-قصر القبة بناه الخديو إسماعيل وحكم منه طوال فترة ولايته -شهد أول خطاب للملك فاروق بعد تنصيبه .. وغنت فيه أم كلثوم وعبدالوهاب -جثمان عبدالناصر ظل بداخله ثلاثة أيام قبل دفنه -السادات جعله مقرا لإقامة شاه إيران بعد الثورة عليه رغم أن المقر الجديد للحكم لم يتحدد بشكل قاطع حتى الآن إلا أن ثمة تكهنات عن انتقال مقر الحكم الجديد ليصبح فى قصر القبة بدلً من الاتحادية، ويعزز هذا الافتراض حالة التجديد الشاملة التى يشهدها القصر العريق، واستضافته لحفل تنصيب الرئيس. لكن من جهة أخرى سنجد أن ثمة أنباء تتردد عن اتجاه الرئيس الجديد للإقامة فى قصر السلام الملحق بمبنى الاتحادية. أنصار فكرة تحول قصر القبة لمقر الحكم اعتبروا أن أسباب التغيير نفسية.. حيث استضاف الاتحادية رئيسين انتهى كل منهما معزولً من منصبه. فى حين تحدث آخرون عن أسباب أمنية تتعلق بسهولة تأمين قصر القبة ووجوده بجانب مراكز حيوية مثل مبنى المخابرات العامة ووزارة الدفاع. قبل أكثر من ثلاثين عامًا مضت.. وقع اختيار الرئيس الأسبق حسنى مبارك على قصر الاتحادية، ليكون مقرًا له يعقد فيه لقاءاته ومقابلاته واجتماعاته الرسمية.. ولأكثر من سبب أولها: عدم وجود مقر ثابت فى عهد من سبقوه من الرؤساء فى حكم مصر سواء جمال عبدالناصر الذى كان يحكم من بيته فى منشية البكرى، وأحيانا يذهب إلى قصر القبة أو الطاهرة، وأنور السادات الذى كان يحكم من بيته فى الجيزة وأحيانًا يذهب إلى قصر عابدين والطاهرة ثانيها: وجود القصر فى شارع الميرغنى وبالقرب من الفيللا الخاصة التى يقيم فيها مبارك فى شارع حليم أبوسيف منذ أن كان نائبًا لرئيس الجمهورية سنة 1975، وبالتالى يسهل من الناحية الأمنية تأمينه، حيث وفرت قيادة الحرس الجمهورى وحدتى مضادات للطائرات تم وضعهما على سطح كل من سنترال ألماظة ومبنى الجهاز المركزى للمحاسبات وهما تابعتان لقطاع الدفاع الجوى. وقليلًا ما كان يغادر الرئيس مبارك القصر لممارسة نشاطه الرسمى خارجه، ولأن به مكتبه والواقع فى الطابق الأول وملحق به صالون لاستقبال ضيوفه يقع ضمن حدود المنطقة «D» وهى الغرفة التى تحمل الرقم 2001 باستثناء زيارات معدودة إلى قصر عابدين أو قصر القبة لعقد لقاءات مع ضيوفه الزعماء نزلاء هذه القصور... أو خروجه لممارسة رياضة المشى والإسكواش فى دار القوات الجوية، أو زيارته إلى غرفة العمليات بالقوات الجوية، وإن كان فى فترة حكمه الأخيرة، نقل إقامته بشكل شبه كامل إلى منتجع «الجولى فيل»، فى مدينة شرم الشيخ ليعقد منه لقاءاته بالقرب من الفيللا الخاصة التى لا تفصلها عن الجناح الرئاسى، بالفندق سوى بوابة حديدية بعد قيام ثورة 25 يناير، وتنحى مبارك يوم 11 فبراير 2011 غادر الرئيس الأسبق وأسرته القصر لآخر مرة من بعدها أغلق القصر تماما، وأزيلت من حوله كل مظاهر التأمين والحراسات بما فيها الحواجز الحديدية التى وضعت لإغلاق الشوارع المحيطة بالقصر طيلة 30 عامًا. وفى إبريل 2012 فتح القصر أبوابه من جديد.. حيث أجريت عمليات الصيانة والتجديد لكل غرفه ومكاتبه ومحتوياته استقبالًا لقدوم الرئيس الجديد فى 30 يونيو، وجاء محمد مرسى رئيسًا وقبل أن يحفل اليمين طلب أن يأخذ جولة داخل القصر ويعاين مكتبه الذى سيجلس عليه والذى ما أن رآه حتى قال الكرسى ده اللى كان قاعد عليه اللى ما يتسمى.. وأضاف شيلوه غيروه بواحد تانى غيره.. أنا أقعد على كرسى بتاع واحد سوابق.. وبالفعل تمت الاستجابة لطلبه كذلك طلب تغيير عدد من السجاجيد القديمة واستبدالها بأخرى من النساجون الشرقيون، بحجة أن شكلها قديم.. الأكثر أنه طلب كذلك إزالة سجادة مرسوم عليها القطر المصرى من قاعة الاستقبالات الكبرى، ويظهر فيها حلايب وشلاتين تمت صناعتها فى عهد أسرة محمد على ووضع مكانها «بيوه وكرسيان». وطوال سنة حكمه.. لم يغادر الرئيس مرسى القصر سوى مرات قليلة.. فى البداية قرر أن يذهب إلى قصر عابدين ويعقد هناك لقاءات مع الوزراء والمسئولين خاصة وزير الدفاع ووزير الداخلية، ثم اتجه بعد ذلك ليعقد اللقاءات من داخل قصر القبة، وذلك هربًا من المظاهرات المناهضة التى أحاطت بقصر الاتحادية أولها فى ديسمبر 2012، ووقتها ألقى خطابه الشهير الذى يهدد فيه معارضيه من داخل بهو قصر القبة، ومرة ثانية حينما استقبل الرئيس التركى عبدالله جول.. ومرة ثالثة للاحتفال بعيد العمال، ومرة أخيرة قبل 30 يونيو ونقله منه إلى نادى الحرس الجمهورى، فى طريق صلاح سالم. بعد عزل مرسى فى 2 يوليو 2013 وتعيين المستشار عدلى منصور رئيسًا مؤقتًا للبلاد فرح العاملون بالقصر بزوال حكم مرسى لما كانوا يعانونه فى عهده من مواقف.. وعند دخول الرئيس منصور القصر لم يطالب تعديلات كثيرة على القصر باستثناء إحضار كرسى بمواصفات معينة يجلس فيه على مكتبه الذى سبق وأن جلس عليه مبارك ثم مرسى، وطلب بضرورة إعادة خريطة القطر المصرى إلى مكانها مرة أخرى وهو ما كان. وهكذا لمدة أكثر من ثلاثين عاما كان قصر الاتحادية مقرًا لحكم مصر والذى استمد اسمه من اسم اتحاد الجمهوريات العربية وقت الوحدة بين مصر وسوريا وليبيا فى عهد السادات سنة 1971، وكان يرتاده رئيس الاتحاد أحمد الخطيب، ورغم أن القصر به جناح خاص للرئيس فى الطابق الثانى يضم غرفتى نوم واحدة له، والأخرى لزوجته ملحق بهما مكتب وحمام إلا أن أيّا من الرؤساء لم يستخدموها للإقامة فيها.. مبارك كان يستخدمها فقط لتغيير ملابسه فى حالة إذا كان له نشاط مكثف طوال اليوم.. أما مرسى فكان يلجأ إليها للراحة والنوم وقت القيلولة.. فى حين لم يستخدمها منصور على الإطلاق. فبعد انتهاء يوم العمل داخل القصر كان مبارك يذهب للإقامة فى فيللته بشارع حليم أبوسيف.. وكان مرسى يذهب للإقامة فى شقته بشارع 20 بالحى الثانى فى التجمع الخامس، وكان منصور يذهب للإقامة فى فيللته بمنطقة غرب سوميد المجاورة العاشرة بالسادس من أكتوبر.. وذلك بعد رفض الأخير الإقامة فى قصر السلام، والذى يبعد بضعة أمتار عن الاتحادية، فى حين أنه جرت أعمال التجديد والصيانة قيمة بأوامر مرسى للإقامة وأسرته فيه إلا أن ثورة 30 يونيو حالت دون ذلك. وبخروج الرئيس عدلى منصور من الاتحادية، سيكون بذلك آخر من حكم مصر من هذا القصر الذى اعتبر لسنوات طويلة مقر الحكم الرسمى فى مصر.. بعد أن قرر الرئيس الجديد عبدالفتاح السيسى تغييره، واستبداله بقصر القبة ولأكثر من سبب لعل من أهمها الدواعى الأمنية.. فالجميع يعلم حجم المخاطر التى تحيط بالسيسى وأنه مستهدف أمنيًا.. ومن هنا كان القرار بتغيير مقر الحكم ولأول مرة من الاتحادية إلى القبة.. ومن بين أكثر من اقتراح آخر مثل قصر عابدين ورغم أنه من السهل تأمينه، ومن الصعب استهدافه نظرا لقربه من قيادة الحرس الجمهورى من ناحية ووزارة الداخلية من ناحية أخرى إلا أن الاقتراح استبعد نظرًا لزحام تلك المنطقة.. ثم قصر الطاهرة القريب من سنترال سراى القبة.. ورغم أنه كان يومًا مقرًا لغرفة عمليات القوات المسلحة وقت حرب أكتوبر سنة 1973، وجد أن من السهل استهدافه، وأن حالته يرثى لها بالإضافة لوقوعه على ناصيتى شارعين حيويين، طومباى وسليم الأول.. فتم استبعاده.. ولم يتبق أمامهم سوى قصر القبة، ووجد أنه الأنسب نظرًا لمساحته الشاسعة التى تزيد على 80 فدانًا ونظرا لبعد مبنى القصر نفسه عن بوابات القصر الرئيسية بالإضافة وهذا الأهم أن القصر يخضع لحراسة مباشرة من وزارة الدفاع التى تبعد عدة أمتار قليلة عن القصر.. كذلك أنه يطل من الناحية الأخرى على مبنى المخابرات العامة، لذلك تم تركيب كاميرات مراقبة عالية الجودة واستبدالها بالقديمة مع تمشيط القصر من الداخل والخارج والمنطقة المجاورة له يوميًا مع وضع عناصر تدخل وانتشار سريع وقناصة حيث يخضع القصر أمنيًا لحراسة أمن المقر من الحرس الجمهورى وشرطة رئاسة الجمهورية مع وضع بوابات إلكترونية فى المدخل الرئيسى المطل على كوبرى القبة والمدخل الثانى المطل على سراى القبة.. على أن يحظر الطيران نهائيًا فوق منطقة القصر. قد يسأل البعض عن السبب وراء تغيير مقر الحكم من الاتحادية إلى القبة وتجىء الإجابة لاعتبارات كثيرة: أولًا: كما سبق وأشارت من الناحية الأمنية وثانيًا: من الناحية النفسية بمعنى أن سكان هذا القصر من الرؤساء وبالتحديد مبارك ومرسى كان مصيرهما الخلع والعزل بأمر من الشعب وبناء عليه فالرئيس الجديد رأى أن يبعد عن ذلك القصر المشئوم.
ويبدأ الرئيس السيسى نشاطه فى القصر باحتفالية تنصيبه، وكما يتردد مساء الأحد 8 يوليو وبحضور عدد من القادة والرؤساء الذين وجهت لهم الدعوة مثل الأردن وفلسطين والسعودية والكويت والإمارات والبحرين وروسيا والولايات المتحدةوإيران، يذكر أن قصر القبة بناه الخديو إسماعيل وولد فيه الخديو توفيق وحكم منه مصر فيما بعد حيث شهد أكبر الحفلات فى عهده، ثم كان المقر الرسمى الذى يحكم منه الملك فؤاد حكم مصر لدرجة أنه أنشأ محطة قطار سكة حديد خاصة بالقطار الملكى ملحق بها استراحة على رصيف المحطة مازالت موجودة حتى الآن، وذلك من أجل أن يستقله هو وضيوفه.. بالإضافة إلى أنه أقام سورًا بطول 6 أمتار حول القصر بالكامل.. بعد وفاة الملك فؤاد الأول وتولى ابنه فاروق الحكم كان أول خطاب يلقيه عبر الإذاعة المصرية من داخل القصر، واهتم فاروق كثيرًا بالقصر لدرجة أن أول حرف من اسمه بالإنجليزية «f» مازال يعتلى أعمدة مداخل القصر الرئيسية، فقد وضع فى هذا القصر المجموعات الخاصة به من طوابع البريد والتحف النادرة.. والأكثر أنه أقام فيه حفل زفاف شقيقته فوزية على الأميرة محمد رضا بهلوى، وليلتها غنت أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب.. بعد قيام ثورة يوليو 1952 تمت مصادرة القصر كغيره من القصور ولم يستخدمه الرئيس جمال عبدالناصر إلا مرات قليلة لمقابلات رسمية ليس أكثر.. والغريب أن أطول مرة تواجد بها عبدالناصر فى القصر كانت وهو ميت حيث ظل جثمانه لمدة 3 أيام فى ثلاجة القصر بعد تفريغ الخضروات والفاكهة منها، بعد ذلك جاء الرئيس أنور السادات وبدأ يستخدم القصر بين الوقت والآخر فى مقابلاته إلا أن جعله مقرًا لإقامة شاه إيران محمد رضا بهلوى وزوجته الشهبانو فرح ديبا وأبنائهم الأربعة.. أما فى عهد الرئيس حسنى مبارك فقد استخدم القصر كمقر لإقامة كبار الضيوف من الملوك والرؤساء.. وكان من أكثر ما يتردد عليه العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبدالعزيز والعاهل الأردنى الملك الحسين بن طلال والزعيم الليبى معمر القذافى والرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة، وكان آخر ما قام بزيارته فى عهد مبارك هو الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى يونيو 2009 حيث أقيمت له مراسم استقبال رسمية ثم جلسة مباحثات استمرت 51 دقيقة فى حين لم يستخدمه مبارك سوى مرة واحدة للقاء جماهيرى عقب عودته من حادث الاغتيال فى أديس أبابا.. أما محمد مرسى فقد كان يستخدمه كثيرًا ليعقد فيه لقاءاته أحيانًا ولينام فيه هو وأسرته، وكان من هواياته مص القصب ورمى القشر فى بلكونة القصر.