"تواضروس" بحث مع "خيرت" كيفية استعادة دير السلطان بعد استيلاء الإثيوبيين عليه بمباركة اليهود الدير منحه صلاح الدين لأقباط مصر.. والبابا طالب الكنيسة الإثيوبية بإعادته دون جدوى.. وحكومة الاحتلال ترفض تنفيذ أحكام القضاء الإسرائيلي بإعادة الدير -------------------------------------------------------------- من جديد عادت قضية دير السلطان في الأراضي العربية المحتلة والتابع للكنيسة المصرية إلى الطفو على السطح من جديد في ظل جهود تبذلها الدولة المصرية لاستعادته من الإثيوبيين الذين استولوا عليه بمباركة إسرائيل. وكان البابا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية قد استقبل خلال الفترة الماضية بالمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، السفير حازم خيرت، سفير مصر لدى دولة إسرائيل، حيث ناقش معه آخر تطورات الوضع فيما يتعلق بقضية دير السلطان. وحضر المقابلة الأنبا بيمن أسقف نقادة وقوص والأنبا رافائيل، الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة وسكرتير المجمع المقدس، والقس أنجيلوس إسحق سكرتير قداسة البابا. وقالت مصادر مطلعة أن البابا ناقش مع السفير سبل تنفيذ الحكم القضائي الخاص بتبعية الدير للكنيسة المصرية.. موضحاً ان الأيام المقبلة قد تشهد جديداً على مستوى هذه القضية. محتويات الدير ويقع الدير بجوار كنيسة القيامة، ويحظى بأهمية خاصة تاريخية عند الأقباط، وتبلغ مساحته 1800 متر مربع تقريبًا، ويتصل من الشمال بالبطريركية القبطية، ومن الغرب بمبانى كنيسة القيامة. ويتضمن الدير كنيسة الأربعاء الأحياء، التي تقع فى الطابق العلوي، ومساحتها 42 مترًا مربعًا، وبابها يفتح على ساحة الدير، كما يمكن الوصول إليها من كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل التى تقع فى الطابق السفلى، بواسطة دَرَج يفصل بين الاثنين، ويحيط بالكنيسة من ناحيتها الشمالية والغربية سياج حديدى يفصلها عن الممر الذى يسير محاذيًا لها إلى السلّم المؤدى فى نهايتها لأسفل الكنيسة الثانية وهى كنيسة الملاك ميخائيل، وفى الحائط الغربى لهذا الممر يوجد باب يؤدى إلى هيكل مغارة الصليب. أما كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل، فتقع فى الطابق الأرضى من دير السلطان، ومساحتها 35 مترًا، وبابها يفتح فى الجهة الغربية على ساحة كنيسة القيامة. وبالكنيسة مذبح واحد، وحجاب الهيكل مصنوع من الخشب المطعم بالعاج على هيئة صلبان بحسب الفن القبطي، والذى لا يوجد مثله إلا فى الكنيسة السابق ذكرها وفى الكنائس القبطية بمصر القديمة، وحول الكنيسة من ناحيتيها الشمالية والغربية سياج حديدى يفصلها عن الممر المؤدى إلى الباب الذى يفتح على ساحة كنيسة القيامة. وفى ساحة دير السلطان تبرز قبة كنيسة القديسة هيلانة، وفى الجهة الجنوبية إلى الشرق من كنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسدة، وكذا من الجهة الغربية من الساحة المذكورة، توجد غرف وقلالى الرهبان. إصلاح الدير وقد حافظ الأقباط طوال تاريخهم فى الأرض المقدسة على هذا الدير، فلم ينتزع منهم إلا عندما احتله الرهبان الأوغسطينيون إبان مملكة القدس اللاتينية. ولما استعان الملك الصالح نجم الدين بفرسان وجنود الخوارزم فى قتاله ضد الملك الناصر داود صاحب الشام وضد اللاتين وهاجموا مدينة القدس، نهبوها وأشعلوا النار فى كنيسة القيامة ودير السلطان سنة 1245، وعادت القدس إلى الملك الصالح نجم الدين، فنزلها بعد قليل وأمر بإعادة بناء السور وأُعيد دير السلطان إلى الأقباط، وكان ذلك فى عهد كل من الأنبا باسيليوس الأول 1236-1260م أول مطران قبطى على الكرسى الأورشليمى. وقد أُصلح هذا الدير وأضيفت إليه مبانٍ جديدة فى سنة 1875 بتبرعات من أغنياء الأقباط، وفى سنة 1907 عُمّر الدير من جديد، وفى سنة 1912 صار لائقًا لأن يكون مقرًا رسميًا لبطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقدس، بعد تجديد كنيسته جيدًا وأساساته القديمة، وتقام القداسات والصلوات فى كنيسة الأنبا أنطونيوس كل يوم سبت أسبوعيًا، ويوميًا فى مواسم وفود الحجاج، كما تقام فيها صلاة العشية يوميًا، وكذلك بعض مناسبات الأعياد. الصليبيون والدير واستولى الصليبيون على الدير، وأرجعه صلاح الدين الأيوبى للأقباط، ولعلّه عُرف من وقتها باسم دير السلطان، وكان فى هذا الوقت الأحباش الإثيوبيون فقدوا غالبية أملاكهم بالقدس، بسبب قلة عددهم، كما فقدوا أماكنهم وحقوقهم بداخل كنيسة القيامة بمرور الوقت، وقد طُرد الأحباش من ديرهم دير مار إبراهيم الملاصق للقيامة حوالى سنة 1654، وحل محلهم الأرمن، إلى أن انتزعه منهم الروم بأمر من الباب العالى نفذته المحكمة الشرعية، ولم يكن من المعقول أن يلتمس الأحباش مكانًا يؤويهم لدى أى من هاتين الطائفتين، بعدما استولت الواحدة بعد الأخرى على أملاكهم، ومن ثم لم يبق أمام الأحباش سوى خيار واحد هو الالتجاء إلى الكنيسة القبطية باعتبارها الكنيسة الأم لهم. استيلاء الإثيوبيين ظل دير السلطان فى ملكية الكنيسة القبطية قبل الاحتلال الإسرائيلى للقدس فى 1967، ليقوم الاحتلال فى ليلة عيد القيامة وتحديدًا فى 25 أبريل 1970 بالاستيلاء عليه وتمكين الأحباش الإثيوبيين المقيمين بالدير منه فى صباح اليوم التالى، وعلى إثر ذلك احتج الأنبا باسيليوس، المطران القبطى فى مدينة القدس وقتها، لدى السلطات الإسرائيلية بتحريك ثلاث قضايا أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية، التى أصدرت قرارها رقم (109/71) فى 16 مارس 1971، وأمرت بإعادة المقدسات المغتصبة إلى أصحابها قبل 6 أبريل 1971، إلا أن الحكومة الإسرائيلية أصدرت قرارًا مؤقتًا بإيقاف الحكم فى 28 مارس 1971، ليصدر البابا شنودة الثالث وقتها قرارًا بمنع زيارة الأقباط للأراضي المقدسة أمام تعنت إسرائيل بعدم تنفيذ حكم المحكمة بتسليم دير السلطان للأقباط، ورفعت الكنيسة دعوى أخرى أمام المحكمة العليا بالقدس، فحكمت أيضًا بالإجماع فى 9 يناير 1979 بأحقية الكنيسة المصرية فى تسلم دير السلطان. وفى أغسطس 2016، طالبت الكنيسة الإثيوبية بالجلوس مع الكنيسة القبطية فى القدس من أجل ترميم الدير، وشكل البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وفدًا من الكنيسة برئاسة الأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس، للسفر للقدس ولقاء وفد الكنيسة الإثيوبية بحضور سفير مصر فى إسرائيل وممثلين لوزارة الخارجية والداخلية الإسرائيلية لمناقشة وضع الدير، وتمسك الوفد القبطى بعودة الدير لملكيته، إلا أن الوفد الإثيوبى تهرب رغم وقوف الجانب الإسرائيلى إلى جانبه،ولم يتم التوصل لأى اتفاق حتى الآن.