ألسنة اللهب ما تزال تتصاعد.. جف السولار وتدفقت الدماء مشاجرات الجوعى والفقراء أمام محطات البنزين والبحث عن رغيف حسام عرفات: ذروة الأزمة الشهر المقبل بعد تطبيق الكوبونات علي البدري: نقص البنزين «عجز حكومى» من صناعة الدولة «الفلاحون والسائقون»: كوبونات البنزين «مسكنات مؤقتة».. وشبح العصيان يلوح بالأفق خبير بترول: الأزمة نهج منظم للقضاء على المحلى.. وتنشيط الاستيراد من الخارج كلما اختفى السولار، كلما اشتعلت مصر بالغضب، وكلما انخفضت كميات السولار، فى محطات التموين، كلما أريقت دماء فى مشاجرات، بين المصريين المطحونين، الذين أثقلتهم أعباء الحياة، ووجدوا رغم السعى فى مناكب الأرض، كل أبواب الرزق مغلقة، فى وجوههم. ولا تقتصر«حروب السولار» على محطات البنزين، فهناك على التوازى، حروب أمام المخابز، التى يبحث أصحابها على «جركن» من هنا، وآخر من هناك، لتوفير الرغيف اليومى، الذى يسد رمق الملايين، من الجوعى، الذين لا يجدون فى كثير من الأحيان عنه بديلًا. أزمة السولار والبنزين، واحدة من أكبر الكوارث التى تمس كل شرائح المجتمع المصري، فى أقواتهم ورزقهم، دون أن نجد سببًا رئيسيًا لها، حيث يتعلق بها مصير عمال المخابز والأفران والفلاحين، وما يقع عليهم من ضرر يتضمن عدم القدرة على تشغيل آلاتهم الزراعية. كما تضرب الأزمة سائقى الميكروباص وسيارات النقل التى تعد مصدر الرزق الأساسى لأصحابها، وأصحاب السيارات الخاصة، ما أدى إلى زيادة حالات الغياب الجماعى، لطلبة وطالبات المدارس. مصر كلها.. تشتعل بنيران السولار، دون الوصول إلى ما يطفئها، وهى نار يكتوى بها الجميع، وهناك تكهنات بأن تزداد الأزمة تفاقمًا خلال أشهر الصيف، مع زيادة استهلاك الكهرباء، وما يستدعيه ذلك من زيادة الطلب على السولار اللازم لتوليد الكهرباء. ويبلغ عدد محطات البنزين فى مصر نحو2600 محطة منها600 محطة بها بنزين فقط وألفى محطة بها بنزين وسولار أيضا، ويصل الإنتاج المحلى من السولار إلى75%، من حجم الاستهلاك اللازم للاستهلاك المحلي، الذى يبلغ نحو 40 مليون لتر يوميا، بخلاف ما يوجد داخل المستودعات، وفضلا عما يأتى خلال شحنات الاستيراد من الخارج، حيث يبلغ سعر اللتر منه جنيها وعشرة قروش. ويشار إلى أن سعر بيع صفيحة السولار الحالى يبلغ 35 جنيها رغم أن سعرها الحقيقى لا يزيد علي22 جنيها، وتم غلق أكثر من20 محطة بنزين بسبب بيعها السولار فى جراكن، مما يساعد المواطنين «تجار السوق السوداء» من تخزينه، وبيعه فيما بعد بأسعار خرافية . وأكد رمضان أبو العلا، خبير هندسة البترول، أن هناك نهجا منظما للقضاء على المشتقات المنتجة محليًا، وهو السبب الأساسى فى أزمة السولار والبنزين، لإجبار المواطنين على تداول المنتجات القادمة من الخارج بشكل غير قانوني، سواء على المستوى المحلى أو الإقليمى، مشيرًا إلى أن هناك علاقة بين النمو الاقتصادى ومعدل الاستهلاك، وأن معدل النمو الاقتصادى نقص عن العام الماضى بنسبة 2%، مع زيادة فى معدل استهلاك الطاقة خلال العامين الماضيين، وهو ما تسبب فى حدوث الأزمة. وأضاف أبو العلا أن استهلاك السولار عام 2009 بلغ 11.8 مليون طن، وفى عام 2011 بلغ 14 مليون طن من السولار، مع قلة الاستثمارات بعد هدم وإلغاء معظم المشاريع، مشددًا على إنه يجب أن لا تزيد نسبة استهلاك السيارات والاستهلاك الشخصى من البنزين والسولار عن ال 8 %. وقال على البدرى رئيس اتحاد عمال مصر إن الحكومة هى التى صنعت الأزمة، وما يجرى الآن من اشتباكات ومشاكل حول أزمة البنزين والسولار فى مصر ما هو إلا «فلس حكومي» ابتدعته الدولة التى تحكم داخل الدولة، مشيرًا إلى أن التحليل المنطقى للأزمة لابد أن يطرح أنه خلال الثلاثين عاما الماضية، لم تشهد مصر أزمة بنزين أو سولار، بالرغم من أنه تم خلال هذه الفترة العمل على مشاريع جديدة، استخدمت كميات كبيرة من السولار، ودخل إلى مصر عدد كبير من السيارات التى تتطلب استهلاكا كبيرا من السولار أو البنزين، ومع ذلك لم يشعر المواطن بأى ضغط أو أزمة فيما يتعلق بتلك المؤن البترولية، وهو ما يؤكد أن الأزمة مفتعلة من جانب الحكومة. المؤشرات الخاطئة وأشار البدرى إلي أن كل المؤشرات والمعطيات التى تمر بها مصر تؤكد أنه لا يمكن إطلاقا أن تكون هناك أزمة فى البنزين أو السولار هذه الأيام، وعلى رأس هذه الأسباب أن معظم المشاريع قد انهت استثماراتها فى مصر، والمصانع يتم غلقها، بالإضافة إلى توصيل الغاز الطبيعى لعدد كبير من المناطق خلال الفترة القليلة الماضية، الأمر الذى من شأنه أن يحد من الاستهلاك والضغط على مخزون السولار، فمن المفروض أنه وفقا لتلك المعطيات أن يزيد الفائض من البنزين والسولار، وليس العكس . واستطرد البدرى فى حديثه مسترجعا واقعة شهيرة فى الستينيات، وهى أن وزارة التموين كانت تعطى للمواطنين كوبونا عند استلامهم الحصيلة التموينية الخاصة بهم كل شهر من زيت وسكر ، وما يليه من مشتقات أخرى، وكان هذا الكوبون مفاده أن يعطى الحق للفرد فى صرف كمية من السولار مجانية، من البائع، «دون مقابل تماما» الأمر الذى يتطلب الوقوف كثيرا. قرار «فيشنك» وأضاف البدرى أن قرار الحكومة بزيادة أسعار البنزين والسولار «فيشينك» وغير قابل للتنفيذ، مدللا على ذلك بأن الحكومة أصدرت العديد من القرارات قبل ذلك ولم يتم تنفيذها، مثل قرارات الرئيس محمد مرسى بحظر تجوال مدن القناة السويس والإسماعيلية وبور سعيد ولم يتم تنفيذه، وقرار وزير التموين ب «بأن يُخصص عدد 3 أرغفة لكل مواطن يوميا، لحل أزمة الخبز فى مصر» ومع ذلك فلم ينفذ ذلك القرار إلى الآن، وقرار رئيس الوزراء ب رفع سعر 50 سلعة من بينها المياه الغازية، والمواصلات وما إلى ذلك ، ومع ذلك تم إلغاء القرار بعدها مباشرة، وكأن شيئا لم يكن، بالإضافة إلى قرار وزير العدل ب «أن وفاة محمد الجندى ، هى نتيجة لحادث سيارة، ثم يتبين بعد ذلك أنه نتيجة للتعذيب»، مؤكدا أن كل هذه القرارات تؤكد على تخبط الحكومة وضعفها. «إنذار» وأشار البدرى إلى إنه فى حالة إصرار الحكومة على رفع سعر البنزين والسولار، والاستمرار فى مد جذور هذه الأزمة، فلا يوجد أمام العمال إختيار آخر سوى المظاهرات، والدعوة إلى عصيان مدنى وقد يصل الأمر إلى قطع الطرق، ذلك لأن جميع العمال وعلى رأسهم «عمال المخابز» يرفضون تماما شراء أى صفيحة سولار من خلف الستار من السوق السوداء، وقرروا عدم الدفع فى الصفيحة إلا ثمنها الفعلي، حتى لا يكونوا فريسة بين أنياب تجار الأزمات، فمن أين إذا يستكملون أعمالهم ؟. علامات استفهام ووضع الخبراء بعض علامات الاستفهام حول مشتقات البترول الموجودة فى غزة، من أين أتت، وكيف يكون سعر لتر البنزين فى غزة 3 شيكل، وفى إسرائيل 8 شيكل، فالأمر يزداد ريبة وشك، فيما يخص تهريب تلك المواد البترولية «البنزين والسولار» عبر الأنفاق من سيناء، والذى يعطى مصداقية أكبر للفرضية، بأنه عندما تمت مناقشة غلق الأنفاق وجدنا رفضا شديدا، واتهامات من البعض بعدم المرؤة، واتهامات عديدة تشبه ذلك، بالرغم من إثبات وجود بعض المنتجات أثناء تهريبها عبر الأنفاق . بنزين الغلابة وأشار البدرى إلى أن هناك فارقا كبيرا بين رفع سعر سلعة معينة أو تقنين استخدامها، فتؤثر فى عدد قليل من المواطنين، ويكون ضررها ليس على قدر ضرر سلعة أخرى أو فئة أخرى، ولكن رفع أسعار البنزين والسولار ستؤثر فى جميع المواطنين بكافة شرائحها، متسائلا لماذا تناقش الحكومة قرار صرف السولار ب«كوبونات» على بنزين 80 ، ولا تناقشه على بنزين «90 و92» الذى يتم استخدامه للسيارات باهظة الثمن، بالرغم من أن الأول «بتاع الغلابة » الذى يحتل قاعدته "سواقين الميكروباصات والعمال، وتستخدمه الشريحة الأكبر والأعرض من المجتمع، فكان واجب على الدولة أن لا يُمس تماما، لأنه يضرب جيب المواطن البسيط مباشرة، حتى أصبحنا فى دولة بلا قانون، ودولة مفلسة أسلمت عقولها إلى جماعة هلكتنا جميعا. الحل وعن الحلول التى يجب أن تتخذها الحكومة لمواجهة أزمة السولار والبنزين، أكد أبو العلا أنه لابد من أن يكون هناك إرادة سياسية فى المقام الأول، وأن تكون القوات المسلحة على رأس تلك الإرادة، مشيرا إلى أن كل ما يجرى الآن من حلول بشأن الكوبونات التى يتداول فى أمرها المسئولون الآن والتى من المقرر صرفها الشهور القادمة فى حالة الموافقة النهائية عليها؛ لتسهيل عمليات صرف عدد من لترات البنزين محددة لكل مواطن، ما هى إلا مسكنات، لا تثمر ولا تغنى من جوع. أما على البدرى فأكد إنه كان من المفترض أن يجلس مفوضى وزارة التموين، ومفوض من وزارة البترول، مع ممثل للعمال الذين تتعلق أعمالهم باستخدامات المواد البترولية عامة مثل فئات «السائقين» و «الفلاحين» و «عمال المصانع» حتى يصلوا إلى قرار واحد لا يختلف عليه أحد وينقسم فئات الشعب، لكننا للأسف أما دولة عاجزة، لا أعرف كيف يمكن أن تصدر قرارا وقت الأزمات ؟. كوبونات البنزين وأكد حسام عرفات، رئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية أن قرار الكوبونات على البنزين لم يتعد كونه فكرة مطروحة، ولن يتم البت فيها إلا بلقاءات مجتمعية موسعة، تشمل فئات الشعب المتضررة بأكمله، بالرغم من صعوبة تطبيقه وتنفيذه من الأساس، نظرا لأنه لا يمكن تطبيقه على فئات المجتمع ككل، فسيكون هناك العديد من العقبات مثل إننا سنجد مساحة من الكوبونات المجانية، وتحديد قيمتها، ومن الذى سيحصل عليها، وغيرها من المشاكل التى قد تسبب فشل الفكرة فى تنفيذها تماما. مدير محطة و يقول محمد علوان مدير إحدى محطات البنزين إن أزمة السولار جاءت بسبب تجار السوق السوداء، وبعض السائقين الذين يقومون بشراء كميات كبيرة تفوق حاجتهم بكثير، ويقومون بتخزينها حتى يتم القضاء على الكميات الموجودة بالسوق تماما، فتظهر هذه الكميات على أيدى هؤلاء ممن تسببوا فى خلق الأزمة من بدايتها. وأضاف علوان أن مخزون المحطة ينفد خلال ساعات من إمدادها بحصتها، نتيجة الازدحام ما بين مواطنين حقيقيين وتجار سوق سوداء، مطالبًا بتشديد الرقابة على المستودعات المسئولة عن تسليمهم حصصهم فى البنزين والسولار حتى لا يتلاعب البعض ويماطل فى تسليم المحطات حصصها اليومية المقررة كاملة. أزمة الفلاحين ومن جانبه قال محمد سعيد المتحدث الرسمى لفلاحين العامرية إن الأزمة تفاقمت لدى المزارعين، مشيرًا إلى أن هناك عدة مشكلات تواجه الفلاحين فى الحصول على السولار وأهمها إهدار الوقت والمال فى عدم تشغيل الآلات الزراعية حتى تحولت إلى «مكن عطلان»، وبالتالى أدت إلى زيادة التكلفة والخسائر على المزارع، بسبب الضرر البالغ على المحاصيل الزراعية، التى أصبحت مهددة بالجفاف نتيجة عدم قدرة المزارعين على رى أراضيهم بسبب توقف ماكينات الرى عن العمل لنقص السولار، خاصة فى ظل عدم توافر وسائل بديلة للري، وهو الأمر الذى يضطره إلى رفع التكلفة على المنتج والمستهلك فى آن واحد. وأوضح سعيد أن الأمر يتعلق أكثر بمواعيد الحاصلات الزراعية، وأن الأيام القادمة هى مواعيد حصاد محصول القمح، متسائلًا «كيف تتم إذا الخطوات بهذا الحصاد من جنى للمحصول ونقل، دون الحاجة إلى السولار»، وهو الأمر الذى يزيد من تفاقم الأزمة وازدياد حدتها بالنسبة للفلاحين. المخابز ولم تقتصر أضرار أزمة السولار والبنزين على الفلاحين وقائدى السيارات فقط، بل تعرضت المخابز إلى ضرر كبير خلال الفترة الماضية، بسبب ما جاء من قرار ب «العقد الجديد» الذى طرحه وزير التموين أمام المخابز وعمالها، حيث إن هذا العقد لا يوجد له تأمين على العمال من قبل صاحب العمل أو من قبل الوزارة، فى حين أن العقد القديم كان يضمن للعامل التأمين الصحى والاجتماعى عليه، الأمر الذى يطيح بالعامل خارج نطاق الخدمة تقريبا، ولا يدرى العمال ما علاقة هذا العقد بأزمة السولار التى سادت البلد بأكملها. شركات المحمول كما أكد خبراء الاتصالات وجود علاقة قوية بين أزمة السولار الحالية ومستوى خدمات شبكات المحمول، حيث إن 90% من المحطات تعمل بالسولار، وهذه الأزمة تسببت فى أعطال كثيرة للمحطات، مطالبين بضرورة البحث وراء تلك المشكلة وحلها لتلافى قطع الخدمة عن العملاء، حيث إن كثيرًا من العملاء اشتكوا خلال الفترات السابقة بانقطاع الخدمة عنهم . المحافظات وتعد أزمة السولار من الأزمات الطاحنة، حيث ترتبط دائما بمصر كلها، فلا يوجد محافظة لا تسير بها سيارات، أو توجد بداخلها مخبز، وأماكن الزراعات، وما تعانيه من أزمات بسبب توقف ماكينات الرى، كذلك الدارس، ومحطات المحمول، وغيرها من ضحايا أزمة السولار فى مصر، فشهدت مثلا محافظات مثل القليوبية، الفيوم، المنيا، سوهاج، بنى سويف، بور سعيد ، نقصا شديدا فى السولار، مما سلعد على تفاقم نسب المشكلات والشجار بين بعضهم البعض، مما دعاهم جميعا إلى مناشدة المسئولين لبحث الأزمة، خاصة فيما يتعلق بالمخابز لأنه إذا توقف الخبز، توقفت الحياة .