تدشين كنيسة «الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا» بنزلة سعيد بطما    إقبال متزايد على شراء المسدسات، تاجر: 60% ارتفاعًا في أسعار لعب الأطفال    انطلاق عملية ذبح أضاحي الأوقاف في الوقت الشرعي بإشراف بيطري (صور)    هالة السعيد: 3,6 مليار جنيه لتنفيذ 361 مشروعًا تنمويًا بالغربية    الصدام يقترب، نتنياهو يفتح تحقيقا حول هدنة جيش الاحتلال في غزة    موسكو تحرر بلدة زاجورنويه.. وكييف تتصدى لهجمات روسية    يورو 2024| تشكيل منتخب بولندا ضد هولندا    "يمكننا العودة باللقب".. رونالدينيو يوضح تصريحاته بشأن عدم مشاهدة البرازيل في كوبا أمريكا    انفراجة في موجة الحر.. الأرصاد تتوقع انخفاض درجات الحرارة    بمناسبة عيد الأضحى المبارك.. الداخلية تقيم إحتفالية لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل وتفرج عن 4199 نزيل ممن شملهم العفو (صور)    مباحث البحيرة تكثف جهودها لكشف غموض العثور على جثة شاب في ترعة بالبحيرة    وفاة اثنين من المنيا أثناء أداء مناسك الحج في أول أيام العيد    ضحية الصفع على يد عمرو دياب: كنت من جمهوره.. ومش عاوز فلوس بس يعتذرلي قدام الناس    تركي آل الشيخ يكشف إيرادات "ولاد رزق 3" بعد 4 أيام من عرضه    خالد النبوي يشارك احتفالات عيد الأضحى مع بعض العمال في الشارع    يقام ثاني أيام العيد.. حفل أنغام بالكويت يرفع شعار "كامل العدد"    أهم العادات الغذائية الصحية، لقضاء عيد الأضحى بدون مشاكل    مجازاة مفتشي ومشرفي التغذية في مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للتقصير    شروط القبول في برنامج إعداد معلمي تكنولوجيا والتعلم الرقمي بجامعة القاهرة    "قصور الثقافة": فعاليات مكثفة للاحتفال بعيد الأضحى    الرى: عمل التدابير اللازمة لضمان استقرار مناسيب المياه بترعة النوبارية    ضبط 290 قضية مخدرات خلال 24 ساعة    طريقة حفظ لحوم الأضاحي وتجنب تلفها    قوات الاحتلال تطلق قنابل حارقة تجاه الأحراش في بلدة الناقورة جنوب لبنان    مشايخ القبائل والعواقل والفلسطينيين يهنئون محافظ شمال سيناء بعيد الأضحى المبارك    أجهزة الأمن تؤمن احتفالات المواطنين بالعيد على نهر النيل والمراكب النيلية    وفاة سيدة مصرية أثناء أداء مناسك الحج    "ابني متظلمش".. مدرب الأهلي السابق يوجه رسالة للشناوي ويحذر من شوبير    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    سباليتي يضع خطة مقاومة إسبانيا    3 فئات ممنوعة من تناول الكبدة في عيد الأضحى.. تحذير خطير لمرضى القلب    بالتفاصيل مرور إشرافي مكثف لصحة البحر الأحمر تزامنًا مع عيد الأضحى المبارك    شاعر القبيلة مات والبرج العاجى سقط    ماذا يفعل الزمالك في الأعياد قبل مواجهة المصري البورسعيدي ؟    ريهام سعيد: «محمد هنيدي اتقدملي ووالدتي رفضته لهذا السبب»    أدعية وأذكار عيد الأضحى 2024.. تكبير وتهنئة    كرة سلة.. قائمة منتخب مصر في التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024    محمد صلاح يتسبب في أزمة بين اتحاد جدة والنصر    محادثات أمريكية يابانية بشأن سبل تعزيز الردع الموسع    رئيس دمياط الجديدة: 1500 رجل أعمال طلبوا الحصول على فرص استثمارية متنوعة    إيرادات Inside Out 2 ترتفع إلى 133 مليون دولار في دور العرض    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 16 يونيو 2024    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    بالصور.. اصطفاف الأطفال والكبار أمام محلات الجزارة لشراء اللحوم ومشاهدة الأضحية    أخبار الأهلي: لجنة التخطيط تفاجئ كولر بسبب ديانج    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    لواء إسرائيلي متقاعد: أي قرار لنتنياهو بمهاجمة حزب الله سيجلب محرقة علينا    توافد المئات على الساحات بدمياط لأداء صلاة العيد    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    فصل لربك وانحر.. فرحة عيد الأضحى بمجزر البساتين.. فيديو    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد ناصر الكبير    الأوقاف الإسلامية بالقدس: 40 ألف فلسطيني أدوا صلاة عيد الأضحى بالمسجد الأقصى    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    أسرع قطارات السكة الحديد.. تعرف على أسعار قطار تالجو    إعلام فلسطينى: 5 شهداء جراء قصف إسرائيلى استهدف مخيم فى رفح الفلسطينية    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق تفرج عنها عائلة صلاح نصر بعد 42 سنة ..العميل S.I: الاسم الحركى لمصطفى أمين فى المخابرات الأمريكية
نشر في الفجر يوم 10 - 03 - 2016

مدير المخابرات من سجن مستشفى قصر العينى إلى الصحفى المفرج عنه بقرار من السادات:
■ قدمت استقالتى من منصبى اعتراضا على تلفيق قضية لمرشد فى قناة السويس
■ نساء المخابرات أوقعن بأمهر الجواسيس وحصلن على معلومات لم يستطع أحد التوصل إليها
■ خطاب من صلاح نصر عمره 42 سنة لم يجرؤ مصطفى أمين على نشره
■ المخابرات سجلت له 13 شريطًا استهلك تفريغها 700 صفحة!
■ لم نذهب إلى زوجة قاض فى الفجر لإجبار زوجها على إدانة المتهمين لسبب بسيط أنها كانت قضية المباحث الجنائية
■ ليس فى المخابرات سجون والخلط كان متعمدا بينها وبين السجن الحربى لتشويهها والتشهير بها
■ المخابرات أخبرت عبد الناصر بموعد الهجوم الإسرائيلى يوم 5 يونيو وأنقذت مصر من الأزمات الاقتصادية بعد الهزيمة
■ ضابط المخابرات ساعده على تهريب حقيبتين من الوثائق إلى صحفى فى بيروت!
■ لقاء ثابت كل أربعاء فى الثانية ظهرًا - مع ضابط التشغيل بعد إغلاق الستائر ..والمخابرات العامة سجلت اللقاءات طوال شهر كامل
أكثر من سبب يبرر إعادة فتح قضية مصطفى أمين رغم مرور أكثر من نصف قرن على تفجيرها المدوى:
إن عائلة الصحفى الكبير نشرت منذ شهور كتابا عنه.. يكتفى عنوانه باسمه.. مصطفى أمين.. سعت فيه لتبرئته من تهمة التجسس لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.. وضعه أحمد عطية صالح.. وطبع على ورق ثمين.. وربما وزع مجانا.
تصورت العائلة الوفية أن السنوات البعيدة التى انقضت أجهزت على الذاكرة مما يتيح لها أن تروى ما حدث على مزاجها.. خاصة أن الأطراف التى تملك الحقيقة أصبحت فى ذمة الله وعلى رأسهم جمال عبد الناصر وصلاح نصر.
واحتفلت صحف كثيرة بالكتاب.. وروجت لما فيه.. لتنقلب الآية.. الجاسوس أصبح بطلا.. والبطل أصبح جلادا.
لكن.. كانت هناك تحت السطح مفاجأة لم تخطر على بال أحد.. خطاب من صلاح نصر وهو سجين تحت العلاج فى مستشفى قصر العينى - أرسله إلى مصطفى أمين الذى أفرج عنه أنور السادات وأعاده إلى أخبار اليوم لينشر كتاب سنة أولى سجن.. وفيه روى من الحكايات ما اعتبرها صلاح نصر خرافات قرر الرد عليها فى الخطاب الذى حصلنا من عائلته على نسخة منه لينشر للمرة الأولى بعد أكثر من أربعين سنة ظل فيها صامتا.. قابعا فى الظلام.. ليؤكد بخروجه إلى النور.. أن الحقيقة يمكن أن تختفي.. لكنها.. لا تموت.. كما أنها وحدها التى تقرر متى تتكلم.
الخطاب بتاريخ 28 سبتمبر 1974.. مكون من 13 صفحة.. ويبدأ بجملة من المواطن الحر صلاح نصر إلى الصحفى مصطفى أمين.
لم يكن فى نية صلاح نصر أن يشترى كتاب مصطفى أمين سنة أولى سجن الذى صدر فى نفس أسبوع كتابة الخطاب.. بل.. لم يفكر فى أن يستهلك ساعات من وقته لقراءته.. ولكن.. الظروف فى الواقع هى التى أجبرتنى على قراءته وهى التى دفعتنى أن أسجل هذا الرد».. على حد قوله.
لقد اشترى أولاده نسخة من الكتاب وأحضروه إليه ليصروا على أن يرد على ما جاء فيه.. واستسلم لهم.
ويضيف موجها كلامه إلى مصطفى أمين:
«ولكننى بعد أن قرأت الكتاب أيقنت أن السكوت عن دحض ما نسجه خيالك القصصى يعد خيانة فى حق التاريخ وفى حق هذا الوطن وفى حق هذا الشعب».
ويصف صلاح نصر الكتاب برواية بوليسية ومناورة صحفية تحاول الخداع والتضليل وتحاول التأثير بأسلوب عفى عليه الزمن يهدف إلى الإثارة والتضليل وضياع الحقيقة.
ويضيف: «إنك لم تنس أن تطرح جانبا حقدك الدفين الذى تكنه للمخابرات العامة ولرئيسها.. لا لشىء إلا أنهم أدوا واجبهم وكشفوا العملاء والجواسيس.. وكنت أظن أنك لو أنك حاولت تبرئة نفسك من التهم الخطيرة التى وجهت إليك لكان ذلك أفضل بكثير.. ولكنك تدرك عين اليقين أنك لن تستطيع لأن الوثائق والأدلة لا تزيف ولأن الجريمة تلتصق بمرتكبها حتى لو كان يتنسم عبير الحرية».
لكن.. قبل أن نسترسل فى خطاب صلاح نصر ولكى نفهمه بسهولة ونكون معه على نفس الموجة علينا أن نستعيد وقائع القضية التى نظرتها محكمة أمن الدولة العليا تحت رقم 10 لسنة 1965.
بدأت الوقائع بمراقبة معتادة للبعثات الدبلوماسية والهيئات الأجنبية فى مصر.. وكان لتلك المراقبة ما يبررها فى ذلك الوقت.. القاهرة وواشنطن فى حالة عداء شديد.. وأجهزة المخابرات الأمريكية والغربية تسعى بكل السبل لخرق الأمن القومى للبلاد.. وفى المواجهة كانت المخابرات المصرية لا تنام.
فى يوم 27 أغسطس 1964 عين بروس تايلور أوديل ملحقا بالقسم السياسى فى السفارة الأمريكية خلفا لسلفه جون سيدل الذى ترك له مسكنه فى المعادى أيضا.. وكل منهما ضابط مخابرات تحت غطاء دبلوماسي.
وكانت إدارة الأبحاث فى وزارة الخارجية قد اخطرت المخابرات العامة بأنه أمريكى الجنسية.. من مواليد 30 أكتوبر 1928.. ومتزوج وله ولد وبنتان.
فى الساعة الثانية ظهر يوم 14 فبراير 1965 أبلغ أحد المرشدين أنه شاهد شخصا أجنبيا يقف بسيارته «رقم 5121 / 57 هيئة سياسية» أمام المنزل رقم 4 شارع الصالح أيوب فى الزمالك ويمكث فيها دقيقتين ليغادرها مترجلا حتى يدخل المنزل رقم 8 شارع صلاح الدين فى نفس الحي.. ولوحظ أنه يتخذ إجراءات الحيطة والحذر بالنظر يمينا ويسارا وللخلف قبل أن يدخل العقار.. ليتأكد من عدم خضوعه للمراقبة.. مما لفت النظر إلى أنه يقوم بأعمال سرية تتنافى مع طبيعة عمله.
كان هذا الشخص الأجنبى هو بروس أوديل أما الشقة التى كان يتردد عليها رقم 62 بالدور السادس فكانت شقة مصطفى أمين الذى كان يسدل الستائر بمجرد دخول ضيفه الشقة للحيلولة دون الرؤية من الخارج.
كان مصطفى أمين يقيم فى الشقة بمفرده ويعمل لديه طباخ وسفرجى وسائق.. وتصور بواب العمارة أن أوديل صحفى أجنبى يتردد على مصطفى أمين بحكم عملهما كل أربعاء ما بين الثانية والرابعة ظهرا.
لم يزد هدف أوديل عن الحصول على المعلومات الحيوية عن مصر فى مختلف المجالات.. وكان مصطفى أمين بحكم عمله وموقعه على رأس مؤسسة صحفية مؤثرة مثل أخبار اليوم إلى جانب علاقاته واسعة الانتشار يعتبر مصدرا هاما.. وصيدا ثمينا.
ولم يبلغ مصطفى أمين أحدا بتلك الاتصالات كما أن لا أحد كلفه بها.
وبدأت الجهات المختصة فى المخابرات العامة تسجيل المقابلات بين الرجلين فى الفترة من يوم 5 مايو إلى 7 يوليو 1965.. عشرة تسجيلات فى 10 شرائط.. جرى تفريغها فى 700 صفحة.
كانت المقابلات تحدث فى حجرة المكتب.. يتخللها غداء فى حجرة السفرة.. ليعودا مرة أخرى إلى حجرة المكتب.
وحرص مصطفى أمين على ألا يتردد عليه أحد فى ذلك الموعد الثابت كل أربعاء.
وتضاعف الحرص باستخدام رموز فى الإشارة إلى الأسماء.. جمال عبد الناصر كان يرمز إليه بحرف آر فى اللغة الإنجليزية أى ريس أو الريس مثلا.
ولم يكن مصطفى أمين ينطق اسمه كاملا عند اتصاله تليفونيا.. كان يكتفى باسمه الأول.. كما كان ينقل المعلومات شفهيا ليدونها أوديل بخط يده.
ولم يكن مصطفى أمين ليتردد فى أن يوحى لضابط المخابرات الأمريكى بأنه يحصل على معلوماته من عبد الناصر مباشرة خلال الاتصال التليفونى بينهما.. ولم يكن ليفوت أوديل أن يسأل عن تاريخ وتوقيت تلك الاتصالات.
وتركزت المعلومات فى النواحى العسكرية والسياسية والاقتصادية والأحداث الجارية والواقائع الداخلية والمحادثات بين مصر ودول أخرى والاتفاقيات التى ستوقعها بجانب الشائعات والنكات والشخصيات العامة بما فى ذلك علاقاتها الغرامية.
وتضم ملفات القضية نماذج من المعلومات التى ذكرها مصطفى أمين:
«جمال عبد الناصر شكل جهازا سريا مهمته الانتقام فى حالة اغتياله».
««هناك بعثة عسكرية مصرية ستسافر إلى الاتحاد السوفيتى لشراء أسلحة».
«اتفق الرئيس والرئيس الصينى شواين لاى على إرسال علماء مصريين إلى الصين حيث تعتزم مصر صنع قنبلة ذرية».
«العلماء الألمان قرروا مغادرة مصر وأن الروس أبدوا استعدادهم أن يحلوا محلهم فى مصانع الصواريخ فى مصر».
«يعتقد الرئيس أن هناك مخططاً بريطانيًا يهدف إلى عزل مصر عن العالم العربى وإحياء مشروع الهلال الخصيب والمغرب العربى الكبير بجانب أن السودان فى الجنوب قد ضاع وبذلك تكون قد اكتملت حلقة عزل مصر».
«تسير أمريكا على سياسة القوة وأن الرئيس يخشى من أثر هذه السياسة على مصر والبلاد الأخرى».
مصر تستعد للانسحاب من اليمن ولكن اليمنيين لا يريدون ذلك لاستفادتهم من وجود القوات المصرية هناك».
«العلاقة بين مصر وسوريا غير طيبة ومصر ستقوم بحملة على سوريا».
«يعتقد الأطباء أن الرئيس العراقى عبد السلام عارف مريض بالسرطان ويحتمل أن يجرى عملية خطيرة لسيادته».
هذه مجرد عينات عابرة تسبق ما هو أخطر.
فى يوم الأربعاء 26 مايو 1965 سأل مصطفى أمين ضابط المخابرات الأمريكى: هل يمكنك نقل أوراقى الهامة إلى بيروت؟ .. وكانت الإجابة: سأبحث ذلك».
وفى الأربعاء التالى طلب مصطفى أمين منه نقل أوراقه إلى سعيد فريحة صحفى ومالك صحف» فى بيروت.. فأجاب أوديل بالنفى قائلا: هل تتصور ما يمكن أن يفعله سعيد فريحة بهذه الأوراق؟.. وسأله :أين تحتفظ بهذه الأوراق؟.. فاجاب: «احتفظ بها فى شقتى».. وعندما ابدى أوديل دهشته مما سمع علق مصطفى أمين مبررا: لهذا السبب أنا حريص على نقلها من مسكنى فى أقرب وقت».
وبعد أسبوع بالضبط قال أوديل: إن الوقت سيكون مناسبا صباح غد نظرا لسفر عائلتى إلى الإسكندرية.. وسأخلى بيتى من الخدم.. وأفضل حضور سائق سيارتك فى تمام الساعة الثامنة والنصف مساء وبصحبته حقيبتا الأوراق.. وسوف أترك باب الجراج مفتوحا على أن يدخل مباشرة إلى الجراج بمؤخرة السيارة وأتسلم الحقيبتين.
وقال مصطفى أمين: «إنه سيخبر السائق أن الحقيبتين تحتويان على كتب مرسلة إلى شقيقه على أمين».
هنا نقتبس فقرات من خطاب صلاح نصر إلى مصطفى أمين تعليقا على روايته المغايرة للحقيقة قبل أن نعود لمواصلة سردها:
لقد ذكرت فى كتابك قصصا وهمية وخرافات لا يصدقها عقل سليم محاولا جذب عطف القارئ ولكن سهى عليك أمر هام هو أن من ألقيتهم بالحجارة مازال منهم أحياء وأسوف يجحدون كل ما نشرت من أفك وكذب وذلك بالأدلة الدامغة والحقيقية التى ستسود منها وجوه الخونة.
«إن التزييف والتلفيق الذى تدعيه وتتهم به المخابرات لادعاء باطل سأفنده فيما بعد لكن سيادتك أوتيت براعة لا نظير لها فى هذا الميدان».
ربما سجيك «شجعك» على الاستمرار فى هجومك المخادع أنك لا تعرف ما يخبئه لك القدر من وثائق تدينك على مر التاريخ أو ربما لأن الذين تهاجمهم إما أنهم لقوا ربهم أو خلف أسوار السجون.. وهنا اذكر لك يا سيد مصطفى أنه لا الموت ولا السجن يستطيع أن يحجب الحقائق ولا أن يغير عقيدة الأحرار الثوار».
كان مصطفى أمين قد اعتبر القضية ملفقة انتقاما من صلاح نصر بعد أن رشح مديرا للمخابرات مكانه وهى قصة وصفها صلاح نصر فى خطابه بأنها رواية هزلية تدعو إلى السخرية.
أما الرواية الحقيقية فتصل إلى ذروتها الدرامية عندما تطلب الإدارة الأمريكية من مصطفى أمين عبر ضابط مخابراتها أوديل توصيل توجيهات إلى جمال عبد الناصر بأسلوب يقبله من خلال معلومات يدعى مصطفى أمين أنه حصل عليها من السفارة الأمريكية.. ليقتنع الرئيس بأنه عليم ببواطن الأمور.
قدم أوديل العديد من التوجيهات فى صورة أخبار ليوصلها مصطفى أمين إلى الرئيس لكنه لم يبلغها لأحد فى الدولة وإن ادعى غير ذلك.. ومنها:
«إن الحكومة الأمريكية قررت ألا تدفع لمصر أى معونة إلا إذا سحبت قواتها من اليمن وتوقفت عن مساعدة الكونغو ومحاربة إسرائيل».
«قررت الحكومة الأمريكية انتهاج سياسة القوة والحزم وأن شخصية الرئيس جونسون عنيفة وغير مرنة ويميل إلى استعمال القوة لتنفيذ رغباته».
«إن الاتحاد السوفيتى قرر وقف أو تقليل إرسال أسلحة إلى مصر».
وللوقيعة بين موسكو والقاهرة قدم أوديل صورا لمقالات نشرت فى صحف سوفيتية ورد بها ما يسىء إلى مصر.. وللوقيعة بين مصر والسعودية طلب أوديل من مصطفى أمين إبلاغ الرئيس بأن الملك فيصل صرح بأن اليمن سيكون مقبرة عبد الناصر.
كانت المقابلة الأخيرة بين الرجلين فى فيللا مصطفى أمين فى رشدى بالإسكندرية.. وكانت فى الساعة الثانية ظهرا.. يوم الأربعاء يوم 21 يوليو 1965.. وفى هذا اليوم قبض على مصطفى أمين بحضور رئيس نيابة أمن الدولة أحمد موسى ووكيله سمير ناجي.. فى تلك اللحظة كان المتهمان يجلسان متجاورين تحت مظلة فى حديقة الفيللا وأمامهما منضدة عليها أوراق منها ورقة مدون عليها بخط اليد وباللغة الإنجليزية عشرة أسئلة صعبة عن اليمن والرأى العام والعلاقات المصرية مع السعودية والاتحاد السوفيتى والصين الشعبية وخطاب الرئيس الذى سيلقيه فى 22 يوليو.
وضبط تقرير من ست صفحات بخط يد ضابط المخابرات الأمريكية يتضمن معلومات أمد بها مصطفى أمين خلال المقابلة ولوحظ فيها أن الاسم الكودى لمصطفى أمين هو «إس آى».
وشمعت الفيللا وأفرج عن أوديل بسبب حصانته الدبلوماسية بعد ساعة ونصف من الاحتجاز وقبض على الصحفيين محمود عوض وإبراهيم صالح المحررين فى أخبار اليوم لإمدادهما مصطفى أمين بالمعلومات ولكن فيما بعد أفرج عنهما بعد التأكد أنهما كانا يقدمان المعلومات لمصطفى أمين بصفته المسئول عن تحرير الصحيفة.
واستدعى العاملون لدى مصطفى أمين للشهادة: صادق خليل صعيدى وتوفيق محمد فرج وإبراهيم عبد الحكيم مصطفى.
وحكم على مصطفى أمين بالسجن المؤبد وعندما أفرج عنه السادات عفوا لأسباب صحية خرج لينتقم ممن سجنوه بروايات واتهامات ساعد على ترويجها رغبة السادات فى تصفية ما تبقى من حكم عبد الناصر.
هنا.. نعود إلى خطاب صلاح نصر إلى مصطفى أمين لنجده يقول له:
«بالرغم مما جاء بكتابك من افتراءات فإننى أؤكد لك أننى مؤمن بكشف الحقيقة بالأدلة الدامغة وقد أرسلت اليوم خطابا إلى السيد المدعى العام الاشتراكى طلبت منه التحقيق فورا فى الجرائم الوهمية التى ألصقتها بالمخابرات العامة ورجالها الأشراف وسوف نرى من كان على حق ومن اشترى الضلالة بالهدى».
لكن.. المدعى العام لم يحقق فيما وصل إليه.. فالظروف السياسية كانت تفضل خرافات مصطفى أمين عن حقائق صلاح نصر.
ويضيف صلاح نصر:
ولتعلم أن الثوار مهما اختلفوا مع بعضهم البعض ومهما وصلت بهم الخصومة فإنهم وطنيون لا يبيعون وطنهم ولا يعملون إلا بضمائرهم.. إن الذين وضعوا رؤوسهم على أكفهم أكثر من مرة لا ينافقون.. ولا يسمحون للخونة أن يستغلوا خلافاتهم.. يا سيد مصطفى أمين.
وكان صلاح نصر يقصد ما جرى بعد هزيمة يونيو بينه وبين عبد الناصر.. حين قرر النظام أن يكون هو وجهاز المخابرات العامة كبش فداء للهزيمة بفتح التحقيق فى القضية التى عرفت بقضية انحراف المخابرات العامة.. لكن.. رغم ذلك تقبل صلاح نصر مصيره صامتا.. واعتبر ما جرى له ثمنا إضافيا يدفعه باعتباره واحدا من الثوار.
ويستطرد صلاح نصر:
«والآن فلنتناقش فى الأمر بهدوء.. ولنجادل بصورة موضوعية.. وأن نبعد عن مجال المناقشة أى انفعال أو تحيز.. على أننى لن ارد إلا على تلك المواضيع التى أثرتها وتخص المخابرات أو رجال المخابرات الذين مهما قلت عنهم أنت وأمثالك فإنهم رجال شرفاء وجنود مجهولون وسيسجل التاريخ رغم أنف الحاقدين ما قاموا به فى خدمة وطنهم».
«وسأبدأ بمناقشة ما أطلقت عليه فى كتابك رسالة إلى الرئيس عبد الناصر ولا يهمنى بالطبع إذا كانت هناك رسالة أو أنك سطرتها بعد رحيل عبد الناصر إنما ما يعنينى هو تفنيد ما جاء بهذه الرسالة من سباب وطعن وأكاذيب».
«تقول فى صفحة 69 من الكتاب فى رسالتك المزعومة ما يلى: ولكننى لا أكتب إليكم دفاعا عن نفسى وإنما أكتب إليكم دفاعا عن بلادى فقد تبينت فى الشهور التى قضيتها فى المخابرات أن هذا الجهاز فى وضعه الحالى لا يخدم هذا البلد ولا يخدم هذا الحكم وإنما هو عصابة تضللكم وتكذب عليكم وتخدعكم وتزيف الحقائق وتلفق الأكاذيب وتخلق من الوهم قضايا وأن عمل الجهاز الأساسى هو حماية أصحاب السلطان والبطش بكل شخص يتوهمون أو يخشون أن يكشف لكم حقيقتهم ويظهر أمامكم جرائهم».
ثم استطردت قائلاً: وأعرف عن يقين أنكم تجهلون هذه الجرائم ولا تتصورون كيف أن أفراد هذه العصابة قد غرقوا فى الشهوات والفساد واستباحة الحرمات والاستهانة بكل مبادئ الشرف والاستهتار بقواعد القانون وأننى اعرف أن فضحى هذه الحقيقة قد يكلفنى حياتى ولكننى أفضل أن يموت برىء واحد على أن يتعرض ألوف الأبرياء لما تعرضت له من تعذيب وتلفيق بل إننى أعتقد أن هذه العصابة سوف تعرض هذا البلد إلى كارثة كبرى فإن الجهاز لا يجىء للدولة بأسرار العدو وإنما هو يلفق الأكاذيب للمواطنين وهو لا يحمى البلد وإنما يحمى أصحاب النفوذ والسلطان».
وأضفت بتشنج قائلا: فهى عصابة توضع على عين هذا الشعب حتى لا يرى الجرائم التى يرتكبها هؤلاء المجرمون من أصدقاء صلاح نصر ومحاسيبه ومؤيديه».
هكذا كتبت ولك كل الحق أن تكتب ما تشاء ولكن لى أيضا فى أن أكتب وأرد على ما اختلقت ثم نترك للقارئ يحكم بضميره ووجدانه وقبل أن أفند دعواك أود أن أوجه إليك بعض التساؤلات:
1- على أى أساس حكمت على المخابرات العامة ورجالها بهذه المزاعم الكاذبة؟.. ألكونهم كشفوا للشعب الخونة والعملاء أم لأنهم يطاردون خفافيش الظلام؟
2- ما مؤهلاتك التى تضعك فى موقف الحكم على المخابرات؟ إن مفهومك عنها لا يتعدى مفهوم رجل الشارع الذى لا يستطيع أن يفرق بين المخابرات العامة والمباحث الجنائية؟
3- هل كنت تستطيع أن توجه مثل رسالتك المزعومة إلى الرئيس جمال عبد الناصر؟.. لا أظن.. فأنا أعرف كيف كنت تخاطب عبد الناصر.
4- من أى مصدر استقيت المعلومات عن قيام المخابرات بتلفيق التهم للمواطنين؟ ومن هم اصحاب النفوذ والسلطان الذين تعنيهم؟ الذين يقومون بالثورات لا يخدمون غير بلادهم.
5- لماذا ربطت بين المخابرات العامة والسجن الحربى وليس هناك أدنى علاقة بينهما؟.. للتشهير أم للتلفيق وتفريخ عقدك؟
إن هذه العصابة التى تتطاول عليها أى رجل فيها أشرف من أى عميل أو خائن وهى التى حمت هذا البلد من أعداء الوطن وفى هذا المقام أنبهك بأن الذين دخلوا مبنى المخابرات هم الجواسيس أمثالك وليس القضايا السياسية كما تخلط فى كتابك فالجاسوس خائن أما القضايا السياسية ورجالها فهم أصحاب رأى وعقيدة مهما اختلفت معاييرها.
«لقد رأست هذا الجهاز عشر سنوات وهو نادرا ما يحدث فى أى جهاز مخابرات فى العالم وكان جمال عبد الناصر يفخر بهذا الجهاز أمام رؤساء الدول الذين مازال أغلبهم أحياء.. ولو عدت إلى محادثات الوحدة لعام 1963 وهى مطبوعة فى كتاب لقرأت ما قاله عبد الناصر عن المخابرات العامة ومما يشرفها أن السيدة أنديرا غاندى رئيسة وزراء الهند والرئيس التنزانى جوليسنيريرى ورؤساء كثير من دول آسيا وإفريقيا بل ودول غرب أوروبا يدركون عن كثب قيمة هذا الجهاز وكانت هذه الدول تكن كل تقدير له.
«ولن أباريك يا سيد مصطفى فى السباب والقذف فإننى أربأ بنفسى أن انحدر إلى هذا المستوى ولن أحاول استخدام أسلوب الإثارة والتحيز فهذا لا يجدى ولا يفيد بل سأسرد الأحداث لتقرر أين الحق وأين الباطل.
نخرج من كلماتك السابقة أن جهاز المخابرات كان عصابة بطش تزيف وتلفق وأنها غارقة فى الشهوات واستباحة الحرمات وأنها لا تجىء بأسرار عن العدو بل تخدم اصحاب النفوذ ويبدو لى انك استقيت هذه المعلومات من حملات التشهير التى تعرض لها الجهاز يوما لهدمه من بعض الخونة والمأجورين وكدابى الزفة ولكن سجل المخابرات حافل بكل ما يفخر به كل رجل خدم فى المخابرات.
أولا: إن عشرات قضايا التجسس التى وضعت المخابرات يدها عليها فى فترة رئاستى للجهاز من عام 1957 إلى عام 1967 تعد مفخرة للجهاز وهو شىء لم يحدث بعد مما جعل إسرائيل تغير مراكز تجسسها ثلاث مرات وتعيد تنظيم أجهزة مخابراتها أكثر من مرة.. إن هذه القضايا تدرس حتى الآن فى معاهد ومدارس أجهزة الأمن كنموذج رفيع للعمل فى ميدان التجسس ومقاومة التجسس.
ثانيا: إن جميع الأزمات الاقتصادية التى تحل بالبلاد كان للمخابرات الدور الأول فى حلها بل إنها انقذت البلاد مرارا من انهيارات اقتصادية وتموينية.. إن وزراء الاقتصاد والتموين الذين كانوا موجودين فى هذه الفترة مازالوا أحياء ويعلمون ذلك.
ثالثا: إن تقديراتنا السياسية فى الأزمات والظروف وهو عملنا الرئيسى تؤكد مدى قدرة هذا الجهاز على الرؤية والتنبؤ.. وإننى أتحدى أى مخلوق أن يفند هذه الحقيقة أو يحاول النيل منها.. ولا أفشى سرا إذا قلت إن تقاريرنا عن حرب يونيو وتقديرنا السياسى الصادر فى 25 / 5 / 67 توقع كل ما حدث.. بل إن المخابرات العامة هى التى حددت موعد هجوم إسرائيل فى حرب يونيو.
رابعا: إن المخابرات العامة وليس غرورا منى أن أقول صلاح نصر هو الذى هيأ لتحسين علاقاتنا السياسية مع كثير من الدول منها دول من الدرجة الأولى وهو الذى أنقذ هذا البلد بعد حرب يونيو مباشرة من هاوية اقتصادية سحيقة ولتسأل من الأحياء السيد حسن عباس زكى وزير الاقتصاد حينئذ.
خامسا: إن الرئيس الراحل عبد الناصر كرم جهاز المخابرات فى شخصى فأهدانى فى عام 1966 قلادة الجمهورية وأصدر قرارا بترقية ستة نواب إلى درجة نائب وزير وكان حديثه للنواب الذين ترقوا -وهم جميعا أحياء- بالنص كما يلى: إننى أكرم شخص صلاح نصر فى ترقية لكم كما أنه فى عام 1965 أمر بمنح مكافأة مرتب شهر لجميع العاملين فى الجهاز على جهودهم وقال : لولا المخابرات العامة ما استطعنا أن نحارب فى اليمن.
سادسا: إن الاتهامات التى تحاول أن تلصقها بالمخابرات العامة أفكارًا وتدلسيا هى بريئة منها براءة الذئب من دم بن يعقوب فالمخابرات العامة لم يكن لها أى تورط بقضايا الأمن الداخلى ولا بالحراسات ولا بالمواطنين عدا الجواسيس واننى أتحدى علانية أى إنسان يحاول بخبث أن يلصق بها أى شىء من هذا.
فقضية الإخوان لعام 1954 تم تحقيقها برئاسة السيد زكريا محيى الدين ولم يكن لنا دخل بها.. بل كنت مازلت فى ذاك الوقت ضابطا فى القوات المسلحة.. وقضية الإخوان عام 1965 حققت كما هو معروف بواسطة المباحث العسكرية.. والحراسات فرضت بقرارات جمهورية.. ولم يكن للمخابرات العامة فيها أى دخل.. أما قضايا الأمن الداخلى وما يتعلق بالأحزاب السياسية السابقة وقضايا النشاط والطوائف فكانت من عمل وزارة الداخلية.
«وهنا أتوقف وقفة صغيرة لأوضح لك مدى الافتراء والحقد الذى تكنه لرجال مخابرات صلاح نصر على حد قولك فهم لم يشتركوا فى أى عمل نسبته إليهم لقد أعماك الحقد فانزلت كل ما تحمله من حقد فى صدرك على المرحوم حمزة البسيونى مدير السجن الحربى ثم ربطت ذلك مباشرة برجال صلاح نصر الذين تدخلوا وهددوا زوجة قاضى التحقيق فى قضية كرداسة.
لقد قلت فى صفحة 48 بالنص: واضطر قاضى التحقيق أن يستغيث بالرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية فى رسالة مشهورة يقول فيها إن رجال مخابرات صلاح نصر زاروا زوجة القاضى فى منتصف الليل وهددوها إذا لم يحكم القاضى بإحالة هؤلاء الأبرياء إلى محكمة الجنايات!.
إننى لا أتصور أن يصدر مثل هذا الحديث إلا عن خيال عقل مريض.. فالمخابرات كانت بعيدة كل البعد عن قضية كمشيش وكرداسة وأنها بالدليل القاطع لم يكن لها أدنى دور فيها.. كما أن الذين قاموا بتحقيقها مازلوا أحياء.. فكيف ولماذا اقحمت بمحاسيب صلاح نصر على حد قولك فى هذا الأمر؟.. ولماذا ذهب هؤلاء إلى زوجة القاضى ولم يذهبوا للقاضى ذاته؟.. لا أستطيع أن أفسر كل ذلك إلا بأن أقول أن الحقد لديك طغى على الإدراك.
سابعا: أما عن التزييف والتلفيق فهذا بلا جدال حكم مطلق وما كنت أتصور أن يصدر هذا عن إنسان مثقف مثلك إننى اتحدى هذا الافتراء لسبب واحد بسيط هو أن المخابرات لم تقم بمثل هذه الأعمال بل على العكس حاربت المزيفين والملفقين ويبدو أنك تجهل أن التقارير عن الأفراد ليست من مهام المخابرات بل هم من صميم أجهزة أخرى ولا يزال هذا النظام قائما حتى الآن ومن ثم فهيهات أن تنبح بما لا يجدى ولا يضر.
إن المخابرات يا سيادة الصحفى الكبير رجال شرفاء وقفوا جميعا موقف الرجال فى أصعب وأدق الظروف وأمام أشد العواصف.
إن قضية المرحوم مصطفى علوى المرشد فى هيئة قناة السويس تعد مفخرة لذمة المخابرات.. كانت هيئة قناة السويس قد أوقفت هذا المرشد عن عمله بعد التأميم متهمة إياه فى وطنيته وعدم كفاءته فاقام دعوى أمام مجلس الدولة ضد الهيئة وطلب المجلس تقارير من كل من المخابرات العامة والمخابرات الحربية والمباحث العامة عن مصطفى علوى من ناحية اتصاله وتخابره وايدت الأجهزة الثلاثة براءة مصطفى علوى وحكمت المحكمة لصالحه ولكن المحامى العام حينئذ استأنف الحكم بناء على تعليمات من على صبرى وكان حينئذ وزيرا فى رئاسة الجمهورية وطلب على صبرى من الأجهزة أن تغير التقارير وبالرغم من أن المخابرات الحربية والمباحث العامة نفذت أوامر على صبرى فقد رفضت ووصل الأمر إلى اننى قدمت استقالتى وغضب منى الرئيس عبد الناصر وقال: هو أنت الحكومة؟ ولكنه اقتنع بعد مناقشة معه وأيدنى فى موقفى ووسط المشير عامر رحمه الله فى تسوية مشكلة مصطفى علوى على أساس دفع تعويض له وتعيينه فى إحدى الشركات.. إن الذين يقفون مع الحق ويتحملون المسئولية لا يزيفون ولا يضللون.. إن هذا من شيم المنافقين العملاء.
ثامنا: بقى هذا الاتهام الرخيص الذى اقتبسته من حملات التشهير التى انكشف زيفها أعنى ما تدعيه من غرق الجهاز فى الشهوات واستباحة الحريات، وما كنت أريد أن أخوض فى هذا الأمر ولكنه مجبر الآن على ذلك لاسكت ألسنة الحاقدين وأخرس كل أفاك كاذب ينطبق عليه سمة الغرق فى شهوات واستباحة حرمات.
إن جميع أجهزة المخابرات فى العالم تشغل نسوة فى مهمات خاصة تستخدمهن المخابرات فيما يطلق عليه فى المهنة أعمال السيطرة ومع أن بعض المجتمعات تنظر إلى هؤلاء النسوة نظرة ازدراء إلا أننى أعلن أنهن أدين لهذا البلد خدمات تقدر بملايين الجنيهات.
لقد استطعن أن يوقعن بأكثر الجواسيس العالميين دهاء وجمعن معلومات قيمة يعجز أمهر المحترفين عن الحصول عليها.. وحينما هبت زوبعة الفتنة عام 1967 استغلت هذه العملية للتشهير والتدمير مع أنها كانت معروفة طوال السنين لأعلى مستوى فى الدولة.. وسيظهر التاريخ أن الذين اتهموا بالغرق فى الشهوات كانوا يؤدون أشرف الأعمال.. لقد فرضت عليهم الظروف أن يتواجدوا فى مواقع الشبهات وهو تواجد وإن كان غير مشروع إلا أنه فى حكم المخابرات فى العالم عمل مباح.. إن كثيرًا من أعمال المخابرات فى جميع أنحاء العالم أعمال غير مشروعة ولكنها مباحة.. فتفتيش منازل الجواسيس ومراقبتهم والتسمع على وسائل اتصالاتهم واستدراجهم للوقوع فى الفخ كلها أعمال غير مشروعة ولكنها مباحة فالجاسوس خائن لوطنه قد يجلب الدمار لجيش بأكمله أو لأمة جمعاء.. ولم أر فى حياتى دولة تدمر جهاز مخابراتها لأسباب شخصية.. وهكذا إذا وضعنا رؤوسنا فى الرمال كالنعام وقلنا إن هذا مشروع وهذا غير مشروع فالأفضل أن نلغى جهاز مخابراتنا ونترك الجواسيس والخونة يرتعون كيفما يشاأون».
الحلقة القادمة:
صلاح نصر فى خطابه إلى مصطفى أمين:
■ رئيس المخابرات يجب أن يكون وطنيا فكيف رشحت لذلك المنصب؟
■ دور الوسيط الذى لعبته بين ضابط المخابرات الأمريكية وجمال عبد الناصر يجعل منك عميلا مزدوجا
■ تحدثت معى عن علاقاتك الجنسية وقدراتك العارمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.