفاف ونقص المياه، كلمات أكثر انتشارًا الفترة الأخيرة، بعد بوار وعطش آلاف الأفدنة فى الأرياف بسبب عدم توافر المياه فى الترع، بعدما عزا العديد ذلك إلى أن سد النهضة الإثيوبى السبب فى نقص حصة مصر من المياه، لكن وزارتى الرى والزراعة ترجعان أزمة مياه إلى زيادة مساحة زراعة الأرز. وخلال إبريل 2015، قررت الحكومة، ممثلة فى وزارات الزراعة والموارد المائية والرى والتنمية المحلية، حظر زراعة محصول الأرز فى 20 محافظة، والاكتفاء فقط ب7 من محافظات شمال الدلتا، فى محاولة لتقليل مساحة الأرز. فلاحون كشفوا ل«الصباح»، عن تجار يمرون عليهم فى الدلتا ويطلبون منهم زراعة الأرز، ويغرونهم بأنهم سيشترون المحصول بسعر 4 آلاف جنيه للطن، أى أن مقابل إنتاجية الفدان تصل إلى 16 ألف جنيه، ويعرضون عليهم عربونًا ماليًا لضمان الشراء. يقول محمد عبد السلام من مركز أبو حماد، بمحافظة الشرقية «هناك تجار عرضوا علينا زراعة محصول الأرز مقابل عربون ومقدم لشراء المحصول بعد حصاده، نظير مقابل مادى كبير»، مؤكدًا أن العديد من المزارعين فى قرى ومراكز مختلفة قبلوا هذا العرض، وشرعوا فى زراعة الأرز. وهناك صراعات دائرة بين إدارة الرى والزراعة فى المحافظة على ضرورة إزالة المساحات المخالفة، وهو ما شهدته العديد من القرى من عمليات إزالة جبرية للأراضى المزروعة بالأرز بالمخالفة، وتزيد على المساحات المطلوبة. ويقول الدكتور نادر نورالدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة «من يفعل ذلك يريد إحراج الحكومة واستغلال أزمة المياه الحالية والجفاف فى منابع النيل ويسعى لحدوث صدام، بين الفلاح الفقير المتطلع إلى الربح، وبين الحكومة التى تعلم حالة موقفنا المائى»، مؤكدًا أن السبب فى ذلك هو وزارة التموين، التى تركت أسعار الأرز ترتفع وتنخفض وفقًا للأهواء ولم تضبط السوق. ويوضح «من سيدفع الثمن هما وزارتا الرى والزراعة، ولكن ربما تدفع الحكومة كلها الثمن». ويؤكد ل«الصباح»، أن محافظاتكفر الشيخ والبحيرة والدقهلية والشرقية، تشهد ضغطًا من التجار على المزارعين، بدفع (عرابين) لزراعة الأرز مع وعد بتحمل غرامة الزراعات المخالفة وقيمتها 5 آلاف جنيه وشراء الطن من الأرز الشعير بسعر 4 آلاف جنيه مقابل 1500 السنة الماضية، موضحًا أن الفدان ينتج 4 أطنان، بسعر 16 ألف جنيه، وهذا دخل رائع للفلاح وأكثر من ضعف دخله العام الماضى، وموضحًا أن الأزمة فى عدم وجود مياه تكفى التوسع فى زراعة الأرز هذا العام، بسبب الجفاف الذى يضرب إثيوبيا لتسع سنوات على التوالى. ويشير مصدر مسئول فى وزارة الرى، إلى أن الوزارة رصدت أصحاب المصالح من مصدرى الأرز متورطين فى تشجيع الفلاحين على زراعة الأرز بالمناطق المخالفة فى محافظاتالمنوفيةوالشرقية والقليوبية، من خلال تقديم عروض مالية لشراء الأرز من الفلاحين قبل بدء موسم الزراعة، وخاصة فى المناطق المحظور زراعة الأرز بها بأسعار تتجاوز الأسعار الحقيقية للمحصول فى السوق المحلية، رغم قرار حظر تصديره إلى الخارج، وهو ما دفع الأسعار للارتفاع إلى 3300 جنيه للطن لأول مرة. ويوضح أن مصر تواجه أزمة مائية فى حصة محاصيل الصيف خلال الموسم الحالى، التى تستنزف ثُلثى حصة مصر من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب، لأن الوارد إلى مصر أقل، خلال موسم الفيضان الماضى، وسيستمر الانخفاض الموسم الحالى بسبب ارتفاع معدلات الجفاف فى إثيوبيا وقلة الوارد إلى مصر، الذى سيتواصل الأعوام القادمة مع بدء سد النهضة فى التخزين العام المقبل. وأكد أن مصلحة مافيا الأرز هى زيادة الإنتاج من المحصول بصرف النظر عن تسببه فى خسارة مصر أكثر من 10 مليارات متر مكعب من المياه، تشكل 20% من حصة مصر من مياه النيل؛ لأنهم ينجحون كل عام من خلال الضغط على الحكومة فى تمرير قرار فتح تصدير الأرز وقت حاجتهم لذلك. وقال المتحدث الإعلامى باسم الوزارة وليد حقيقى «جارٍ إزالة المخالفات بدون استثناء وتغليظ عقوبات المخالفات، مع استمرار حملات الإزالة فى محافظاتالغربيةوالشرقية والدقهلية وكفر الشيخ»، مشيرًا إلى قرار وزارى من وزير الرى بتحديد مساحة الأرز هذا العام، بحوالى مليون و76 ألف طن. وأكد ل «الصباح»، أن الوزارة تفرض غرامات على مزارعى الأرز المخالفين تبلغ 3.700 جنيه يتم تحصيلها عن طريق الجمعيات الزراعية بعد الحصاد من المزارعين، مؤكدًا أنه تم تحذير المزارعين من الالتفات للتجار، الذين اتهمهم بتحريض المزارعين على زراعة الأرز بالمخالفة، فى مقابل شراء المحصول بأسعار باهظة، للحفاظ على حصة مصر من المياه، مؤكدًا مخاطبة مجلس الوزراء بوقف تصدير الأرز هذا العام، لعدم تكرار أزمة ارتفاع الأسعار وإغراء المزارعين.