في كتابه "مصطفى أمين" تجول بنا الكاتب أحمد عطية صالح في حياة واحد من أكبر الكتاب الصحفيين وهو الأب الروحى لأجيال من الصحفيين. ووفق ما كتب الشاعر الكبير فاروق جويدة عن الكتاب، يبدأ الكتاب بمقدمة سطرها قلم مصطفى أمين وهو يتساءل كيف يحسب عمره بالأصدقاء بالرؤساء الذين قابلهم بالانتصارات التى عاشها أو بالهزائم التى لحقت به، لم تكن رحلة كاتبنا الكبير في عالم الصحافة رحلة سهلة بل أنها كانت معارك وصراعات عبر عصور مختلفة وان كانت قمة المأساة فيها هى سنوات السجن في تهمة أساءت لتاريخ الرجل رغم أن الحقائق بعد ذلك تكشفت وبرأت الرجل أمام نفسه وأمام تاريخه لم يكن من السهل الصاق تهمة بهذا الحجم وهذه الادانة لشخص في قيمة ودور مصطفى أمين. يواصل جويدة بمقاله: اقتربت من كاتبنا الكبير سنوات طويلة خاصة بعد أن خرج من تجربته المريرة في السجن وكانت بيننا حوارات كثيرة وكنت اشعر أن مصطفى امين الرجل الذى خرج من السجن غير السجين الذى عاش تجربة قاسية وراء القضبان، حاولت يوما بل وكتبت متمنيا أن يلتقى الكبيران مصطفى امين وهيكل وفشلت محاولتى. وحين ذهبت لزيارة مصطفى امين في المستشفى كنت اقف بعيدا عن غرفة العناية المركزة حين اقتربت منى زوجته ورفيقة رحلته وقالت ان مصطفى يريد ان يراك، وتعجبت من المفأجأة خاصة ان عددا كبيرا من الزوار كانوا من اقرب الناس إليه وحين صافحته كان في كامل وعيه وهو يقول لقد انتهى كل شىء انتهت الرحلة، لا تنسى أن تكتب عنى شعرا لان الشعر هو الذى يبقى أما الصحافة فعمرها قصير. تقول ابنة الراحل الصغرى صفية عن الكتاب: أنه بمثابة "رد عملي" على اتهام أبي بالجاسوسية، وما دار حولها. وحول تأخر ظهور الكتاب تروي صفية أنه: في منتصف الثمانينات كان الكاتب أحمد عطية صالح شابا صحافيا متحمسا فذهب إلى مصطفى أمين في مبنى "أخبار اليوم" يسأله "هل أنت حقا جاسوس؟" فأجابه مبتسما: هذا سؤال مهم، لكني لن أجيب عليه لأنه من السهل أن أجيب بالنفي لكن عليك التأكد بنفسك. فأرسله والدي للنائب العام الذي حقق في القضية وكذلك للمدعي العام الاشتراكي حينها د. مصطفى أبو زيد، تم عمل مقابلات وحوارات صحافية وعاد صالح إلى والدي بنتيجة بحثه فأخبره أن هذا لا يكفي، بل عليك الاطلاع على نص حكم صلاح نصر ونص العفو الشامل، وهكذا استمر أحمد عطية صالح يجمع في تقارير ووثائق ومعلومات إلى أن توفي مصطفى أمين، فجاءني بملف ضخم يريد أن يحوله إلى كتاب، فأخبرته أني لا أستطيع أن أنشره هكذا بل علي مراجعته والبحث في وثائق والدي للتأكد من كل كلمة وكل حرف ولقد فعلت هذا إلى أن خرج الكتاب إلى النور. ويقع الكتاب لمؤلفه الكاتب الصحافي أحمد عطية صالح، في 6 أبواب تحكي تاريخ مصطفى أمين من ميلاده في 21 فبراير 1914 بمنزل سعد زغلول (بيت الأمة) وحتى وفاته، متناولا قصة "أخبار اليوم" منذ أن كانت فكرة إلى أن أصبحت الآن بعامها ال75 صرحا عملاقا للصحافة المصرية. ويضم الكتاب وثيقة نص الحكم على صلاح نصر (مدير جهاز المخابرات في عهد جمال عبد الناصر) والتي عرفت بقضية فساد المخابرات، وكذلك ملحقا خاصا بالوثائق يتضمن جزءا من خطاب بخط يد مصطفى أمين يكشف به عن وقائع التعذيب التي تعرض لها أثناء حبسه، وخطابه الموجه إلى المدعي العام الاشتراكي يطالب فيه بمحاكمته محاكمة علنية، ثم نص قرار الرئيس أنور السادات بالعفو عنه وجاء النص كالتالي: "يعفى عن العقوبة المحكوم بها على السيد مصطفى أمين يوسف، في القضية رقم 10 لسنة 1965 أمن دولة عليا، وكذا كافة الآثار والعقوبات التكميلية والتبعية المترتبة على الحكم الصادر" والذي نشر في الجريدة الرسمية حينها. ويذكر أنه بعد إصدار العفو الشامل تم بعد ذلك إعادة المدعي الاشتراكي مصطفى أبو زيد فهمي التصدي للقضية وتأكيده تعرض مصطفى أمين للتعذيب وبطلان الإجراءات التي صدر في ظلها الحكم عليه. ويضم الكتاب كذلك ملفا للصور من الفترة من (1914 - 2014) منذ ميلاد الأخوين أمين ومراحل حياتهما العائلية والمهنية ولقاءات مع فنانين مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وعبد الوهاب ورحلات مع الرئيس عبد الناصر إلى موسكو وزيارة مصطفى أمين إلى زنزانته بسجن طرة وصولا إلى احتفالات دار "أخبار اليوم".