نشر صندوق النقد الدولي تقريرًا عن برنامج الإصلاح الاقتصادي، والذى تقدمت مصر على شرفه بعقد اتفاقية قرض النقد الدولى بقيمة 12 مليار دولار، وعلى أساسها أفرج الصندوق عن الشريحة الأولى بقيمة 2.75 مليار دولار من القرض، في مقابل تطبيق العديد من الإصلاحات الاقتصادية منها تحرير سعر صرف الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، ورفع الدعم عن الطاقة وإدخال إصلاحات على السياسة النقدية على مدى الثلاث سنوات القادمة.. وجاء التقرير مادحًا للوضع الإقتصادى المصرى ومخالفًا بعض الشئ لمؤشرات الواقع. وتعليقًا على ذلك، قال وائل النحاس المستشار الاقتصادي، في تصريحات ل"الفجر"، إن تقرير صندوق النقد الدولى ضد مصلحة الاقتصاد المصرى ومخالف لمؤشرات السوق والناتج المحلى، وواقع المواطن المصري، مشيرًا إلى أن التقرير تجاهل خسائر الاقتصاد المصرى بعد تعويم الجنيه، والتي وفاقت توقعات الحكومة، بحسب تعبيره. وأضاف "النحاس" أن سعى الدولة لخفض الواردات سبَب نقص شديد فى السلع، وارتفاع أسعارها رغم ثبات سعر الدولار، مؤكدًا أن المناخ الاقتصادى المصرى طارد للاستثمار بسبب ارتفاع معدلات الفقر والجريمة و توقف قطاع كبير من رجال الأعمال المستوردين نتيجة الخلافات مع البنوك. وأكد المستشار الاقتصادي أن التصريحات الحكومة وهمية لازالت مسجلة على الورق فقط دون تحريك فعلى للسوق المحلي، مطالبًا الحكومة بالتركيز على الأمن الغذائى للمواطن المصرى لرفع قيمة الدخل وزيادة القيمة الشرائية للجنيه بدلاً من زيادة الأجور التى يصاحبها ارتفاع فى الأسعار والبعد عن التصريحات الإستهلاكية والعمل على توفير المواد الخام وقطع الغيار للمصانع المتوقفة. من جانبه قال عبد الخالق فاروق مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، في تصريحات ل"الفجر"، إن من المعتاد أن يصدر البنك الدولى تقريرًا جيدًا عن الدولة التى وقع معها اتفاقية القرض، غير معلنًا عن مساؤى الاصلاحات الإقتصادية والإجراءات التعسفية التى تتبعها الدولة. وأضاف "عبد الخالق" أن صندوق النقد الدولى فى عام 1977 أشاد بمعدلات النمو في مصر، مشيرًا إلى أن الإشادة بمعدلات النمو الاقتصادي لا تأتي من مؤسسات التصنيف الائتمانى أو التمويل الدولى وإنما التقييم يكون بقدرة الدولة الائتمانية ونتائج الإصلاح على المستوى المعيشي للشعوب وتأثيرها على الفقراء ومحدودى الدخل. أشار "عبد الخالق" إلى أن القرارات الاقتصادية الأخيرة حقق مكاسب إضافية لرجال المال والأعمال، حيث أدى تعويم الجنيه إلى مزيد من استثمارات رجال الأعمال فمن كان رصيده البنكى 8 مليون الآن مساويًا 20 مليون جنيه، بالإضافة إلى زيادة قيمة أصولهم التجارية. أكد مدير مركز النيل أن الإصلاحات تصب فى صالح الأغنياء وهى نفس الإصلاحات التى كانت تتم فى العهود السابقة، مستدلًا على ذلك بمؤشرات المديونية التي أصبحت تزيد 120% عن الناتج المحلى سواء الدين الداخلى أو الخارجى حيث وصل الدين الخارجى إلى مايقرب من 70 مليار جنيه، وهى أعلى معدلات مديونية ووصل الدين الداخلى إلى 3.3 مليار جنيه، متابعًا: "كل مؤشرات الإصلاح تحتاج إعادة النظر". وأوضح عونى عبد العزيز خبير التمويل، إن تقرير صندوق النقد الدولى الأخير أشاد بالتعديلات الإقتصادية التى قامت بها مصر مؤخرًا وثبات التصنيف الائتمانى وعدم وجود سعرين للعملة، مضيفًا أننا نسير على الطريق المنضبط ، مطالبًا زيادة الإنتاج، والتصدير، وجذب السياحة حتى يتم الدفع الحقيقى للإقتصاد المصرى والذى يشعر به المواطن. وتوقع "عونى" تحسن وضع الجنيه فى الفترة القادمة بعد حالة الهبوط التى مر بها، حيث تعهدت مصر خلال الاتفاق مع صندوق النقد بإجراء إصلاحات هيكلية على المدى الطويل ووضع قوانين جديدة للإفلاس،و القضاء على الروتين الحكومي وتشجيع استثمارات القطاع الخاص.