في فصل الشتاء ومع انتشار أمراض البرد والإنفلونزا، يلجأ الكثير من الناس إلى تناول المضادات الحيوية ظنًّا منهم أنها تساعد في الشفاء السريع من الالتهابات الفيروسية التنفسية. إلا أن الحقيقة الطبية تؤكد أن هذه الممارسة خاطئة تمامًا وقد تكون ضارة بالصحة العامة على المدى الطويل. أولًا: ما الفرق بين الفيروسات والبكتيريا؟ لفهم سبب عدم فعالية المضادات الحيوية ضد الفيروسات، يجب التفرقة بين نوعي الكائنات المسببة للمرض: البكتيريا: كائنات حية دقيقة يمكن أن تنمو وتتكاثر بشكل مستقل، وغالبًا ما تسبب التهابات مثل التهاب الحلق البكتيري أو التهابات الجهاز البولي، وهنا تكون المضادات الحيوية فعّالة لأنها تقتل البكتيريا أو تمنع نموها. الفيروسات: جزيئات أصغر بكثير من البكتيريا، تعتمد على خلايا الإنسان للتكاثر، مثل فيروس الإنفلونزا، فيروس كورونا، الفيروس المخلوي التنفسي (RSV). هذه الفيروسات لا تتأثر بالمضادات الحيوية لأن الأخيرة لا تستطيع تعطيل عمل الفيروس داخل الخلايا. ثانيًا: لماذا لا تعالج المضادات الحيوية الفيروسات التنفسية؟ المضادات الحيوية صُممت خصيصًا لاستهداف جدران الخلايا البكتيرية أو الإنزيمات الحيوية للبكتيريا، بينما لا تمتلك الفيروسات مثل هذه التراكيب. لذلك، تناول المضادات الحيوية أثناء الإصابة بعدوى فيروسية مثل نزلات البرد أو الإنفلونزا أو كورونا لن يحقق أي فائدة، بل قد يسبب مضاعفات غير مرغوبة. ثالثًا: أضرار استخدام المضادات الحيوية دون داعٍ الاستخدام الخاطئ أو المفرط للمضادات الحيوية يؤدي إلى نتائج خطيرة، منها: مقاومة المضادات الحيوية: تصبح البكتيريا أكثر قوة ومقاومة للأدوية، مما يجعل علاج العدوى المستقبلية أكثر صعوبة. اضطراب الجهاز الهضمي: إذ تؤثر المضادات الحيوية في البكتيريا النافعة بالأمعاء، مسببة الإسهال أو الالتهابات الفطرية. الحساسية والأعراض الجانبية: مثل الطفح الجلدي، أو مشكلات في الكبد والكلى في بعض الحالات. رابعًا: متى تكون المضادات الحيوية ضرورية؟ قد يصف الطبيب المضاد الحيوي فقط في حالة وجود عدوى بكتيرية مصاحبة للعدوى الفيروسية، مثل: * التهاب اللوزتين البكتيري. * التهاب الجيوب الأنفية البكتيري. * التهاب الشعب الهوائية أو الرئة إذا ثبت أنه ناتج عن بكتيريا. وفي هذه الحالات، لا يجب تناول أي دواء إلا بناءً على تشخيص طبي دقيق. خامسًا: كيف يمكن علاج الفيروسات التنفسية بطريقة صحيحة؟ العلاج يعتمد على تخفيف الأعراض ودعم الجهاز المناعي، مثل: * الراحة وتناول السوائل بكثرة. * خافضات الحرارة ومسكنات الألم عند الحاجة. * استخدام بخاخات الأنف أو الأعشاب المهدئة للسعال. * الحصول على التطعيمات الموسمية (مثل لقاح الإنفلونزا). وفي بعض الحالات الخاصة، قد تُستخدم الأدوية المضادة للفيروسات، لكنها تختلف تمامًا عن المضادات الحيوية ويصفها الطبيب فقط عند الضرورة. سادسًا: مسؤولية المجتمع في ترشيد استخدام المضادات الحيوية الوعي العام يلعب دورًا أساسيًا في الحد من مقاومة المضادات الحيوية، لذا يجب: * عدم تناول أي مضاد حيوي دون وصفة طبية. * استكمال الجرعة المقررة حتى نهايتها عند وصفها. * عدم استخدام بقايا أدوية سابقة أو إعطائها لشخص آخر. المضادات الحيوية ليست علاجًا للفيروسات التنفسية، واستخدامها في غير موضعها يؤدي إلى مضار أكثر من المنافع. الحل الأمثل هو استشارة الطبيب دائمًا قبل تناول أي دواء، والاعتماد على الراحة والعلاج الداعم لتقوية المناعة حتى يتغلب الجسم على الفيروس بشكل طبيعي.