حصاد البرلمان | إصدار قانون إدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية.. الأبرز    بعد انخفاضه.. ماذا حدث لسعر الذهب اليوم الجمعة في مصر بمنتصف التعاملات؟    بسبب اعتراف مدريد بدولة فلسطين.. إسرائيل تفرض قيودًا على عمل دبلوماسيين إسبان    اكتشاف كوكب بحجم الأرض قد يكون صالحًا للحياة    الشناوي: "الصحف المصرية تخلق المشاكل.. والمركز الثاني مثل الأخير"    غدا انطلاق امتحانات الدبلومات الفنية في الإسماعيلية    ما هو موعد عيد الأضحى لهذا العام وكم عدد أيام العطلة المتوقعة؟    تحرير 21 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    وفاة شقيقة الفنانة لبنى عبد العزيز    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    الاحتفال باليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم بطب عين شمس    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    "طرد للاعب فيوتشر".. حكم دولي يحسم الجدل بشأن عدم احتساب ركلة جزاء للزمالك    قائمة أسعار الأجهزة الكهربائية في مصر 2024 (تفاصيل)    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    راشد: تصدر جنوب الجيزة والدقي وأوسيم ومديرية الطرق إنجاز المشروعات بنسبة 100%    ضبط شخص بأسيوط لتزويره الشهادات الجامعية وترويجها عبر فيسبوك    أول جمعة بعد الإعدادية.. الحياة تدب في شواطئ عروس البحر المتوسط- صور    «التنمية الصناعية»: طرح خدمات الهيئة «أونلاين» للمستثمرين على البوابة الإلكترونية    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    لهذا السبب.. عائشة بن أحمد تتصدر تريند جوجل خلال الساعات الماضيه    هشام ماجد يكشف عن مفاجأة بشأن مسلسل "اللعبة"    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من ميت سلسيل بالدقهلية    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا (4)    نقيب المحامين الفلسطينيين: قرار محكمة العدل ملزم لكن الفيتو الأمريكي يمكنه عرقلة تنفيذه    السيدة زينب.. هل دفنت في مصر؟    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    4 أفلام تتنافس على جوائز الدورة 50 لمهرجان جمعية الفيلم    الإسلام الحضاري    وزارة الثقافة تحتفي بأعمال حلمي بكر ومحمد رشدي بحفل ضخم (تفاصيل)    ظهرت الآن.. رابط بوابة التعليم الأساسي للحصول على نتيجة الفصل الدراسي الثاني 2024    عاجل.. أنباء عن العثور على آخر ضحايا حادث معدية أبو غالب    واشنطن تدرس تعيين مسئول أمريكى للإشراف على قوة فلسطينية فى غزة بعد الحرب    تشافي يستعد للرحيل.. موعد الإعلان الرسمي عن تعاقد برشلونة مع المدرب الجديد    15 دقيقة لوسائل الإعلام بمران الأهلى اليوم باستاد القاهرة قبل نهائى أفريقيا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    تعرف على مباريات اليوم في أمم إفريقيا للساق الواحدة بالقاهرة    وزير العمل يشهد تسليم الدفعة الثانية من «الرخص الدائمة» لمراكز التدريب    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يوجه بضرورة الاستخدام الأمثل لموازنة الجامعة    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    انطلاق امتحانات الدبلومات الفنية غدا.. وكيل تعليم الوادى الجديد يوجه بتوفير أجواء مناسبة للطلاب    أخبار الأهلي : دفعة ثلاثية لكولر قبل مواجهة الترجي بالنهائي الأفريقي    «الحج بين كمال الايمان وعظمة التيسير» موضوع خطبة الجمعة بمساجد شمال سيناء    سول تفرض عقوبات ضد 7 أفراد من كوريا الشمالية وسفينتين روسيتين    بوتين يوقع قرارا يسمح بمصادرة الأصول الأمريكية    أمريكا تفرض قيودا على إصدار تأشيرات لأفراد من جورجيا بعد قانون النفوذ الأجنبي    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو بكر الصديق واستخلاف عمر بن الخطاب
نشر في الفجر يوم 30 - 12 - 2015

في شهر جمادى الآخرة من العام الثالث عشر للهجرة النبوية، مرض الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه واشتد به المرض، فلما ثقل واستبان له من نفسه، جمع الناس إليه فقال: "إنه قد نزل بي ما قد ترون ولا أظنني إلا ميتًا لما بي، وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتي وحل عنكم عقدتي، ورد عليكم أمركم فأمِّروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمَّرتم في حياة مني كان أجدر أن لا تختلفوا بعدي" .
إجراءات استخلاف عمر بن الخطاب
وقد قام أبو بكر رضي الله عنه بعدة إجراءات لتتم عملية اختيار الخليفة القادم، منها:
1 - استشارة أبي بكر الصحابة من المهاجرين والأنصار
وتشاور الصحابة رضي الله عنهم، وكل يحاول أن يدفع الأمر عن نفسه ويطلبه لأخيه؛ إذ يرى فيه الصلاح والأهلية، لذا رجعوا إليه فقالوا: رأيُنا يا خليفة رسول الله رأيك، قال: فأمهلوني حتى أنظر لله ولدينه ولعباده، فدعا أبو بكر عبد الرحمن بن عوف فقال له: أخبرني عن عمر بن الخطاب فقال له: ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني، فقال أبو بكر: وإن، فقال عبد الرحمن: هو والله أفضل من رأيك فيه. ثم دعا عثمان بن عفان، فقال: أخبرني عن عمر بن الخطاب، فقال: أنت أخبرنا به، فقال: على ذلك يا أبا عبد الله، فقال عثمان: اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأنه ليس فينا مثله، فقال أبو بكر: يرحمك الله، والله لو تركته ما عدتك. ثم دعا أسيد بن حضير فقال له مثل ذلك، فقال أسيد: اللهم أعلمه الخيرة بعدك؛ يرضى للرضا ويسخط للسخط، والذي يُسِرُّ خير من الذي يعلن، ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه. وكذلك استشار سعيد بن زيد وعددًا من الأنصار والمهاجرين، وكلهم تقريبًا كانوا برأي واحد في عمر إلا طلحة بن عبيد الله خاف من شدته، فقد قال لأبي بكر: ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا وقد ترى غلظته؟ فقال أبو بكر: أجلسوني، أبا الله تخوفونني؟ خاب من تزود من أمركم بظلم، أقول: اللهم استخلفت عليهم خيرَ أهلك. وبيَّن لمن نبهه إلى غلظة عمر وشدته فقال: ذلك لأنه يراني رقيقًا، ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيرًا مما هو عليه .
2 - ثم كتب عهدًا مكتوبًا يقرأ على الناس في المدينة وفي الأنصار عن طريق أمراء الأجناد:
فكان نص العهد:
"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجًا منها وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها، حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب، إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آلُ الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيرًا، فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بدَّل فلكل امرئ ما اكتسب، والخير أردت ولا أعلم الغيب: {وَسَيَعْلَمْ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] .
إن عمر هو نصْح أبي بكر الأخير للأمة، فقد أبصر الدنيا مقبلة تتهادى، وفي قومه فاقة قديمة يعرفها، فإذا ما أطلوا لها استشرفتهم شهواتها فنكلت بهم واستبدت، وذاك ما حذرهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه، وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم".
لقد أبصر أبو بكر الداء فأتى لهم رضي الله عنه بدواء ناجع .. جبل شاهق إذا ما رأته الدنيا أيست وولت عنهم مدبرة، إنه الرجل الذي قال فيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًا قط إلا سلك فجًا غير فجك". إن الأحداث الجسام التي مرت بالأمة قد بدأت بقتل عمر، هذه القواصم خير شاهد على فراسة أبي بكر وصدق رؤيته في العهد لعمر، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أفرس الناس ثلاثة: صاحبة موسى التي قالت: يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين، وصاحب يوسف حيث قال: أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا، وأبو بكر حين استخلف عمر. فقال: كان عمر هو سد الأمة المنيع الذي حال بينها وبين أمواج الفتن .
3 - أنه أخبر عمر بن الخطاب بخطواته القادمة
فقد دخل عليه عمر فعرَّفه أبو بكر بما عزم فأبى أن يقبل، فتهدده أبو بكر بالسيف فما كان أمام عمر إلا أن قبل.
4 - أنه أراد إبلاغ الناس بلسانه
واعيًا مدركًا حتى لا يحصل أي لبس، فأشرف أبو بكر على الناس وقال لهم: "أترضون بما أستخلف عليكم؟ فإني والله ما ألوت من جهد الرأي ولا وليت ذات قرابة، وإني قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا"، فقالوا: سمعنا وأطعنا.
5 - أنه توجه بالدعاء إلى الله يناجيه
ويبثه كوامن نفسه، وهو يقول: "اللهم وليته بغير أمر نبيك ولم أرد بذلك إلا صلاحهم، وخفت عليهم الفتنة واجتهدت لهم رأيي فوليت عليهم خيرهم وأحرصهم على ما أرشدهم، وقد حضرني من أمرك ما حضر فاخلفني فيهم، فهم عبادك".
6 - أنه كلف عثمان بن عفان أن يتولى قراءة العهد على الناس
وأخذ البيعة لعمر قبل موت أبي بكر، بعد أن ختمه بخاتمه لمزيد من التوثيق والحرص على إمضاء الأمر دون أي آثار سلبية، وقال عثمان للناس: أتبايعون لمن في هذا الكتاب؟ فقالوا: نعم، فأقروا بذلك جميعًا ورضوا به.
7 - البيعة لعمر بن الخطاب قبل أن يتوفى أبو بكر الصديق
بعد أن قرئ العهد على الناس ورضوا به أقبلوا عليه وبايعوه، ولم تتم بيعة بعد الوفاة بل باشر عمر بن الخطاب أعماله بصفته خليفة للمسلمين فور وفاة أبي بكر رضي الله عنه. ويلحظ الباحث أن عمر ولي الخلافة باتفاق أصحاب الحل والعقد وإرادتهم، فهم الذين فوضوا لأبي بكر انتخاب الخليفة، وجعلوه نائبًا عنهم في ذلك، فشاور ثم عيَّن الخليفة، ثم عرض هذا التعيين على الناس فأقروه وأمضوه ووافقوا عليه، وأصحاب الحل والعقد في الأمة هم النواب الطبيعيون عن هذه الأمة، وإذن فلم يكن استخلاف عمر رضي الله عنه إلا على أصح الأساليب الشورية وأعدلها.
إن الخطوات التي سار عليها أبو بكر الصديق في اختيار خليفته من بعده لا تتجاوز الشورى بأي حال من الأحوال، وإن كانت الإجراءات المتبعة فيها غير الإجراءات المتبعة في تولية أبي بكر نفسه.
وهكذا تم عقد الخلافة لعمر رضي الله عنه بالشورى، ولم يورد التاريخ أي خلاف وقع حول خلافته بعد ذلك، ولا أن أحد نهض طوال عهده لينازعه الأمر، بل كان هناك إجماع على خلافته وعلى طاعته في أثناء حكمه، فكان الجميع وحدة واحدة .
وصية الصديق لعمر بن الخطاب
فقد اختلى الصديق بالفاروق وأوصاه بمجموعة من التوصيات لإخلاء ذمته من أي شيء، حتى يمضي إلى ربه خاليًا من أي تبعة، بعد أن بذل قصارى جهده واجتهاده، وقد جاء في الوصية:
"اتق الله يا عمر، واعلم أن لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل، وعملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى فريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في دار الدنيا وثقله عليهم، وحُقَّ لميزان يوضع فيه الحق غدًا أن يكون ثقيلاً. وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في دار الدنيا وخفته عليهم، وحُقَّ لميزان يوضع فيه الباطل غدًا أن يكون خفيفًا.
وإن الله تعالى ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم وتجاوز عن سيئه، فإذا ذكرتهم قلت: إني أخاف أن لا ألحق بهم. وإن الله تعالى ذكر أهل النار فذكرهم بأسوأ أعمالهم ورد عليهم أحسنه، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأرجو أن لا أكون من هؤلاء، ليكون العبد راغبًا راهبًا لا يتمنى على الله ولا يقنط من رحمة الله، فإن أنت حفظت وصيتي فلا يك غائب أبغض إليك من الموت ولست تعجزه" .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.