مازالت أهداف ثورة يناير حلماً يراود جميع عمال مصر فبعد أن نجحت الثورة علي أكتاف العمال سرعان ما أعطت ظهرها لهم بفضل سياسات القائمين علي الحكم من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بقيادة وزير القوي العاملة والهجرة خالد الازهري القطب الإخواني والذي ثبت بالتجربة العملية مناهضته لجميع مطالب العمال سواء كانوا عمال قطاع خاص أوعام وتشجيعه الدائم والمستمر لتوحش أصحاب رؤوس الأموال. «الموجز» ترصد جزءا من مأساة بعض العاملين بالقطاع الخاص وبالتحديد عمال شركة كرافت فودز «مصنع كادبوري للحلويات سابقا» حيث تتلخص مأساة هؤلاء العمال في قيامهم بتكوين نقابة مستقلة عن النقابة التابعة لإدارة الشركة من أجل الدفاع عن مصالح وحقوق العمال إلا أن إدارة الشركة ثارت ضدهم وأجبرت 38 منهم في 2011 علي التقاعد المبكر بعد أن هددتهم بالفصل بتهمة محاولة إنشاء نقابة عمالية. وعلي الرغم من تعنت الإدارة في مواجهة مطالب العمال المشروعة فإنهم ثبتوا علي موقفهم وفي يوم 28 أبريل الماضي عقدت مجموعة من العمال في مصنع الإسكندرية جمعية عمومية وشكلوا نقابة مستقلة انضم لها 250 عاملا من أصل 300 بالمصنع وسارعوا بالانضمام إلي "مؤتمر عمال مصر الديمقراطي"، الذي أنشئ في أعقاب قيام ثورة يناير ككيان مواز لاتحاد العمال المحسوب علي الحكومة وعلي الرغم من قيام مسئولي النقابة بتقديم جميع الأوراق المطلوبة إلي وزارة القوي العاملة والهجرة بالإسكندارية فإن إدارة الشركة أصرت علي موقفها الرافض لهذا التشكيل النقابي خوفا علي مصالح ملاكها وتهربا من منح العمال حقوقهم علي حد قولهم لتبدأ الإدارة مرحلة جديدة من التعنت والتضييق علي العمال وبالأخص من ترأسوا التشكيل النقابي ودعوا إليه. حيث رفضت الإدارة جميع المناقشات مع النقابة الجديدة بالرغم من الأزمات التي مر بها العمال لتأتي واقعة إضراب العمال في 26 يوليو الماضي عن العمل علي خلفية رفض الإدارة صرف نسبة ال10% التي أقرتها الحكومة لجميع العاملين في القطاع الخاص بمثابة الشوكة التي كسرت تكبر وتعالي مجلس الإدارة علي العمال وتواصلت مع أعضاء اللجنة التنفيذية للنقابة وطالبتهم بوضع حد للاحتجاجات والعودة للعمل. وبالرغم من كون الواقعة تمثل اعترافا ضمنيا بشرعية النقابة الجديدة فإن إدارة الشركة لم تعترف رسميا بها وهو الأمر الذي جعل الاتحاد الدولي للغذاء "iuf" يطالب الشركة باتخاذ إجراءات تصحيحية بشأن هذه الانتهاكات التي ارتكبتها ضد العمال خاصة أن وسائل الإعلام المصرية تناولت الأمر لأكثر من مرة. ولأن مجلس إدارة شركة «كرافت » التي اشترت «كادبوري» هو المستحوذ والمتحكم في كل ما يخص العمال لم يلتفت لكل هذه الطلبات وقام علي خلفية تشكيل العمال لنقابتهم المستقلة بفصل 5 من قادة هذه النقابة وإيقاف رواتبهم وإحالتهم للمحكمة العمالية لفصلهم وهم محمد حسن أحمد رئيس النقابة، ونصر عوض عبدالرحيم نائب رئيس النقابة وحسين أحمد حسين الأمين العام المساعد ومحمد أبو العلا محمد أمين الصندوق ومحمد حسين مصطفي نائب أمين الصندوق. وقال حسين أحمد حسين الأمين العام المساعد باللجنة النقابية بشركة كادبوري«كرافت» "إننا وقعنا تحت ظلم شديد بسبب مطالبتنا بحقوقنا فكان نصيبنا الفصل التعسفي من قبل مجلس إدارة الشركة التي خدمناها بكل جهدنا ولكن كانت المكافأة الفصل من الشركة وتشريدنا وتشريد أسرنا في الوقت الذي كنا نحلم فيه بمعيشة أفضل بعد نجاح ثورة 25 التي كان من مبادئها الحفاظ علي حقوق العمال والوقوف بجانبهم ضد ظلم أصحاب الأعمال ولكن كل هذه الأمور قد تبخرت وكأن الثورة لم تقم وكأننا نعيش في ظل النظام السابق بل توحش الأمر أكبر من ذلك وأصبح طرد العمال فريضة يقوم بها أصحاب الأعمال من أجل تشريد العمال وأسرهم وذلك علي مرأي ومسمع من المسئولين وكأن القائمين علي أمور العمال في الدولة يباركون هذا من أجل التخلص من العمال. وشرح حسين قصة المفصولين قائلا " قصتنا بدأت منذ أن طالبنا بحقوقنا في صرف نسبة ال10% التي أقرها الرئيس محمد مرسي منذ أن تولي الحكم للقطاع الخاص وعندما توجهنا إلي الشركة للمطالبة بها لم تعترف بها الشركة وكأن الإدارة في الشركة تضرب بقرارات الرئيس عرض الحائط وعلي أثر ذلك قمنا بتنفيذ اعتصام في الشركة لمدة 8 ساعات وبدلاً من أن تستجيب الشركة لمطالبنا قررت فصل خمسة أفراد من أعضاء النقابة لأنهم طالبوا بحقوق العمال التي أقرتها الدولة ممثلة في رئيس الجمهورية وحتي الآن لم نحصل علي مرتباتنا ونحن لدينا أبناء في المدارس ويحتاجون مصاريف وعلي الرغم من كل ذلك أرسلنا استغاثات إلي جميع المسئولين في الدولة ولكن الشركة لا تعترف بهم بل الأمر الأغرب من ذلك أنها أقامت 5 قضايا اتهمت فيها أعضاء اللجنة النقابية بالتحريض علي الاعتصام. وأضاف لقد طالب الأمين العام المساعد باللجنة النقابية بالشركة المسئولين بالوقوف إلي جوار العمال المطحونين من أجل الحصول علي حقوقهم وعودتهم للعمل لأنهم لم يفعلوا شيئاً يستدعي فصلهم إلا المطالبة بحقوقهم. وتساءل حسين قائلا: "هل أصبحت المطالبة بالحق جريمة يعاقب عليها القانون ويكون المصير الطرد من العمل وهل هذا يحق بعد قيام ثورة 25 يناير التي قامت علي أكتاف العمال والتي نادت بحقوقهم التي سلبت منهم في عهد النظام البائد؟ ويعلق علي أمر عمال شركة كادبوري كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية قائلا إن ما يحدث الآن يأتي ضمن مخطط الإخوان ووزير القوي العاملة والهجرة خالد الأزهري لتسريح العمال والتخلص منهم، موضحا أن هناك عدة أسباب تستدعي ذلك منها أفعال بعض القيادات العمالية واتجاهها لأخونة القطاع العمالي من أجل السيطرة عليه وترك العمال فريسة لأصحاب الأعمال يفعلون بهم مايريدون والدليل علي ذلك ما يحدث من طرد وفصل كل من يطالب بحقه في الشركات والمصانع والتنكيل به، فضلا عن حالة الركود التي تمر بها البلاد. وأضاف علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي تدهورت أوضاع العمال بفعل زيادة الأسعار وحالة الركود التي دفعت العديد من رجال الأعمال إلي تخفيض مستوي الإنتاج وبالتالي تخفيض أعداد العمال بالمصانع وإغلاقها وتسريح العمال وهو أمر يتكرر بشكل يومي مع عمال القطاع الخاص الذي أصبح يستوعب النسبة الكبري بسوق العمل، هذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تعكس لنا أوضاع الحريات النقابية التي تعيش أسوا عهدها حيث شهدت الحركة النقابية العديد من حبس وفصل أعضائها في ظل سكوت تام من المسئولين عن هذه الأمور و بمرور الأيام تزداد مسلسلات طرد وفصل القيادات العمالية من أعمالهم وذلك لأنهم يطالبون بحقوق العمال.