يقبل موسم الربيع، حاملًا في طياته، تغيرات مناخية متباينة، فتارة تمتلئ السماء، بحبات الأمطار التي تتساقط، وتترعرع الزهور والأشجار، وتارة، تنقلب إلى عاصفة ترابية، تسبب ضيق التنفس، لأصحاب الأمراض الصدرية. ونظرًا لتوقعات خبراء الأرصاد الجوية، بطقس شديد الحرارة، على معظم أنحاء مصر، مائل للحرارة على السواحل الشمالية نهارًا مائل للبرودة ليلًا، توخى بعض المصريين، الحر، وحرصوا على عدم النزول من منازلهم، خوفًا من العاصفة الترابية التي أعلنت عنها الأرصاد الجوية، التي بدأت بالواحات.
ونظرًا لطبيعة العمل، حرص بعض المصريين على النزول، لمواصلة عملهم، رغم صعوبة بعضها، التي تجبرهم على التواجد في الشمس لفترات طويلة، فالعم حسن في الستينيات من عمره، يقبع على بعد خطوات قليلة، من محطة مترو الدقي، بجانب شجرة صغيرة، وأمامه صندوق صغير مليء بأدوات تلميع الأحذية، يجذبك بألوانه المبهجة، إلا أن الإقبال على تلميع الأحذية، يكاد يكون منعدم، في المساحة الصغيرة التي ربما لا تتجاوز متر في متر، ولكن ابتسامته الهادئة، تكشف عن مدى رضاه بالقدر خيره وشره. وذاك رجل في الخمسينات من عمره، يأتي من بعيد، ويدفع بيديه عربة صغيرة، تحمل بين ثناياها كتبًا، قاصدًا المثقفين، وهواه القراءة، والمكتبات العامة الثقافية، لعرض تلك الكتب عليهم، رغبة في بيعها، وكسب الأموال، ليقتات بها مع أسرته. وعلى صعيد آخر، تواجد على جانب الطريق، رجل آخر يبدو عليه علامات العطش، يحمل في يديه كوب من المياه، يرغب في امتلائه، من مبرد المياه، وضعه البعض كسبيل، لسد رمق عطشه، نظرًا لشدة حرارة الطقس. ويجذب أنظارك، الخمسيني، الذي يمسك بإحدى يديه، ورقة من الكرتون، يضعها على رأسه ظنًا منه أنها ستحميه من أشعة الشمس التي تتعمد التساقط عليه، في شوارع القاهرة. رجل الشرطة، الذي يقف على جانبي الطريق، لتنظيم المرور منعًا للحوادث والتكدس المروري، وفقًا لأوامر وتوجيهات عليا، لم تغفل عنه أشعة الشمس المتسلطة على المارة. وتواصل درجات الحرارة ارتفاعها التدريجي لتصبح أعلى من معدلاتها في معظم المناطق نتيجة تأثر البلاد بمقدمة منخفض جوي خماسيني سطحي يترافق بتيارات جنوبية غربية.