اليوم.. الأوقاف تفتتح 20 مسجداً جديداً بالمحافظات    «بعد الارتفاع العالمي الجديد».. أسعار الذهب اليوم الجمعة 30-5-2025 وعيار 21 الآن    قرصنة هاتف كبيرة موظفي البيت الأبيض و"انتحال شخصيتها"    ترامب يأمر بوقف التنسيق العسكري مع إسرائيل بشأن هجوم محتمل على منشآت إيران النووية    «مكتب شكاوى المرأة».. مأساة «سمر» تتحول لقصة فيلم مُلهم لضحايا العنف    العجالي قائم ب 190 جنيها.. أسعار الأضاحي 2025 في أسواق الشرقية    «الجينوم الرياضي».. أولى الخطوات العلمية والعملية نحو مربع الدول العظمى    فوائد الزنجبيل، لتقوية المناعة وصحة الدماغ وجمال البشرة    "قبل ريفيرو".. ماذا قدم المدربين الإسبان مع النادي الأهلي؟    إنييستا: إنريكي موهوب.. وإنتر يمتلك لاعبين كبار    «قرار الأهلي».. رد مفاجئ من سيد عبدالحفيظ على مزاعم بيع زيزو    مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    نتيجة الصف الثاني الابتدائي 2025 الترم الثاني بالاسم في جميع المحافظات .. الروابط الرسمية للاستعلام الآن    هيشتغل إلى 2.30 صباحا، تعديل تشغيل قطار العاصمة الكهربائي اليوم بسبب حفل ضخم بالنهر الأخضر    كان نايم.. مصرع شاب دهسًا بسيارة والده في العاشر من رمضان    مدحت العدل يصدر بيانا شديد اللهجة بشأن شكوى جمعية المؤلفين.. ما علاقة حسين الجسمي؟    إمام عاشور يوجه رسالة ل حسام حسن    ياسر إبراهيم يسخر من احتفالات بيراميدز بالدوري    نجاحات متعددة.. قفزات مصرية في المؤشرات العالمية للاقتصاد والتنمية    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    مصرع تلميذ صعقاً بالكهرباء أثناء تشغيله التليفزيون بمنزله في سوهاج    ترامب: يجب تمكين الرئيس من حماية الاقتصاد الأمريكي    الحوثيون يعلنون مهاجمة مطار بن جوريون وسط إسرائيل بصاروخ فرط صوتي    بعد إمام عاشور.. (3) لاعبين ينتظرون عفو حسام حسن    «بنتلي» تشوق لنسخة جديدة من بنتايجا عالية الأداء مع وضع الانجراف    ترامب: يسعدني ترشيح بول إنجراسيا لرئاسة مكتب المستشار الخاص في الولايات المتحدة    أوروبا تضغط على إسرائيل لوقف مجازر غزة    إمام عاشور: زيزو هنأني بعد الفوز بالدوري.. وهذه رسالتي لميسي قبل كأس العالم للأندية    أسامة كمال: 600 يوم من الإجرام الإسرائيلي وغزة لا تزال تتنفس وتكتب التاريخ بالدم    روسيا تتهم حليفتها صربيا بالخيانة لتوريدها الأسلحة إلى أوكرانيا    بالأسماء، وزير البترول يصدر حركة تكليفات وتنقلات لبعض رؤساء شركات القطاع    حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد    مصرع شاب في انقلاب سيارة على طريق أسيوط – الوادي الجديد    «الأرصاد» تكشف عن طقس اليوم الجمعة.. والعظمى في القاهرة 32    ديوان عام محافظة الجيزة يعلن توفر عدد من الوظائف    ريا أبي راشد: مسرحية «ريا وسكينة» سبب تسميتي بهذا الاسم (فيديو)    20 صورة ومعلومة عن الفنانة هايدي رفعت بعد خطوبتها    العرض الموسيقي «صوت وصورة» يعيد روح أم كلثوم على مسرح قصر النيل    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    موعد أذان الفجر اليوم الجمعة ثالث أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    رئيس "حماية المستهلك": 550 موظفا بالجهاز لخدمة 110 ملايين مواطن    4 أبراج «بيحبوا السيطرة».. قياديون يتمتعون بالكاريزما لكن ثقتهم الزائدة قد تتحول لغرور    والدة إبراهيم شيكا: "عايزة كل قرش في ورث ابني ومراته بصمته في المستشفى"    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 30 مايو 2025    "مصر الخير" تطلق جائزة ريادة العطاء 2025 لمحور المياه النظيفة    ضبط 3431 أسطوانة غاز و1000 لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة    مصرع شخص وإصابة آخرين فى حادث تصادم بالحوامدية    الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية    تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»    متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم رجع الزعيم عن قراره
نشر في الجمعة يوم 10 - 06 - 2012

أتذكر جيدا هذا اليوم الذى ألقى فيه عبدالناصر خطاب التنحى الشهير، وكلف فيه زكريا محيى الدين برئاسة الجمهورية.
(ملاحظة هامشية حتى فى هذه اللحظة العصيبة التى انتهت سياسات النظام إلى هزيمة مروعة، لم يترك رأس النظام للشعب الاختيار بل قرر نيابة عنه من يخلفه فى الرئاسة).
ما إن انتهى الخطاب حتى انطلقت فى سماء القاهرة أضواء طلقات المدافع المضادة للطائرات، وكان الوقت قد اقترب من المغرب، وهى المدافع التى لم يسمعها سكان القاهرة طوال أيام الحرب الأربعة السابقة، توالت الأخبار عقب الخطاب: استقالة المشير عبدالحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة واستقالة السيد شمس بدران وزير الحربية، لحظات بعد انتهاء الخطاب بدأت الجماهير تتدفق إلى الشوارع بأعداد قليلة سرعان ما تزايدت فامتلأت شوارع مصر بالملايين من المواطنين؛ انه المشهد الذى عبر عنه المخرج الكبير يوسف شاهين فى فيلم العصفور ببراعة، خرج الملايين يرفضون قرار الرئيس عبدالناصر بالتنحى ويطالبونه بالبقاء رئيسا للجمهورية، فى ظاهرة فريدة وغريبة لا أظنها تكررت فى التاريخ فى أى من بلدان العالم، فعندما تهزم قيادة سياسية وعسكرية فى معركة من المعارك أو حرب من الحروب لابد أن تترك الساحة لغيرها خاصة عندما تكون الهزيمة بحجم ما وقع فى يونيو 67 لكن ما حدث فى مصر كان شيئا مختلفا، الشعب بدلا من أن يخرج إلى الشوارع مطالبا بمحاسبة المسئولين عن الهزيمة، يخرج ليطالب الرئيس المتنحى بالعودة إلى منصبه!
ما هى إلا ساعات قليلة وأعلن السيد زكريا محيى الدين اعتذاره عن عدم قبول المنصب، ويذيع الراديو والتليفزيون النبأ فى محاولة لتهدئة الملايين الهادرة فى الشوارع.
لقد اختلفت التفسيرات لمظاهرات 9 و10 يونيو رآها البعض عملا مدبرا من الاتحاد الاشتراكى العربى وتنظيمه الطليعى ومنظمة شبابه، ورآها آخرون تعبيرا تلقائيا عفويا عن رفض الشعب للهزيمة، وهللت لها النخبة السياسية باعتبارها هزيمة لمخطط العدو كأن هدف الحرب كان شخص عبدالناصر.
ومما لا شك فيه أن أعضاء الاتحاد الاشتراكى وتنظيماته المختلفة شاركوا بقوة فى هذه المظاهرات وربما وجهوا بعضها لكن الاتحاد الاشتراكى كان أضعف بكثير من أن يحرك هذه الملايين، ومن عاش اللحظة يدرك مدى هشاشة الاتحاد الاشتراكى وفساده، ويدرك تلقائية المظاهرات وعفويتها؛ فقد بدأت بعد لحظات من انتهاء خطاب الرئيس صغيرة وأخذت تتسع تدريجيا، وحتى تخرج المظاهرات بهذا الأسلوب كان لابد أن يعلم أعضاء الاتحاد الاشتراكى على مستوى الوحدات الأساسية بفحوى الخطاب مسبقا وهذا كان أمرا مستحيلا فى تقديرى فيحركوا الجماهير بهذا الاتساع وهذه السرعة، على الأقل فى اليوم الأول، لقد أحس الناس بوطأة الهزيمة وكانت مفاجأة للغالبية العظمى من المصريين، وفى ظل تغييب الناس لقرابة 13 سنة عن العمل السياسى وتشويه قيادة السياسية التاريخية، وفى ظل سيطرة دولة استبدادية بوليسية شمولية لا تسمح بحركة مستقلة للجماهير وتصادر حق التنظيم المستقل، لم يتصور الشعب أن هناك بديلا لزعيمه الأوحد الذى لا يعرف غيره منذ عام 54 فبدلا من أن يحاسبه طالبه بالبقاء رغم الهزيمة التى قادت سياساته البلاد إليها.
لكن أهم ما فى مظاهرات 9 و10 يونيو 67 أنها أعادت الجماهير إلى الشارع بقوة، وإن الجماهير أحست بهذه القوة بالفعل، وظهرت النتيجة بعد أقل من عام عندما خرجت المظاهرات العمالية والطلابية فى فبراير 1968 تحتج على أحكام قادة سلاح الطيران الذين تم تحميلهم مسئولية الهزيمة، وتطالب بالديمقراطية.
استمرت المظاهرات منذ غروب شمس الجمعة 9 يونيو حتى ظهر السبت 10 يونيو 1967، عندما أُعلن أن جمال عبدالناصر سيتوجه إلى مجلس الأمة لإلقاء خطاب للجماهير يعلن فيه الرجوع عن قراره، لكن الجماهير فى الشوارع حالت بينه وبين الوصول إلى المجلس، فأرسل كلمته ليلقيها نيابة عنه رئيس المجلس حينذاك أنور السادات، وليحدث بعدها أغرب مشهد فى تاريخ المجالس النيابية عندما يقف بعض الأعضاء فى مجلس نيابى لبلد جريح يهللون ويرقصون فرحا للقرار ودماء شهدائنا لم تجف على رمال سيناء وجثامينهم لم تدفن بعد، تلقت صحف العالم الصورة مقارنة بينها وبين اجتماع الكنيست الذى جلس فيه الأعضاء منشغلين بمناقشة الوضع الجديد المترتب على احتلالهم لأراضى أربع دول عربية وعلى مساحات تفوق مساحة دولة إسرائيل عند تأسيسها سنة 1948، ليتساءل العالم من المنتصر ومن المهزوم.
لقد كانت الهزيمة مفاجأة مروعة لنا لأننا كنا شعبا مغيبا مبعدا عن المشاركة فى تحديد مصائره، يعيش تحت وصاية حكامه، لكنها لم تكن مفاجأة لأى متابع واع بما يحدث فى مصر، لقد وقعت الهزيمة فى يونيو 67 نتيجة لسياسات استمرت لسنوات سابقة عليها، نتيجة لغياب الديمقراطية لأنه لا يمكن أن ينتصر نظام استبدادى قمعى صادر حريات المواطنين ومبادرتهم مصادرة كاملة فالشعوب المقهورة مسلوبة الحرية والإرادة لا يمكن أن تنتصر؛ وقد سلب نظام يوليو الشعب المصرى إرادته وصادر حرياته الأساسية التى ناضل من أجلها طوال قرن ونصف. كنا نعيش منذ عام 1952 فى ظل قمع بوليسى يزج فيه المعارضون فى السجون ويتعرضون للتعذيب ويموت منهم من يموت دون حساب، لذلك لم يكن من الممكن أو الوارد أن ننتصر، تم الزج بالجيش فى آتون السياسة وفى كل تفاصيل الحياة المصرية حتى كرة القدم، كان المشير عبدالحكيم عامر منشغلا بأمور الكرة أكثر من أمور الحرب والقتال، وقد روى الفريق أول عبدالمحسن كامل مرتجى فى البرنامج الوثائقى بمناسبة مئوية الأهلى قصة تكليفه برئاسة النادى للمرة الأولى سنة 1965، أثناء الأزمة التى تدهور فيها مستوى فريق كرة القدم بالأهلى حتى بات مهددا بالهبوط لدورى الدرجة الثانية، فقال إن المشير عامر زاره فى مقر القيادة حيث كان قائدا للقوات البرية، وطلب منه أن يصحبه إلى منزله فى الجيزة، وفى الطريق مرا على النادى الأهلى وقال له: من بكره أنت رئيس النادى، فرد بأن محافظ القاهرة صلاح الدسوقى رئيسا للنادى، أبلغه المشير بأنه سيترك المنصب له، فقال له إن مسئولياته فى الجيش تحول بينه وبين رئاسة النادى، فكان رد المشير إن هذه أوامر الريس لإنقاذ النادى الأهلى من الهبوط! فى نفس الوقت كان قائد الطيران رئيسا لنادى الطيران وقائد البحرية رئيسا للنادى الأولمبى، والقيادة مشغولة بمستقبل الكرة، فهل كان الانتصار ممكنا؟
نقلا عن الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.