-صحارى الساحل الشمالى ملتقى الأعضاء لإقامة حفلاتهم المغلقة -طبيب: هؤلاء مرضى نفسيون .. وأستاذ اجتماع: ظاهرة سببها إسرائيل -الإيموز غاضبون من تجاهلهم فى دستور 2014 باعتبارهم إحدى مجموعات الشعب المصرى -يعتبرون «الانتحار » أسهل طريقة للخروج من الاكتئاب.. وظهروا فى مصر عام 2006 .. وأغلبهم من طلاب كليات الطب والصيدلة والهندسة -محلل نفسى: يلجئون للمخدرات للهروب من حالة الحزن التى تلازمهم.. ومشكلتهم سببها أزمات التربية منذ الصغر -حسام التوت ل «الصباح :»لسنا شواذا ولا عبدة شيطان..لكننا شخصيات حساسة ونهتم بمشاعر غيرنا الإيموز هم إحدى الجماعات المثيرة للجدل التى ظهرت للعالم فى السنوات الماضية.. يتهمهم منتقدوهم بأنهم ليس لهم انتماء لأى من الأديان السماوية وأنهم امتداد طبيعى لما يسمى فى أوروبا وأمريكا ب«عبدة الشيطان»، من عاداتهم أنهم يشوهون ويجرحون أجسادهم اعتقادًا منهم أن ذلك يساعد على إنهاء حالة الحزن والاكتئاب التى يعانون منها طوال الوقت، يعجبون بكل ما يخالف عادات وتقاليد المجتمعات الشرقية، بل إن عددًا كبيرًا منهم حاول الانتحار هربًا من الألم النفسى. اتخذ أعضاء جماعات الايمو من شبكات التواصل الاجتماعى وسيلة للهروب من العالم الحقيقى الذى يرفضونه ليتواصلوا من خلال العالم الافتراضى مع مشابهيهم، وقاموا بإنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى لنشر منهجهم فى الحياة وأفكارهم المختلفة، ومن أشهر تلك الصفحات الخاصة بهم، مجموعة «إيمو مصر نيو». تتراوح أعمار تلك الفئات من 15 الى 25 سنة، وتنتشر غالبيتهم فى القاهرة والجيزة والإسكندرية، وعدد من المحافظات الساحلية والأقصر وأسوان والبحر الأحمر، ولهم كافيهات خاصة وتجمعات محددة مغلقة عليهم، خاصة أنهم يميلون إلى الموسيقى الصاخبة كالروك والميتال. وقد نشأت أول جماعة «إيمو» فى «واشنطن» عام 1985 وانتقلت منها لكل دول العالم، وذاع صيتها فى عدد من بلدان العالم العربى كالجزائر وتونس وخاصة مصر بين شباب الجامعات. كلمة الإيموز تعنى «العاطفة» و«الإحساس»، وقد وقع الاختيار عليها كى تعبر عن شخصياتهم الحساسة التى تعانى طوال الوقت ولا تحتمل الضغوط.
ظهورهم فى مصر ظهرت هذه الفئة لأول مرة فى مصر منذ عام 2006، وانتشرت فى القاهرةوالإسكندرية والجيزة بين طلاب الجامعات الخاصة بوصفها موضة جديدة «استايليش»، ثم أصبحوا يمارسون عاداتهم وطقوسهم فى أماكن وتجمعات بعيدة تمامًا عن أعين الناس، لأنهم يوقنون بأن المجتمع يرفضهم وينبذ تصرفاتهم المختلفة، لذا اتخذوا من المناطق المهجورة فى صحارى الساحل الشمالى مكانًا لممارسة طقوسهم. بكل سهولة، يمكنك التعرف على فرد الإيموز أثناء سيرك فى الشارع والأماكن العامة وفى عربات المترو، حيث حيث يرتدون زيًا خاصًا يميزهم عن الأفراد العاديين، حيث يرتدون فى الغالب ملابس سوداء، كتعبير عن حالة الحزن والاكتئاب التى بداخلهم. أما أفراد الإيموزمن الإناث، فيستخدمون الماكياج الداكن والكحل الأسود، ويرتدون الإكسسوارات الغريبة.
أنواع الإيموز ينقسم عالم الإيموز إلى ثلاثة أنواع، وكل نوع تندرج تحته عدة مجموعات، فالقسم الأول من عالم الايموز وينتشر فى أوروبا وأمريكا وكندا، ويرى فى «الانتحار» أسهل طريقة للخروج من حالة الحزن والاكتئاب التى تلازمهم طوال حياتهم، حيث عدد كثير من الإيموز المنتمين إلى هذا القسم، انتحر بالفعل اعتقادًا منه أن التخلص من حياته سيجعله يشعر بالراحة، ويندرج أيضا تحت هذه الفئة مجموعة الشواذ جنسيًا. أما النوع الثانى من عالم الإيموز، هم الذين تغلب عليهم العاطفة والإحساس والمشاعر أكثر من غيرهم، ويرون فى ذلك ميزة وليست عيبًا، فمشاعرهم المرهفة تدفعهم إلى الحزن والبكاء لأتفه الأسباب، ويرون فى إيذاء أنفسهم وتجريح أبدانهم وسيلة للخروج من حالة الحزن والاكتئاب التى يصابون بها، وهذا النوع منتشر بكثرة فى مصر بين طلاب الجامعات.
أما النوع الثالث من عالم الإيمو، فيختلفون جذريًا عن النوع الأول والثانى، لكنهم يتفقون فى ممارسة العادات والطقوس والاستماع إلى الموسيقى الصاخبة، لكن الحزن والاكتئاب والألم النفسى الذى يمرون به لايدفعهم إلى الانتحار كوسيلة للخروج من تلك الحالة المزمنة ولايدفعهم أيضا إلى إيذاء أجسادهم لخروج الدماء، وإنما تجدهم دائمًا مبتسمين ومبتهجين، وهذا النوع منتشر فى إنجلترا والنمسا وعدد قليل من البلدان العربية كالأردن والجزائر. كلام الإيموز «الصباح» التقت مجموعة من شباب الإيموز لمعرفة آرائهم، وسبب ظهورهم، والأسباب التى دفعتهم لاعتناق هذه الأفكار، وما إذا كانت لديهم اهتمامات سياسية خاصة فى الظروف الحالية التى تمر بها مصر.
فى البداية، يرى أمير جمال، طالب بكلية إدارة الأعمال فى إحدى الجامعات الخاصة،22 عامًا، أنه انضم للإيموز منذ 5 أعوام عندما كان طالبًا فى المرحلة الثانوية، حيث اصطحبه صديقه إلى حفلة موسيقية أقامها المنتمون للإيموز، الأمر الذى جذب انتباه ونال إعجابه فانضم إليهم، ومن وقتها وهو متناغم مع باقى الإيموز لأنه وجد فيهم تشابهًا مع شخصيته واهتماماته لم يجده فى باقى أفراد المجتمع أو زملاء دراسته.
أما هشام زكى، خريج كلية الإعلام،25 عامًا، فيوضح أن سبب انتمائه للإيموز هو تعرضه أثناء الجامعة لأزمة عاطفية حادة أثرت على حالته النفسية، ولم يجد وقتها أحدًا يشكو له أو «يفضفض» معه نظرًا لإقامة باقى أفراد أسرته فى إحدى الدول العربية، وأثناء وجوده فى الجامعة تعرف على مجموعة من شباب الإيموز، فى البداية أخذ حذره منهم إلا أنه عندما اندمج معهم نجحوا فى حل أزمته بسبب شخصياتهم الحساسة واهتمامهم بمشاعر بعضهم البعض، بعكس المجتمع من وجهة نظره الذى صار لا يبالى بمشاعر الآخرين، فأعجب بهم وشاركهم نفس الاهتمامات حتى أصبح واحدًا منهم، مشيرًا إلى أن تعرفه على الإيموز أنقذه من أفكار الانتحار التى راودته بعد أن فشل فى علاقته العاطفية.
بينما يؤكد حسام رءوف،21 عامًا، طالب فى الفرقة الثانية بكلية الصيدلة فى إحدى الجامعات الخاصة، أن فرد الإيموزإنسان طبيعى، وليس شاذًا عن الحياة، لكنه يختلف فى أنه ليس متبلد المشاعر والأحاسيس، ففرد الإيموزإكثر إحساسًا وعاطفة من الفرد العادى، ويرى أن فى ذلك ميزة وليست عيبًا. أفراد مجموعات الإيموزفى مصر تتخذ من عدة كافيهات بالقاهرة والجيزة والإسكندرية والبحر الأحمر، مكانًا للتجمع، ومؤخرًا عقد أفراد الإيموز فى مصر اجتماعًا لهم فى سيتى ستارز، ويتخذون من الشقق السكنية المملوكة لهم مكانًا لممارسة الشذوذ الجنسى، أما حفلات الدم التى يقيمونها على أنغام الموسيقى الروك، والتى تتم فى جبال وصحارى المناطق الساحلية بمعرفة مرشد تابعًا لهم مقابل مبالغ مالية حتى يضمنوا ممارسة عاداتهم وطقوسهم بعيدًا عن أعين الأمن.
كيان سياسى حسام التوت مؤسس جروب «إيمو مصر»، يعد من الأوائل الذين اعتنقوا فكر الإيموز فى مصر، كما أنه أول من أسس «جروب» لهم على مواقع التواصل الاجتماعى، وصاحب أحد الكافيهات فى الإسكندرية يقول ل«الصباح»، إن الإيموز ليست مجرد عادات وطقوس يمارسونها، وإنما إحساس ومشاركة مع الآخرين الذين لهم نفس الاهتمامات، ففرد الإيموز إذا رأى أمامه قطة صغيرة تعرضت لحادث، فمشاعره وإحساسه يدفعانه إلى البكاء والحزن وقد لاينام أسبوعًا متواصلًا لحين نسيان المشهد. ويشير التوت، إلى أن سبب اندماجه مع الإيموز يرجع إلى عام 2007،عندما كان يطالع أحد الأفلام الأجنبية ولفت انتباه قصة الفيلم وشخصيات أبطاله، ومن هنا بدأ يتباحث حول الإيموز ويتطلع إلى مشاهدة رقصاتهم وأفلامهم حتى اندمج بتلك الفكرة، ودعا أصدقاءه بالجامعة إلى الانضمام معه. ويؤكد حسام الشهير ب«التوت» أنه فى بداية انضمامه لمجموعات الإيموز وجد صعوبة بالغة فى التعامل مع أفراد أسرته وأصدقائه وأهل الحى الذى يقيم فيه، حيث شعر بأنه مضطهد وغير مرغوب فى وجوده بسبب اختلاف ملابسه وتغير الأسلوب الذى يتعامل به مع الآخرين، ومع كثرة المشكلات والأزمات التى واجهها فى بداية انضمامه للإيموز وقيام والده بطرده خارج منزل الأسرة، انتقل من الإسكندرية إلى القاهرة للإقامة مع عدد من أصدقائه ممن لهم نفس الاهتمامات. ويتابع التوت: «أفراد الإيموز يحاربون بشائعات ليس لها أساس من الصحة، فهم ليسوا عبدة شيطان كما يزعم البعض، لكن الجهل والنظرة السطحية تجعل البعض يعتقد وجود تشابه بين الممارسات التى نقوم بها مع ما يفعله من يطلق عليهم «عبدة الشياطين».
الإيموز والثورة
المفاجأة أن أفراد الإيموز كشفوا لنا عن أن جزءًا منهم شارك فى ثورتى يناير ويونيو التى أطاحت بنظامى مبارك والإخوان، مفسرين ذلك بأن الإيموز جزء من الشعب، وأعدادهم تتزايد إلى حد كبير، الأمر الذى دفع حسام التوت وعددًا من أصدقائه كشريف حسنى ومنير الزمبيلى وبيتر عصمت وآخرين، للتفكير جديًا فى إنشاء كيان وحزب سياسى يمكن لهم من خلاله طرح أفكارهم وآرائهم. وكان أعضاء مجموعات الإيموز فى مصر، قد أبدوا استياءهم من الجمعية التأسيسية للدستور 2014 وأعضاء لجنة الخمسين بسبب عدم قيامهم بدعوتهم للحضور والمناقشة والاستماع إلى آرائهم حول دستور مصر الجديد كغيرهم من باقى فئات المجتمع المصرى.
ويتابع أفراد مجموعات الإيموز فى مصر أنهم كباقى فئات المجتمع لهم حقوق ولابد أن يتضمنها الدستور، فهو أقر بحرية العقيدة، ولكل إنسان الحق فى الاستمتاع بحياته الخاصة، ولكن أعضاء لجنة الخمسين أغفلوا المعايير والضوابط التى تكفل ممارسة هذه الحريات. أغلب أفراد الإيموز لم يشاركوا فى الانتخابات الرئاسية، بعدما قرروا مقاطعتها كما قاطعوا الانتخابات الرئاسية الماضية والاستفتاء على دستور 2012، لأنهم لم يروا فى أى من المرشحين من يحقق لهم أهدافهم ومبادئهم، كما أنهم قاطعوا دستور 2012 لأنهم لم يتضمن لهم حقوق تمكنهم من ممارسة أفكارهم وطقوسهم بالكل حرية كما هو سائد فى الدستور الأمريكى والإنجليزى على حد قوله.
واختتم حسام التوت كلامه معنا بأن أغلب أفراد الإيموز طلاب بكليات الطب والصيدلة والهندسة ولهم رؤى فى النهوض ببلدهم على حسب قوله، وربما يكون منهم رئيس للجمهورية فى المستقبل.
أزمة نفسية
تواصلنا مع أستاذ الطب النفسى بجامعة أسيوط الدكتور عادل عمار، الذى قال إن أفراد الإيموز مجموعة من المرضى النفسيين، تعرضوا لأزمات وعقبات فى حياتهم منذ الصغر نتيجة للنشأة والتربية الخاطئة، مما دفعهم لتعاطى المخدرات على أنغام الموسيقى الصاخبة، حيث يعتقدون أن الهروب من حالة الحزن والاكتئاب والتشاؤم التى تلازمهم طوال الوقت لن تخرج إلا بهذه الطريقة. ويشير الدكتور عمار فى حديثه، إلى أن هذه الظاهرة بدأت فى الانتشار سريعًا فى المجتمع المصرى. وتابع بأن الأكثر خطورة هو ما يقوم به هؤلاء الشباب من محاولة تمزيق أجسادهم وإسالة الدماء للتخلص من أحزانهم وآلامهم بالتعذيب الجسدى لأنفسهم. وينصح الدكتور عمار، الأسرة باحتواء أبنائها وبناتها فى سن المراهقة، ففى تلك الفترة تحدث تغيرات جسدية وهرمونية تدفعهم بالشعور بالذات. مخطط خارجى من جهته أكد أستاذ علم الاجتماع بجامعة جنوب الوادى حسنى حسنين ل«الصباح»، أنه يشعر بالخطر الشديد تجاه تنامى تلك الظاهرة الخطيرة فى مصر والدول العربية كتونس والجزائر والأردن ومؤخرًا بالإمارات وقطر، فهى ثقافة غربية انتقلت مطلع بداية الألفية الثانية. ويستكمل أنه فى دراسة بحثية أجراها مؤخرًا، كشفت تزايد أعداد الإيموز فى مصر والعالم العربى خلال السنوات الخمس الأخيرة، موضحًا أن إسرائيل والغرب فشلوا فى احتلال الأرض المصرية لكنهم نجحوا من خلال إدخال الثقافات الغربية فى محاولة منهم لاختراق المجتمع المصرى والمجتمعات العربية للقضاء على الهوية العربية وغزو العقول الشبابية.