مع صفحات كتاب «مصطفي أمين» الذي صدر أخيرا في عدد محدود من النسخ.. شعرت أنني أعود من جديد إلي مقعد التلميذة في مدرسة الأستاذ الذي ارتبطت به 14عاما كاملة.. الكتاب الجديد لم يأت مؤرخا لمسيرة مصطفي أمين بقدر ما جاء محققا وموثقا؛ يحمل إجابات وافية لكل الجوانب المثيرة للجدل في حياة مؤسس الصحافة المصرية الحديثة. يستعرض الكتاب مولد وطفولة مصطفي أمين في بيت الأمة ملازما للزعيم سعد زغلول خال والدته، ويستعرض أيضا بدء نبوغه الصحفي في سن الثامنة بإصدار مجلة الحقوق علي ورق كراسة، ثم عمله مع محمد التابعي في روز اليوسف وآخر ساعة، ثم سفره إلي أمريكا وحصوله علي الماجستير في العلوم السياسية.. تناول الكتاب أيضا علاقته الوثيقة بتوأمه «علي» والمفارقات بينهما بسبب تشابههما العجيب.. استعرض الكتاب مولد «أخبار اليوم» التي بدأت بحلمٍ دعمته الدراسة والتخطيط، فقد كان علي أمين يدرس الهندسة في إنجلترا، لكنه يحلم بالصحافة؛ فكان يقرأ يوميا عشرات الصحف العالمية ويكتب لشقيقه مصطفي عن تطور صحف العالم، ثم تحقق الحلم وصدر العدد الأول في 11 نوفمبر عام 1944 ليحقق رقما قياسيا في التوزيع هو 110 آلاف نسخة.. يكشف الكتاب أيضا عن وقوف «أخبار اليوم» ضد فساد الملك فاروق، ويستعرض الكتاب أسرار العلاقة بين عبد الناصر ومصطفي أمين التي بدأت بعلاقة وثيقة وانتهت بالقبض عليه، ويقدم الكتاب كافة الوثائق التي تثبت براءة مصطفي أمين من تهمة التخابر التي أسندت اليه، ومنها مذكرة جهاز المدعي العام الاشتراكي بطلب العفو عنه باعتبار إدانته بنيت علي أدلة باطلة، ووثيقة العفو الشامل من الرئيس السادات، ونص الحكم علي صلاح نصر بتهمة تعذيبه في السجن.. كما يكشف الكتاب كيف كان مصطفي أمين عاشقا للصحافة الحرة التي تقول للحاكم ما يريده الشعب وليس العكس، ويكشف كلمة السر في نجاح صحافة أخبار اليوم، وهي دروس مصطفي أمين لتلاميذه بنشر ما يهم الناس أو ما يجعل القارئ يهتم به، كما أسس أبوابا جديدة في الصحافة تخدم العمل الخيري واقتدت بها كل الصحف؛ مثل باب ليلة القدر الذي توسع لأبواب جديدة مثل أسبوع الشفاء ولست وحدك. تحية لمؤلف الكتاب الباحث والمحقق أحمد عطية صالح، وللابنة المثابرة صفية مصطفي أمين التي وقفت وراء الكتاب ودعمته بالوثائق والصور، وأصرت علي ظهوره مواكبا لمرور 70 عاما علي إنشاء أخبار اليوم، ومتصديا بالمستندات لبعض من يحاولون إخفاء الحقائق أو تشويهها!! كل ما أتمناه هو إعادة طبع ملايين النسخ من الكتاب في طبعات شعبية تصل لكل شباب مصر.