إلى أين تسير أزمة نقابة الصحفيين مع الداخلية؟ ولماذا تصاعدت؟ ولماذا صمتت رئاسة الجمهورية تجاه الأزمة منذ اندلاعها؟ ولماذا تجاهلها مجلس الوزراء وأشعلتها الداخلية، وصعّدتها الصحفيين واستغلتها الرموز السياسية؟ أسئلة عديدة طرحتها «الصباح» حول أزمة نقابة الصحفيين، مع وزارة الداخلية، والتى تفاقمت فى اليومين الأخيرين، لتصل إلى السلطة السياسية، على الرغم من العلاقة الحميمة التى كانت تجمع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وكذلك بعض المقروءة بالنظام الحاكم، عقب الانتخابات الرئاسية، إلا أنها سرعان ما تدهورت بسبب تعسف الدولة والداخلية ضد حرية الصحفيين، لتشعل صراعًا جديدًا بين النظام والصحافة، يحتدم عند مطالبات الجمعية العمومية للنقابة، أبرزها إقالة الوزير واعتذار الرئاسة، لرد كرامة الصحفيين على الواقعة المسيئة، كما شبهها المنتمون لصاحبة الجلالة باقتحام نقابة الصحفيين من قبل ضباط وأفراد الداخلية، للقبض على محررين من قلب منبر الحرية، لتفتح النيران الصوتية وأقلام الصحفيين وكاميرات المصورين، لتعلن انتفاضة جديدة للصحفيين للدفاع عن حرية صاحبة الجلالة.. فى هذه السطور طرحنا أخطر عشرة أسئلة متعلقة بأزمة نقابة الصحفيين مع وزارة الداخلية على الصعيد الإعلامى فى الداخل والخارج، والسياسى والنقابى لندق ناقوس الخطر حول قمع حرية الصحفيين أو تجاهل ثورة الصحفيين لرد اعتبار زملائهم والحفاظ على كرامة ومكانة صاحبة الجلالة.. فكانت تلك الإجابات.. -أين رئيس الحكومة؟ الفقى: السياسة غابت والاعتذار «صعب ».. الجبالى: فينك يامحلب؟ لم تتوقف موجات الغضب ضد الأزمة التى تصاعدت بين وزارة الداخلية ونقابة الصحفيين، على الصعيد الإعلامى، وكذلك السياسى، وأعرب سياسيون عن غضبهم من تطورات الأزمة بين الوزارة والنقابة وغياب التدخل السياسى السريع لتدارك الموقف من قبل الحكومة. وأعرب المفكر السياسى الدكتور مصطفى الفقى، عن استيائه الشديد من الوضع الذى وصلت إليه الأزمة، مطالبًا بضرورة ضبط النفس من الطرفين، ورافضًا قرارات الجمعية العمومة للنقابة باعتذار رئاسة الجمهورية وإقالة وزير الداخلية، مؤكدًا أن هذا الطلب صعب تنفيذه لأنه يعنى فقد هيبة الدولة، وسنفاجأ بنقابات أخرى تخرج لتطالب بإقالة وزراء آخرين، كما أن هناك دورًا على الوزراء بضرورة إنهاء الأزمة قبل تصاعدها بدعوة الوزير لشيوخ المهنة ورؤساء التحرير ومجلس النقابة لعقد جلسة صلح بعد زيارة لمساعدى الوزير لمقر النقابة تأتى فى يوم الاقتحام. وتابع الفقى، كنت أتمنى أن يكون هناك موقف من مجلس الوزراء، مثلما كان يفعل المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق، بالتدخل السريع لحل أى أزمة قبل تصاعدها، موضحًا أن محلب لو كان موجودًا لذهب فى نفس اليوم إلى مقر النقابة مثلما فعل مع عمال شركة «غزل المحلة»، معربًا عن اندهاشه من تأخر رد فعل مجلس الوزراء والداخلية بعد اقتحام النقابة. من جانبها قالت المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقًا، إن هناك ضرورة لضبط الإجراءات بداخل وزارة الداخلية حتى لا تتفاقم الأمور بعد اقتحام الأمن لمقر نقابة الصحفيين، ويجب أن يحترم القانون والدستور وعدم السماح بانتهاك حرمة النقابات المهنية، مؤكدة أن من حق نقابة الصحفيين المطالبة بأى إجراء، لافتة إلى أن هناك شعورًا بالاحتقان بين النقابات المهنية ووزارة الداخلية. وأعربت الجبالى عن حزنها الشديد لما يحدث من اشتباك بين نقابة عريقة ووزارة الداخلية فضلاً عن عدم قبول أى انتهاك لحرمة النقابات، لأن مثل هذه الإجراءات تؤثر بالسلب على الرأى العام والحريات فى مصر، بحسب تقديرها. واعتبرت الجبالى أن موقف رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، كان مدهشًا للغاية بعدم التدخل والتسبب فى تصاعد الأزمة إلى الوضع الراهن، ومطالبة بضرورة ضبط النفس بين الطرفين حتى لا تتصاعد الأحداث أكثر من ذلك. -هل خسر الصحفيون الرأى العام؟ الصحافة والرأى العام وجهان لعملة واحدة، خاصة أنها مهنة تحويل الواقع إلى كلمات، لكن الأزمة الأخيرة بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية كشفت أن وجهى العملة، قد يصبحان على خلاف بين ليلة وضحاها. مروان يونس خبير الإعلام، أكد أن المواطن العادى ينظر إلى تلك الأزمة متأثرًا بما يدور حوله من أزمات تعيشها المنطقة والتى يأخذها المواطن بعين الاعتبار، فهو يرى أن الأزمة لم تكن تستحق ذلك التصعيد، وأن هناك مبالغة فى رد الفعل، وهو ما يقابله فريق آخر يرى أن الازمة تستحق ما حدث بل ويبالغون فى رد الفعل والمطالب، مدللًا على ذلك بأن القطاع الأكبر من جيل الشباب يقف الآن إلى جانب الصحفيين، وهو ما يقابله رأى آخر فى الأوساط الأكبر سنًا أو من يسمون بحزب الكنبة والذين ينظرون إلى الأزمة على أنها مؤامرة. أما د. ياسر عبدالعزيز الخبير الإعلامى، فأكد أنه من المبكر جدًا الحكم على نتيجة الأزمة وانعكاسها على الرأى العام، إلا أن الملفت للنظر أن الداخلية نجحت فى تجييش فئة كبيرة من الشعب إلى جانبها، وهو ما تنبه إليه الصحفيون واستطاعوا العمل سريعًا ونجحوا فى تحييد قطاع عريض من الرأى العام. فيما أكد د. ماجد عثمان مدير مركز بصيرة لاستطلاعات الرأى، أن المركز كان بصدد عمل استطلاع للرأى حول الأزمة بكاملها للوقوف على نتيجة إحصائية للمتضامنين أو المعارضين لموقف الصحفيين الأخير من وزارة الداخلية، ولكن الخطوة المتخذة من قبل النائب العام بحظر النشر أثرت على تلك الخطوة وأدت إلى إلغائها. من جانبه، قال هشام قاسم الناشر الصحفى، إن الإعلام بصفة عامة تكبد العديد من الخسائر من جانب الرأى العام فى ظل أدائه الأخير ومحاولات إرضاء جميع الأطراف، لكن ما حدث خلال الجمعية العمومية للصحفيين أدى إلى تصحيح المسار نسبيًا وإعادة الثقة التى خسرها الصحفى خلال الفترة الماضية. -هل اقتحمت الداخلية النقابة؟ شهود عيان: 35 شرطيًا بزى مدنى اقتحموا المقر اتفق الصحفيون على تسميته باليوم الأسود، إنه اليوم الذى شهد اقتحام الأمن لمقر نقابة الصحفيين للقبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا، مساء الأحد، الأسبوع الماضى. لكن حتى الآن لم يكشف أحد تفاصيل ما جرى لحظتها داخل مقر النقابة. تروى الصحفية مايسة يوسف، وهى شاهدة عيان، حيث كانت تتواجد داخل نقابة الصحفيين يومها «كانت الساعة تشير إلى حوالى التاسعة مساءً، وكنت متواجدة مع عمرو بدر ومحمود السقا ومعى مجموعة من الصحفيين، وفوجئنا بما يقرب من 35 فردًا من قوات الأمن تفتش كل المتواجدين داخل النقابة، وقاموا بالاستيلاء على الهواتف المحمولة، ومن ضمنها الهاتف الخاص بى، ثم قاموا بإلقاء القبض على عمرو بدر ومحمود السقا، وهذا لم يستغرق سوى دقائق». فرد أمن، يعمل بنقابة الصحفيين، رفض وضع ذكر اسمه، ذكر ل«الصباح»، أن الشرطة استغلت قلة عدد المتواجدين مساء الأحد، لأنه كان إجازة عيد العمال، وكان هناك عمال استأجروا قاعة المؤتمرات داخل النقابة، إلا أن قوات الأمن رفضت دخولهم شارع النقابة «عدلى يكن»، وبالتالى تم إلغاء المؤتمر، كما لم يكن هناك أحد من أهالى المعتقلين، المعتصمين بالنقابة، فقط كان يوجد حوالى 4 صحفيين بالمقر و4 أفراد أمن، اثنان بالمبنى واثنان بجانب الباب الصغير، وكان الباب مغلقًا فوجدنا رجلين يقومان بالخبط بشكل مريع على الباب، وكان يبدو أن أعدادهم لا يتجاوز الفردين، وأثناء فتح الباب دخل ما يقرب من 35 فردًا، يرتدون زيا ملكيًا، وكانوا مسلحين، فأسقطوا فرد الأمن على الأرض من شدة دفعهم للباب، وضربوا الفرد الآخر أسفل عينه وعلى صدره، وفتشوا كل الصحفيين المتواجدين داخل النقابة، وتحفظوا على هواتفهم، ثم تعدوا عليهم وقيدوهم، إلى أن ألقوا القبض على عمرو بدر ومحمود السقا. وأضاف المصدر «أفراد الأمن، الشهود عيان على هذه الواقعة، تم نقلهم فى اليوم التالى إلى مكان آخر، رغم أنهم يعملون لدى شركة المقاولين العرب، ولا يريدون التحدث إلى أحد، خوفًا من بطش الداخلية». - هل تسترت النقابة على مطلوبين أمنيًا؟! حنان فكرى: الداخلية لم تخطرنا بشأن الصحفيين المتهمين وسط التصعيد المستمر والمتبادل بين طرفى أزمة نقابة الصحفيين، جاءت آخر الخطوات التصعيدية من جانب النائب العام، عن طريق التلويح باتهام النقابة وتحديدًا نقيب الصحفيين بالتستر على مجرمين، الأمر الذى رفضه النقيب جملة وتفصيلًا، مؤكدًا أنه لم يتم إخطار النقابة بأى خطابات بشأن القضية المتهم فيها الصحفيان. الصحفية حنان فكرى عضو مجلس النقابة، أكدت أن النيابة العامة لم تحقق فى البلاغ المقدم من النقابة ضد وزير الداخلية فيما أنصفت الداخلية فى أمر مخالف للقانون، موضحة أن النقابة غير مستفيدة من افتعال أزمة كما يدعى البعض، خاصة أن القضية ليست قضية عمرو بدر أو محمود السقا، وإنما قضية المهنة بشكل عام، حيث يعد الاقتحام إهانة للصحافة لا لشخصين فقط. وتابعت «فكرى» قائلة: «حديث مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين السابق أن النقابة خلقت أزمة وكان يجب عليها أن تسلم الصحفيين يعد تصفية حسابات ولا يستند لا لمنطق ولا لقانون، خاصة أن مجلس النقابة لا يمكنه أن يبادر متطوعًا وأن يتصل بالداخلية للاستفسار عن الأمر ما لم يتم إخطار النقابة بشكل رسمى بشأن الصحفيين». وأضافت أن هناك عشرات الصحفيين ألقى القبض عليهم خلال الفترة الماضية ولم تقم النقابة بمثل هذه الوقفة وإنما أرسلت محاميها لمتابعة القضايا، أما الصحفيون غير النقابيين فتتولى النقابة الدفاع عنهم بموجب خطاب من الجريدة التى يعملون بها حال القبض عليهم. وأشارت إلى أن الداخلية هى التى أرادت افتعال الأزمة وتصعيد الموقف لأهداف أخرى، إلا أن النقابة تؤكد على احترامها للقانون وتطبيقه وعدم التنازل عن قرارات الجمعية العمومية التى اتخذتها. الأمر ذاته أكده جمال عبدالرحيم سكرتير عام النقابة، قائلًا: «نقابتنا لا يمكن أن تتسر على أحد، ودائمًا ما تطالب بتنفيذ القانون ولا يمكن أن تخالفه، ووزارة الداخلية لم تخطر النقابة بشأن الصحفيين، وليس الهدف من عملية الاقتحام القبض على بدر والسقا فقط، بل كانت ردًا على البلاغ الذى قدم ضد وزير الداخلية بشأن حصار نقابة الصحفيين يوم 25 إبريل ومنع الصحفيين من الوصول إلى مقرها، والذى لم يتم التحقيق فيه من قبل النيابة، لذلك فالنقابة محقة بشأن كافة القرارات التى اتخذتها بشأن القضية ولن تتراجع عنها». -نكشف حقيقة المعتدين على «الصحفيين»من يقود تنظيم «المواطنين الشرفاء ؟» «سيدة» جمعت مسجلات عزبة خير الله.. و«سعيد» جمع المسجلين ب500 جنيه للواحد «الشيطان» مسجل الشرابية ذراع سابق لعضو مجلس شعب.. وجمع الفقراء مقابل 300 جنيه للفرد تجدهم دائمًا فى ظهر قوات الأمن وأمامهم الحواجز، أطلقوا على أنفسهم» المواطنين الشرفاء»، كان آخر ظهور لهم أمام نقابة الصحفيين فى العمومية الغاضبة ضد اقتحام وزارة الداخلية لمقر النقابة الأسبوع الماضى. وفى حقيقة الأمر فإن هؤلاء المواطنين ليسوا شرفاء، إنهم بلطجية ومسجلون خطر، تكشف «الصباح» تاريخهم الحقيقى عبر هذه السطور. تل العقارب بالسيدة زينب وعزبة خيرالله والشرابية وكارتجية مواقف الأزبكية ورمسيس ورملة بولاق أبو العلا، تلك المناطق والوظائف، التى استعانت الداخلية منها بكل المسجلات والمسجلين للاعتداء وإهانة الصحفيين أمام مقر نقابتهم، لكل منطقة قائدها من المسجلين، الذى يستعين بباقى زملائه مقابل 500 جنيه لليوم الواحد فقط، وكان لعزبة خيرالله الحشد الأكبر، عبر «مسجلتها» سيدة التى كانت تاجرة مخدرات وتم إلقاء القبض عليها وحكم عليها ب10 سنوات. «سيدة» جمعت أكثر من 30 سيدة من منطقتها، وكانت التعليمات التى وردت لها هو الاعتداء بالألفاظ النابية على جميع الصحفيات اللاتى تخرجن من النقابة أو تحاول الدخول إليها وتهين كرامتهن على قدر المستطاع وتسمعهن أقذر الألفاظ. فيما قام سعيد، وهو مسجل خطر «فئة ج/ فرض سيطرة وسرقات بالإكراه»، بالاتفاق مع 5 من المسجلين زملائه، على جمع فقراء عزبة خير الله مقابل 300 جنيه لكل فرد، ليأتوا فقط للهتاف ضد الصحفيين ورشقهم بالألفاظ النابية وكانت هذه الاتفاقات بمعرفة الداخلية. «رفاعى» وشهرته الشيطان، مقيم بالشرابية، فى أول شارع حسنى، ومسجل خطر، جمع المواطنين الفقراء وبعض زملائه من المسجلين، وخصص لهم سيارات لتقلهم من المنازل إلى نقابة الصحفيين، واتفق معهم على 400 جنيه للفرد مقابل يوم كامل من بداية الصباح حتى المساء، فيما أكد شاهد عيان بمنطقة الشرابية ل«الصباح» أن «الشيطان مشهور داخل المنطقة بأنه ذراع لأصحاب المال والنفوذ، يستعينون به فى أعمال البلطجة، وكان يستعين به عضو مجلس شعب فى انتخاباته، كما كان يحشد دائما للوقفات التى تريد الداخلية فضها أو السيطرة عليها دون أن تتدخل، مقابل أموال يوزعها على الفقراء وزملائه من المسجلين». وعندما تذكر رملة بولاق، لا بد أن تذكر الحوت، وهو أخطر مسجل بالمنطقة ومعروف بفرض سيطرته على كل المسجلين بها، والتى استعانت به الداخلية، حشد أكبر عدد من مسجلى بولاق والفقراء للاعتداء على الصحفيين أثناء وقفتهم فى وجه الداخلية. «بشلة» كارتجى مواقف الأزبكية، استعان بمسجلى مواقف السيارات وباقى الكارتكجية مقابل الأموال، والمعروف عن بشلة بأنه فرض سيطرته على المواقف وبلطجى من الدرجة الأولى، وبالفعل جمع المسجلين والكارتجية، ممن قاموا بالاعتداء على الصحفيين وأطلقوا على أنفسهم المواطنين الشرفاء.