أصبحت جرائم الخطف في مصر هي الجرائم الأشهر للكسب الحرام و التجارة في أرواح البشر عقب ثورة 25 يناير، بعد حالة الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد، كان أبناء الأثرياء والمشاهير هم هدف عصابات الخطف، نتفق أو نختلف حول قدرة الأمن علي إعادة المختطفين، إلا أن تلك الجرائم مازالت ترتكب حتي الآن، ورغم انحسار تلك الجرائم إلا أنها كانت في أوجها عام 2012، حيث وصل عدد الحالات التي تم اختطافها في هذا العام إلي 856 شخصا. و مع عودة الأمن بدأت تلك الجريمة تقل، حيث كانت جرائم الخطف لا تتعدي 5 ٪ في عالم الجريمة إلا أنها زادت بشكل غريب عقب الثورة، ورغم أن رجال الأمن نجحوا في إعادة 70 ٪ من المختطفين إلا أن الجريمة لم تنته، و هناك حالات كثيرة لم يتم إبلاغ الأمن فيها خوفا علي أرواح المخطوفين، حتي إن عائد جرائم الخطف بالنسبة للعصابات المسلحة أصبح أكبر من السطو المسلح وسرقة المجوهرات، بل إنهم يحصلون علي أموال الفدية من أيدي أصحابها مما جعل الدولة تفكر في مشروع قانون لمعاقبة هذا الجرم وتغليظ عقوبتها، وتنوعت حالات الخطف، فمنها رجال أعمال وأغنياء، بهدف الفدية، وحالات خطف أخري لشباب ورجال الثورة، ولم تخل محافظة في مصر من هذه الجريمة، ولم يمر أسبوع إلا ووجدنا حالة خطف جديدة، ومن أشهر حالات الخطف بهدف الفدية كان حادث خطف ابن الداعية الإسلامي محمد جبريل طالب الجامعة ودفع فدية 150 ألف جنيه لاسترداده، و في الإسماعيلية عندما تم خطف حماد موسي نائب رئيس نادي الإسماعيلي السابق وطلب فدية مليوني جنيه لإخلاء سبيله، و أشهر حالات خطف الثوار حالة الناشط محمد الجندي الذي وجد مقتولا، ومحامي الشرقية أحمد حبيب الذي خُطف وعُذب وسُحل. وكان من أشهر حالات الخطف أيضا، التي أثرت في المجتمع المصري بأثره، عندما خطف ثلاثة ملثمين الدكتور أيمن النجار أستاذ بقسم الحالات الحرجة بمستشفي قصر العيني، حيث كان المتهمون قد أجروا تحريات عنه ورصدوا تحركاته، وعندما كان عائدًا من المستشفي برفقة زوجته خرجوا عليه وأطلقوا بعض الأعيرة النارية في الهواء، مما جعله يتوقف بالسيارة، فقاموا باختطافه ومساومة زوجته علي مليون جنيه لإطلاق سراحه، إلا أنها تفاوضت معهم حتي 100 ألف جنيه، ولكن يبدو أن المتهمين لم يرضهم هذا المبلغ فقتلوا الضحية، وتركوا جثته بمدينة العاشر. أما في مدينة الشيخ زايد فقد تم اختطاف نجل مدير بنك أثناء عودته من المدرسة، وتلقي اتصالا هاتفيًا من المتهمين باختطافه ومساومته علي مبلغ 500 ألف جنيه مقابل إعادته، و تم ضبط المتهمين، وتبين أنهم ثلاثة أشخاص من الأعراب يقومون بخطف الأطفال، وتم إلقاء القبض عليهم. وتعرض نجل لواء شرطة سابق في مدينة 6 أكتوبر للاختطاف أثناء عودته بسيارته الملاكي، حيث خرج عليه بعض الملثمين ولم يعلموا أنه نجل لواء شرطة، وقاموا باختطافه إلا أن رجال البحث الجنائي تمكنوا من معرفة هوية المتهمين وإعادته وإلقاء القبض علي الجناة. وفي سوهاج تكرر اختطاف الأطباء، حيث تقوم عصابة باختطاف الأطباء لمساومة أسرهم علي مبالغ مالية كبيرة، وأكثر الحالات اللافتة للنظر كانت في مستشفي طما المركزي حينما تم خطف 6 أطباء الواحد تلو الآخر في ليال متفرقة خلال مجيئهم للمستشفي لاستلام نوباتجياتهم المسائية، وطالب الخاطفون بفدية من مدير المستشفي، ثم قام الأطباء بتنظيم إضراب عن العمل لتصعيد الأمر لكي يتم حماية وتأمين أطباء المستشفي بعد تكرار هذه الحوادث، وغيرها حالات كثيرة حتي أصبحت ظاهرة يراها الخبراء بسبب غياب الأمن والانفلات الأخلاقي والفقر وزيادة البطالة. فقد شهدت محافظاتقناوسوهاج وأسيوط والمنيا أكبر نسبة، وتستهدف رجال الأعمال والتجارة والأطباء. ويؤكد مصدر قضائي أن جريمة الخطف في القانون تطبق علي النساء والأطفال فقط، أما في حالة الرجال فيكون توصيفها القانوني قبض واحتجاز دون وجه حق، وعقوبتها في القانون حبس من 24 ساعة إلي 3 سنوات ودفع غرامة 200 جنيه، وللحد من تلك الظاهرة لابد من عقوبات مشددة تصل إلي 15 عاما والمؤبد. كما أن البحث عن المجرمين دور من أدوار الدولة، وليست مهمة المواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية هو الحل الأمثل لمكافحة مثل تلك الجرائم الغريبة علي المجتمع المصري. إلا أن السؤال الذي يطرحه كثير من المواطنين هو، هل يتعامل الأمن مع كل حالات الاختطاف بنفس الدرجة من الاهتمام ؟ وإن كان الرد بداخلهم بالنفي فأبناء المشاهير و رجال الأعمال و الأثرياء يكون لهم اهتمام خاص و جهود حتي يتم التوصل إلي الجناة و تحرير الضحايا، و في بعض الحالات تدفع الأسر الفدية خوفا علي أرواح أبنائها، إلا أن رجال الأمن يلقون القبض علي الجناة بعدها، و هو ما اعتبره كثيرون جريمة أخري تضاف إلي جريمة الخطف، موضحين أنه ينبغي التحقيق في ذلك قبل تحليل ظاهرة جرائم الخطف، فإذا شعر المجرمون و مرتكبو تلك الجرائم بنفس التعامل مع كل الحالات فإن ذلك سيكون رادعا لهم. و علي الرغم من فرحة جميع المصريين بعودة ياسين نجل العقيد محمد الشهاوي الأسبوع الماضي، والذي تسبب اختطافه في إثارة حالة من الحزن داخل نفوس الجميع، إلا أن هناك سؤالا لا نعرف كيف نجيب عليه، كم مختطفا عاد واستقبلته القيادات الأمنية و المسئولون ؟ و كم مخطوفا أيضا لم يحرك الضباط ساكنا للبحث عنه و إن لم يعد حتي الآن ؟