استطاعت قوات المشاة البحرية الأمريكية، في مثل هذا اليوم 26 إبريل عام 1805، السيطرة على مدينة درنة التي تقع في شمال ليبيا بالقرب من العاصمة طرابلس، والتي كانت أول قطعة أرض تستولي عليها أمريكا في تاريخها، إلا أن القوات العثمانية ردت عليها حينها، واستطاعت استعادها خلال شهر واحد، كما فرضت جزية مالية على الولاياتالمتحدة حينها. وفي هذا السياق ترصد "الفجر"، رحلة الحرب بين أمريكا وليبيا في عهد الدولة العثمانية، ومقارنتها بالوضع الحالي للدولة الليبية. سبب الحرب كانت عمليات القرصنة التي تقوم بها سفن البربر في شمال أفريقيا بغرض السرقة، والتي كانت تطلب إتاوة من السفن التجارية الأمريكية في البحر الأبيض المتوسط، مما كان سبباَ في الحرب بين الودلة العثمانية وأمريكا، وسميت تلك الحرب ب"الحرب الأمريكية المنسية" وذلك لأن هذه الحروب غابت من الذاكرة الشعبية الأمريكية في غضون جيل واحد. الاستيلاء على سفن أمريكية وبعد أن كانت السفن الأوروبية، تدفع إتاووت للدولة العثمانية لحمايتها من القرصنة، بدأت السفن الأمريكية بعد أن استقلت أمريكا عن إنجلترا، ترفع أعلامها لأول مرة سنة 1783م، وتجوب البحار والمحيطات، وعلى إثرها تعرض البحارة الأتراك لسفن الولاياتالمتحدة، فاستولوا على إحدى سفنها في مياه قادش، وذلك في يوليو 1785م، ثم ما لبثوا أن استولوا على إحدى عشرة سفينة أخرى تخص الولاياتالمتحدةالأمريكية وساقوها إلى السواحل الجزائرية التي كانت ولاية عثمانية في ذلك الوقت. اتفاقية الصلح وبسبب عجز الولاياتالمتحدة عن استرداد سفنها بالقوة العسكرية، بسبب عدم قدرة أسطولها البحري على مواجهة الأسطول العثماني والبربري، اضطرت إلى الصلح وتوقيع معاهدة مع تركيا في 5 سبتمبر 1795 م، وتعهدت الولاياتالمتحدة بمقتضاها دفع ضريبة سنوية للدولة العثمانية، وبمقتضاها استردت الولاياتالمتحدة أسراها، وضمنت عدم تعرض القراصنة لسفنها. عودة الخلاف وعلى الرغم من امتناع الإمبراطورية العثمانية عن مهاجمة سفن الولاياتالمتحدة طيلة عام كامل، إلا أنها لم تحصل على إتاوة سنوية مجزية، مما زاد من غضب يوسف باشا بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، ونقص الأموال اللازمة للانفاق على الجيش والجهاز الإداري. انذار أمريكا بالحرب وعقب تولي "توماس جيفرسون" رئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، أرسلت الولاياتالمتحدة أسطولها الحربي إلى البحر المتوسط، وكان يدخل في عداده فرقتان جهزت كل منهما ب44 مدفعا، وواحدة صغيرة مجهزة ب32 مدفعاَ، وأخرى شراعية مجهزة ب12 مدفعاَ، وكان "توماس جيفرسون" يأمل بإرسال أفضل قواته إلى البحر المتوسط كي تعزز هذه القوة من هيبة الولاياتالمتحدة في المنطقة. وصدر إلى الأميرال "ريتشارد ديل" بقيادة هذه الحملة، والتوجه إلى البحر المتوسط لإلقاء الرعب في قلوب حكام العثمانيين والقراصنة في شمال غرب أفريقيا، وإيجاد موطئ قدم للامبراطورية الجديدة. مطالب بزيادة الرسوم وفي عام 1801، طلب يوسف زيادة الرسوم المدفوعة إلى 225،000 دولار من الرئيس الامريكى توماس جيفرسون، إلا أن الرئيس الأمريكي الواثق في قدرة الولاياتالمتحدة والقوة البحرية الأمريكية في حمايه السفن الأمريكية تجاهل هذه المطالب. إعلان الحرب على أمريكا وعقب تجاهل الرئيس الأمريكي لمطالب للدولة العثمانية، أمر كان باشا طراب في 14 مايو 1801 جنوده بأن يحطموا سارية العلم الأمريكي القائمة أمام القنصلية الأمريكية في طرابلس، إشارة إلى إعلان الحرب على الولاياتالمتحدةالأمريكية.
وعقب ذلك، انطلقت السفن الليبية تجوب البحر بحثاَ عن السفن الأمريكية للاستيلاء على غنائمها وإجبار حكومة واشنطن على دفع جزية سنوية مجزية. رد أمريكا وعلى إثرها، قام القنصل الأمريكي في طرابلس بمقابلة الباشا لاحتجاج دولته الرسمي على الإهانة التي لحقت بالعلم الأمريكي، وطلب اعادة البضائع التي سلبت من السفن الأمريكية. وخلال عشرة أيام من واقعة حرق العلم، غادر القنصل الأمريكي "كاثكارت" طرابلس بصحبة أسرته عبر البر متجهاَ إلى تونس. كما صدرت الأوامر الأمريكية، بإغراق وحرق وتدمير أكبر عدد من المراكب الطرابلسية، التي من المحتمل أن تواجههم في عرض المتوسط. بداية الحرب أرسلت الولاياتالمتحدة في يوليو 1801 أسطولاَ حربياَ وذلك لفرض الحصار على ميناء درنه عام 1803 وقصف مدينة درنه بالمدافع. ليبيا ترد ورداَ على قصف أمريكا لمدينة درنة، تمكنت البحرية الليبية في 31 أكتوبر 1803، من أسر الفرقاطة "فيلادلفيا" وعلى متنها 308 بحارة أميركيين استسلموا جميعاَ وعلى رأسهم قائدها الكابتن بينبريدج، وعندما عجز الأمريكيون عن استرداد هذه السفينة تسللوا إليها وقاموا بنسفها حتى لا تصبح غنيمة في أيدي الليبين. الهجوم على ليبيا ورداَ على ذلك، جهزت قوة من المرتزقة بقيادة ضابط الجيش الأمركي وليام أيتون وتعتبر هذه الفرقة هي أول فرقة مشاة بحرية أمريكية، وهاجمت مدينة درنة النائية شرق ليبيا، في 26 إبريل 1805، فقاومها العثمانيين وأرسل الباشا قواته الإنكشارية إلى درنة، وسقطت هذه المدينة في يد القوة الغازية ورفع علم الولاياتالمتحدة على قلعتها، لتعتبر أول قطعة أرض تحتلها الولاياتالمتحدة في تاريخها. انتهاء الحرب عقب معركة درنة، فرضت القوات العثمانية والبربرية حصاراَ على القوة الغازية الموجودة فيها فعمدت الولاياتالمتحدة إلى المفاوضات وتم توقيع معاهدة انهاء الحرب في 10 يونيو 1805 عرفت باتفاقية طرابلس، وطلب باشا ليبيا يوسف باشا من الولاياتالمتحدة غرامات مالية تقدر بثلاثة ملايين دولار ذهباَ، وضريبة سنوية قدرها 20 ألف دولار سنوياَ، وظلت الولاياتالمتحدة تدفع هذه الضريبة حماية لسفنها حتى سنة 1812م. الوضع الحالي وعلى الرغم من القوة التي كانت تتمتع بها ليبيا أثناء الحكم العثماني، اصبحت الدولة الليبية الآن تعيش حالة من الوهن العسكري والسياسي، حيث أصبحت تعاني من حروب داخلية، يالإضافة إلى سيطرة الجماعات الإرهابية على أجزاء من الدولة، في حين لا تقدر الحكومة الليبية مواجهتها، مما دفع بعض الدول الأوروبية للسعي للتدخل العسكري في ليبيا. إيطاليا تتدخل في ليبيا وأعلنت وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتي، عنن احتمال إرسال بلادها قوات برية إلى ليبيا، على الرغم من رفض وتحذيرات ليبية واسعة من أي تدخل أجنبي في البلاد. رد ليبيا وردا على تصريحات الوزيرة الإيطالية، شدد بلقاسم دبرز نائب رئيس لجنة الدفاع في المؤتمر الوطني العام على رفض المؤتمر التدخل الخارجي "شكلا وموضوعا". وقال إنه يتوجب على الدول التي تتدخل في شؤون ليبيا "أن تتركها لتعالج مشكلاتها بطريقتها"، مشيراَ إلى أن هذه التصريحات ليست الأولى من نوعها. هناك صعوبة أكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، على صعوبة إرسال قوات إيطالية إلى ليبيا، مطالبَا في الوقت ذاته حكومه الوفاق الليبية بالقضاء على الجماعات الإرهابية المتشددة مثل تنظيم داعش وأتباعه. وأضاف صادق، في تصريح خاص ل"الفجر"، أن محاربة الجماعات الإرهابية في ليبيا، ضروري وذلك لإخراس الألسنة التي تطالب بتدخل قوات غربية وعربية لمحاربتها. وشدد صادق، على خطورة تدخل قوات إيطالية نظرا لخطورّة موقع ليبيا فهي تقع بين تونس والجزائر وسيوثر ذلك على مصر أيضا.ً