رئيس التحرير يكشف مباحثات الغرفة السرية جلسة عاصفة لجنرالات البنتاجون بحضور أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ السيناتور جيمس إنهوف والجنرال لويد أوستن والأدميرال صامويل لوكلير: «مصر تحارب الإرهاب وليس من حق البيت الأبيض تعطيل الصفقة» لا تكفى هذه السطور للكشف عن مجمل النتائج التى حققتها زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لأمريكا، فإذا كان البعض يعتبرها انتصاراً للإرادة المصرية وإجباراً للعالم على التصفيق لشعب الحضارة والتاريخ فإنها فى حقيقة الأمر تشمل العشرات من النتائج على مستوى مستقبل مصر ومكانتها فى المنطقة ، فقد نجح الرئيس بهدوئه وثقته بالله فى العبور بمصر إلى أعلى قمم العالم وردّ الرئيس الصاع صاعين لكل من تطاول على مصر وسعى لتشويه صورتها وترويج الأكاذيب عنها وعن شعبها ورئيسها. لكننا سنتوقف عند مسألة «الأباتشى» التى أثارها الرئيس بذكاء كبير، فلم يكن الرئيس عبدالفتاح السيسى يمزح مع المذيع الأمريكى عندما قال له: «أعطونا الأباتشى ونحن نحارب الإهارب»، رداً على سؤال حول مشاركة مصر فى الحرب ضد داعش ، ذلك لأن صفقة «الأباتشى» ليست وليدة تلك الساعة ولكنها مثارة منذ 30 يونيو واهتزت أمريكا كلها عقب تصريحات أوباما حول المعونة العسكرية لمصر والتى لوح بها مفترضاً أن مصر ستركع تحت قدميه وهو ما لم يحدث ولن يحدث بل إن أوباما تلقى هزيمة مدوية من مجلسى الشيوخ والنواب بالكونجرس يتكتم على تفاصيلها، فقد تم عقد جلسة ساخنة لمجموعة من القادة العسكريين بوزارة الدفاع «البنتاجون»، الجلستان ضمتا: الجنرال لويد أوستن، قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكى، والجنرال ديفيد رودريجيز، قائد العمليات الأمريكية فى أفريقيا، والأدميرال البحرى صامويل لوكلير، قائد القيادة الأمريكية فى المحيط الهادئ، وترأس جلسة مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطى كارل ليفين، أما جلسة مجلس النواب فترأسها النائب الجمهورى هوارد مكيون. شهدت الجلستان طرح مجموعة أسئلة مهمة من أعضاء الكونجرس، كان أبرزها عن الوضع فى مصر وعن العلاقات العسكرية بين واشنطن والقاهرة، وأبدى القادة العسكريون الأمريكيون تفهما لخطورة الموقف فى مصر، والأزمة التى تشهدها العلاقة بين البلدين، وأهمية الحفاظ على العلاقات المشتركة خاصة فى ما يتعلق بالتعاون العسكرى، والتخوف من زيادة قوة العلاقة بين الجيشين المصرى والروسى، وطرح السيناتور الجمهورى جيمس إنهوف، خلال جلسة الاستماع واحدا من أكثر الأسئلة إثارة للجدل فى واشنطن، وهو: «هل يحارب الجيش المصرى الإرهاب أم لا؟» واضاف إنهوف موجهاً حديثه إلى الجنرال أوستين قائلا: «إن الجيش المصرى منخرط فى معركة صعبة لمكافحة الإرهاب فى سيناء، وأريد أن أعرف هل تتفق معى فى أن جهود المصريين زادت بشكل ملحوظ فى سيناء، وأن المعركة ضد المتطرفين هناك أمر مهم لأمن مصر؟». رد الجنرال أوستن بأنه يتفق تماماً، وأيضاً يؤمن بأن معركة الجيش المصرى ضد الإرهاب ليست مهمة فقط بالنسبة لمصر، ولكن لمنطقة الشرق الأوسط ككل، وعليه أبدى إنهوف دهشته من قرار إدارة الرئيس أوباما وقف تسليم مروحيات الأباتشى إلى الجيش المصرى، وأضاف: «أريد أن أعرف من وجهة نظرك العسكرية، هل يجب استئناف تسليم طائرات الأباتشى للمصريين لمساعدتهم فى جهود محاربة الإرهاب؟». وكان رد الجنرال أوستن: «سيدى السيناتور، بالتأكيد أدعم سياسة الرئيس أوباما، ولكن من وجهة نظر عسكرية، وبعد النظر فى ما يفعله المصريون فى سيناء والمعدات التى يستخدمونها، فبالتأكيد مروحيات الأباتشى مفيدة جداً لجهودهم هناك». وأمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، فقد طرح أعضاء الكونجرس عدة أسئلة مشابهة على الجنرال أوستن والقادة العسكريين الذين صاحبوه للإدلاء بشهاداتهم، وأكد قائد القيادة المركزية الأمريكية أهمية العلاقات العسكرية المشتركة بين بلاده والجيش المصرى، وقال ردا على سؤال للنائب بول كووك: «المصريون لديهم معركة فى سيناء ولها متطلبات عسكرية»، وأضاف قائلاً: «من الناحية العسكرية فالجيش المصرى يمثل شريكا عظيما، ويجب علينا دعمه وأن نحافظ على علاقتنا به». إن تلك الجلسات وما سبقها من زيارات لوزير الدفاع الأمريكى عقب ثورة يونيو كانت فى رأس وعقل الرئيس قبل أن تقلع طائرته متجهة إلى أمريكا، وقد قرأ التقارير التى توصلت إليها مباحثات الغرف السرية بين جنرالات أمريكا، وأدرك بالحس العسكرى أن هناك ظهيراً يدعم مصر سواء أراد البيت الأبيض أم رفض، وعندما قال الرئيس عبارته حول «الأباتشى» للمذيع التليفزيونى كان يعرف أن القصة ليست أوباما وليست البيت الأبيض ولكنها أمريكا بكافة مؤسساتها وكيف تنظر إلى مصر وحجمها ومكانتها، كما يعرف الرئيس أن القوات المسلحة المصرية تعتمد على مروحيات «الأباتشى» فى عملياتها الدائرة فى سيناء ضد التنظيمات المسلحة منذ أغسطس 2012، ولم تقتصر عمليات الجيش المصرى على غارات تشنها «الأباتشى» على أهدافها ثم تعود إلى قواعدها فقد وافقت إسرائيل على طلب الحكومة المصرية بتمركز 5 طائرات «أباتشى» مصرية داخل سيناء، كما تقتضى معاهدة «كامب ديفيد» بين البلدين، لمواجهة الإرهاب. وأعتقد أن صفقة الأباتشى ستنتهى خلال أيام ليس فقط بسبب الزيارة ولكن لأسباب يمكن قراءتها من خلال استعراض تفاصيل الاجتماعات بين قادة أمريكا، لقد قال الرئيس عبدالفتاح السيسى، إن مصر مستعدة لدعم التحالف الدولى الذى تقوده أمريكا لمواجهة تنظيم «داعش»، لكن يجب على إدارة أوباما أن تُفرج أولًا عن صفقة «الأباتشى» لتتمكن مصر من مواجهة «الإرهاب» فى سيناء، وهو الطلب الذى وافقت عليه الإدارة الأمريكية على لسان وزير خارجيتها جون كيرى، ووزير الدفاع تشاك هاجل بشكل يبدو نهائياً، وتعد مروحية «إيه إتش-64 أباتشى»، المعروفة اختصارًا ب «أباتشى» أقوى المروحيات الهجومية العسكرية فى العالم، وخضعت منذ بداية تجاربها الأولى فى عام 1975 إلى عدة مراحل للتحديث، ووفق التعريفات الحربية فإن «الأباتشى» تتميز بقدرات هجومية ودفاعية عالية فهى تحمل صواريخ «هيلفاير» الخارقة للدروع، ومدفع رشاش «إم230»، وصواريخ «الهيدرا»، وتعمل بمحركين توربينيين بقوة 1890 حصانًا لكل منهما، يُمكنانها من الطيران لثلاث ساعات متواصلة بسرعة 145 ميلًا فى الساعة، وهى قادرة على العمل ليلًا ونهارًا فى جميع الظروف المناخية، وتستطيع الصمود فى المعارك بكفاءة حتى بعد ضربها فى المناطق الحساسة منها، بالإضافة إلى تكنولوجيا حديثة فى الاستشعار، والاتصال، وتسجيل الصوت والفيديو تقوم شركة «بوينج» الأمريكية بتصنيع الأباتشى منذ عام 1997 وحتى الآن فى الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا، وتعتمد عليها عدة دول حول العالم فى عملياتها العسكرية. وكانت القوات الجوية المصرية قد استقبلت الدفعة الأولى من مروحيات »الأباتشى« بين عامى 1995 و1996 بعد طلب 36 مروحية من الطراز الأول (إيه إتش-64 إيه)، ثم أعلنت مصر عزمها تحديث أسطولها من «الأباتشى» فى عام 2000 بنفسها، فسمحت الحكومة الأمريكية لشركة «بوينج» بتحديث 35 مروحية مصرية فى الفترة بين 2003 و2007 إلى طراز (إيه إتش-64 دى)، وتبلغ قيمته أكثر من 56 مليون دولار أمريكى وفى عام 2009 طلبت الحكومة المصرية 12 مروحية «أباتشى» جديدة من طراز (إيه إتش-64 دى) المُحدَّث، و36 نظامًا حديثًا للاستشعار والتتبع بقيمة 820 مليون دولار أمريكى ليصل أسطول «الأباتشى» المصرى إلى 48 طائرة، متفوقًا على إسرائيل التى ستملك 35 مروحية من طراز (إيه إتش-64 دى) بحلول عام 2015.