- ميخائيل: الطلب على المياه يفوق طاقة الترع.. والدولة مسئولة عن كل فدان مزروع وسنغرم المخالفين - مصدر بالزراعة: التجار وعدوا الفلاحين بشراء الأرز ب4 آلاف جنيه للطن.. ومليون فدان حجم الزراعات المخالفة استغاثات لا تتوقف، وترع ظهرت أقرب للجفاف، ومخاوف من بوار آلاف الأفدنة عطشا بفعل عدم توفير المياه المطلوبة فى موسم «أقصى الاحتياجات»، التى تبدأ معها الزراعات الصيفية، الأكثر شَرَها للمياه. شكاوى عديدة من نقص أو شُح فى كميَة المياه الواردة إليهم، رفعها مزارعون فى محافظاتالشرقيةوالدقهليةوالبحيرةودمياط وغيرها، إلى المسئولين، ووجَهوها عبر وسائل الإعلام. يقول علاء فؤاد، أحد مزارعى البحيرة، إن محصول الأرز الخاص به يعانى من العطش بسبب نقص المياه، مضيفا بنبرة غلبها الأسى: «فى حالة استمرار نقص المياه بنهايات الترع سيجف المحصول ويموت». وفى البحيرة كذلك، تحدث منصور مكى، أحد المزارعين، عن تكرار أزمة نقص المياه سنويا، وقال إن :«الأزمة ليست جديدة، كما يدعى المسئولون، الذين يلقون اللوم دائما على الفلاحين فى كل أزمة»، مشيرا إلى أن إقبال الفلاحين على زراعة الأرز هو نتيجة الخسائر التى نعانيها فى جميع المحاصيل الأخرى، سواء كانت قطن أو قمح أو ذرة»، لافتا إلى أن عدم مساندة الدولة للفلاحين، وعدم توفير هامش ربح لهم فى الزراعات الأخرى، جعلهم يسعون وراء التجَار، ويخالفون قرارات المسئولين، ويتوسعون فى زراعة الأرز لحصد أرباح جيدة». من جانبه، اعترف رئيس مصلحة الرى، عماد ميخائيل، بالأزمة، التى أرجعها إلى «تكالب» الفلاحين على زراعة الأرز، فى آن واحد، بالمخالفة للقرار الحكومى الذى حدَد مساحة مليون و76 ألف فدان، بثمانٍ من محافظات الدلتا لزراعة المحصول الشَرِه للمياه؛ وذلك بعد الارتفاع الكبير فى أسعاره حاليا. وقال ميخائيل، فى تصريحات ل«الشروق»، إن أعدادا كبيرة من المزارعين المخالفين يتسابقون للانتهاء من محصول الأرز قبل بداية شهر رمضان؛ فاتجهوا للرزاعة مبكرا عن الموعد المعتاد سنويا، وبنظام البدارى أى (الزراعة فى مساحة الفدان بالكامل وبكميات مياه أكثر، وبإنتاجية أكبر من المحصول)، بدلا من المشاتل أى زراعة مساحة معينة من الفدان الواحد، وبالتالى بكميات أقل من المياه، ولم يلتزموا بالمناوبات التى تقضى (الحصول على حصة من المياه بالتتابع، وكل فى دوره». وأشار إلى أن وزارة الموارد المائية والرى، وفى إطار مواجهة الأزمة، زادت من حجم المياه المنصرفة من خلف السد العالى، إلى 250 مليون متر مكعب يوميا، وهى الكمية التى اعتيد الوصول إليها مع بداية يونيو، أى إنها صُرفت مبكرا لأكثر من 10 أيام عن المعتاد. وأضاف: «مع ذلك، لا تزال المشكلة قائمة؛ فالطلب على المياه بفعل المساحات الزائدة المنزرعة يفوق طاقة الترع، التى يناوب عليها مهندسو الرى ليلا نهارا للتعامل مع هذه الاختناقات». إلا أن رئيس مصلحة الرى أكد أن الدولة مسئولة برغم الأزمة عن كل فدان زٌرع، سواء بشكل شرعى أو مخالف، لكن بعد تحرير محاضر تبديد مياه للمخالفين، وتحصيل الغرامات المقررة، الذى أكد عدم التراجع عنها هذا العام. وبينما وعد ميخائيل بانتهاء الأزمة خلال أسبوع أو عشرة أيام على الأكثر، طالب بوقفة جادة من الدولة تجاه قرار السماح بتصدير الأرز. بدوره، أشار المتحدث الإعلامى باسم وزارة الزراعة، عيد حواش، إلى تحذير الوزارة للفلاحين من الالتفات للتجار، الذين اتهمهم بتحريض المزارعين على زراعة الأرز بالمخالفة، فى مقابل شراء المحصول بأسعار باهظة، مضيفا «رغم أن هذا لا يحدث، ويتم توريط المزارعين فى تحمل المخالفات التى تصل ل 5 آلاف جنيه للفدان، وموت زرعهم بسبب نقص المياه». وقال حواش، ل«الشروق»، إن على المزارعين مراعاة حالة الشح المائى التى نمر بها، والتكيُف مع المياه القليلة التى تصل إلينا، مشيرا إلى أن قطاع الزراعة يستهلك وحده نحو 85% من الموارد المائية، مضيفا «وبالطبع لا نستطيع إنقاص المياه المخصصة للاستهلاك المنزلى ولا للقطاع الصناعى المنتج». وقال مصدر مسئول بوزارة الزراعة، إن مساحات الأرز المزروعة بالمخالفة بلغت نحو مليون فدان هذا العام، لتصل المساحة المنزرعة من الأرز إلى 2.1 مليون فدان، لافتا إلى أن السبب فى أزمات نقص المياه بنهايات الترع، يعد نتيجة تعهد التجار للمزارعين بشراء طن الأرز منهم بمبالغ تصل إلى 4 آلاف جنيه، وهو ضعف الأسعار الحكومية، بجانب التعهد لهم بتحمل الغرامات بدلا عنهم. وأضاف المصدر، ل«الشروق»، أن هذا العام سيبيع الفلاح المحصول بنحو 16 ألف جنيه، سيدفع منهم 5 آلاف جنيه غرامات، ويتبقى له 11 ألف جنيه، لافتا إلى أنه مبلغ كبير بالمقارنة بالعام الماضى الذى بيع الطن فيه ب 1600 جنيه فقط، بما يعادل 6500 جنيه فقط للفدان، باعتبار أن الفدان الواحد ينتج 4 أطنان. وأكد أن كمية المياه الحالية لا تسمح بالتوسع فى زراعات الأرز؛ بسبب جشع التجار، أو رغبة المزارعين فى الحصول على ربح مرتفع من زراعتهم، مطالبا وزارتى الزراعة والرى بوضع سياسة حازمة، لا تمنع زراعات الأرز فحسب، بل تعطى البديل المربح لهم، مثل زراعة الذرة الصفراء للأعلاف واستلامها من المزارعين بسعر 250 جنيها للإردب، ومعها زراعات زيوت الطعام التى نستوردها بالكامل من الخارج لزراعات عباد الشمس وفول الصويا. وأوضح أنه يوجد نحو 150 ألف فدان زراعات مخالفة بمحافظة الدقهلية، بجانب 160 ألف فدان مخالف بمحافظة الشرقية، بالإضافة إلى 130 ألف فدان مخالف بالبحيرة، و180 ألف فدان مخالف بالغربية، بجانب نحو 55 ألف فدان فى دمياط والقليوبية. وكانت لجنة مشتركة من وزارتى الرى والزراعة حددت مساحة مليون و76 ألف فدان لزراعة الأرز هذا العام، موزَعة إلى 174 ألفا و978 فدانا بمحافظة البحيرة، و70 ألف بمحافظة الغربية، و275 ألفا و18 فدانا بمحافظة كفر الشيخ، و300 ألف بنطاق محافظة الدقهلية، و75 ألفا بمحافظة دمياط، و176 ألفا و401 فدان فى الشرقية، و20 ألف بمحافظة بورسعيد، فضلا عن 3 آلاف و520 فدانا فى الإسماعيلية. وحظر القرار الحكومى زراعة الأرز فى غير المساحات المقررة، محذِرا المخالفين من الغرامة، التى نصت عليها المادة 94 من قانون الرى والصرف بغرامة لا تقل عن 30 جنيها ولا تزيد على مائة جنيه عن الفدان الواحد، مع تحصيل قيمة مقابل استغلال للمياه الزائدة للكمية المحددة، والتى حددتها المادة 53 من اللائحة التنفيذية للقانون ذاته ب7 قروش عن كل متر مكعب. من جانبه، أكد وزير الرى، محمد عبدالعاطى، فى تصريحات سابقة، أن الدولة تبحث فعليا آليات حرمان المخالفين لهذا القرار من الخدمات التى تقدمها لهم من تمويل، وتسويق، وبذور، وأسمدة، وخلافه. بينما أشار وكيل أول وزارة الرى، رجب عبدالعظيم، فى حواره ل«الشروق» قبل أسبوع، أن شبكة الترع مصممة لتتحمل 700 ألف فدان فقط، «لكن بمزيد من الجهد المضاف على كاهل المهندسين والمتابعة المستمرة؛ يتم استيعاب المساحة المقررة، التى تغطى الاحتياجات المحلية وأكثر».