إخوان السودان يحاولون تعطيل إجراءات الحكومة الانتقالية أملا في العودة للسلطة.. وحاولوا تعطيل إجراءات سفر حمدوك للأمم المتحدة و استغلوا كوادرهم في قطاع الكهرباء للإضرار بمصالح الشعب.. وقانون جديد يهدف لتطهير المصالح الحكومية من الكوادر الإخوانية وخطة عاجلة لانقاذ الاقتصاد السودانى --------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- بعد نجاح الثورة السودانية والإطاحة بالرئيس الإخواني عمر البشير أصبح لا سبيل أمام الحكومة الجديدة بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى النجاح الإ بالعمل بكل جد لاجتثاث كوادر الجماعة الذين تغلغلوا في مفاصل الدولة ، ويسعون حاليا لإفشال النظام الجديد الذي جاء بدعم شعبي ويحاولون إسقاط الدولة أملا في عودتهم من جديد. أكد الباحث السودانى مرتضى كوكو في دراسة نشرها مركز حفريات المتخصص فى شؤون الاسلام السياسى أن فلول تنظيم الإخوان المعزول في السودان أصبحوا على وشك تجرع مرارات الإقصاء التي أذاقوها للسودانيين خلال سنوات حكمهم البالغة 30 عاما. وذلك بعد دعوات واسعة بضرورة أن تنتهج السلطة الجديدة مبدأ التعامل بالمثل مع كوادر الحركة الإسلامية السياسية، لضمان تعافي القطاعات الحيوية في البلاد وعدم تعطيل مسيرة فترة الحكم الانتقالي. وأشار إلى أنه في مطلع تسعينيات القرن الماضي، بعد عام من صعود الحركة الإسلامية السياسية إلى السلطة بانقلاب عسكري، سن التنظيم قانونا أسماه بالصالح العام، الذي أقصى بموجبه آلاف الكوادر السودانية من دواوين البلاد، وتعيين عناصر موالية تنظيميا وأيدولوجيا، وهو ما يعرف في أدبيات تنظيم الإخوان بسياسة التمكين. وصاحبت عمليات الفصل التعسفي بقانون الصالح العام توجيهات صارمة من قيادة التنظيم ألإخواني ومرشده في ذلك الوقت حسن الترابي، بعدم استيعاب غير الموالين في الخدمة المدنية والعسكرية مهما كان تأهيلهم، خلاف احتكار التوظيف والمناصب الرفيعة لمنسوبي الحركة الإسلامية السياسية، وذلك وفق وثائق تسربت لاحقا. حيث تمكنت الحركة من إحكام السيطرة على البلاد، وفق ما خطط له، وأقامت الدولة العميقة لصالحها في السودان، وبحسب مراقبين، فإن النتيجة الحتمية لذلك كانت فصل آلاف الكفاءات السودانية غير الموالية سياسيا وأيدولوجيا لحزب الحركة الإسلامية ذراع التنظيم الدولي للإخوان، عن الخدمة العامة، وإحلال منسوبيهم محلهم. وكانت قطاعات النقل والمواصلات والنقابات المهنية الأكثر تضررا من سياسات التمكين، بل تعرض مجملها إلى تدمير كامل، وهي القطاعات التي كانت تقود الإضرابات السياسية ضد الأنظمة الديكتاتورية، مما جعلها هدفا لتنظيم الحركة الإسلامية بإجراءات الفصل التعسفي المسماه الصالح العام. ووفق اللجنة السودانية القومية التي كونها نقابيون عام 1992م، فإن عدد الموظفين الذين فصلتهم سلطة الإخوان من قطاعات النقل النهري والمواصلات والسكة الحديد والطيران المدني، بلغ 350 ألف موظف، وواجهوا بعدها معاناة بالغة في المعيشة، حيث لم يحصل غالبيتهم على مخصصات ما بعد الخدمة المعروفة قانونا. ولا توجد إحصاءات دقيقة بعدد الذين جرى فصلهم تعسفيا في القطاعات المهنية والعمالية الأخرى، لكنهم يقدرون بالآف الأشخاص. وكان رئيس الوزراء السوداني الحالي الدكتور عبدالله حمدوك أحد ضحايا قانون الصالح العام، حيث جرى فصله عندما كان موظفا بوزارة المالية بتهمة انتمائه للحزب الشيوعي. أما وزيرة الخارجية أسماء محمد عبدالله تم فصلها وهي بدرجة وزير مفوض في وزارة الخارجية لذات التهمة التي أبعد بها عبدالله حمدوك. والحقيقة الثابتة هي أنه على مدى 30 عاما مضت، استطاع النظام الإخواني السابق السيطرة على مفاصل الدولة السودانية ومؤسسات الخدمة المدنية عبر سياسة التمكين التي أحيل بموجبها الآلاف إلى المعاش واستبدالهم بعناصر من التنظيم الإخواني. ومنذ نجاح الثورة السودانية في الإطاحة بنظام الرئيس المعزول عمر البشير في 11 أبريل الماضي، تزايدت دعوات تطهير مؤسسات الخدمة المدنية والدولة من عناصر الإخوان. واستجابة لهذه المطالب أصدر رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك حزمة قرارات بإقالة عدد من وكلاء الوزارات ومديري مؤسسات أخرى، وتحديدا في قطاعي النفط والكهرباء اللذين يسيطر عليهما النظام البائد بشكل كبير ، فنتيجة لسيطرة عناصر الإخوان على هذين القطاعين تواجه البلاد هذه الأيام، أزمات بائنة لاسيما في قطاع الكهرباء التي تشهد انقطاعا متكررا بجانب أزمة المواصلات العامة والوقود لشقيه الجازولين والبنزين. كما يعد الإعلام أحد أكثر القطاعات التي يتمركز فيها عناصر النظام الإخواني السابق، فالتلفزيون والإذاعة ووكالة السودان للأنباء مراكز خالصة للفلول، ولا تزال تنتظر التطهير. ولا يخفى على كثير من السودانيين أن المؤسسات الخاصة المالكة للصحف الورقية أو الإذاعات المحلية هي الأخرى يملكها المنتسبون للنظام السابق. وطالبت شبكة الصحفيين السودانيين أحد مكونات تجمع المهنيين السودانيين السلطات المختصة بوزارة الثقافة والإعلام بضرورة تصفية الفلول من هذا القطاع المهم. وشددت في بيان، على ضرورة العمل على تنقية الأجهزة والمؤسسات الإعلامية من فلول النظام السوداني القديم، لتعود أصلها صوتا للشعب لا أداة للثورة المضادة والأحادية. وشهد الأسبوع الماضي هزيمة مخطط إخواني لإفشال مشاركة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ولم يكتفي الإخوان بذلك بل استغلوا وجد عناصر لهم بوزارة الخارجية ، وتم العمل من أجل تأخير إكمال إجراءات السفر الخاصة برئيس الوزراء لمشاركته في الأممالمتحدة مع السفارة الأمريكيةبالخرطوم. ولا يخفى على أحد أن المشاركة التاريخية لرئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك باجتماعات الجمعية العامة للأمم وما صاحبها من لقاءات مهمة بدت بمثابة الضربة القاضية لتنظيم الإخوان الإرهابي الذي سعت عناصره لإفشال المشاركة وتحقيق ظهور باهت لحمدوك، بحسب مصادر سودانية. ونقلت جريدة التغيير السودانية عن مصادر مطلعة، أن جهات في وزارة الخارجية سعت إلى إفشال مشاركة حمدوك في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إلا أن مجلس الوزراء تدارك الخلل في لحظات حرجة. وقالت إن مجلس الوزراء اكتشف قبل 48 ساعة من سفر الوفد أن الجهة المعنية في وزارة الخارجية لم تسلم جوازات المسافرين للسفارة الأمريكية لإجراءات التأشيرة عدا جواز رئيس الوزراء، على الرغم من تسليم الجوازات للخارجية قبل 3 أسابيع. وأضافت الصحيفة أن السفارة الأمريكية تعاونت لحل المشكلة واضطرت للعمل القنصلي يوم الجمعة ومنحت الوفد المرافق لحمدوك تأشيرات الدخول. ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي السوداني شوقي عبدالعظيم أن مشاركة حمدوك في الأممالمتحدة شكلت هزيمة لمخطط الإخوان، وأخرست أصوات عناصر الجماعة لدرجة جعلت أبواقها الإعلامية تمتنع عن التعليق عليها وانتقادها كما كان متوقعا. وقال عبدالعظيم، إن مشاركة حمدوك أظهرت الفرق بين فترة حكم الإخوان والوضع الحالي، حيث لأول مرة منذ عقود يتفاعل قادة العالم بشكل إيجابي مع السودان ويرددون اسمه بحفاوة. وأضاف أن المشاركة كانت لها انعكاسات داخلية على الشارع السوداني الذي ينظر بفخر حاليا لتعاطي العالم مع بلاده، وفضحت فترة حكم تنظيم الإخوان التي كانت البلاد خلالها في عزلة تامة، وتظهر بخجل في مثل هذه المناسبات الدولية الكبيرة وبمشاركة محدودة وباهتة". وشدد على أن "مشاركة حمدوك كانت ناجحة لحد كبير، وعكست وجها مشرقا للسودان الجديد". واستكمل بأن الشيء المفرح أن رئيس الوزراء اهتم بعقد لقاءات مع الجهات الدولية التي يمكنها مساعدة الخرطوم والاستفادة منها في الوقت الراهن كالبنك الدولي والخزانة الأمريكية وبرنامج الغذاء العالمي. إلى جانب ذلك شهد الأسبوع الماضي استمرار الحملة الحكومية على أوكار الفساد والإرهاب الخاصة بالتنظيم الإخواني ومحاصرة رموزه المتغلغلين في مؤسسات الدولة المختلفة. وبعد تفكيك ما يسمى بالوحدات الجهادية، وهي مليشيا إخوانية داخل جامعات السودان، أصدر رئيس المجلس السيادي في السودان الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان مرسوما دستوريا يقضي بحل الهيئة الخيرية لدعم القوات المسلحة، إحدى أضخم أذرع تنظيم الإخوان الإرهابي داخل الجيش. ونص المرسوم، الذي صدر من الجيش بهذا الشأن ، على أن تؤول جميع الممتلكات الثابتة والمنقولة والأصول والخصوم الخاصة بالهيئة الخيرية إلى الصندوق الخاص للتأمين الاجتماعي للعاملين بالقوات المسلحة. وبهذا المرسوم، تخلص السودان من أكبر ذراع إخوانية داخل الجيش، حيث تملك الهيئة الخيرية عددا من الشركات أبرزها شركة زادنا، وكانت تتولى مهمة اختيار الطلبة الحربيين، وتغيير فكرهم لصالح الحركة الإسلامية السياسية، ويشرف على ذلك الإخواني محمد أحمد علي الفششوية. وعلى نحو مفاجئ، قرر المجلس السيادي السوداني إغلاق الحدود الغربية مع دولتي ليبيا وأفريقيا الوسطى، نتيجة لأسباب أمنية عديدة ومنع تهريب السيارات، وفق المتحدث الرسمي للمجلس السيادي السوداني محمد الفكي سليمان. وجاء قرار المجلس السيادي خلال اجتماعه بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور غربي البلاد، الخميس الماضي، والتي انتقل إليها من الخرطوم في محاولة لاحتواء اضطرابات شهدتها نتيجة احتجاجات طلابية بسبب نقص الخبز. واعتبر المحللون أن إغلاق الحدود الغربية مؤقتا يعد خطوة إيجابية في سبيل تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد ، موضحين أنه كان لزاما على الحكومة إعادة ترتيب الأوضاع بالحدود الغربية التي تشهد حركة تهريب واسعة للسلاح والمخدرات والسيارات إلى داخل البلاد، وتهريب الوقود والدقيق والمنتجات الغذائية لخارج السودان، ما أدى إلى تدهور الاقتصاد. وأضافوا بأنه يجب ترتيب الأوضاع على الحدود، ومن ثم فتح منافذ رسمية يمكن السيطرة عليها حتى تعود الفائدة للدولة من التجارة الحدودية بدلا عن الأفراد. ورغم كل هذه الإجراءات التي تمت في سبيل محاصرة الإخوان، إلا أنها تبدو دون طموح وتطلعات السودانيين الذين خرجوا في مظاهرات حاشدة قبل أسبوعين تنادي بتحركات أكثر قوة لاجتثاث عناصر الحركة الإسلامية السياسية من مؤسسات الدولة ومحاكمتهم وعدم التساهل معهم. ويرى مراقبون أن أي تساهل وتراخ في اجتثاث الإخوان سيقود إلى تخريب فترة الحكم الانتقالي، ويقف عقبة أمام الإصلاح والانطلاق إلى الأمام. ونظرا لهذه السيطرة الكاملة على كل مؤسسات الدولة من قبل الإخوان تأثر اقتصاد البلاد كثيرا على مدى 30 عاما حيث لم تكن الجماعة تنظر إلى مصلحة البلاد ولكن لمصالحها ومصالح أفرادها ، ومن هنا كان يتعين على الحكومة السودانية بقيادة حمدوك وضع خطة انقاذ عاجلة للاقتصاد السوداني. وأعلنت الحكومة الانتقالية في السودان عن خطة إنقاذ مدتها 9 أشهر، وتقوم على شقين، يتمثل الأول في توفير الاحتياجات اليومية من وقود وخبز ودواء. أما الثاني فيهدف للبدء في معالجة الاختلالات الهيكلية الكبيرة التي يعاني منها الاقتصاد السوداني، والتي تتمثل أهم ملامحها في ارتفاع الديون الخارجية إلى أكثر من 58 مليار دولار. كما تهدف الخطة إلى التعامل مع معدلات التضخم الذي وصلت إلى ما فوق ال70% بحسب إحصاءات مستقلة موثوقة، إلى جانب إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى نحو 20٪ الأمر الذي وسع من رقعة الفقر التي فاقت ال50%. ويسعى وزير المالية السوداني، إبراهيم البدوي إلى إقناع البنك الدولي بتوفير خط ائتمان عاجل بقيمة ملياري دولار سيوجه جلها نحو دعم أسعار الخبز والوقود والدواء. وبدأت حكومة حمدوك بالفعل في تطبيق إجراءات، وإن كانت بطيئة، لترشيد الإنفاق الحكومي الذي تميز بانفلات شديد خلال فترة حكم الإخوان التي استمرت لثلاث عقود تخللتها عمليات فساد مالي وإداري ضخمة فاقت خسائرها المباشرة والغير مباشرة التريليون دولار. ويرى الكثير من المراقبين أن نجاح أي خطة اقتصادية لن يتأتى إلا باتخاذ إجراءات عاجلة تفكك المنظومة الاقتصادية الإخوانية التي تستند إلى أكثر من 320 شركة تعمل في مختلف المجالات، إضافة إلى قاعدة كبيرة من رجال الأعمال النافذين الذين يسيطرون على أكثر من 60% من حجم السوق السوداني. وظهرت سيطرة تنظم الإخوان على السوق والقطاعات الاقتصادية المختلفة من خلال الأزمات المفتعلة التي حولت حياة السودانيين إلى جحيم لا يطاق. وتشير الكثير من التقارير إلى أن دوائر أعمال نافذة تتبع للتنظيم الإخواني تقوم بشراء وتخزين الحبوب الغذائية وتدفع مبالغ طائلة لأصحاب حافلات النقل للتوقف عن العمل والمكوث في منازلهم، وهو ما أدى إلى حدوث أزمة خانقة في المواصلات خلال الأسابيع الأخيرة.. ويرى مراقبون أن نجاح الخطة الاقتصادية العاجلة يعتمد إلى حد كبير على مدى تجاوب المانحين معها، ومدى قدرة الحكومة الانتقالية مع تحدي الثورة الاقتصادية المضادة التي تقودها عناصر نافذة في تنظيم الإخوان.