قتل حقوق النساء لن يحافظ على الأسرة المصرية.. وتصريحات الرئيس "ريحت قلوبنا" تحجيم الخلع مرفوض.. وتعدد الزوجات والطلاق بمرجعية قضائية قالت نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصرى لحقوق المرأة، إن مقترحات قوانين الأحوال الشخصية الجديدة غير منصفة للنساء، ولا تختلف عن مشاريع القوانين المقدمة أيام حكم الإخوان البائد. وطالبت رئيس المركز المصرى لحقوق المرأة، خلال حوارها مع «الفجر»، بحق المرأة فى الطلاق، كما شددت على ضرورة أن يكون تعدد الزوجات بيد القاضى، حتى يتم التأكد من قدرة الزوج المالية على الإنفاق، علاوة على وضع كل قضايا الرؤية والنفقة تحت يد نفس القاضى. أما فيما يتعلق بمقترح تحجيم الخلع وجعله قاصرا على أسباب بعينها مثل العجز الجنسى، رفضت أبو القمصان ذلك، بداعى أن هذا المقترح يفقد الخلع قيمته. وأثنت رئيس المركز المصرى لحقوق المرأة على مراجعة ملف مصر الدورى فى جنيف، واصفة إياه ب«الإنجاز» كما أشادت بتكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، للحكومة، بتوفير 250 مليون جنيه لخدمات الطفولة المبكرة. ■ ما وجه اعتراضك على التعديلات الجديدة لقانون الأحوال الشخصية؟ - مقترحات القوانين المقدمة تخلو من أى رؤية عصرية تحترم المرأة أو تساعد على التوازن فى الأسرة، خاصة أن هذا التوازن هو أساس استقرار الأسرة، وهو ما يسمى فى الشريعة «التكافؤ». بمعنى، كيف يكون عقد الزواج مبنيا على الإرادة الحرة للطرفين، وبمجرد التوقيع نحرم المرأة من الإرادة، ما يجعل الخروج من العلاقة مهمة مستحيلة، تحتاج سنوات من «المرمطة» فى المحاكم، لكن، يبقى أكبر ما طمأن قلوبنا كسيدات، تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، حول رغبته فى وجود قانون ينصف النساء. ■ هل تقصدين أن الفرق فى هذه النقطة تمييز ضد المرأة؟ - بالطبع، فالرجل حر طليق، يهدم الأسرة بكلمة واحدة، وفى الوقت الذى يدعى الكثيرون الرغبة فى الحفاظ على الأسرة والحد من الطلاق، لا يفكر أحد سوى فى تقييد حق المرأة فى الطلاق أو الخلع، بينما لم يجرؤ مدعى الحفاظ على الأسرة التفكير فقط فى الحد من تعدد الزوجات، الذى يؤثر بالسلب على الأم والأطفال ويعرضهم لمخاطر شديدة. ■ ماذا عن أموال أبناء «الوصاية»؟ - لم تراع المشروعات المقدمة حق الأم فى اتخاذ قرارات متعلقة بحماية أموال أولادها القصر، وجعل الولاية للأب ثم الجد، وهذا يثير تساؤلا منطقيا، من الأولى بحماية أموال الأولاد، الأم التى ترعاهم وتعمل لتنفق عليهم وتسجن أحياناً «كالغارمات» من أجل أولادها، أم الجد أو العم الذى لا يعلم عنهم شيئاً؟ أعتقد من الأولى أن تكون الولاية على المال للأب والأم أولاً، لما لذلك من أثر، ليس فقط فى حدود المال، وإنما فى كافة جوانب حياة الطفل، من صحة وتعليم وخلافه. لكن الغريب، أن المقترح لم يكتف بذلك، بل ناقش إلغاء الولاية التعليمية للأم، وهو الأمر الذى انُتزع بعد نضال طويل لإنقاذ الأطفال، من أن تكون حياتهم الدراسية أداة تنكيل. ■ إذًا.. ما التعديلات التى تناسب العصر الجديد؟ - يجب أن يكون تعدد الزوجات والطلاق بيد القاضى، وهذا ليس تقييدا، وإنما هدفه مراجعة الزوج نفسه وإعلام الزوجة الأولى، لئلا تعيش مخدوعة، مع التأكد من أن الزوج لديه القدرة المالية للإنفاق على زوجتين. ■ طالبت قبل ذلك بحق المرأة فى الطلاق والآن تفضلين أن يكون فى يد القاضى؟ - الطلاق حق للطرفين، مع الاحتفاظ بالرجوع للقاضى لعرض الأسباب، لتفادى أن يتم ب«المزاج»، بمعنى أن يراجع الزوج نفسه قبل الطلاق، علاوة على جمع كافة القضايا المتعلقة بذلك، من حضانة الأطفال والنفقة وغيره تحت يد قاض واحد. وفى حال إصرار الزوج على الطلاق، يجب عليه أن يضع مبلغا معينا فى المحكمة، ليكون تحت تصرف الزوجة، من أجل النفقة، ولا يتم الطلاق إلا بعد إيداع هذا المبلغ، وفى حالة إذا كان الزوج معسرا، يدفع بنك ناصر هذا المبلغ بدون فوائد طوال فترة إنهاء إجراءات الطلاق، ومن الضرورى التعديل الإجرائى فى اختصاصات محكمة الأسرة، لأن القانون الحالى يخضع قضايا الطلاق وما يستتبعها فى أنواع مختلفة من المحاكم. ■ ما سبب استمرار قضايا الطلاق لسنوات؟ - محاكم الأسرة لم تطبق قانون الأسرة عام 2004، الذى راعى أن تكون كل دعاوى الأسرة فى ملف واحد، للانتهاء منها فى أسرع وقت، وبسبب عدم تنفيذ القانون تتفرع دعاوى الأسرة، وقد تصل إلى 30 دعوى. ومن ثم أصبحت المحاكم مكدسة مع إجراءات سيئة وعقيمة فى الإثبات وشهادة الشهود، علاوة على عدم وجود دور حقيقى لما يسمى ب«تسوية المنازعات» أو الحكمين اللذين يتم تعيينهما للصلح، كل ذلك بالإضافة إلى أن الإجراءات التنفيذية تأخذ وقتا طويلا جدا، كما أن قضايا الطلاق والأحوال الشخصية لا تكون فى دائرة قضائية واحدة، وليس أمام قاض واحد. ■ ما رأيك فى تحجيم الخلع إلا لأسباب محددة مثل العجز الجنسى؟ - أرفض ذلك وبشدة، لو تم تحجيم الخلع للعجز الجنسى فقط، ما فائدته، إذ يمكن أن ترفع الزوجة قضية طلاق للضرر، لكن الخلع يكون غالبا لأسباب عديدة، منها العنف النفسى والجسدى وسوء المعاملة من الزوج واستحالة الحياة بين الطرفين. ■ كيف استقبلت مراجعة ملف مصر الدورى فى جنيف؟ - المراجعة كانت جيدة جدا، ومصر استعدت بعرض العديد من الإنجازات التى تمت بناء على توصيات الدول فى المراجعة السابقة، وفى الحقيقة أشادت العديد من الدول بما تم إنجازه فى ملفات التنمية وحقوق المرأة وحقوق الطفل، علاوة على الإصلاح الاقتصادى وما تزامن معه من دعم للفئات المهمشة والمتضررة. لكن تظل هناك العديد من المناطق الحقوقية التى بحاجة إلى العمل عليها، وقدمت عدد من الدول توصيات مهمة متعلقة بملفات حقوق الإنسان والحريات، وإجمالا.. التوصيات جيدة والوفد المصرى الرسمى قام بجهد كبير، وكانوا راضين عن النتيجة، ونحن كمجتمع مدنى أيضا قدمنا رؤيتنا بموضوعية. ونظم المركز المصرى لحقوق المرأة الذى أتشرف برئاسته، جلسة نقاش حول حقوق المرأة، حضرها العديد من ممثلى الدول، كما قدمنا للأمم المتحدة بيانا جمعنا عليه توقيع 300 منظمة، عرضنا خلاله واقع المرأة المصرية وما تم من إنجازات وما تواجهه من تحديات ومطالبنا للمستقبل. ولقى هذا البيان قبولا واسعا فى الأممالمتحدة، وتم توزيعه على نطاق كبير، كما طلب بعض ممثلى الدول مقابلتنا لمناقشتنا فيه. ■ هل تطورت أحوال المرأة فى مصر خلال الخمسة أعوام الماضية؟ - بالطبع، شهدت هذه السنوات تطورات عديدة، أهمها وجود مواد بالدستور خاصة بتمكين المرأة، ولأول مرة تكون هناك مادة دستورية تعطى الحق للأم فى نقل جنسيتها لأبنائها من زوج غير مصرى، بعد أن كانت تعانى الأمهات الكثير فى هذا الشأن. كما أعطى الدستور الجديد كوتة للنساء فى المجالس المحلية، بنسبة 25%، الأمر الذى يحجز حوالى 13 ألف مقعد للشابات والسيدات فى المجالس المحلية، التى تعد لهن بيت خبرة لدخول البرلمان فيما بعد، وأيضا رفع الدستور سن التعليم الإلزامى إلى المرحلة الثانوية، الأمر الذى يؤدى بدوره إلى الحد من الزواج المبكر للفتيات، الذى كان منتشرا فى ريف وصعيد مصر، وجرم الدستور أيضا الاتجار بالبشر، الذى كان أغلب ضحاياه من النساء. كل ذلك فضلا عن وجود 90 نائبة بالبرلمان، وهو ما لم يكن موجودا على مدار مشاركة المرأة فى الحياة النيابية، منذ عام 1956، حيث لم يكن التمثيل النسائى يزيد على نسبة 2%، باستثناء الفترات التى طبقت فيها الكوتة. ■ وماذا عن باقى المجالات؟ - كلف رئيس الجمهورية، الرئيس عبدالفتاح السيسى، الحكومة بإتاحة مبلغ 250 مليون جنيه، تقوم وزارة التضامن الاجتماعى على إثرها بتوفير خدمات الطفولة المبكرة، بما يسمح للأم المصرية بالخروج للعمل والمساهمة فى بناء الدولة، فضلا عن الدعوة إلى إصدار قانون ينظم حالات الطلاق الشفوى، بعد ارتفاع معدلات الانفصال خلال الفترة الأخيرة. وشهدت مصر تقدما ملحوظا على مستوى التمكين السياسى للمرأة، حيث احتلت المركز 107 من بين 144 دولة، لعام 2017، وفق تقرير الفجوة بين الجنسين، وفى هذا المركز تقدم ملحوظ عن العامين السابقين، إذ احتلت مصر المركز 115 من بين 144 دولة على مستوى العالم، لعام 2016، فى حين احتلت المركز 136 عام 2015. وحاليا يوجد لدينا 8 وزيرات فى الحكومة، بنسبة 25%، بالإضافة إلى وصول النساء لمواقع صناعة القرار، تقلدتها لأول مرة، بعدما تم تعيين المستشارة حسناء شعبان، كأول قاضية رئيس محكمة لمحكمة طنطا الاقتصادية، وتعيين الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، محافظًا لجمهورية مصر العربية بمجلس محافظى البنك الإسلامى للتنمية، وغيرهن.