لا يزال الرئيس السوري بشار الأسد والقوى الدولية التي تعاونه يستعملون وسائل القتل المتنوعة، بل ويتفنون بأساليب القمع والحصار التي تنصب على الشعب السوري، ففي صباح الجمعة هرعت الأممالمتحدة لتحذر من تكرار كارثة مضايا السورية، بل وحملت النظام السوري مسئولية إفشال عملية إيصال المساعدات الإنسانية لبلدة داريا المحاصرة في ريف دمشق . هذا وقد أكد الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن النظام السوري وحكومته منعوا قافلة مشتركة كانت تحمل المساعدات الإنسانية، والتي كانت قادمة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر السوري والأممالمتحدة من دخول داريا، موضحا أن قرار إيقاف القافلة اتخذه المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بعد أن قامت السلطات السورية بمصادرة حليب الرضع من الشاحنات فضلا عن المواد الطبية. وداريَّا هي المدينة الوحيدة المستثناة من الهدنة السورية التي أعلنت بنهاية فبراير 2016، والتي بدورها توقف حصار جميع المدن والبلدات السورية، إما بإدخال المساعدات الإنسانية من الأممالمتحدة، أو السماح للجرحى بالخروج للعلاج، فانتهى حصار حي الوعر في حمص، وحصار مضايا، والزبداني، وغيرها، إلا داريا لم تزل تختنق مُحاطة بجيش بشار الأسد وميليشياته، ولم يزل مدنيوها دون مساعدات. تقع داريا بالقرب من دمشق، ويتجاوز عدد سكانها ما يقرب من 255,000 نسمة حسب آخر إحصاء عام 2007م، وذلك نظراً إلى قربها الكبير من مدينة دمشق، الذي يَجعل العديدين يَختارون السكن فيها، ولم يتبق من هذه الآلاف سوى 12 ألف نسمة يشكلون 1300عائلة بينهم 500 طفل، معظمهم من المسلمين بالإضافة إلى طائفتين مسيحيتين في المدينة هما الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك. وتحاصر داريا بشكل كامل مُنذ أن أغلق المنفذ الواصل بينها ومعضميَّة الشام في نوفمبر 2015، بهدف إجبار المدينة على الخضوع إلى مصالحة أو هدنة محلية، وتسويقها على أنها رجوع إلى حضن الوطن، وكلها مزاعم كاذبة من النظام، فبعد أن فشل القصف بالبراميل والدبابات حيث قُصفت داريَّا ب 6600 برميلاً متفجراً، حسبما أعلن المركز الإعلامي للمدينة، لم يتبقَّ أمام النظام سوى سلاح التجويع من أجل إخضاع السكان للنظام. وما يحدث ينذر بوقوع كارثة مثل ما حدث في مضايا السورية الواقعة أيضا في ريف دمشق البالغ عدد سكانها 28 ألف، والتي عانت من الحصار الشديد الذي فرضه نظام بشار الأسد وميليشياته التابعة له من خلال الألغام الأرضية التي زرعت على حدود المدينة بكاملها. وكان قد تسبب هذا الحصار في ارتفاع معدلات الوفاة اليومية ليصل إلى 3 أشخاص يوميا في الأيام الخمسة الأولى من عام 2016، وبحسب المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، أكدت على أن الحصار تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي خلفتها سياسة الحصار التي يقوم بها النظام السوري.
ومع اشتداد الحصار ارتفعت معه أسعار المواد الغذائية ليتجاوز سعر حليب الأطفال 150 دولار، وكيلو الأرز بلغ حينها 100 دولار، ليلجأ السكان إلى تناول بعض الحيوانات، مثل القطط وكذلك أكل الحشائش والأعشاب كي يبقوا ضمن الأحياء كما أكد ناشطين حينها، فيما أكدت منظمة أطباء بلا حدود وفاة 23 حالة فضلا عن نقل عدد كبير من الشيوخ والأطفال إلى المراكز الطبية بسبب سوء التغذية.