وزير الصناعة والنقل: نعتزم طرح عدد من رخص إنتاج خام البليت    الثالث خلال 24 ساعة.. إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن    استشهاد 16 فلسطينيا بينهم 4 أطفال جراء قصف إسرائيلي في غزة    وزير الرياضة يهنئ صلاح بفوزه بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي    ريال مدريد يجهز وداعا مميزا لأنشيلوتي    عودة تير شتيجن وفولكروج لقائمة المنتخب الألماني    طقس الأيام المقبلة.. تقلبات حادة في درجات الحرارة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 23-5-2025 في محافظة قنا    إنجاز غير مسبوق.. اعتماد نهائي لمركز الأورام ومبدئي للمستشفى التخصصي بجامعة قناة السويس    الأعلى للجامعات يبدأ مقابلة المتقدمين لرئاسة جامعة كفر الشيخ غدًا    "صلاح على أون سبورت " تريند على تويتر في ليلة تتويجه التاريخية    طقس معتدل على مراكز وقرى محافظة الشرقية    أخبار مصر: زلزال جديد يضرب اليونان ويقلق المصريين، قفزة في الذهب، محمد رمضان يدفع الملايين ل MBC، تحذير من موجة حارة    السكك الحديد: إجراءات تشغيل احترازية بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    تفاصيل تقرير البرلمان بشأن مشروع قانون مياه الشرب والصرف الصحي    إطلاق 3 قوافل طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية "حياة كريمة"    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 23 مايو 2025    اليوم .. حار نهارا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 35 درجة    مدير أمن البحر الأحمر يوجّه بتنظيم الحركة المرورية بشوارع منطقة الكوثر بالغردقة    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    ترامب يحث الاتحاد الأوروبى على خفض الرسوم الجمركية أو مواجهة جمارك إضافية    أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم.. الماكريل ب170 جنيه    "كاسبرسكي": 9.7 مليون دولار متوسط تكلفة سرقة البيانات في القطاع الصحي    ضبط 4 أشخاص لسرقتهم الشقق السكنية بالتجمع الخامس    «التنسيق الحضاري» يطلق حفل تدشين تطبيق «ذاكرة المدينة» للهواتف الذكية    في يومه العالمي.. احتفالية بعنوان «شاي وكاريكاتير» بمكتبة مصر العامة بالدقي    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    بسمة وهبة لمها الصغير: مينفعش الأمور الأسرية توصل لأقسام الشرطة    السبت.. حفلة فنية لذوي القدرات الخاصة بمركز تنمية المواهب بأوبرا دمنهور    بيراميدز ضد صن داونز مباشر في نهائي دوري أبطال أفريقيا.. الموعد والقنوات والتشكيل    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    حقيقة انفصال مطرب المهرجانات مسلم ويارا تامر بعد 24 ساعة زواج    رئيس البنك الإسلامي يعلن الدولة المستضيفة للاجتماعات العام القادم    انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    تكريم سكرتير عام محافظة قنا تقديراً لمسيرته المهنية بعد بلوغه سن التقاعد    صبحي يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة ويؤكد: الشباب محور رؤيتنا للتنمية    سقوط مروجي المواد المخدرة في قبضة مباحث الخانكة    شيخ الأزهر يعزي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه    انفجار كبير بمخزن أسلحة للحوثيين فى بنى حشيش بصنعاء    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    ضبط مركز أشعة غير مرخص فى طهطا بسوهاج    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    عمرو أدهم: مجلس الزمالك بذل مجهودًا كبيرًا في رفع إيقاف القيد    عودة لحراسة الزمالك؟.. تفاصيل جلسة ميدو وأبو جبل في المعادي (خاص)    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)    رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب    قباء.. أول مسجد بني في الإسلام    صراع ناري بين أبوقير للأسمدة وكهرباء الإسماعيلية على آخر بطاقات الصعود للممتاز    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    «المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    «لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل أن يرحل رمضان
نشر في الفجر يوم 22 - 06 - 2017

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.. وبعد:
فمنذ أيام قريبة كنا ندعو الله أن يبارك في أعمارنا وينسأ في آجالنا حتى ندرك رمضان، وأعطينا المواعيد الوثيقة بأن نعمره بطاعة الله قدر الطاقة.. واستجاب الله لنا بمنه، وحقق أمنيتنا بفضله، فمد في الأعمار حتى أدركنا رمضان...
وجاء رمضان، وكما هي عادة الأيام المباركات، مر مسرعا، فإن مثل مواسم الخير وساعات البر كمثل القطار أو الطائرة، من كان مستعدا له منتظرا قدومه ركب فيه فبلغ به غايته وحقق به أمنيته، ومن كان غافلا عنه فاته غير مأسوف عليه.
إن أيام رمضان أشبه ما تكون بعقد انقطع سلكه فانفرطت خرزاته سريعا، فمرت منه عشر الرحمة، ثم عشر المغفرة، وهانحن قد بدأنا عشر العتق من النار.
وقفة محاسبة:
لقد مر من رمضان ثلثاه وزيادة، ولم يبق إلا الثلث أو أقل، فينبغي للمسلم أن يقف وقفة يحاسب فيها نفسه: ماذا قدم فيما مضى؟ وماذا يرجو مما بقي؟ حتى لا يخرج رمضان كما دخل، وحتى لا نخرج نحن منه كما دخلنا فيه.
وهذه المحاسبة أثناء العمل أصل من أصول النجاة في الآخرة، وسبيل إلى تحقيق الآمال بتحسين الأعمال، ورد النفس عن الميل أو النقص أو عن سوء القصد، ولتجديد العزم، ورفع الهمة، وتصحيح النية.
والمحاسبة من أصول السير والوصول إلى الله سبحانه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (الحشر:18)
وقال صلى الله عليه وسلم: الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت....."رواه الترمذي وحسنه... ومعنى دان نفسه أي حاسبها..
قال عمر رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية).
قال الحسن: إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة همته.
وقال ميمون بن مهران: "لا يكون العبد تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه. (فالنفس كالشريك الخوان إن لم تحاسبه ذهب بمالك).
وذكر الإمام أحمد أنه: "مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل ألا يغفل عن أبع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه و يصدقونه من نفسه، وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل؛ فإن في هذه الساعة عونا على تلك الساعات وإجماما للقلوب.
وقال الحسن البصري أيضا: "المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة".
فلابد من هذه المحاسبة لتعرف أين أنت، وماذا استفدت من صيامك وقيامك؟ وهل تحقق فيك مقصود الله تعالى من فرض الصيام، وهل تحقق لك مقصودك من شهر رمضان؟
هل رق قلبك بعد قسوته..؟
هل نديت عينك بعد جمودها..؟
هل قويت إرادتك بالصوم فتركت معاص كنت تقترفها من شرب دخان أو نظرة إلى مسلسلات وأفلام أو سماع لخنا أو غنا أو شيء مما حرم الله، أو حديث فيما يغضب الرب أو لا يرضيه أو غير ذلك مما يعد خللا في الخلق والدين..؟
هل تحسنت بالصوم أخلاقك، وتهذبت به ألفاظك..؟
هل أحسست بنسائم المغفرة وقد هبت على ذنوبك لتمحوها..؟
هل أحسست بسحائب الرضوان وقد تنزلت على نفسك لتزكيها..؟
هل أحسست ببشائر العتق من النار، قد دلت عليها خفة النفس وانشراح القلب، وانطلاق العين، والإقبال على العبادة..؟
هل اشتم قلبك ريح الجنة ونسيمها، أم أن قلوبنا ما زالت مزكومة ببرد المعاصي وطبقات الران عليها..؟
لقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أناسا صائمين لكن ليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش وذكر أناسا قائمين لكن ليس لهم من قيامهم إلا طول السهر.
ذلك أنهم لم يعرفوا من رمضان إلا ترك الطعام والشراب.
رمضان رب فم تمنع عن طعام أو شراب
ظن الصيام عن الطعام هو الحقيقة في الصيام
وانهال في الأعراض ينهشها ويقطع كالحسام
ياليته إذ صام صام عن النمائم والحرام
مازلنا نراهم.. أغفل الناس في زمان الجد والاجتهاد، وأولع الناس بمشاهدة الأفلام والمسلسلات والجلوس إلى القنوات، أكثر الناس تسكعا في الأسواق في مواسم الخيرات.
زيدوا أنتم في العمل
أيها الأحبة: إن رمضان قد أخذ في النقص فزيدوا أنتم من العمل، فكأنكم به قد انصرف. فإنه قد بدأ إدباره، وآذن بوداع، وإن ما بقي منه سيمر كطرفة عين أو ومضة برق، أو كلمح البصر أو هو أقرب.
إن هذه الأيام هي أيام التنافس الحق.. أيام تبتلى فيها الهمم، وتتميز فيها العزائم.. وإني والله لكم لمن الناصحين.
إنها أيام وليالٍ نطق بقدرها الكتاب الكريم، وبين مكانها النبي الأمين، وتحدث عن فضلها الوعاظ والعلماء، وأطنب في مدحها الدعاة والخطباء.. فماذا تنتظر حتى تنضم إلى سلك سبيل المؤمنين، وتسطر اسمك في قافلة الراكعين الساجدين؟!!
إن أيام شهركم تتقلص، ولياليه تتقضي، وساعاته الطيبة تسارع في الرحيل شاهدة بما عملتم، وحافظة لما أودعتم، فهي خزائن مستودعة تدعون لرؤيتها يوم القيامة (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا)، حين تسمعون القول الحق من الإله الحق: "ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم وأوفيكم إياها؛ فمن وجد خير فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
إنها فرصة عظيمة تغترف من الحسنات تملأ بها كتابا طالما سوَّدت صفحاته المعاصي والسيئات فلعلك تسعد به حين يقال: (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا).
إن هذه الأيام والليالي التي نحن مقبلون عليها هي أعظم ليالي السنة، بل هي كالتاج على رأس الزمن، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعظمها أكبر تعظيم، ويستعد لها أجمل الاستعداد، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في سواها.. ففي صحيح مسلم عن أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها قالت: "كان صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره".
وفي الصحيحين عنها رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد المئزر وأحيا ليله، وأيقظ أهله".
وشد المئزر كناية عن هجر النساء وعن الاجتهاد في العمل والتعبد، وربما كان يواصل الصيام بل كان يفعل؛ يفرغ وقته للطاعة، وكان يعتكف في مسجده في العشر يخلو بربه ويزيد من عمله ويتحرى ليلة القدر خير ليالي الدنيا على الإطلاق فصلى الله عليه وآله وسلم.
فاجعل منه لك أسوة وقم فشد مئزرك، وأيقظ أهلك، وأحيي ليلك عسى أن تنال بركة العشر، وتفوز بليلة القدر، ويكتبك الله من العتقاء من النار.
فاللهم ألزمنا هدي نبينا، وبلغنا مما يرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، وبالعتق من النار شهرنا.. آمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.