أبطالها النساء والضحايا الأطفال.. والداخلية: أصبحت مهنة «العواطلية» "خطف طفل ومساومة والده على مبالغ مالية مقابل الإفراج عنه"، "خطف رجل، طلب فدية"، كلها مصطلحات لطالما رأيناها فى مانشيتات الصحف، حوادث الخطف والقتل والسرقة والتى زادت فى الفترة الأخيرة من بعد ثورة 25 يناير بعد حالة الانفلات الأمني، والتى تعاد تدريجيًا، لكن ماذا عن عصابات الخطف التى أصبحت جرأتها حتى فى التطاول على أفراد الشرطة، وزاد الحد حتى المساومة بمبالغ باهظة وتهديدات لعدم تبليغ الشرطة، لتجد عائلة المخطوف تستسلم ولا تبلغ الشرطة، خوفًا من عواقب ذلك، ما يزيد من بطش تلك العصابات فى الكثير من الأحيان. الزيادة الأخيرة لتلك الحوادث والتى وفقًا للإحصائيات وصلت فى عامٍ واحد إلى 856 مواطنًا فى 2012 بمعدل عدد يتراوح بين اثنين وثلاثة كل يوم وليس معروفًا عدد حالات الخطف الآن، بعدما اكتسب الخاطفون مزيدًا من الخبرة، وتوفر عملياتهم وإتاواتهم، الإمكانيات التى تساعدهم على تطوير سلاحهم وتحديث طرق الاختطاف، فضلاً عن أنهم أصبحوا أكثر اهتمامًا بخطف الأثرياء والقادرين والفنانون الذين يعتبرون الأسرع فى الاستجابة لابتزاز العصابة لإنقاذ أرواح ذويهم. وأشار التقرير كذلك إلى الحالات التى تتعثر فيها مساومات إطلاق المخطوفين، وتنتهى أحيانا بقتلهم للخلاص منهم فى حالة تمنع أهالى وعجزهم عن دفع الفدية المطلوبة.
الصعيد الأكثر تهديدًا من "خُط" الخطف لتكن محافظات الصعيد، المنيا وأسيوط وسوهاجوقنا، هى المحافظات الأكثر شهرة بتلك الجرائم والحوادث، حيث شهدت محافظة سوهاج تكرار اختطاف الأطباء، بقيام العصابة باختطاف الأطباء لمساومة أسرهم على مبالغ مالية كبيرة، وأكثر الحالات اللافتة للنظر كانت فى مستشفى طما المركزى، حينما تم خطف 6 أطباء، الواحد تلو الآخر فى ليال متفرقة خلال مجيئهم للمستشفى لاستلام نوبتجياتهم المسائية، وطالب الخاطفون بفدية من مدير المستشفى، ثم قام الأطباء بتنظيم إضراب عن العمل لتصعيد الأمر لكى يتم حماية وتأمين أطباء المستشفى بعد تكرار هذه الحوادث، وغيرها حالات كثيرة حتى أصبحت ظاهرة يراها الخبراء بسبب غياب الأمن والانفلات الأخلاقى والفقر وزيادة البطالة. أما قنا فأخذت فترة حوادث الاختطاف المتكررة والتى كان أكثرها لاختطاف الأقباط والتجار، ليكن النصيب الأكبر من تلك الحوادث فى مركز نجع حمادى، خاصة بين التجار والأقباط الذين يعدون الأكثر استهدافًا فى ظل انتشار البؤر الإجرامية وتوافر الأسلحة التى تم تهريبها خلال فترات الانفلات الأمنى بعد ثورة 25 يناير 2011 حتى الآن.
ذوو المناصب والأثرياء الأكثر عرضة للخطف ليس الأمر مقتصرًا على الصعيد، فهو بالفعل لم تخل محافظة فى مصر من هذه الحوادث، وأشهرها حالات الخطف بهدف الفدية كان حادث خطف ابن الداعية الإسلامي، محمد جبريل، طالب الجامعة، ودفع فدية 150 ألف جنيه لاسترداده، وفى الإسماعيلية عندما تم خطف حماد موسى، نائب رئيس نادى الإسماعيلى السابق، وطلب فدية مليونى جنيه لإخلاء سبيله، ولم يسلم الثوار أيضًا من حالات الخطف، حيث كانت حادثة خطف الناشط محمد الجندي، الذى وجد مقتولًا، ومحامى الشرقية أحمد حبيب الذى خُطف وعُذب وسُحل. بالإضافة إلى الحادثة الأشهر، وهى خطف ثلاثة ملثمين الدكتور أيمن النجار، أستاذ بقسم الحالات الحرجة بمستشفى قصر العيني، حيث كان المتهمون قد أجروا تحريات عنه ورصدوا تحركاته، وعندما كان عائدًا من المستشفى برفقة زوجته خرجوا عليه وأطلقوا بعض الأعيرة النارية فى الهواء، ما جعله يتوقف بالسيارة، فقاموا باختطافه ومساومة زوجته على مليون جنيه لإطلاق سراحه، إلا أنها تفاوضت معهم حتى 100 ألف جنيه، ولكن يبدو أن المتهمين لم يرضهم هذا المبلغ فقتلوا الضحية، وتركوا جثته بمدينة العاشر. أما فى مدينة الشيخ زايد، فقد تم اختطاف نجل مدير بنك أثناء عودته من المدرسة، وتلقى اتصالاً هاتفيًا من المتهمين باختطافه ومساومته على مبلغ 500 ألف جنيه مقابل إعادته، وتم ضبط المتهمين، وتبين أنهم ثلاثة أشخاص من الأعراب يقومون بخطف الأطفال، وتم إلقاء القبض عليهم.
الأوفر حظًا هو من كان له "قرايب مهمين" فى كثير من الأحيان يكون الأوفر حظًا هو من كان له ذراع فى الداخلية أو من يبلغ الشرطة بحادثة الخطف، لتقوم الشرطة بالتعامل على الفور وفى خلال 24 ساعة يتم القبض على الجناة مثلما حدث مع الكثيرين، ومن أشهر حوادث الخطف لأقارب رُتب فى الداخلية والتى تم بالفعل إعادة ذويهم على الفور. منها تعرض نجل لواء شرطة سابق فى مدينة 6 أكتوبر للاختطاف أثناء عودته بسيارته الملاكي، حيث خرج عليه بعض الملثمين ولم يعلموا أنه نجل لواء شرطة، وقاموا باختطافه إلا أن رجال البحث الجنائى تمكنوا من معرفة هوية المتهمين وإعادته وإلقاء القبض على الجناة. وأيضًا فى قضية أخرى يتم القبض على أشخاص خطفوا طفلاً علموا أن جده من الأثرياء ولم ينتبهوا إلى أن أباه ضابط كبير فى جهاز الأمن الوطني، الأمر الذى حرك أدوات التحرى والرصد التى أوقعتهم قبل أن يساوموا أو يتصرفوا فى مصير الطفل. ويعقب على تلك الأحداث اللواء محمود جوهر الخبير الأمنى معرفًا جريمة الخطف وأكثر الفئات المعرضة للوقوع فى الجريمة والعقوبة المقررة قانونًا على الجناة، ومعلقًا على آخر إحصائية صدرت عن جرائم الخطف.. يقول جوهر مبتدئًا حديثه، إن جريمة الخطف تعد من أصعب الجرائم التى تواجه الأجهزة الأمنية، ولذلك لكونها تقع فى كثير من الأحيان تحت بند السرقة والابتزاز، موضحًا أن جريمة الخطف تعتبر من الجرائم الجنائية، مشيرًا إلى أنها فى كثير من الأحيان ما تكون تشكيلات عصابية هدفها الحصول على المال بواسطة اختطاف أحد أطفال الأثرياء أو رجال الأعمال وفى أحيان أخرى تكون لشاب أو رجل معروف بثرائه المادى، فيقوم المختطف عادة بتحديد الشخص ومن ثم التخطيط لكيفية إتمام الجريمة. وأضاف جوهر أن أكثر الفئات عرضة للخطف هم الأثرياء من رجال الأعمال وأشهر الأطباء وكذلك التجار المعروفين بالثراء المادي. وبيّن جوهر العقوبة المقررة قانونًا فى جرائم الخطف بأنها تكون السجن المشدد من 3 سنوات كحد أدنى إلى 15 سنة، موضحًا أن المشرع قد راعى فى وقوع جريمة الخطف الظروف التى وقعت فيها الجريمة من وقوعها ليلاً أو فى وضح النهار، بالإضافة إلى استخدام الجانى سلاحًا من عدمه، فتلك الظروف قد تكون سببًا فى تغليظ العقوبة أو التخفيف منها.. ما بين حديها الأقصى والأدني. وأشار جوهر إلى أن جرائم الخطف قد يختلف فيها هدف الجانى ولكنها فى الأغلب الأعم تكون بغرض طلب فدية مالية، ولكن هناك بعض الحالات التى يكون الهدف منها هو الانتقام أو الثأر أو الضغط على أهلية المختطف أو المختطف نفسه، لإشعاره بأنه ضعيف لا يقوى حتى عن الدفاع عن أهله ونفسه.. وكشف جوهر أن الأجهزة الأمنية تواجه صعوبة كبيرة جدًا فى التوصل إلى هوية الجناة فى جرائم الخطف، قائلاً: تعتبر جرائم الخطف الجرائم الأكثر صعوبة على الأجهزة الأمنية، وذلك لما تطلبه من تحريات مكثفة وتتبع للهاتف المحمول حال قيام الجناة بالاتصال بأهل المختطف وتلك الإجراءات لا تتم بشكل سهل، ولكنها تحتاج إلى مجهود شاق من قبل رجال الشرطة. واعترض جوهر على الإحصائية التى نشرت مؤخرًا عن وقوع 856 حالة خطف فى العام الواحد، مؤكدًا أن العدد المذكور فى الإحصائية أكبر بكثير من العدد الحقيقى، مشيرًا إلى أن الإحصائية قد تكون أضيفت فيها جرائم أخرى، مثل الجرائم التى يطلق عليها "الشبيهة بالخطف"، مثل تغيب فتاة عن منزلها بعد هروبها من المنزل أو الخطف، بهدف السرقة، فكلها لا يصح أن توضع فى الإحصائية المذكورة.. وأكد جوهر أنه على الرغم من انتشار جرائم الخطف، إلا أن الأجهزة الأمنية تقوم بالتصدى لتلك الظاهرة مؤدية كل واجباتها للوصول إلى هؤلاء المبتزين المجرمين.. وبسؤاله عن جرائم الخطف التى تقع ولكن أهل المختطف يقومون بمساومة الجناة ودفع الفدية دون الإبلاغ عن الجريمة، أجاب بأن الأجهزة الأمنية تكون على دراية بتلك الجرائم حتى حال عدم إبلاغ المتضررين من واقعة الخطف وملاحقة العناصر الإجرامية حفاظًا على المجتمع وأمنه. وبانتقال جوهر إلى العقوبة المقررة جنائيًا، وهى السجن المشدد، أكد أنها رادعة جدًا، ولكن البطء فى إجراءات التقاضى وطول أمد الحكم ونظر القضية لعدة سنوات دون القضاء فيها بشكل سريع، إضافة إلى عدم إلقاء الضوء عليها من الناحية الإعلامية.