لا تزال القاهرة في انتظار تصديق الكونجرس الأمريكي على اختيار ديفيد ساترفيلد سفيرا لواشنطن لدى مصر، باعتباره ابرز المرشحين لهذا المنصب الخالي منذ أكثر من عام بعد انتهاء عمل روبرت بيكروفت السفير السابق في يونيو 2017. ويأتي الحديث عن تعيين السفير الجديد في الوقت الذي حدثت فيه انفراجة نوعية في العلاقات بين القاهرةوواشنطن، بعد توتر دام 3 سنوات حيث تم فك الحظر عن مساعدات أمريكية لمصر بقيمة 195 مليون كانت مجمدة لعدة سنوات جدير بالذكر أنه يتم تسيير أعمال السفارة الأمريكيةبالقاهرة من خلال نائب رئيس البعثة الأمريكية في مصر توماس جولدبيرجر، الذي تولى هذه المهمة عقب انتهاء فترة عمل السفير السابق. ويرى خبراء أن الفترة المقبلة التي ستعقب تولي السفير الجديد ستكون كاشفة لمدى التحرك في مستوى العلاقات بين البلدين، وما إذا كانت ستعقبها خطوات أخرى. كما يرون أن اختيار ساترفيلد سيؤكد رغبة واشنطن في دفع العلاقات مع القاهرة ، نظرا للتاريخ المهني للسفير الذي يشير إلى خبرته الواسعة في ملف العلاقات مع إسرائيل ،فضلا عن عمله بقطاع القوات متعددة الجنسيات في سيناء، كما أنه شغل مواقع مهمة في الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع وكلها ملفات حيوية في العلاقة بين القاهرةوواشنطن. ورغم تفاؤل الخبراء بوجود ساترفيلد إلا أن هناك في تاريخه ما يثير مخاوفنا كمصريين بشكل خاص وعرب بشكل عام، ففي عام 2003 ، في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ،كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن فضيحة تجسس كبيرة، حيث ضمنت اسم ساترفيلد ضمن متهمين بفضيحة تجسس لصالح إسرائيل ،داخل وزارة الدفاع الأمريكية، واتهمته الصحيفة حينها بتسريب معلومات مهمة للكيان الصيهوني، الذي نفى بدوره هذه الاتهامات، ولكن في لائحة الاتهامات الفعلية لم يأت ذكر اسم ساترفيلد كمتهم في القضية. ساترفيلد عمل مع آن باترسون التي عرف عنها تقربها للإخوان في الفترة ما بعد ثورة يناير ،وبالفعل حضر السفير المرشح لمصر اجتماعات السفيرة السابقة مع قيادات الجماعة، ومع السلفيين، حيث استفادة من إجادته للغة العربية لتسهيل التواصل معهم ولن يكون العمل بالقاهرة جديدا على ساترفيلد الذي عمل قائما بأعمال السفر الأمريكي في القاهرة عام 2013. وكان له رأي داعم حينها لموقف مصر داخل المؤسسات الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليين التي طلبت القاهرة حينها منهما قروضا لدعم الاقتصاد. حاول ساترفيلد حينها تخفيف حدة الموقف الأمريكي خلال لقاءه بوزير المالية حينها أحمد جلال، حيث زعم أن كل ما يثار حول تردد الموقف الأمريكي تجاه مصر غير سليم، مشيرا إلى أن بلاده لها موقف ثابت وداعم لمصر داخل المؤسسات المالية الدولية. ولد ساترفيلد في 18 ديسمبر عام 1954، في مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند ،وهو دبلوماسي وسفير أمريكي عمل على نطاق واسع في منطقة الشرق الأوسط،بما فيها منطقة الخليج ولبنانوالعراق. تخرج من جامعة ميريلاند حيث حصل على ليسانس في الآداب عام 1976 ، وانضم إلى السلك الدبلوماسي في عام 1980، وعمل في البعثات الأمريكية في الخارج في كل من جدة وتونس وبيروت ودمشق، ثم أصبح مسئول الأمانة التنفيذية لموظفي الخارجية في الفترة ما بين عامي 1990 و 1993 . بعدها عمل في مجلس الأمن القومي بين عامي 1993و 1996 كمدير لمنطقة الشرق الأدنى وشئون جنوب آسيا كذلك شغل منصب مدير مكتب الشئون العربية الإسرائيلية في الفترة بين عامي 1996 و 1998 في وزارة الخارجية الأمريكية, بعد ذلك تولى منصب سفير أمريكا في لبنان في الفترة من سبتمبر 1998 إلى يونيو 2001, وفي 19 مايو 2006 أعلنت الخارجية الأمريكية تعيين ساترفيلد كمنسق للعراق وكبير مستشاري وزير الخارجية حينها كوندليزا رايس. في مايو 2009 تقاعد ساترفيلد بعد 30 عاما في الخدمة، لكن تم تعيينه بناء على ترشيح من الحكومة الأمريكية مديرا للقوة متعددة الجنسيات والمراقپين ، وهي منظمة دولية مستقلة مهمتها تنفيذ البنود الأمنية لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، ويقع مقرها الرئيسي في روما،حيث تولى مهام منصبه في 1 يوليو 2009، بعدها تم تعيينه مساعدا لوزير الخارجية لشئون الشرق الأوسط. في أبريل الماضي قدم ساترفيلد شهادته حول الشرق الأوسط أمام الكونجرس بوصفه مساعدا لوزير الخارجية ، حيث رأى أن في السنوات الأخيرة حدثت العديد من التغييرات بالمنطقة بدء من الربيع العربي في عام 2011 وصولا إلى الحروب الأهلية الحالية في سوريا واليمن، وظهور وسقوط ما يسمى بالخلافة لداعش. ومن الناحية الاقتصادية، رأى أنه لا تزال المنطقة وجهة رئيسية لصادرات الولاياتالمتحدة الأساسية، مما يدعم الوظائف الأمريكية. على سبيل المثال، قامت بدعم ترتيبات لمليارات الدولارات من المبيعات لشركائها في الخليج وقدمت حلول توليد الطاقة في ليبيا والجزائر والعراق والقاطرات في مصر. ورأى في شهادته أن بلاده أحرزت تقدما ملموسا ضد داعش منذ عام 2014 عندما ظهر التنظيم لأول مرة واجتاح العراقوسوريا وتسبب بمعاناة ملايين المدنيين في المنطقة وخارجها. كما رأي ساترفيلد أن النفوذ الإيراني الذي وصفه بالخبيث يهدد حلفاء واشنطن مثل الأردن وإسرائيل ، كما يؤدي إلى تفاقم الصراعات العنيفة في سوريا واليمن مع تسهيلات من قبل الجيش الثوري الإيراني، حيث استخدم الحوثيون بشكل متكرر تكنولوجيا الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز الإيرانية. وأوضح أن الاستقرار في اليمن يعتمد على تسوية سياسية مستدامة ،مشيرا إلى أن الخارجية الأمريكية تدعم كل الجهود لإنهاء الحرب الأهلية ،كما تحث واشنطن السعودية والإمارات للعمل بشكل وثيق مع مبعوث الأممالمتحدة لدفع مفاوضات السلام في البلد العربي.