التنسيقية: إقبال كثيف على اللجان الانتخابية بالدقهلية.. وتوفير مقاعد لكبار السن    تباين مؤشرات الأسهم العالمية مع تجدد الآمال بخفض أسعار الفائدة الأمريكية    الزراعة تعلن نجاح منظومة جمع وتدوير قش الأرز في 7 محافظات هذا العام    ننشر قرار زيادة بدل الغذاء والإعاشة لهؤلاء بدايةً من ديسمبر    تنميه تعلن عن تعاون استراتيجي مع VLens لتعجيل عملية التحول الرقمي، لتصبح إجراءات التسجيل رقمية بالكامل    وزير الدفاع الإسرائيلي يجمد التعيينات الرفيعة في الجيش على وقع 7 أكتوبر    المستشار الألماني يستبعد تحقيق انفراجة في مفاوضات السلام الخاصة بأوكرانيا خلال هذا الأسبوع    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يشكك في جدوى العلاقات مع اليابان بعد النزاع بشأن تايوان    تأكد غياب الشناوي وعبد القادر وشكري عن مواجهة الجيش الملكي    قرار جديد في الزمالك بشأن عقد حسام عبد المجيد    ضبط المتهمين بالرقص بدراجاتهم النارية داخل نفق بالشرقية    الجيزة تستقبل 64 طلبا لإحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة في العجوزة    الهلال الأحمر المصري يشارك في تقديم الدعم للناخبين خلال المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    مسلم يفجر مفاجأة ويعلن عودته لطليقته يارا تامر    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    محافظ شمال سيناء يتفقد لجان انتخابات النواب بمدينة العريش    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن:حين يختلط التاريخ بالخطابة الانتخابية.    122 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلى    إصابة 8 عمال زراعة بتصادم سيارة وتوكوتك ببني سويف    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    الإسكندرية تستضيف بطولة مصر الدولية ال15 لكرة القدم للسياحة الرياضية بمشاركة أوروبية وإفريقية واسعة    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    وصول سهير المرشدي لشرم الشيخ لرئاسة لجنة تحكيم مهرجان المسرح الشبابي    قرار جمهورى بإضافة كليات جديدة لجامعتى «اللوتس» و «سفنكس»    تشابي ألونسو: النتيجة هي ما تحكم.. وريال مدريد لم يسقط    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    الفيضانات توقف حركة القطارات وتقطع الطرق السريعة جنوبي تايلاند    الصحة: لا توصية دولية بإغلاق المدارس بسبب الفيروسات التنفسية لعدم جدواها    طريقة عمل سبرنج رول بحشو الخضار    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن برنامج دورتها الثامنة عشرة    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    عمرها سبعون عاما.. سعودية تتم حفظ القرآن الكريم فى جمعية ترتيل بالباحة    تألق مصري فى كونجرس السلاح بالبحرين وجوائز عالمية تؤكد الهيمنة الدولية    جامعة حلوان تطلق منافسات الألعاب الإلكترونية وسط مشاركة طلابية واسعة وحماس كبير    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    ماراثون التصويت ينطلق بقوة.. شبين القناطر تسجل كثافة لافتة أمام اللجان    رئيس حزب الجبهة الوطنية يدلى بصوته في انتخابات النواب 2025    الدفاع الروسية: تدمير 3 مراكز اتصالات و93 مسيرة أوكرانية خلال الليل    وزير التعليم يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 5 أجانب خارج مصر    سعر صرف الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 24 -11-2025    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    أسامة نبيه: تكريم محمد صبري أقل ما نقدمه.. وموهبة لا تُنسى تركت إرثًا في الزمالك    فون دير لاين: أي خطة سلام مستدامة في أوكرانيا يجب أن تتضمن وقف القتل والحرب    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم عيسى يكتب: العملاق الذي تجسس!
نشر في الدستور الأصلي يوم 21 - 01 - 2010

أعرف أن الذين شكوا وتشككوا أن الصحفي العملاق مصطفي أمين عمل فعلا جاسوسا بعض الوقت لدي المخابرات المركزية الأمريكية بات لهم أن يتأكدوا الآن!
القضية مشهورة جدا ولكن التشكيك فيها كان أكثر شهرة وكل خصوم جمال عبدالناصر كانوا حاسمين تماما في أن القضية ملفقة وأن مصطفي أمين بريء من التهمة، ومع ذلك فإن مصطفي أمين كان جاسوسا لأمريكا، ليس الكلام مستندا إلي كتاب (بين الصحافة والسياسة) رائعة محمد حسنين هيكل ولا كتب ومذكرات ووثائق صانع المخابرات المصرية ومؤسسها وضحيتها أيضا صلاح نصر، بل الدليل الجديد هو عبارة عن كتاب صدر مؤخرًا في الولايات المتحدة تحت عنوان «ميراث من الدماء.. تاريخ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية».. وهو كما يعرضه أكثر من موقع علي الإنترنت كتاب ضخم وموسوعي يقدم تاريخ الوكالة منذ إنشائها عام 1947 وحتي نهاية عصر جورج بوش، مركزا علي خيبات المخابرات وعملياتها الفاشلة.. الكتاب من تأليف «تيم وينر» مراسل صحيفة «نيويورك تايمز».. وقد عمل في أفغانستان وباكستان وأغلب بلاد الشرق الأوسط ومنها مصر، ويقوم منذ عشرة أعوام بتتبع وتغطية أنشطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.. وقد حصل كتاب «ميراث من الدماء» الذي ألفه «تيم وينر» علي جائزة بوليتزر الأمريكية الصحفية الشهيرة اعترافا بأهميته ودقته، ويقع كتاب «ميراث من الدماء» في 702 صفحة تتناول وقائع جرت علي مدي عهود 16 رئيسًا للمخابرات.. وأهم ما يكشف عنه الكتاب بالنسبة لنا في هذا المقال هو صلة مصطفي أمين بالمخابرات الأمريكية حيث كانت ال«سي آي إيه» تدفع له الأموال مقابل الحصول علي معلومات وعلي نشر تقارير إخبارية مؤيدة للسياسات الأمريكية، كما يؤكد الكتاب بالوثائق والاعترافات والأدلة، حيث كان مصطفي أمين علي قائمة من تدفع لهم المخابرات الأمريكية مبالغ مالية، وأن مدير المحطة واسمه «بروس أوديل» كان يتقابل بصفة منتظمة مع مصطفي أمين في شقته بالزمالك!
وقد كشف محمد حسنين هيكل نقلا عن الكتاب ذاته في حلقاته بقناة الجزيرة مجددا، ومن وثائقه الخاصة عن أن سر كشف عمالة مصطفي أمين لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية جاء من العراق لأن (بروس تايلور أوديل) مندوب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في القاهرة والذي كان يتلقي المعلومات من مصطفي أمين أسبوعيا جاء إلي مصر مطرودا من العراق بعد نجاح انقلاب حزب البعث عام 1963 علي نظام حكم «عبد الكريم قاسم» وقام وزير الداخلية العراقي «حازم جواد» بإبلاغ الأجهزة الأمنية المصرية بحقيقة «بروس تايلور أوديل» وطبيعة نشاطاته، لذا تم وضعه تحت رقابة صارمة من أجهزة الأمن المصرية منذ وصوله للقاهرة، ومن خلال مراقبته تمت ملاحظة لقاءاته الأسبوعية مع مصطفي أمين، وتم إعلام الرئيس عبد الناصر بالأمر، فأصدر عبد الناصر قراره بوضع مصطفي أمين تحت المراقبة مما أدي إلي كشف عملية التجسس كلها. يقول هيكل إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية طلبت من مصطفي أمين تسجيل مكالماته مع الرئيس عبد الناصر ليقوم خبراؤها بتحليل صوت الرئيس لمعرفة حالته النفسية، كما طلبت منه توجيه أسئلة معينة للرئيس عبد الناصر لكي يتم تحليل إجابات عبد الناصر ومعرفة حقيقة نواياه وطريقة تفكيره. كما كان مصطفي أمين يسأل أطباء الرئيس عبد الناصر باستمرار عن حالة الرئيس الصحية ليقوم بتبليغها لضابط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية!
إن مصطفي أمين كان جاسوسا للمخابرات المركزية الأمريكية، مسألة باتت محسومة وأمر صار مؤكدا!
ومع ذلك فإننا نسأل: وما الذي دفع مصطفي أمين إلي التجسس علي عبدالناصر لصالح الأمريكان ؟
لقد كان مصطفي أمين مواليا حتي النفاق الصرف والمديح الفج لعبدالناصر وكان مقربا من الرئيس ومن الرئاسة (الغريب أن كل معارضي عبدالناصر من الصحفيين وقتها لم يمسسهم اتهام ولا تخوين، وهو ما يؤكد أن النفاق ليس دليل الوطنية وتأييد الرئيس ليس علامة الولاء للوطن، بل ربما يكون العكس فعلا وما يسري علي عبدالناصر يمشي علي السادات ومبارك.. واخد بالك!).
إذن لماذا تجسس مصطفي أمين ؟
هل كان في حاجة إلي الفلوس ؟
مستحيل لقد كان مصطفي أمين غنيا مرفها ويعيش باشا في حياته الصحفية والإنسانية؟
هل كان فاشلا غير متحقق؟
إطلاقا كان ملء السمع والبصر ومدرسة في عالم الصحافة، ومحركا للرأي العام، وصانع الاحتفال الأجمل في حياة المصريين وهو عيد الأم، وكان زوجا لأم كلثوم وحبيبا لشادية وصديقا لعبدالحليم حافظ وأمين سر فاتن حمامة وأستاذا لأساتذة الصحافة والفن!
إذن لماذا ؟
ربما تكون نزوة مدمرة من صحفي كبير يحلم بالمشاركة في صناعة التاريخ، ربما كان اقتناعا داخليا دفينا بأن عبدالناصر يقود مصر إلي اشتراكية كريهة آثر أن يحاربها مصطفي أمين بنفسه معتزا بقدراته ومغترا بنجاحه!
لعلها كراهية شخصية للرئيس عبدالناصر كتمها وكبتها، بل كان يعيش ازدواجية هائلة بين مشاعر البغض التي يكنها للرجل وكلمات ومقالات النفاق التي يمطرها في صفحات للرجل!
لكن متي دفعت الكراهية وحدها أحدا للتجسس؟
أم ربما يكمن سبب تجسس مصطفي أمين لصالح الأمريكان علي رئيس بلده في علاقة قديمة عميقة بينه وبين المخابرات الأمريكية منذ زار أمريكا شابا ولكن أحدا من ضباط المخابرات الأمريكية أو مؤرخيها أو غيرهم لم يذع أبدا أنه قد تم تجنيد مصطفي أمين في شبابه!
هل برر مصطفي أمين لنفسه العمل جاسوسا بالفصل بين عبدالناصر ومصر واعتبر التجسس ضد رئيس وليس ضد وطن؟ هذا مبرر غبي لا يليق بجاسوس مثقف ذكي !
الحقيقة أنه كلما زاد التأكيد علي جاسوسية مصطفي أمين زاد غموض السبب حتي بات لغزا، لعل مصطفي أمين قد كتب أسبابه في مذكرات لم نقرأها بعد، لكن هل نصدق ما قاله إن قال!
الثابت عندي أن مصطفي أمين قد تاب!
شيء ما يخبرني من كتاباته في سنوات حياته الأخيرة أنه قد تاب.
دفاعه عن الديمقراطية، إخلاصه في محاربة الاستبداد، إصراره وتصميمه علي أعمال الخير وليلة القدر وآلاف الطلبة الذين أنفق علي دراستهم وآلاف العائلات التي رعاها ماليا لسنوات طويلة.
كل هذا يخبرني وينبئني أنه قد تاب.
غفر الله له فقد كان كاتبا عظيما وصحفيا عملاقا شاء أن يكون خطأه عملاقا كذلك!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.