حسن الجناينى: من الآراء الشاذة للإمام.. والحنابلة والحنفية والمالكية يحرمونه مستشار شيخ الأزهر: مخالفة للقرآن.. لأن الإسلام يُحرّم على الرجل أن ينكح ابنته من الرضاع نصر فريد واصل: الشافعى أفتى بالكراهة وحكم بظاهر الشريعة.. وأحمد كريمة: مرجوحة «اختلافهم رحمة» مقولة نسمعها كثيرًا عن اختلاف آراء الأئمة الأربعة.. أما إذا كان الاختلاف فى الرأى شاذًا وغريبًا ومخالفًا لما أنزل به القرآن الكريم ويرفضه العقل والمنطق، هنا نقول إن اختلافهم ليس رحمة بل ضلال كبير. أثيرت خلافات واسعة بين علماء الأزهر حول رأى الإمام الشافعى الذى «يجيز فيه زواج الرجل من ابنته من الزنا»، حيث أكد الدكتور صبرى عبد الرءوف أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشؤن الإسلامية أن ماء الزنا هدر ويحق للرجل الزواج من ابنته فى الزنا، الأمر الذى أثار استياء وغضب كل من الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقة المقارن والعميد السابقة لكلية الدراسات الإسلامية والدكتور آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة وعميدة كلية الدراسات الإنسانية، والذين اعترضوا على رأى الإمام الشافعى وردوا على الشيخ صبرى وقالوا نصًا: «دى مصيبة وهنفتح مصايب كبيرة لو أخذنا برأى الشافعية أن من حق الأب أن يتزوج من ابنته فى الزنا». فى حين قال الشيخ محمد حسان فى فيديو متداول على موقع اليوتيوب نصًا «أجاز الشافعى رحمه الله للرجل أن يتزوج من ابنته من المرأة التى زنا بها والله أعلم». وقال أحد السلفيين فى نفس الفيديو نصًا «مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه يرى أن ماء الزنا لا يحرم ولو واحد زنى بامرأة وحملت منه يرى أن هذا الماء لا يُحرّم، وأن هذه البنت ليست ابنته، ويجوز له أن يتزوجها، وهذه زلة عظيمة فى مذهب الإمام الشافعى، لكن هتروح فين من بحار حسناته، ولا حاجة أى يعنى». «الصباح» حاورت عددًا من رجال الأزهر لمعرفة حقيقة هذا الرأى المنسوب للإمام الشافعى، فقال أحد مستشارى شيخ الأزهر رفض ذكر اسمه أن الله حرّم على المرأة أن تتزوج بطفل غذته من لبنها، أو أن تنكح أولاده، وحرم على أمهاتها وعماتها وخالتها، بل حرّم على الطفلة المرتضعة من امرأة أن تتزوج بالولد صاحب اللبن، وهو الذى وطئ المرأة حتى در اللبن بوطئه. فإذا كان يحرّم على الرجل أن ينكح ابنته من الرضاع، ولا يثبت فى حقها شىء من أحكام النسب - سوى التحريم وما يتبعها من الحرمة - فكيف يباح له نكاح بنت خلقت من مائه؟. وأضاف: «نؤمن بالله وسُنة نبيه «صلى الله عليه وسلم» وكل شىء واضح، أما هذه فملاحظات على الأئمة، هم ليسوا ملائكة ونحن نؤمن بالعقل، والإمام الشافعى قال هذا الرأى من منطلق أن الزواج غير شرعى، وهو الزواج الذى يتم بدون الصيغة الشرعية المتعارف عليها ويكون زنى، وعليه، مابنى على باطل فهو باطل، وكل ماينتج عنه فهو باطل، لذلك تكون ابنة الزنى ليست ابنة أبيها فعندها يحق لأبيها أن يتزوجها بصيغة شرعية، وتصبح زوجته شرعًا، أى أن الكلام من الجانب النظرى فقط». وقال الشيخ حسن الجناينى، كبير الباحثين فى الأزهر الشريف: «أجمع جمهور الفقهاء على ان ابن الزنا تحرم أمه عليه، وخلقه من مائها وماء الزاني- خلق واحد، وإثمهما فيه سواء، وكونه بعضًا لأبيه مثل كونه بعضًا لأمه. فكما يحرم ابن الزنا على أمه تحرم بنت الزنا على أبيها، ومن الواضح أن قول الشافعى بحل نكاح ابنته من الزنا فيه من البشاعة ما فيه، والصواب الأخذ بقول الجمهور فى التحريم بالزنا للفرع مهما نزل، وبهذا أخذ القانون الكويتى، وكذلك مشروع القانون المصرى السورى الموحد، وهذا الرأى مخالف لآراء الحنابلة والحنفية والمالكية الذين أكدوا تحريم الزواج تحريمًا قاطعًا». وقال أحد أعضاء لجنة الفتوى بالأزهر إن هناك خلافًا بين الأئمة الأربعة حول جواز زواج الرجل من ابنته فى الزنا، فالسادة الأحناف والحنابلة والمالكية يرون أن من زنا بامرأة حرم عليه أصولها (الأم والجدة) وفروعها (الابن والابنة). وأضاف: «أما الإمام الشافعى فاختلف مع باقى الأئمة ويرون أن ماء الزنا هدر ويقولون إنه لا يثبت به حرمة فمن زنا بامرأة كان له أن يتزوج من أصولها وفروعها لكن الفقهاء أجمعوا على عدم توريثها منه لأنها لا تنسب إليه شرعًا بالإجماع لكننى أرى من الأفضل والأرجح أن من علم أن من يتزوجها تكون ابنته فى الزنا حرم عليه الزواج منها، ويجب أن يبتعد عنها فورًا، وهذا من باب الحيطة والحذر، فالأخذ برأى الأمام أحمد بن حنيل والأمام أبى حنيفة النعمان هو الرأى الأرجح حتى لا يتخذ زوجته مطية للوصول لأمها مرة أخرى». ويقول إن القرآن الكريم لم يذكر البنت من الزنا حيث قال تعالى فى كتابه العزيز «حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخلاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت»، ولم يذكر البنت من الزنا لذلك اختلف الفقهاء الأربعة حول حرمانية الأمر من عدمه. فى حين قال الدكتور نصر فريد واصل، عضو هيئة كبار العلماء ومفتى الجمهورية الأسبق، إن هذه المسألة من المسائل التى تطوى ولا تروى، قائلًا أن الإمام الشافعى اختتم برأيه قائلًا «أكره نكاحها» حيث إن ماء الزنا هدر ولا قيمة له فى الشرع. واتفق معه الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الازهر قائلا إنها فى واقع الأمر من جهة الخلقة هى ابنته، ويجب أن نأخذ برأى إجماع جمهور الفقهاء بأنه يحرم على الرجل أن يتزوج من ابنته من الزنا، ولا يجب أن يقال على آراء الأئمة الأربعة أنه كلام شاذ، لكن يجب أن نقول إن رأى الإمام الشافعى من الآراء المرجوحة أى الضعيفة، لأن الإمام أجاز الزواج مع الكراهة، لكن الكراهة ليس بها تحريم حيث إن المكروه يختلف تمامًا عن المحرم».