تشهد مصر حالياً توجهاً استراتيجياً تجاه اقتصاد تتعاظم فيه القيمة المُضافة لمكوناته في المجالات المختلفة معتمداً على تكنولوجيات متقدمة وآليات سوق حر وخريجين مصريين مؤهلين للتفاعل البناء مع منظومة الصناعة المحلية لتطويرها ووضعها على مسار المنافسة العالمية الجادة. وفِي هذا الصدد ظهرت مصطلحات مثل الثورة الصناعية الرابعة والتي تشمل قفزات تكنولوجية في مجالات حديثة تتكامل فيها عناصر التكنولوجيا المختلفة بهدف خلق منظومات إنتاجية وخدمية ومنتجات ذات ذكاء وقدرة على التكيف مع الظروف المحيطة بهدف تخصيص الإنتاجية لتتناسب مع احتياجات المواطنين المتباينة. وللحاق بهذا القطار السريع والمشاركة في عجلته، اعتمدت جامعة النيل الأهلية على فكر وأسلوب يعتمد على مسارين؛ الأول تنمية قدرات طلاب الجامعة وتسليحهم ليس فقط بالمعارف الحديثة في المجالات التكنولوجية المختلفة ولكن أيضاً بثقافة ومهارات ريادة الأعمال والابتكار والبحث العلمي التطبيقي والخروج من القالب التقليدي للخريجين والمعتمد على شهادات أكاديمية لتصنيفهم في سوق العمل. والمسار الثاني يعني بالتوجه للمجتمع والسعي إلى تغيير معتقداته الراسخة ورؤيته النمطية لدور الجامعات المصرية في المجتمع والمقتصرة على تخريج قوى عاملة والذي يقوم بعد التخرج بتدريبهم وتنمية قدراتهم بما يتناسب مع احتياجاته الحقيقية. ومن هنا كان توجه جامعة النيل الأهلية منذ بداية كونها فكرة حتى وصلنا إلى الاحتفال مؤخرا بمرور 10 سنوات على إنشائها، اعتماد خطوات تنفيذية لتحقيق هذه الاستراتيجية المتكاملة والتي بدأت بإنشاء مراكز بحثية متطورة لدعم توجه الدولة للاقتصاد المبني على المعرفة والتكنولوجيا وتجهيز كوادر مصرية فعالة لتحقيق الاستمرارية. تلى ذلك انشاء منظومة تعليمية للطلاب تهدف لتكوين شخصية مميزة للخريجين تتكامل فيها المعارف الأكاديمية والمهارات العملية والصفات الشخصية الملائمة للتفاعل البناء في المجتمع. وتلازم مع هذه المرحلة تطوير البنية التعليمية العملية في الجامعة لتمكين الطلاب من المهارات المتوافقة مع متطلبات الصناعة وتجهيز الجامعة بمعامل تنمو فيها المهارات الداعمة للدراسات النظرية وتلك والمهارات العملية المتطورة والمستخدمة في الصناعة العالمية قبل المحلية. ثم تلى ذلك تطوير للمناهج التعليمية والبرامج التدريبية في الجامعة لتكريس ثقافة ريادة الأعمال والابتكار والبحث العلمي التطبيقي اعتماداً على البنية التحتية العملية والبحثية والشراكة مع الصناعة المحلية لخلق جيل من الخريجين متكامل الشخصية ذو قدرات على حل المشكلات واتخاذ القرارات المبنية على المعرفة. وللوصول لهذه المرحلة اعتمدت جامعة النيل على الشراكات مع الجامعات العالمية والمصرية من خلال برامج تطوير التعليم الجامعي بالاتحاد الأوروبي على سبيل المثال مما حقق تدفق للخبرات وتبادل للمعارف بين جامعة النيل والجامعات الأوروبية الرائدة مما ساهم في دعم استراتيجية الجامعة كلاعب رئيسي في تنمية الاقتصاد المصري. وتتويجاً لهذه المسيرة تفتتح جامعة النيل الأهلية منظومة دعم الصناعة المحلية وريادة الأعمال والإبتكار المدعومة من البنك المركزى المصرى (من خلال مبادرة رواد النيل) وأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا وبرنامج Erasmus+ لتطوير التعليم و بنك مصر ؛ الأمر الذي من شأنه دعم الصناعة المحلية ودمج منظومة التعليم بالتحديات الصناعية والمجتمعية والسعي إلى تنمية قطاع الشركات المتوسطة والصغيرة بهدف توفير العمالة للحد من فاتورة الإستيراد والسعي إلى زيادة الصادرات والشمول المالي، والتي تأتي مندمجة مع منظومة التعليم بالجامعة والمصممة خصيصاً على النهج السالف ذكره لترقى بالطلاب إلى مرحلة الشراكة الحقيقية مع الصناعة والمجتمع المحلي والمصنف على رأس اولويات الجامعة بشكل علمي وأسلوب منهجي. وعليه فإن الجامعة ككيان غير هادف للربح يملكه المجتمع المصري لا تقدم فقط خدمة تعليمية بل دوما تسعى إلى تطوير مهارات ومعارف فئات المجتمع والصناعة المحلية بهدف إذابة معوقات التفاعل والشراكة مع المجتمع لإحداث تطور تنموي حقيقي للاقتصاد القومي والإخلال بميراث الاعتماد على الاستيراد الخارجي ودحض فكرة التبعية للمنتج الأجنبي، وهو ما تساهم منظومة دعم الصناعة المحلية وريادة الأعمال والإبتكار مندمجة مع المنظومة التعليمية والعملية والبحثية بالجامعة في تحقيقه مستهدفين الطلاب ورواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وفئات المجتمع المختلفة الأعمار والتواجد الجغرافي والراغبين في بداية مشروعات حقيقية تنموية تكون فيها ريادة الأعمال العامل الأساسي. بقلم د. وائل عقل نائب رئيس جامعة النيل الأهلية للشئون الأكاديمية
