عقب ثورة 25 يناير سادت مصر حالة من الانفلات الأمنى، على أثرها ارتفعت معدلات الجريمة، بالأخص قيام عصابات بخطف أطفال وأقباط وفتيات، ومساوامة أهاليهم، إما بالدفع أو ذبح الضحية. عصابات الخطف تنتشر بكثرة فى ربوع محافظات الصعيد النائية، وهو ما كشفته دراسة حديثة أصدرتها منظمة ماسبيرو لحقوق الإنسان والتنمية القبطية، التى أكدت استمرار ظاهرة الخطف فى محافظات الصعيد، مشيرة إلى أن محافظة «قنا» احتلت المرتبة الأولى ب 170 حالة، والمنيا المرتبة الثانية ب120 حالة، وسوهاج المرتبة الثالثة ب98 حالة. وعددت الدراسة أسباب الاختطاف ما بين صراعات قبلية وعائلية، ونزاعات طائفية، أو بغرض الحصول على فدية نقدية، خاصة أن الخطف أصبح أسهل طرق الثراء السريع. وأشارت الدراسة إلى أن من أبرز حوادث الخطف بسوهاج، ما تعرض له نجلة النائب البرلمانى السابق عن دائرة جهينة محمد علام، عندما كانت فى طريقها إلى مدرستها، حيث اختطفها مجهولون، ووضعوها فى منزل مهجور، وعندما علم والدها بالخبر قام بإغلاق مداخل، ومخارج قرية «الحرافشة» حتى عثر عليها، ورجح البعض أن تكون هذه محاولة لإثناء والدها عن الترشح فى الانتخابات البرلمانية. وفى مركز طما بالمحافظة ذاتها، تم اختطاف 32 مسيحيا، لافتة إلى أن آخر حالة لشاب يبلغ من العمر 33 عاما متزوج ولديه طفل، وتم طلب فدية من أهله قدرها 2 مليون. وتعرض شاب قبطى آخر يُدعى "ريمون مكرم" لسطو مسلح، واعتداء بالضرب، بكوم أمبو، وذلك فى أثناء عودته إلى منزله، حيث كان يستقل دراجته النارية، ومعه حقيبة بها مبلغ من المال، وكروت شحن، وخطوط محمول، بإجمالى حوالى 170 ألف جنيه. من جانبه، أكد مايكل فكرى، ناشط حقوقى، ل «الفجر»، أن المحافظة تشهد كل شهر نحو 10حوادث اختطاف على الأقل، لافتاً إلى أن الهدف الأساسى لهذه العصابات الحصول على فدية الخطف من أهالى الضحية. وأوضح «فكرى» أن المتورطين فى حوادث الخطف هم عصابات من البلطجية والمسلحين الهاربين من أحكام جنائية، والذين يخطفون ضحاياهم بعد انتقاء وبحث عن أوضاعهم المادية، حيث يختبئون وسط المزارع ثم ينفذون عملياتهم بدقة، مشيرًا إلى أن العصابات تبدأ بطلب مبلغ نصف مليون جنيه لتحرير المخطوف، ويتم التفاوض معهم حتى يصل المبلغ إلى 150 ألف جنيه على الأقل. وفى نجع حمادى بمحافظة قنا، تم اختطاف 72 قبطياً، تتراوح أعمارهم ما بين الطفولة والشباب والكهولة، وقامت العصابات بمساوامة أهاليهم، ولعل أبرزها عصابة «أبوهضبة» التى تعتبر أخطر العصابات المتخصصة فى اختطاف الأطفال بالمحافظة، وعلى الرغم من نجاح الأجهزة الأمنية فى القبض على الكثير من عناصرها، إلا أن هناك عناصر مازالت هاربة، وتمارس جرائم الخطف. وفى الأقصر، ما زالت بقايا عصابة «ياسر الحمبولى» نجل الإرهابى المحبوس الشهير ب«خط الصعيد» ترتكب عمليات الخطف والمساومة خاصة الأطفال أبناء الأثرياء، حيث يقومون باختطاف الصغار ومساومة ذويهم على مبالغ مالية كبيرة تتعدى ملايين الجنيهات. وفى المنيا، تمارس عصابة «هولاكو» خطف المواطنين، بالأخص الأقباط، حيث ارتكبت العديد من الوقائع، لكن مؤخراً تم القبض على زعيمها، فتراجعت معدلات جرائم الخطف داخل المحافظة. من جانبه، أكد اللواء محمد وائل، مساعد وزير الداخلية السابق، أن معظم العصابات التى تمارس جرائم الخطف لا يهمها سوى المال، خاصة أن هذا السوق لقى رواجاً عقب ثورة 25 يناير، على خلفية حالة الانفلات الأمنى التى سادت مصر، لكنها تراجعت بفضل استعادة الأجهزة الأمنية سيطرتها.