ما إن اختلفت المواقف السياسية حتى صوب الإخوان بندقية التكفير تجاه حلفاء الأمس وشركاء المطالبة بالشريعة. بمجرد أن أعلن قادة الدعوة السلفية وحزب النور نيتهم للتصويت ب «نعم» على الدستور الجديد حتى دارت رحى التكفير.. حيث تلقى ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية تهديدات بالقتل.. ومنع بعض قادة حزب النور من دخول المساجد وأفتى الجهادى الهارب هانى السباعى بأن قادة حزب النور كفرة.. فى حين شكلت الدعوة السلفية وفدا لإقناع الثلاثى الشهير حسان والحوينى ويعقوب بالتصويت ب «نعم» للدستور الجديد. فى خطوة تؤكد التزامه ب«خارطة الطريق» التى أعدتها القوى السياسية المختلفة بعد ثورة 30 يونيو، يستعد حزب «النور» السلفى لحشد أنصاره للتصويت ب«نعم» على مشروع الدستور الذى أقرته «الخمسين» مؤخرًا. الحزب السلفى يعتبر أن موافقة الشعب على الدستور أمر فائق الأهمية لمصر عموما، وللحزب خصوصا، حتى يستطيع دخول الحياة السياسية من أبوابها الأمامية، ويعلن تنصله من الإخوان ومواقفهم، ويكون شريكًا حقيقيًا فى المعادلة السياسية الجديدة.
ومن جانبها، أعلنت جماعة «الدعوة السلفية» عن موقفها المشابه لحزب «النور» بوضوح، وأكدت أنها مع التصويت ب«نعم»، خاصة بعد أن خطب الشيخ محمد عبدالفتاح «أبو إدريس»، رئيس الجماعة، فى أعضاء مجلس شورى «الدعوة»، مبررًا قبوله للدستور الجديد بأنه «أخف الأضرار إذا ما قارناه بعدم قبوله وتعطيل خريطة الطريق».
وفى السياق، شكلت الدعوة السلفية وفدًا يضم الشيوخ أبو إدريس وأحمد فريد وأحمد حطيبة لإقناع كل من الشيوخ محمد حسان وأبو إسحاق الحوينى ومحمد حسين يعقوب بالموافقة على التصويت ب«نعم» فى الدستور الجديد، خاصة أن الشيخ الحوينى هو من أعلن رفضه للدستور، وربط البعض بين منعه من إلقاء دروسه فى مسجد الحصرى بالسادس من أكتوبر، وبين رأيه فى الدستور الجديد.
الوفد السلفى الذى يضم ثلاثة من مجلس الأمناء رفض انضمام كل من برهامى والمقدم لصفوفه، ويرجع سبب استبعاد الأول من هذا الوفد لخلافه مع الشيخ أبو إسحاق الحوينى والشيخ محمد حسان حيث إن علاقات الرجلين مع برهامى تشوبها مشاكل، بسبب المواقف المختلفة من 30 يونيو. أما مسألة استبعاد «المقدم» من هذا الوفد فأرجعت المصادر ذلك إلى رفضه التصويت فى اجتماع الدعوة السلفية سواء بالسلب أو الإيجاب على مسألة الاستفتاء على الدستور، وقال لمقربين منه إنه رفض التصويت حتى لايعتبر الناس التصويت وعدمه يدخل فى مسألة الحلال والحرام. أسباب برهامى الخمسة وعلى نفس نهج النور سار الدكتور ياسر برهامى النائب الثانى لرئيس الدعوة، والذى نشر فيديو تصل مدته إلى ساعة كاملة على موقع «صوت السلف» شرح لأنصار الدعوة والحزب السلفى الأسباب الخمسة لقبول الدستور الجديد، كما أن الداعية الدكتور أحمد فريد كان أول من وافق على الدستور بعد أن اطلع على مواده، رغم أن كثيرين من المنتمين للدعوة ظنوا أنه سيكون من المصوتين ب«لا» فى اجتماع مجلس شورى الدعوة السلفية، إلا أنه رأى أن المسودة جيدة، ومواد الهوية تحافظ على الشريعة على عكس ماتروج صفحات الإخوان. برهامى قال فى الفيديو سالف الذكر إن الذى يدعونا إلى الدعوة إلى التصويت ب«نعم» هو النظر إلى المآلات والبدائل، مشيرًا إلى أن مستقبل البلاد سيكون فى خطر إذا لم تكن المشاركة قوية تظهر توحد الإرادة الشعبية وراء القبول، مستشعرًا الخطر الذى يحدق بالعمل الإسلامى إذا شعر الناس أنه فى مواجهة مع المجتمع كله، وأن الملتزمين كلهم فى خندق المخالف الحريص على هدم الدولة وانهيارها، وانقسام المجتمع. وتابع برهامى: « أصحاب «السمت الإسلامى» سيدفعون أعظم فاتورة لأخطاء الإخوان بسبب ما سيواجهونه من بغض الناس وكراهيتهم للعمل السياسى الإسلامى، وربما للدين نفسه». وهاجم برهامى الشيخ أبو إسحاق الحوينى، معتبرًا أن الحوينى أفتى بمقاطعة الاستفتاء بدون علم، ولفتت مصادر داخل الدعوة السلفية أن الحوينى كان وراء حذف دروس ومحاضرات برهامى من موقع «طريق الإسلام». برهامى أشاد بتفسير «المادة الثانية» الجديد الذى تضمن حكم المحكمة الدستورية سنة (1985م)، وهو يتضمن 5 أصول مهمة. وأوضح برهامى هذه الأصول وهى الإلزام للمشرع بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية، وإلزامه بألا يلجأ إلى غيرها. واعتبر أنه «إذا لم يجد حكمًا صريحًا؛ ففى مصادر الاجتهاد فى الشريعة الإسلامية ما يمكِّن من استنباط الأحكام اللازمة. واستعدت الدعوة السلفية وحزب النور للهجوم المتوقع عليهما من خلال تشكيل لجنة «أمنية» داخل الحزب مهمتها حماية قيادات الحزب من أى محاولات إساءة أو منع من اعتلاء المنابر، كما حدث مع الدكتور محمد إبراهيم منصور ممثل «النور» فى لجنة «الخمسين» من دخول أحد مساجد الجيزة الأسبوع الماضى ومحاولة التعدى على قيادات الحزب و«الدعوة» فى أماكن مختلفة. وكذلك حماية الشيخ برهامى بعدما وصلت إليه تهديدات تليفونية بقتله، مما استدعى تأمينه بقوات من وزارة الداخلية أثناء حضوره لأحد المؤتمرات بالمنوفية، وقابل برهامى هذه التهديدات بتصريحه بأنه «لن يقبل أى إيذاء معنوى بعد اليوم»، ومن جانبها شكلت أمانة الشباب بحزب النور تشكيلًا مكونًا من مجموعة من شباب الحزب لحماية وتأمين برهامى خلال فترة مؤتمرات الحزب والدعوة السلفية لإقناع المواطنين بالتصويت ب«نعم» للدستور. جهود حزبية من جهة أخرى عقدت أمانة حزب النور بالإسكندرية اجتماعًا مهمًا لقيادات الحزب مع أعضاء اللجنة النسائية بالإسكندرية. وقالت مصادر حضرت الجلسة أن الاجتماع ناقش آلية العمل خلال حملة الحزب القادمة لحث المواطنين على المشاركة فى الاستفتاء والتصويت على التعديلات الدستورية، خاصة الرد على أنصار جماعة الإخوان من السيدات أو «الأخوات». وقالت مصادر مطلعة ل«الصباح» أن أمانة المرأة بحزب النور شكلت غرفة نسائية للترويج للدستور الجديد والاستعداد لعقد مؤتمرات على مستوى الجمهورية يحضرها كبار شيوخ الدعوة السلفية. وشكل حزب النور لجنة مركزية لمتابعة حملة «نعم للدستور» التى انطلقت الخميس الماضى فى جميع محافظات مصر لحشد الشعب المصرى للمشاركة فى الاستفتاء والتصويت ب «نعم» على مشروع الدستور برئاسة الدكتور مصطفى عبد الفضيل عضو الهيئة العليا للحزب. وأوضح مصطفى عبد الفضيل أن الهدف من اللجنة هو وضع خطة عمل الحملة، وتصور كامل عن طبيعة الأسئلة المثارة والشبهات واستفسارات الشارع السياسى حول مواد الدستور لإظهار إيجابياته، بالإضافة إلى متابعة سير عمل الحملة على الأرض وإزالة أى معوقات أو مشاكل قد تواجهها. وأوضح أنه تم تكليف مكتب السكرتارية بالتواصل مع أمانات المحافظات لإنشاء غرف متابعة بجميع محافظة مشيرًا إلى أن اللجنة وضعت خطة كاملة لتحركات قيادات الحزب إلى المحافظات لعقد الندوات والمؤتمرات والتواصل مع المواطنين، ولشحذ همم قواعد الحزب. عبد الفضيل أشار إلى أن اللجنة الإعلامية دشنت حملة على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك والتويتر» لنشر رؤية الحزب فى الدستور وحث الشباب على التفاعل مع الاستفتاء والتصويت ب «نعم للدستور». وفى المقابل ردًا على موقف حزب النور اتهم هانى السباعى، أحد أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى، ومنظر التيار الجهادى التكفيرى، قيادات الدعوة السلفية وحزب النور بالكفر، والردة عن الإسلام، ووصف حزب النور بالحزب «الشركى». وأشار السباعى إلى أن الدكتور ياسر برهامى والدكتور يونس مخيون والمهندس عبد المنعم الشحات وكلهم ينتمى للدعوة السلفية لا ينطبق عليهم حديث الصحابى «حاطب بن أبى بلتعة»، وليس لديهم خطأ فى التأويل كى يعذرهم الله كما عذر حاطب. وطالب السباعى فى فيديو بثته مواقع سلفية قواعد وشباب حزب النور، بالتبرؤ من قيادات الحزب، واصفًا قيادات الحزب ب«المرتدين والمجرمين». كما هاجم السباعى الداعية الاسلامى، الدكتور محمد حسان، ووصفه بأنه «أستاذ فى التمثيل»، وبارع فى البكاء، وأن حسان ومن على شاكلته «فتنة» فى حد ذاتهم.
ويذكر أن السباعى نشأ فى مسجد الجمعية الشرعية بمدينة القناطر الخيرية، وكان تأثره الحركى كبيرًا بجماعة الإخوان المسلمين، وانضم بعدها للتكفير والهجرة التى خرجت من رحم جماعة الإخوان سنة 1977 م، وتربى على دروس قادة الإخوان، عمر التلمسانى ومصطفى مشهور وغيرهما من مشاهير الحركة الإسلامية.