تختلف طقوس عيد الأضحى المبارك وتتنوع مظاهر التعبير عن الفرحة به من مكان لآخر، فلكل شعب عاداته وتقاليده وخصوصيته في الاحتفال بقدومه، غير أن العيد في فلسطين له طعم آخر، حيث اعتاد الفلسطينيون على الاحتفال به تحت الاحتلال الإسرائيلي الجاثم فوق أرضهم متحدين إجراءاته ومتشبثين بالأمل في زواله وإقامة دولتهم المستقلة. وككل عام، يستعد الفلسطينيون في محافظات الضفة الغربيةالمحتلة لاستقبال عيد الأضحى وأداء فريضة الحج وذبح الأضاحي من الأغنام والعجول وتوزيع لحومها على الجيران والفقراء والأقارب والأصدقاء، كما يقومون بشراء الملابس الجديدة لأطفالهم ابتهاجا بقدوم العيد. وتعج شوارع المدن الرئيسية وبالأخص مدينة رام الله بالمواطنين الفلسطينيين قبل وخلال عيد الأضحى المبارك الذين يحرصون على شراء مستلزمات العيد والملابس سواء للكبار أو الأطفال، كما تزدحم محال اللحوم (الملحمة) بالزبائن الذين لا يقومون بالذبح أو تمنعهم ظروفهم الاقتصادية من شراء الأضحية. ولا يختلف الحال في الأراضي الفلسطينية كثيرا عن باقي الدول الإسلامية، فعقب الانتهاء من صلاة العيد والتكبيرات وذبح الأضاحي، تتوجه الأسر الفلسطينية إلى المقابر لزيارة الموتى والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة، حيث يتركون أطباق اللحوم والحلويات على حافة القبور للفقراء، كما يتبادلون الزيارات للتهنئة بقدوم العيد. وحول الحركة الشرائية عشية العيد، يقول محمد دراغمة صاحب محل ملابس برام الله، إن حركة الشراء متوسطة نوعا ما، حيث يقوم المواطنون بشراء الضروريات سواء الملابس أو المأكولات أو الحلوى. ويضيف دراغمة "بالنسبة للأطفال يبدأ الأمر بشراء ملابس العيد وينتهي بالألعاب التي ينتظرونها في كل عيد وهو أمر تضطر بعض العائلات حتى الفقيرة منها على القيام به". ورغم الوضع الاقتصادي السيئ الذي يخيم على الأراضي الفلسطينية بسبب الاحتلال، فإن حكومة رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمد الله اتخذت إجراءاتها بصرف ربع الراتب للموظفين قبل العيد بأيام حتى يتمكنوا من تلبية حاجاتهم وشراء مستلزمات عيد الأضحى المبارك. ويقول جهاد عبد الله صاحب محل جزارة إن الحركة الشرائية متوسطة بسبب الوضع الاقتصادي، لكنها انتعشت خلال اليومين الأخيرين لأن اللحوم من أساسيات الطقوس الدينية للاحتفال بعيد الأضحى المبارك. وتتراوح أسعار اللحوم في فلسطين من "60 شيكل" للكيلو (الدولار يساوي 3.93 شيكل) بالنسبة للبقري، و85 شيكل لكيلو اللحم الضأن، والذي يقبل عليه أهل فلسطين ويفضلونه حتى في الأيام العادية عن اللحم البقري. ويقول أحمد المنصور صاحب محل أحذية بمنطقة المنارة برام الله إن حركة الأسواق خلال الأيام التي تسبق العيد جيدة إلى حد ما، إلا أن السوق كان أكثر انتعاشا في عيد الفطر عن عيد الأضحى الذي يركز المواطنون خلاله على شراء اللحوم والأضاحي أكثر من الملابس. وتقول امتياز المغربي - مخرجة أفلام قصيرة - إنه في أول أيام العيد يذهب الفلسطينيون إلى المساجد لأداء صلاة العيد ومن ثم إلى المقبرة للترحم على الموتى، ويوزعون على من في المقبرة الكعك أو أي نوع من الحلوى، ومن ثم يذهبون لذبح الأضاحي، ثم إلى بيوت نساء العائلة المتزوجات والرجال الأصغر سنا في العائلة لتهنئتهم بالعيد، وهناك تقدم لهم القهوة أو الشاي والكعك الذي أعد في البيوت سابقا. وتضيف المغربي "يعود الفلسطينيون بعد ذلك إلى بيوتهم ويقومون بشوي اللحوم، وفي الأيام التالية يذهبون إلى أقارب العائلة الذين لا يسكنون في نفس المنطقة للتهنئة بالعيد". يشار إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي فرضت حصارا عسكريا محكما على القدس القديمة والمسجد الأقصى المبارك، ومنعت المواطنين ممن تقل أعمارهم عن الأربعين عاما الدخول إليه، لصالح اقتحامات المستوطنين، عشية الاحتفالات اليهودية بعيد الغفران، كما قررت سلطات الاحتلال فرض إغلاق شامل على الضفة الغربية وقطاع غزة بحجة حلول "عيد الغفران" لدى اليهود.